هل يعقل أن يتفوق مجرم حرب هارب من العدالة الدولية على تاريخ سياسى عظيم مثل ونستون تشرتشل ويصبح محطماً للرقم القياسى فى الحديث أمام الكونجرس 4 مرات، هذا التشريف النادر يعد فى العرف السياسى الأمريكى أرقى أنواع التكريم للمسئولين الأجانب.
استمر خطاب ملك إسرائيل الجديد أمام الكونجرس 53 دقيقة تقريبا قاطعه نواب الكونجرس عقب كل مقطع بالتصفيق الحار الذى تواصل لقرابة نصف دقيقة، فحوى هذه الترهات هى تبييض صفحته السوداء من جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقى، فهل حقا أنهم لا يعلمون أنه يكذب؟ بكل تأكيد أنهم يعرفون تماما أنه يكذب و مع ذلك صفقوا 83 مرة بحرارة بالغة منها 58 مرة وهم واقفون على الأقدام لدرجة أن الوقح سأم من هذا النفاق المموج فقال لهم: لا أريدكم أن تصفقوا مرة أخرى فقط أنصتوا !!
خطاب ابن بروكلين الفاجر كان حافلاً ببلاغة الأكاذيب، و فن التدليس والتضليل فقد تغلب على جوبلز نفسه مؤسس علم الدعاية السياسية الذى أرسى قاعدة شهيرة «إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الناس» وقد تجاوب النواب المغلوبين على أمرهم مع هذا البهتان الفاضح فكانت ردة فعلهم الغريبة تمثل انفصالاً عن الواقع المرير واستمرارا لنهج سياسة واشنطن الداعمة للاحتلال الغاصب والتجاهل المتعمد لحقوق الشعب الفلسطينى بل وتعطى الضوء الأخضر لاستمرار لجرائمه وطغيانه الذى فاق كل الحدود.
استحضر الخطاب الفاشى مفردات مستهلكة مثل الهولوكوست و أهوال النازية فى محاولة رخيصة لاستثارة مشاعر الأمريكيين وتذكيرهم بالمظلومية و الاضطهاد من أعداء السامية وأردف أن انتصار إسرائيل سيكون انتصارا للولايات المتحدة، وقال «نحن لا نحمى أنفسنا فقط. نحن نحميكم، أعداؤنا هم أعداؤكم، معركتنا هى معركتكم، وانتصارنا سيكون انتصاركم».
الحقيقة العارية هى أن الوضعية الشاذة للدولة العبرية فى القاموس السياسى الأمريكى هى مسألة إجماع نادرة بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى، فهى بمثابة الولاية 51 وأى تبرير آخر هو نوع من التلبيس والخداع خاصة لشعوب الشرق الأوسط الذين يستغربون هذا الانحياز المقيت.
بالرغم من كل هذا الهراء السخيف هناك من رفض أن يشترك فى الرقص مع هذا الذئب السادى على جثث الأطفال والنساء فقد كشفت ألكساندريا كورتيز المنتمية للجناح التقدمى للحزب الديمقراطى عن مفاجأة مدوية بإن نحو نصف المشرعين الديمقراطيين تغيبوا، وإنه تم ملء الشواغر بالكومبارس لإظهار الحضور الكامل والدعم لنتنياهو.
تحول قاعة الكونجرس إلى سيرك مبتذل يضج بالتصفيق و الصفير هو أمر مهين يعبر عن مدى الانقياد الاستسلامى للدعاية الصهيونية هؤلاء المهرجين دأبوا على تقديم دروس للعالم عن أهمية الديمقراطية و قدسية حقوق الإنسان، ألم يشعروا بذرة خجل أثناء احتفائهم بهتلر هذا العصر؟، هذا الانبطاح المذل أشعل موجة من الغضب العارم اجتاحت مناطق واسعة من العالم الحر الحقيقى.
أظن أن ما حدث لهو دليل دامغ على اختطاف الطبقة الحاكمة لأقوى إمبراطورية على وجه الأرض من قبل اللوبى اليهودى «الايباك» المتحالف مع شبكات المال والأعمال حيث تتداخل مصالحهم الحيوية تداخلا وتشابكا استراتيجيين.
خلاصة القول نتنياهو الأمس هو نتنياهو اليوم و غداً، وموقف الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل هو ذاتهُ بالأمس واليوم، وإن اختلفت بعض التفاصيل الصغيرة التى لن تغير فى الالتزام بأمن إسرائيل وحمايتها والدفاع عنها وتزويدها بأحدث الأسلحة،
وليذهب الغاضبين من الشر المطلق للجحيم .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السر المطلق حقوق الشعب الفلسطيني الشعب الفلسطينى
إقرأ أيضاً:
محللون: الصراع بين نتنياهو وبار يقرب إسرائيل من الحرب الأهلية
القدس المحتلةـ أجمعت قراءات المحللين الإسرائيليين أن إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عزمه إقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، يأتي في سياق سعي نتنياهو للسيطرة على مختلف مقاليد الحكم والمؤسسات وبضمنها جهاز الاستخبارات، وهذا يؤسس لتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية يكون فيها الحاكم فوق القانون.
وتوافقت القراءات أن نتنياهو، الذي يسعى للتفرد بالحكم والتهرب من مسؤولية الفشل والإخفاق في منع "طوفان الأقصى" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يسعى إلى إحكام سيطرته على "الشاباك" الذي يعتبر صمام الأمان بالحفاظ على "أسس وقيم الديمقراطية"، وكذلك يشرف على التحقيقات والمخالفات القانونية، حيث يخشى رئيس الوزراء كشف الشاباك عن مخالفات قانونية أو فضائح متورط فيها.
ورجحت التحليلات الإسرائيلية أن التوجه نحو إقالة بار بمثابة خطوة مهمة من قبل نتنياهو إلى تعيين شخص موال له بالجهاز وذلك لضمان عدم كشف أي فضائح أو مخالفات قد يكون نتنياهو ضالعا فيها.
وبحسب قراءات المحللين، فإن السعي إلى إقصاء بار من منصبه، تعتبر خطوة أخرى لنتنياهو لتفرده بمقاليد الحكم والمؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية، وذلك بعد إقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، حيث يسعى أيضا إلى إقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا.
إعلان
حرب أهلية
تحت عنوان "المواجهة بين نتنياهو وبار تقربنا من نوع من الحرب الأهلية"، كتب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، مقالا، استعرض من خلاله عمق الشرخ والاستقطاب السياسي بالمشهد الإسرائيلي الذي تكرس عقب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكذلك الانقسام بالمجتمع الإسرائيلي الذي ينقسم مجموعتين، مجموعة نتنياهو ومجموعة ثانية مناهضة له.
ويعتقد برنياع أن هذا الانقسام يقرب إسرائيل إلى نوع من الحرب الأهلية، قائلا إن "الصراع الداخلي الإسرائيلي في الوقت الحالي، لا يزال بلا أسلحة، لكنه يقربنا إلى مرحلة فقدان الثقة والعصيان وعدم انصياع في الأجهزة الأمنية، وسوف ينتهي هذا الأمر بجهاز شاباك مختلف، ومكتب مدع عام مختلف، ثم محكمة عدل عليا مختلفة وقوانين أساسية أخرى".
وأوضح أن الخلافات بين نتنياهو وبار تصاعدت تدريجيا، وذلك على خلفية المظاهرات والاحتجاجات ضد خطة الإصلاحات بالجهاز القضائي، حيث تحفظ الشاباك على الخطة، مشيرا إلى أن الجهود التي بذلها بار بمفاوضات صفقة التبادل أدت إلى تفاقم الأزمة والخلافات، وعلى هذا الأساس سارع نتنياهو إلى إقالة بار من فريق المفاوضات.
إن رئيس الوزراء الذي فقد قبضته ويتصرف بدون كوابح، يقول المحلل السياسي، "سوف يحكمنا كما يشاء، وسوف تتبعه حكومة فاشلة، نحن على الأرجح ندخل أياما من القتال المتزايد في غزة، من دون اتفاق، ومن دون صفقة تبادل، ومن دون أن يتلقى الجمهور الإسرائيلي تفسيرا لسبب التوجه للعمل العسكري، إنها أزمة ثقة أثناء القتال".
صراع إلى حد الفوضى
ويرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل أن نتنياهو يتصرف كما لو أنه لم يعد لديه ما يخسره، حيث إن تصعيد الصراع إلى حد الفوضى يخدم مصالحه، إذ تستعد الحكومة الإسرائيلية لتجاوز آخر عقبة كبيرة في طريقها، بإقرار الموازنة العامة قبل نهاية الشهر الحالي.
إعلانويعتقد هرئيل أن التصعيد غير المسبوق، الذي يشنه نتنياهو ضد جهاز الشاباك وضد الجهاز القضائي، يخدم مصلحته من أجل التصدي ومواجهة شركائه في الائتلاف الحكومي، من تيار الصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية، وربما يعجل ذلك عودة رئيس "عظمة يهودي"، إيتمار بن غفير إلى الحكومة.
وأوضح المحلل العسكري أن نتنياهو لم يتحمل حتى الآن أي مسؤولية عن الإخفاقات التي حدثت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويروج أن مصيره سيحسمه الناخبون وصناديق الاقتراع، وعليه هو يقوم بمختلف الإجراءات والحيل القذرة من أجل إقصاء معارضيه، وكذلك تعزيز فرص فوزه بالانتخابات والبقاء على كرسي رئاسة الوزراء.
ويرى هرئيل أن إقصاء بار من منصبه في حال تحقق ذلك، سيسهل على نتنياهو العبث بانتخابات الكنيست بالمستقبل، قائلا إن "إقالة بار أكثر إثارة للقلق، حتى أكثر من إقالة هاليفي وغالانت، لان من مهام وصلاحيات جهاز الشاباك، تحصين أسس النظام الديمقراطي في إسرائيل والدفاع عنها، بتقويض الشاباك والسيطرة عليه يعني تقويض الديمقراطية".
حاكم فوق القانون
ويعتقد محلل الشؤون القضائية في صحيفة "ذا ماركر"، عيدو باوم، أنه إذا لم يتم وقف إقالة بار، فإن إسرائيل ستصبح دولة يكون فيها الحاكم فوق القانون.
الآن تبدأ المعركة القانونية، يقول باوم، وهو محاضر للقانون في كلية الإدارة في تل أبيب، لكن: "في النهاية، ربما يطرح سؤال واحد على المحكمة العليا، هل يمكن إجبار الحكومة على تعيين رئيس للشاباك لا تريده؟ فالطريق إلى اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة طويل، وقد أعد نتنياهو عاصفة مثالية، بحيث يكون هذا الطريق صعبا ومليئا بالمطبات بالنسبة لإسرائيل بأكملها التي تدخل بحالة فوضى".
وعلى خلفية إقالة بار، يضيف محلل الشؤون القضائية، "يجري الشاباك تحقيقا في مكتب رئيس الوزراء، ولا يمكن استبعاد إمكانية أن يمتد التحقيق إلى نتنياهو الذي سارع بالتلويح إلى إقالة رئيس الشاباك، ومن الواضح بالفعل أن عملية إقصاء بار كانت غير سليمة دون الاعتماد على أي أدلة قانونية، وتقرر القيام بعد جلسة استماع استغرقت بضع دقائق".
إعلانوخلص بالقول: "نتنياهو متهم بارتكاب جرائم، وهو الوحيد الذي لم يتحمل المسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول، وانتهك اتفاقية تضارب المصالح عندما تدخل في الانقلاب على الجهاز القضائي، ويرفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية، لكنه هندس تنحي هاليفي وإقالة رئيس الشاباك بطريقة تسمح له بالادعاء بأن الجميع لديهم تضارب في المصالح، باستثنائه هو".