بوابة الوفد:
2025-03-04@19:16:27 GMT

خشية الله وأماراتها

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

الخشية هى  الخوف  المقرون بمعرفة الله وإجلاله وإدراك عظيم شأنه سبحانه وتعالى ، وهى من سمات الأنبياء والعلماء والصالحين، يقول  الحق سبحانه: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ الله وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا الله وَكَفَى بِالله حَسِيبًا «(الأحزاب: 39) ، و يقول سبحانه:» إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ» ( فاطر: 28).

ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): « أَمَا وَالله إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ « (صَحِيحُ البُخَارِي) ، ويقول: (صلى الله عليه وسلم): «فَوَاللهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» (صَحِيحُ البُخَارِي)
وهى من صفات أولى الألباب وسمات المؤمنين المتقين  ، حيث يقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ الله وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ» (الرعد:19-21) ، و يقـول سبحانه:» وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ» (الأنبياء: 48 - 49) ، ويقول سبحانه: « إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آَمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا الله فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ «(التوبة: 18)، ويقول تعالى: « الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ « (الزمر: 23) .
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبِيلِ الله « (سنن الترمذي) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): « لا َيَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه» (سنن الترمذي).
و أهم أمارات الخشية وصدق تحققها حسن المراقبة لله (عز وجل) فى السر والعلن ، على نحو ما كان من ابنة بائعة اللبن - فعن عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدِّه أسلم قال: بينما أنا مع عمرَ بن الخطاب (رضى الله عنه) وهو يتفقد الرعية بالمدينة إذ أَعيا ، فاتَّكأ على جانبِ جدارٍ فى جوفِ الليلِ ، فإذا امرأةٌ تقولُ لابنتها: يا ابنتاه ، قُومى إلى ذلك اللَّبنِ فامْذُقيهِ بالماء. فقالت لها:    يا أمَّتاه ، أو ما عَلمتِ بما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟! قالت: وما كانت من عزمته يا بُنيَّة؟ قالت: إنَّه أمر مناديه فنادى: ألا يُشَابَ اللَّبنُ بالماء. فقالت لها: يا بنتاه ، قومى إلى اللَّبن فامْذُقيهِ بالماء ، فإنك بموضعٍ لا يَراكِ عمرُ ، ولا مُنادِى عمرَ . فقالت الصبيَّةُ لأمِّها: يا أمَّتاه ، واللهِ ما كنتُ لأُطيعَهُ فى الملأ ، وأَعصِيَهُ فى الخلا ، وعمرُ يَسْمع كلَّ ذلك ، فقال: يا أسلمُ، علِّمِ البابَ ، واعرفِ الموضعَ. ثم مضى ، فلمَّا أصبح ، أتاهم فزَوَّجها من ابنه عاصم ، فوَلَدت لعاصم بنتًا ، وَوَلَدت البنتُ عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله تعالى .
وخرج ابن عمر (رضى الله عنهما) ذات يوم فِى بَعْضِ نَوَاحِى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابُ لَهُ ، وَوَضَعُوا سَفْرَةً لَهُ ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِى غَنَمٍ ، قَالَ: فَسَلَّمَ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِى ، هَلُمَّ ، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ ، فَقَالَ لَهُ:  إِنِّى صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِى مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ شَدِيد الْحَرِّ وَأَنْتَ فِى هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى الْغَنَمَ ؟ فَقَالَ لَهُ: أَيْ وَالله ، أُبَادِرُ أَيَّامِى الْخَالِيَةَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ أن يَخْتَبِرُ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِى بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِى ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلا إِذَا فَقْدَهَا ، فَقُلْتَ: أَكْلَهَا الذِّئْبُ ، فَوَلَّى الرَّاعِى عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَهُوَ يَقُولُ: و أَيْنَ الله ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِى ، وَهُوَ يَقُولُ: وأين الله ؟ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِى فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ ، وَوَهَبَ لهُ الْغَنَمَ .
فإن كنت تراقب الله عز وجل فى سرك مراقبتك له سبحانه فى علنك فأنت تخشاه حق خشيته ، وإن كانت مراقبة للناس أكثر من مراقبتك لله عز وجل فأنت على خطر عظيم.

الأستاذ بجامعة الأزهر

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر صلى الله علیه وسلم ب الله

إقرأ أيضاً:

افتقدناك في هذا الشهر الكريم أخانا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله

في هذا الشهر الكريم ندعو لأخينا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله بالرحمة والمغفرة والعتق من النار وندعو له بالفردوس الاعلي مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فقد كان عليه الرحمة من المجتهدين في كل مايقوم به من عمل يبذل فيه جهدا مضاعفا ويتحري فيه النجاح والفلاح باذن الله سبحانه وتعالى ويظل حفظه لكتاب الله سبحانه وتعالى والنهوض بتعليمه وانشاء دور التحفيظ من أجل هذه الغاية النبيلة من الأشياء التي تحتاج إلى حزم وعزم اكيدين وإرادة وقوة شكيمة وقد تكلل مسعاه ورأينا خريجي الزاوية التي أنشأها بالقرب من منزله العامر بحي اركويت يعمرون هذه الزاوية ويجدون فيها كل الرعاية والاهتمام ومنهم من شد إليها الرحال من أماكن نائية طلبا للحفظ وتدارس كتاب الله سبحانه وتعالى من اجل سعادة الدارين فهنيئا لهم بهذه النعمة وهذا الخير الوافر من الله سبحانه وتعالى وهنيئا لفقيدنا الراحل الشيخ يوسف هذا التوفيق ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا والبركة في الجميع إن شاء الله سبحانه وتعالى وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم. ابن عم الفقيد وكان له اكثر من شقيق .

ghamedalneil@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • الأيام المعدودات تمضى سريعا
  • مرايا الوحي.. المحاضرة الرمضانية (3) للسيد القائد 1446هـ
  • الغايةُ من الصيام
  • مرايا الوحي : المحاضرة الرمضانية (3) للسيد القائد 1446هـ
  • تهنئة رمضانية من أبو تريكة إلى أهل غزة أفضل بشر على كوكب الأرض
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • “فليصمه”
  • بالفيديو.. عصام الروبي: صلاح البال منحة ربانية للمؤمنين الصادقين
  • افتقدناك في هذا الشهر الكريم أخانا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله
  • كيف نستقبل رمضان؟ 10 نصائح تجعلك تفوز بالشهر الكريم لا تفوّتها