مع كل موجة من ارتفاع الأسعار يقفز إلى ذهن جل الناس السؤال الأزلى، كيف سنعيش غدا، وإن وجدنا متطلباتنا فكيف نجد ثمنها، ويشتد الخلاف وربما الصراع بين الفريق الأكبر صاحب التفكير المادى، وبين القلة القليلة التى هداها مولاها إلى طريقة التفكير السليمة.
والغريب والعجيب أن المولى عز وجل حسم هذه القضية قبل خلق الإنسان ثم وضحها فى كتابه العزيز والأحاديث القدسية، فقال تعالى: «وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ «الذاريات 22، 23»
وعتب على هؤلاء الذين يقتلون أولادهم بغير حق لا لشيء إلا الخوف أن يأكلوا من طعامهم فيقللوا عليهم أرزاقهم، فقال سبحانه: «وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً «الإسراء: 31»
وقال تعالى: «وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ «العنكبوت:60».
والمعنى -كما يقول ابن كثير رحمه الله-: ((لا تطيق جمعه ولا تحصيله، ولا تدخر شيئا لغد، (الله يرزقها)، أى يقيض لها رزقها على ضعفها وييسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه حتى الذر فى قرار الأرض، والطير فى الهواء، والحيتان فى الماء.
جلس إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- يوما ووضع بين يديه بعضا من قطع اللحم المشوى فجاءت قطة فخطفت قطعة من اللحم وهربت، فقام وراءها واخذ يراقبها فوجد القطة قد وضعت قطعة اللحم فى مكان مهجور أمام جحر فى باطن الأرض وانصرفت فازداد عجبه وظل يراقب الموقف باهتمام وفجأة خرج ثعبان أعمى فقأت عيناه يخرج من الجحر فى باطن الأرض ويجر قطعة اللحم إلى داخل الجحر مرة أخرى، فرفع الرجل رأسه إلى السماء وقال: سبحانك يا من سخرت الأعداء يرزق بعضهم بعضا.
وهذا أصل مهم من أصول الإيمان؛ أن يعلم الجميع أن رزق الله تعالى الذى قدره لا يفوت العبد، بل لا بد من تحصيله، وقد قال فى ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين قد ألقى فى رُوعى أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفى رزقَها».
فلو أن الناس عملوا بذلك وآمنوا به لما كان هناك سرقة ولا نهب، ولا غصب ولا اختلاس، ولا تحايل على قضية الرزق، فما قدر الله تعالى آتٍ لا محالة، وما لم يقدر فلن يستطيعَه العبدُ ولو بذل فى سبيل ذلك الدنيا وما فيها.
ولذلك كان النبى –صلى الله عليه وسلم- يقول: «يقول ابن آدم: مالى مالي. وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت» (رواه مسلم).
وفى زمننا الحديث تجد الرجل يسعى فى الأرض يمينا ويسار بحثا عن الرزق من أى مصدر ناسيا أو متناسيا انه فى السماء كما أسلفنا، غير آبه بما خلق من أجله أصلا يقول المولى عز وجل فى الحديث القدسي
«عبدى خلقتك للعبادة فلا تلعب.. وضمنت لك الرزق فلا تتعب»، ويسعد كثيرا إذا ضمنه أحد المسؤلين الكبار، بل ويتباهى بذلك وهو واهم وضامنه كاذب، لأن هذا الضامن لا يضمن نفسه، ويجرى عليه من المغريات ما يجرى على البشر فقد وشى إليه أصدقائك المقربين بأنك لا تستحق هذه الضمانة وأنه تورط فيها لأنك كذا وكذا فيرفع سماعة التليفون ليخبرك بأنه لا يستطيع ضمانك، أو يعزل من منصبه فتزول عنه السلطة فى لحظة، أو يناديك ملك الموت ويتركك تعض أصابع الندم، ولذلك نصح المولى عز وجل إذا أراد الضمان الحقيقى والسند إلى لا يهتز قائلا: «وتوكل على الحى الذى لا يموت وسبح بحمده».
هدانا الله وإياكم سواء السبيل.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ندى صلاح صيام المولى عز وجل الحديث القدسي
إقرأ أيضاً:
تهنئة رمضانية من أبو تريكة إلى أهل غزة أفضل بشر على كوكب الأرض
أرسل النجم السابق للكرة المصرية محمد أبو تريكة تهئنة بمناسبة حلول شهر رمضان المباراة إلى أهل غزة ووصفهم بأنهم "أفضل شعب على كوكب الأرض".
وفي فيديو الـ14 ثانية الذي نشره على حساباته في مواقع التواصل، قال المحلل الرياضي في شبكة قنوات "بي إن سبورتس" إنه "إلى أفضل بشر على كوكب الأرض، أهل غزة، كل سنة وأنتم طيبين، ورمضان كريم".
وتابع أنه يدعو "لأهل غزة أن يلهمكم الله الصبر والرضا والثبات والنصر، وتعيدوا إعمار القطاع كما كان في السابق ويصبح أفضل".
ودأب الدولي المصري والنجم السابق للأهلي على توجيه، رسائل مؤثرة وداعمة لأهل قطاع غزة.
وبعد الإعلان الرسمي عن اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، وقال أبو تريكة على قنوات (بي إن سبورتس) خلال الأستوديو التحليلي، "تحية وسلام لأهل غزة بما صبرتم فنعم عقبى الدار. ليس لأحد فضل عليكم سوى الله سبحانه وتعالى".
وأثنى نجم الأهلي السابق على أهل غزة قائلا "بصبركم ومقاومتكم وشجاعتكم ضحيتم بالكثير، واليوم يوم من أيام الله. السلام على أهل غزة الأبية فأنتم تاج على الرؤوس لأنكم حفظتم شرف الأمة".
وأردف أبو تريكة "هناك 45 ألف شهيد وجريح، والكثير من المتضررين، فالله سبحانه وتعالى يلهمكم الصبر. مهما عملنا لن نوفيكم حقكم".
إعلانوالعام الماضي ندد أبو تريكة باكتفاء دول العالم بإصدار خطابات الشجب والإدانة تجاه ما يحدث مع الفلسطينيين، رغم احتراق وموت أهالي غزة على الهواء منذ أكثر من عام.