بوابة الوفد:
2024-11-20@16:36:18 GMT

مأساة مصنع المحمودية للغزل

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

فى زيارة إلى مسقط رأسى، مدينة المحمودية وهى بالمناسبة مدينة تاريخية (بناها السلطان العثمانى محمود خان عام 1820 ) حزنت كثيرا عندما شاهدت بوابات مصنع المحمودية للغزل والنسيج مغلقة بالضبة والمفتاح، فيما سقطت لافتته أرضا، منذ سنوات واختفى علم مصر من فوق مبناه العتيق، بعد أن أكل الصدأ ساريته، وصمتت صافرة المصنع التى كانت تقوم بدور الساعة أو المنبه مذكرة العمال ببدء الدوريات الثلاث، معلنة موت مصنع كبير كان يعج بآلاف العمال ذهابا وإيابا فى حركة طبيعية هادئة كموج النيل الذى يحتضن هذه المدينة الجميلة الحالمة فوق  ضفتى ترعة المحمودية التى أمر محمد على والى مصر بحفرها عام 1807 لإمداد الاسكندرية بمياه النيل عبر فرع رشيد.


وحزنت أكثر عندما علمت أن هناك آلاف العمال من الشباب والشيوخ المهرة من أصحاب الخبرة تم الاستغناء عن معظمهم، فيما أجبرالآخرون على الخروج إلى المعاش المبكر أو التصفية بمستحقات سنين كانت سر حياة عمال مات بعضهم كمدا وحسرة وهم يشهدون رحلة الموت العصيبة لمصنع كان مصدر رزقهم الوحيد قبل أن تتوقف ماكينات عن العمل على أمل التطوير والتحديث.
ومن ظهر هؤلاء العمال البسطاء، أنجبت المحمودية علماء أزهر وأطباء ومهندسين وإعلاميين وصحفيين وأدباء وقضاة ورؤساء محاكم ونيابات وظباط ومحامين وغيرهم ممن يشار لهم بالبنان داخل المدينة وخارجها، وجميعهم حزين مثلى فى حلقه غصة ومرارة، وهو يشاهد جدران مصنع كبير إنهار بسبب الإهمال والفساد.
أما الذى حرضنى فعلا على كتابة هذا المقال فيديو قصير جدا بثه الأستاذ عادل الشرقاوى على قناته لخص فيه مآساة هذا المصنع ومدى احتياج المدينة لعودته من جديد، ولا سيما وأن أصوله مازالت باقية صامدة وعماله رهن إشارة العودة واتخاذ قرار التشغيل.
وبمناسبة حديث الدكتور مصطفى مدبولى للإعلاميين وتعهده بالاستغلال الأمثل لموارد الدولة دون المساس بحقوق العمال والمواطنين، أناشده والفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة، سرعة التدخل لنفض التراب وإزالة الصدأ عن  2000 مصنع يرتبط بذهب مصر الأبيض الذى عرفت به عالميا، وإزالة كافة العقبات التى قتلت أهم قطاع صناعى فى مصر بالضربة القاضية .
بصراحة.. لا أجد سببا لبقاء مادة الاسبستوس المحظورة دوليا فى أراضى بعض هذه المصانع، ولا ندرى من صاحب المصلحة الكبرى فى عدم توريد الماكينات الجديدة؟، ولا أين ذهبت القروض والمنح التى كانت مخصصة للتطوير والتحديث؟، ولا أين ذهبت المليارات حصيلة بيع بعض أراضى هذه الشركات؟! وأين اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب والأجهزة الرقابية؟.
إن الأمن الكسائى يا سادة لا يقل أهمية عن الأمن الغذائى والأمن القومى، وإن كنا نبكى ونصرخ (ونولول) من نقص الدولار والعملات الصعبة، فلماذا نقتل قطاع الغزل والنسيج الذى يعوضنا بالتصدير عن هذا العجز؟ ولماذا نترك ما تبقى ينزف حسرة ودما؟ ولصالح من تنتج تلك المصانع 30 % فقط من طاقتها الإنتاجية؟ وماذا فعلتم بالدراسات التى أجراها مكتب «وارنر الأمريكى» وتكلفت الملايين من دم العمال المطحونين .
ورغم كل ذلك لا أفقد الأمل، فى أن تعود ماكينات مصنع المحمودية للغزل للعمل من جديد على يد «كامل الوزير» الذى وعد بفتح جميع المصانع المغلقة وإنقاذ التى تعانى سكرات الموت فى غرف الإنعاش. وأقول لوزراء الصناعة وقطاع الأعمال والاستثمار و رؤساء الشركة القابضة السابقين، سامحكم الله، ولكن لن يرحمكم التاريخ، ولن يغفر لكم صمتكم على إنهيار أهم صناعة عرفت بها مصر منذ فجر التاريخ.
‏[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مياه النيل

إقرأ أيضاً:

نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية

من أحاجي الحرب( ٨٦٩٥ ):
○ كتب: السفير عبدالمحمود عبدالحليم
□□ استخدم وفد الاتحاد الروسي بمجلس الأمن صباح الاثنين بنيويورك حق النقض فاحبط مشروع قرار قدمته بريطانيا وسيراليون حول موضوع “حماية المدنيين ” بالسودان، وكان القرار الذى نال موافقة ١٤ وفدا قد شمل ١٥ فقرة عاملة و ٨ فقرات تمهيدية، وجاء تركيزه على الترتيبات المتصلة بحماية المدنيين تحديدا خلافا للقرارات السابقة للمجلس حول السودان التى شملت عدة موضوعات متنوعة amorphous. ، كما أعاد الفيتو الذى يحدث لأول مرة منذ امد بعيد إلى الأذهان الفيتو المزدوج الذى استخدمته روسيا والصين ضد مشروع قرار خاص بزمبابوى عام ٢٠٠٨م ….اذا كانت بريطانيا كما هو معلوم هى حامل القلم ورئيس مجلس الأمن لشهر نوفمبر فان استصحاب سيراليون جاء لإظهار وإعطاء انطباع بتوافق افريقى حول المشروع، بهدف احراج الدول التى قد يكون رايها سالبا حوله، وتحديدا روسيا والصين، فتمتنع عن معارضته حتى لا توصم بالوقوف ضد الإجماع الأفريقي.. من باب التذكر نشير إلى أن بريطانيا كانت قد تدخلت عسكريا في الحرب الاهلية في سيراليون فى مايو ٢٠٠٠ عبر الكتيبة البريطانية التي كانت هناك لأغراض الإجلاء وتمكنت من الحاق الهزيمة”بالحركة الثوريه المتحدة ” المتمردة بقيادة فودى سانكوح على مشارف العاصمة فريتاون والتى كانت مدعومة مقابل الماس السيراليوني من قبل تشارلز تايلور رئيس ليبيريا المجاورة.. وكانت بريطانيا قد استخدمت ايضاً مواقع بسيراليون فى عملياتها العسكرية ضد الأرجنتين إبان حرب الفوكلاند.. وللتذكير أيضا ترأست سيراليون فى أواخر سبعينيات القرن الماضى على عهد رئيسها سياكا استيفنز لجنة الوساطة السودانية الأثيوبية بعد توتر علاقات البلدين إبان حكم الرئيسين جعفر نميري ومنقستو هايلى مريام…
□ بدأ وكأن القرار قد شرع من جديد في رسم بناء معمارى لمسالة حماية المدنيين في السودان فى أعقاب تحشيد وترويج كبير حفلت به الفترة الماضية وتصريحات من عدة جهات دولية وعلى رأسها المبعوث الأمريكي بريللو مبشره بتدخل عسكري وخطة ب وتم إنشاء تحالف فى اجتماع جنيف ” لإنقاذ الأرواح “كما دخلت في خط ذلك التحشيد لجنه تقصى الحقائق لمجلس حقوق ألأنسان، والاجتماعات رفيعه المستوى التي عقدت على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك إلا ان إقرار الامين العام للأمم المتحدة قوتيريش امام مجلس ألأمن مؤخرا بعدم توفر الظروف المتصلة بنشر قوة عسكرية صب ماءا باردا على ذلك التحشيد لتنطلق بعده عدة مسارات هادئة من بينها زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذى أكد فى بيانه الصادر عقب الزيارة ضرورة الحوار مع السودان بمافى ذلك الأفكار التى طرحها على الوفد السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان كما تقرر اعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي بالسودان تسهيلا للحوار المبتغى حيث يأمل السودان أن يتم فك تجميد عضويته بالاتحاد الإفريقي دون إبطاء، وجاء كذلك الى السودان وزير خارجية جيبوتي مبعوثا من الرئيس الجيبوتي رئيس الإيقاد برسالة حول عوده السودان لموقعه بالهيئه، وتم كذلك تأجيل اجتماع اللجنة الأفريقية الرئاسية برئاسة الرئيس اليوغندى يورى موسفيني.. ويبدو ان كافة هذه التطورات قد القت بظلالها على نبرة ومحتوى المشروع البريطاني وهو يعاود الكرة ويدخل المباراة المسماة حماية المدنيين بخطه جديدة قوامها إظهار احترام الخصم وتقليل اللعب على الأجسام فيسمى مجلس السيادة الانتقالي باسمه ويطلب منّ الامين العام التشاور معه حول آليات التحقق، ويسجل ادانته المباشرة في فقرات عاملة وتمهيدية للدعم السريع، ويطالب بلجم تدخلات الدول وتوريدات السلاح لدارفور مهددا بعقوبات ومسترجعا منطوق قرارى مجلس الأمن ١٥٩١ و١٥٥٦ لعام ٢٠٠٤ ( وهو القرار الذي كان قد طالب وقتها حكومة السودان بنزع سلاح الجنجويد ) ويكرر القرار المطالبة بوقف أطلاق النار ووقف التصعيد وتعزيز المرور الآمن للمساعدات الإنسانية عبر الحدود والخطوط ويرحب في هذآ الإطار بقرار السيادى بشأن معبر أدرى…وسعى المشروع في سبيل هدفه لخلق ظروف ووقائع على الأرض توفر الشروط المفضية لنشر قوات عسكرية عبر تقرير كلف الامين العام بتقديمه الى أعطاء الشعور بمرونة رغم التفخيخ الذي استوطن بعض الفقرات مثل الفقرة العاملة ١٥ وصياغتها التى تبيح وتشرعن للعمل خارج إطار مجلس ألأمن بما يعرف بتحالفات الراغبين، ولم يكن صعبا للوفد الروسي بحاسه الشم القوية
التى عرف بها إزاء محاولات التدخل الخارجية عبر تلك الصياغات ان يقف عند ذلك بل افاض فتحدث عن روح الاستعمار الجديد ونوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية وضرورة تجنب فرض مؤسسات العدالة..لم تغادر ذاكرة المندوب الروسي غضب بلاده وتصريحات الرئيس بوتين في ذات اليوم
المنددة بمنح الدول الغربية الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام الصواريخ بعيدة
المدى ضد روسيا …. فى الوقت الذي يتوقع أن تنشغل الأوساط الدبلوماسية بتبعات الفيتو الروسي وسيناريوهات اليوم التالى فإننا نأمل ان تستجمع بلادنا قواها ومواردها لحماية مدنييها .. فما حك جلد مواطنيها مثل ظفرها…..
#من_أحاجي_الحرب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان يلتقى بالأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.. شاهد
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل: لا شىء اسمه فلسطين
  • نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية
  • عبقرية سعد!!
  • عبقرية صلاح جاهين
  • «أرزة».. رسالة حب من قلب مهرجان القاهرة السينمائي إلى بيروت
  • سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (3)
  • وزارة قطاع الأعمال العام تنجح في استعادة بريق شركاتها الصناعية.. تفاصيل
  • الترند.. و"حرمة البيوت"
  • سيادة القانون