الدكتور محمد حجازي يكتب: الهجمات السيبرانية والأمن القومي
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
الحروب السيبرانية هى صراعات، وهجمات إلكترونية تستهدف أنظمة الكمبيوتر، والبنية التحتية الرقمية لدولة أو مؤسسة أو شركة ما. وتشمل هذه الهجمات محاولات اختراق أو تعطيل الأنظمة الإلكترونية، وتدمير البيانات أو سرقتها، وتعطيل الخدمات الحيوية. وقد أصبحت أشكال الحروب السيبرانية مختلفة فى السنوات الأخيرة، وتزايدت حدتها مع تطور التكنولوجيا والاعتماد المتزايد على البنية التحتية الرقمية.
ونجد أن الفاعلين الرئيسيين فى الحروب السيبرانية هم الجماعات الإرهابية، والمجرمون الإلكترونيون، وبعض الأشخاص أو الجماعات التى يتم استخدامها من قبل بعض الحكومات للقيام بعمليات الاختراق والتجسس الإلكترونى ونشر البرمجيات الخبيثة، أو تدمير النظم والتطبيقات وغيرها باستخدام تقنيات متطورة ومهارات فنية مرتفعة. ومن المتوقع أن تشهد الحروب السيبرانية تطورات مستقبلية كبيرة، خاصة مع ظهور تقنيات متطورة مثل الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء. مما يتطلب جهوداً دولية مكثفة للتصدى لهذه التهديدات. فعلى سبيل المثال ومع دخول الذكاء الاصطناعى فى حياتنا بدأنا نرى أشكالاً وأنماطاً مختلفة وجديدة من صور الحروب السيبرانية، ففى البداية كنا نرى ذلك من خلال استخدام البيانات الشخصية الخاصة بالمستخدمين، من خلال معرفتهم بالميول والآراء والاتجاهات المختلفة للمجتمعات ومختلف الدول، ثم يقومون بتوجيه وتحريك المستخدمين فى تلك الدول، عبر استخدام بعض الخوارزميات فى مواقع التواصل الاجتماعى وعلى التطبيقات المختلفة لتوجيه الناس نحو أمور معينة، وقد رأينا ذلك أكثر من مرة خلال الفترة الماضية، منها وقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأولى لترامب عندما فاز مع حدوث فضيحة «كامبريدج أناليتيكا»، عندما تم استخدام «الفيس بوك» لتوجيه رسائل انتخابية بطريقة غير مباشرة لتوجيه الجمهور والناخبين الأمريكيين بشكل معين، بناءً على تحليل البيانات الخاص بهم، وذلك ضمن أساليب التأثير على الناس وتوجيههم، كما رأينا ذلك يستخدم بوضوح أيضاً فيما سمى بثورات الربيع العربى.
لذا يجب على الدول والمنظمات الدولية إنشاء أطر قانونية وتنظيمية للتعامل مع الحروب السيبرانية، وتطوير آليات الدفاع والرد عليها، بالإضافة إلى تطوير وتعزيز القدرات الفنية والبشرية لديها. ولكن هناك تحديات كبيرة فى هذا المجال، ومنها التطور التكنولوجى السريع، حيث تتطور تقنيات الهجمات السيبرانية بسرعة كبيرة، مما يصعب مواكبتها والتصدى لها بشكل فعال. بالإضافة إلى صعوبة تحديد الجهات الفاعلة، وغالباً ما يصعب تحديد الدول أو الجماعات المسئولة عن الهجمات السيبرانية، مما يعقد عملية الرد والمساءلة.
ويعتبر التداخل بين الأمن السيبرانى والأمن القومى أحد الأمور المهمة، حيث نجد ارتباط البنية التحتية الحيوية للدول بالأنظمة الرقمية لها، مما يجعلها عرضة للهجمات السيبرانية التى تؤثر على الأمن القومى، وهو أحد الأساليب الجديدة للحروب السيبرانية للهجوم على المؤسسات والدول وإصابتها بالشلل فى جميع قطاعاتها الحيوية، كما حدث مع أوكرانيا وإسرائيل عندما تم استهداف محطات الكهرباء بهجوم سيبرانى أدى لخروجها من الخدمة.
هذا ويعتبر نقص الخبرات والكوادر المتخصصة فى مجال الأمن السيبرانى فى العديد من الدول أحد أهم التحديات، خاصة فى ضوء التكاليف المرتفعة للدفاع والحماية من الهجمات السيبرانية، حيث تحتاج لاستثمارات كبيرة فى البنية التحتية والتكنولوجيا والموارد البشرية. بالإضافة إلى ضعف التنسيق والتعاون الدولى الفعال لمكافحة الحروب السيبرانية.
وعلى الرغم من وجود تحديات دولية كبيرة فى هذا المجال فإنه يوجد عدة استراتيجيات رئيسية يمكن للدول اتباعها لتطوير قدراتها فى مجال الأمن السيبرانى، ومنها بناء القدرات الوطنية، وتطوير إطار قانونى وتنظيمى قوى للأمن السيبرانى، وصياغة معايير وطنية ملزمة لكافة الجهات لحماية الأمن السيبرانى، والاستثمار فى البنية التحتية التكنولوجية والفنية. كما يجب العمل على التعاون والتنسيق والمشاركة فى المنظمات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وتبادل المعلومات والخبرات مع الدول الأخرى، والمشاركة فى المسابقات والمناورات والتدريبات السيبرانية الدولية المشتركة، وتنسيق الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية المشتركة. بالإضافة إلى ذلك يجب تعزيز الوعى والثقافة السيبرانية، وتشجيع البحث العلمى والتطوير التكنولوجى فى مجال الأمن السيبرانى، وبناء القدرات الردعية والهجومية بشكل متكامل، بما يعزز قدرة الدول على مواجهة التهديدات السيبرانية وحماية أمنها القومى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأمن السيبرانى
إقرأ أيضاً:
ضبط الحدود يفجّر معركة بين العشائر اللبنانية والأمن السوري
كتب حسين درويش في" الشرق الاوسط":اندلعت اشتباكات بين «الأمن العام» السوري، ومسلحين من عشائر لبنانية في المنطقة الحدودية الواقعة شمال شرقي لبنان، أسفرت عن سقوط قتيلين لبنانيين على الأقل، واحتجز كل من الطرفين، شخصين من الطرف الآخر، وذلك بعد أسبوع على فشل مبادرة عشائرية لإغلاق الحدود أمام عمليات التهريب.وسقط صاروخ الخميس على أطراف بلدة القصر الحدودية مع سوريا في البقاع شرق لبنان جراء اشتباكات داخل الأراضي السورية. وانتشر الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية السورية ودفع بتعزيزات جديدة، منعاً لتسلل مسلحين من الأراضي السورية.
وقالت مصادر ميدانية إن القرى السورية التي يسكنها لبنانيون من الجهة السورية، شهدت اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة بين «إدارة العمليات» والأمن العام السوري من جهة، وعشائر لبنانية من آل جعفر وزعيتر ومدلج يمتلكون أراضي زراعية في الداخل السوري بريف القصير، ويقطنون فيها. وأكدت المصادر أن الاشتباكات أسفرت عن سيطرة الأمن السوري على معظم القرى التي كان يسكنها اللبنانيون في الداخل السوري، وهي 17 قرية ومزرعة بينها حاويك والسماقيات، ووادي حنا، وبلوزة، وزيتا، وسقرجا، وغوغران، وبرج الحمام.
وأفادت وسائل إعلام سورية بأن إدارة العمليات العسكرية نفذت عملية تمشيط في قرى ريف حمص الغربي الحدودية مع لبنان، وتركزت العملية في قرى حاويك وبلوزة والفاضلية وأكوم والجرود وصولاً إلى الحدود اللبنانية، لطرد المسلحين والمهربين ومطلوبين من تجار المخدرات وشخصيات مقربة من «حزب الله» اللبناني.
وكانت هذه القرى قد شهدت خلال الأسابيع الماضية معارك كر وفر وتهجير وعودة إلى هذه القرى تحت قوة السلاح، وتمكن الأمن السوري من السيطرة على بلدة جرمش الحدودية في الداخل السوري التي تسكنها أغلبية من عشائر آل جعفر.
وقالت مصادر ميدانية إن القوات السورية قامت بعد الظهر بقصف صاروخي استهدف البلدات الحدودية، وسقط قذائف في الداخل اللبناني، كما استخدمت المدفعية والطائرات المسيرة المفخخة في تلك المعركة. وشاركت في الحملة السورية دبابات ومدرعات وطائرات مسيرة، وأسلحة ثقيلة سقطت قذائفها على مناطق مدنية.
وتعود أسباب الاشتباكات في خلفياتها إلى تأجيل اجتماع كان سيعقد يوم الخميس الماضي في بلدة السماقيات، بين «الأمن العام» السوري وممثلين للعشائر لضبط الحدود من الجهة الشمالية، بعدما كانت قد وجهت دعوة لزعماء العشائر من قبل عشائر العليوي السورية باسم «إدارة العمليات السورية»، وذلك من أجل التنسيق وضبط معابر التهريب غير الشرعية المشرعة على كل الاتجاهات بين البلدين.
وأرسلت السلطات السورية، الخميس، ثلاث مجموعات من القوات الأمنية إلى المنطقة لتنفيذ عمليات اعتقال، مما أدى إلى اشتباك مباشر مع المسلحين المتحصنين داخل القرى الحدودية. وقالت مصادر لبنانية إن القصف المدفعي من الجهة السورية وصل إلى بلدة القصر اللبنانية، مما أدى إلى سقوط جريح وقتيل لبنانيين.
وشهدت المعارك عمليات خطف وخطف مضاد، إذ تمكن الأمن السوري من اعتقال المختار غسان نون، وأحمد زعيتر، فيما عرضت العشائر صور أسيرين على وسائل التواصل الاجتماعي قالت إنهما من الأمن السوري، وسيطرت على آلية عسكرية سورية. وأصدرت عشائر الهرمل بياناً طالبت فيه الدولة اللبنانية بالتدخل والجيش اللبناني بحماية البلدات على الحدود اللبنانية السورية.