بوابة الوفد:
2025-03-11@20:21:42 GMT

فى السماء .. فلماذا العناء؟

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

مع كل موجة من ارتفاع الأسعار يقفز إلى ذهن جل الناس السؤال الأزلى، كيف سنعيش غدا، وإن وجدنا متطلباتنا فكيف نجد ثمنها، ويشتد الخلاف وربما الصراع بين الفريق الأكبر صاحب التفكير المادى، وبين القلة القليلة التى هداها مولاها إلى طريقة التفكير السليمة.

والغريب والعجيب أن المولى عز وجل حسم هذه القضية قبل خلق الإنسان ثم وضحها فى كتابه العزيز والأحاديث القدسية، فقال تعالى: «وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ «الذاريات 22، 23»

وعتب على هؤلاء الذين يقتلون أولادهم بغير حق لا لشيء إلا الخوف أن يأكلوا من طعامهم فيقللوا عليهم أرزاقهم، فقال سبحانه: «وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً «الإسراء: 31»

وقال تعالى: «وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ «العنكبوت:60».

والمعنى -كما يقول ابن كثير رحمه الله-: ((لا تطيق جمعه ولا تحصيله، ولا تدخر شيئا لغد، (الله يرزقها)، أى يقيض لها رزقها على ضعفها وييسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه حتى الذر فى قرار الأرض، والطير فى الهواء، والحيتان فى الماء.

جلس إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- يوما ووضع بين يديه بعضا من قطع اللحم المشوى فجاءت قطة فخطفت قطعة من اللحم وهربت، فقام وراءها واخذ يراقبها فوجد القطة قد وضعت قطعة اللحم فى مكان مهجور أمام جحر فى باطن الأرض وانصرفت فازداد عجبه وظل يراقب الموقف باهتمام وفجأة خرج ثعبان أعمى فقأت عيناه يخرج من الجحر فى باطن الأرض ويجر قطعة اللحم إلى داخل الجحر مرة أخرى، فرفع الرجل رأسه إلى السماء وقال: سبحانك يا من سخرت الأعداء يرزق بعضهم بعضا.

وهذا أصل مهم من أصول الإيمان؛ أن يعلم الجميع أن رزق الله تعالى الذى قدره لا يفوت العبد، بل لا بد من تحصيله، وقد قال فى ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين قد ألقى فى رُوعى أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفى رزقَها».

فلو أن الناس عملوا بذلك وآمنوا به لما كان هناك سرقة ولا نهب، ولا غصب ولا اختلاس، ولا تحايل على قضية الرزق، فما قدر الله تعالى آتٍ لا محالة، وما لم يقدر فلن يستطيعَه العبدُ ولو بذل فى سبيل ذلك الدنيا وما فيها.

ولذلك كان النبى –صلى الله عليه وسلم- يقول: «يقول ابن آدم: مالى مالي. وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت» (رواه مسلم).

وفى زمننا الحديث تجد الرجل يسعى فى الأرض يمينا ويسار بحثا عن الرزق من أى مصدر ناسيا أو متناسيا انه فى السماء كما أسلفنا، غير آبه بما خلق من أجله أصلا يقول المولى عز وجل فى الحديث القدسي

«عبدى خلقتك للعبادة فلا تلعب.. وضمنت لك الرزق فلا تتعب»، ويسعد كثيرا إذا ضمنه أحد المسؤلين الكبار، بل ويتباهى بذلك وهو واهم وضامنه كاذب، لأن هذا الضامن لا يضمن نفسه، ويجرى عليه من المغريات ما يجرى على البشر فقد وشى إليه أصدقائك المقربين بأنك لا تستحق هذه الضمانة وأنه تورط فيها لأنك كذا وكذا فيرفع سماعة التليفون ليخبرك بأنه لا يستطيع ضمانك، أو يعزل من منصبه فتزول عنه السلطة فى لحظة، أو يناديك ملك الموت ويتركك تعض أصابع الندم، ولذلك نصح المولى عز وجل إذا أراد الضمان الحقيقى والسند إلى لا يهتز قائلا: «وتوكل على الحى الذى لا يموت وسبح بحمده».

هدانا الله وإياكم سواء السبيل.

‏[email protected] 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ندى صلاح صيام المولى عز وجل الحديث القدسي

إقرأ أيضاً:

المفتي: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن البلاء سنة إلهية، وهو في حقيقته اختبار وتمحيص وتهذيب، وليس عذابًا في كل حال. واستشهد بقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ • الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ • أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، ففي هذه الآيات يتضح أن البلاء قد يكون رحمة من الله ومطية للفوز بالجنة، إذا قابله العبد بالصبر والرضا.

جاء ذلك خلال حديثه الرمضاني اليومي على قناتي DMC والناس في برنامج «حديث المفتي»، حيث أشار فضيلته أن من الأسئلة التي كثيرًا ما تتردد في أذهان الناس: لماذا خلق الله تعالى البلاء؟ ولماذا يكون العذاب أبديًّا رغم أن الجُرم محدود في الزمن؟.

وأوضح المفتي أن الابتلاءات تختلف وتتنوّع، وقد يظنها الإنسان ظلمًا أو شرًّا، لكنها في ميزان الله عدلٌ وخيرٌ مطلق، وإن خفي وجهه علينا. وضرب مثالًا بما دار بين موسى عليه السلام والخضر، حيث بدا في الظاهر أن أفعال الخضر غير مبررة، ثم انكشف في النهاية وجه الحكمة الإلهية.

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نبّه إلى أن الابتلاء علامة على القرب من الله، فقال: "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه"، وفي الحديث الآخر: "إذا أحبّ الله قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط."

كما تطرّق إلى السؤال عن أبدية العذاب رغم أن الذنب مؤقت، فأوضح أن العقوبة لا تُقاس بزمن الفعل، بل بخطورته وآثاره، تمامًا كما أن بعض الجرائم في الدنيا قد تقع في لحظة واحدة، ويُحكم على صاحبها بالسجن فترة طويلة.

وأكد أن من كفر بالله أو جحد رسله باختياره، فإن إرادته في الكفر دائمة، ولو عاد إلى الدنيا لعاد إلى ما نُهي عنه، كما قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ۚ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، لافتًا إلى أن هذا الكفر ليس اضطرارًا، بل اختيار مستمرّ، يستحق صاحبه عذابًا دائمًا، وذلك من تمام عدل الله تعالى، إذ الجزاء من جنس العمل، كما قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، وقوله تعالى: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}.

وبيّن ردًّا على من يزعم أنه مجبر على المعصية، أن هذا زعم باطل لا دليل عليه، لأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبيّن الطريق، وأعطى الإنسان العقل والحرية في الاختيار، كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}.

وفي ختام حديثه، أكد مفتي الجمهورية أن: البلاء قد يكون نعمة، والعذاب الأخروي هو عدل إلهي، لا ظلم فيه، قائم على علم الله بما تُخفيه القلوب وتُثبته الأفعال.

ودعا إلى أن نرضى بقدر الله، ونسلّم لحكمته، فهو اللطيف الخبير، الذي لا يظلم أحدًا، ولا يُحاسب إلا بعد البيان والتمكين.

مقالات مشابهة

  • المفتي: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل
  • ازهاق النفس البشرية محرمة بكافة الشرائع السماوية،
  • سُنَن الفطرة
  • قمر الدم المخيف يضيء السماء قريبًا.. كيف تشاهده؟
  • للصائم دعوة لا ترد
  • هل يُقبل صيام المرأة غير المحجبة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • أحمد كريمة: من يقول إن النبي سحر يهدم الإسلام
  • ميثاق غليظ
  • الإيمان والإستقامة
  • إبراهيم الهدهد: أخطر أشكال الفساد في الأرض هو استغلال النعم