لم يعد يرى منجاة له من السجن.. هذا هو نتنياهو العائد من أميركا
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
عاد نتنياهو من الولايات المتحدة الأميركية بعد خطابه الفاضح، الذي احتوى على الأكاذيب في كل فقرة من فقراته. لكن الأكثر فضيحة كان الاستقبال الحافل الذي تلقاه من أعضاء الكونغرس، حيث صفقوا له وقوفًا، دعمًا للأكاذيب التي تضمنها خطابه.
ما فهمه نتنياهو من موقف أعضاء الكونغرس (بغياب 140 عضوًا) هو أنه تلقى مبايعة أميركية له، على ما ارتكب من جرائم إبادة جماعية للمدنيين، وجرائم حرب، وانتهاكات للقانون الدولي والقوانين الإنسانية، واحتقار لكل القيم العليا المتفق عليها في العلاقات الدولية.
ما فهمه نتنياهو من تلك المبايعة لم يكن مقتصرًا على السابق، خلال العشرة أشهر الماضية في قطاع غزة، والضفة الغربية والقدس، ولبنان فحسب، بل شمل أيضًا ما هو آتٍ من سياسات وقرارات. وقد انعكس هذا قبل انتهاء زيارته، حيث تلقى دعمًا من بايدن وهاريس وترامب وآخرين، مما شجعه على تصعيد التوترات في لبنان في مواجهة حزب الله، وكذلك في قطاع غزة ضد حركة حماس، وأيضًا ضد إيران.
فما الذي يجب أن يُفهم من عملية اغتيال القائد العسكري الكبير الشهيد فؤاد شُكر في قلب الضاحية في بيروت؟ وما يعنيه ذلك من خرق خطير لقواعد الاشتباك مع حزب الله؟ كيف سيكون الرد على هذه العملية؟ هل يمكن أن نتوقع ضربة مماثلة في حيفا، أو تل أبيب، أو أي مكان في عمق الكيان الصهيوني؟
ما الذي يعنيه اتخاذ قرار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد القائد إسماعيل هنية أثناء زيارة رسمية له إلى طهران؟ هذا الاغتيال يشكل اعتداءً إجراميًا على سيادة إيران، وهو أمر يدفع إيران للرد عليه برد مماثل، إن لم يكن أشدّ.
وما الذي يعنيه نتنياهو حين يأمر بقصف مواقع في العراق وسوريا، بالإضافة إلى إصدار أمر باغتيال الصحفيين إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي؟ ليرتفع بذلك عدد الصحفيين الذين استشهدوا بالاغتيال حتى اليوم إلى أكثر من 160 صحفيًا شهيدًا؟
الجواب عن كل هذه الأسئلة يتلخص في أن نتنياهو عاد من أميركا منفلت العقال، بعد أن اعتبر أنه أصبح مدعومًا دوليًا أكثر من ذي قبل، وأن شعبيته تعززت داخليًا بعدما لاقاه خطابه من دعم الكونغرس وقادة أميركا.
هذا يعني أن قرار نتنياهو يتجه نحو التصعيد على كل المستويات، بما في ذلك حرب الإبادة الإنسانية داخل غزة، وكذلك الحرب في لبنان وعلى المستوى الإقليمي، بما فيه التحرّش بإيران، مما يشير إلى احتمال الذهاب إلى حرب إقليمية.
هذا يعني أن الوضع العسكري والسياسي التصعيدي يدخل في مرحلة جديدة، تختلف، بل هي أعلى من ذي قبل. فماذا يُتوقع من ردّ على عملية قصف قلب الضاحية في بيروت، لاغتيال قائد كبير في حزب الله، الذي اعتبره البيان الصهيوني رئيس هيئة الأركان والرجل الثاني في حزب الله؟ من المتوقع أن يأتي الردّ من حزب الله في عمق الكيان، كما كانت الضربة في الضاحية التي تمثل عمق المقاومة.
والسؤال المطروح هو: ماذا سيكون ردّ الكيان الصهيوني على ذلك الردّ؟ وهكذا، تتصاعد الأمور باتجاه حلقة من الردود المتبادلة.
هذا يعني أن نتنياهو الدموي، الذي فقد صوابه، لم يعد يرى منجاة له من السجن، أو لم يعد يرى ردًا على المقاومة ومسانديها، سوى الحرب واستمرارها، وصولًا إلى أعلى مستويات التصعيد.
وهذا ينطبق على الرد على اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية في طهران، وصولًا إلى اغتيال الشهيدين الصحفيين، إسماعيل الغول ورامي الريفي.
هذا ما يريد أن يذهب إليه نتنياهو الذي أفلت من عقاله، ما لم يُواجَه بضغوط ميدانية مقابلة، وضغوط من الرأي العام العالمي، وضغوط دولية، التي يجب أن تتحسب من خطورة نتنياهو العائد من أميركا.
يجب أن يُلاحظ أن ما اتخذه نتنياهو – من اعتداءات مباشرة على حزب الله، وعلى حماس باغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية في إيران (وهنا ينبغي أن يُشدّد على إيران) – جاءَ ضمن معادلة ستستدعي الردّ.
فعلى سبيل المثال، اعتبار السيد حسن نصر الله أن تل أبيب مقابل الضاحية، مما يعني أن قرار نتنياهو، يريد ردًا على تل أبيب. وذلك لينطلق منه لتصعيد مقابِل. وهو من ناحية أخرى، إذا لم يُواجَه بالضربة المتوقعة، لأيّ سبب من الأسباب، أو لأيّ مناورة محرجة له، فسيكون جوابه المزيد من التمادي والتصعيد. لأن الهدف أصبح بالنسبة إليه، تغيير المعادلة الراهنة التي أصبح يخسر فيها، وذلك من خلال التصعيد. بمعنى آخر، قرار نتنياهو ذاهب إلى التصعيد بكل الأحوال.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى استفزاز إيران، بتعمد اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية في طهران. وذلك بعد إرساء قواعد اشتباك مع إيران، التي تقررت في الردّ والردّ المقابل، الذي خُتم في مصلحة إيران، وباتخاذ معادلة لقواعد الاشتباك.
وبهذا جاءت عملية الاغتيال في طهران؛ بهدف تغيير قواعد الاشتباك مع إيران، تمامًا كما يشبه، مع الفارق، تغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله. ومن ثم يريد نتنياهو أن يأتي الردّ الإيراني، بما يسمح بتصعيد مقابل. فقد قرر نتنياهو التصعيد، كيفما جاء الردّ.
وهذا ما يفرض على العالم الذي لا يريد أن يُجرّ إلى حرب إقليمية التحرك بقوة لردع فاقد الأعصاب الذي أفلت من عقاله بعد زيارته لأميركا.
على أن هذا التصميم من جانب نتنياهو، وعلى مستوى كل حالة، لا يعني أنه سينجح، بل العكس، فإن هذا التصعيد، سواء أُحبِطَ، أم أخذ مداه، فإن موازين القوى تؤكد أن مصيره المزيد من الفشل لنتنياهو. بل في الأغلب أن الذهاب إلى حرب إقليمية، يهدد الكيان الصهيوني بنكسة كبرى، إن لم يضع وجوده على محك التساؤل.
فنتنياهو لا يتحرك ضمن معادلة لموازين القوى العالمية في مصلحته، بالرغم مما لاقاه من دعم الكونغرس والقادة الأميركيين. وذلك في زمن دخلت فيه أميركا نفسها في المأزق والارتباك الداخلي، كما يعبّر الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين عن ذلك، ولا سيما إذا مالت نتائج الانتخابات الرئاسية في غير مصلحة ترامب، أو إذا مالت في مصلحته، وهو يتحدّى الدولة العميقة وسيصطدم بها.
وإن الأمر كذلك على المستويين: الإقليمي والفلسطيني، فإن ميزان القوى ليس في مصلحة الكيان الصهيوني. وإلا، كيف نفسر الحرب المستمرة طوال عشرة أشهر في غزة؟ وكيف نفسر ما يعانيه نتنياهو من فقدان أعصابه وتخبطه وإصراره على التصعيد؟
بكلمة، صحيح أن نتنياهو قد تلقى دعمًا من الكونغرس، ولكنه يواجه موازين قوى ليست في صالحه على كل المستويات. لهذا تنتظره الهزائم، وإنّ غدًا لناظره قريب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشهید القائد إسماعیل هنیة الکیان الصهیونی اغتیال الشهید نتنیاهو من حزب الله یعنی أن
إقرأ أيضاً:
مفاوضات إيران.. "خطوط ترامب الحمراء" تقلق نتنياهو
كشف مصدر أمني إسرائيلي رفيع أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يعلم تفاصيل الخطوط الحمراء، التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما يتعلق بالمفاوضات النووية الجارية مع إيران.
وأعرب المصدر الأمني في تصريحات نقلتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن "قلق أمني عميق" في إسرائيل حيال غموض الموقف الأميركي.
وقال: "القلق الرئيسي هو أننا لا نعرف ما الذي يريده ترامب فعلا، ولا نعلم ما هي خطوطه الحمراء الحقيقية، ونتنياهو أيضا لا يعرف ذلك بدقة".
وأضاف المصدر أن "إسرائيل تخشى من إبرام اتفاق سيئ، يقتصر على وقف تطوير الأسلحة النووية من دون التطرق إلى برنامج إيران الصاروخي أو أذرعها الإقليمية، مثل الحوثيين في اليمن الذين يواصلون استهداف إسرائيل، خاصة وسط التصعيد في قطاع غزة".
وقال إن "اتفاقا ناقصا من هذا النوع سيكبل أيدي إسرائيل"، مضيفا أنه: "في حال تم التوصل إلى اتفاق لا يرضي المصالح الإسرائيلية، فإن إسرائيل لن تكون قادرة على شن أي هجوم ضد إيران. لا خيار ثالث لدينا. إما تفكيك البرنامج باتفاق، أو عمل عسكري مباشر".
وكان ترامب قد صرّح في وقت سابق أن إيران "قد تتحول إلى دولة عظيمة إذا تخلت عن فكرة الأسلحة النووية"، لكنه لم يوضح ما إذا كان يطالب بتفكيك البرنامج بالكامل، أم الاكتفاء بمنعها من الوصول إلى مرحلة التسلح النووي.
لكن ترامب هدد، الإثنين، بتوجيه ضربات إلى المواقع النووية الإيرانية، متهما طهران بـ"المماطلة" في المفاوضات مع الولايات المتحدة.
وجاءت هذه التصريحات عقب محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران جرت نهاية الأسبوع الماضي في سلطنة عمان، والتي وصفت بأنها "إيجابية وبنّاءة" من كلا الجانبين.
وفي حين تصر إدارة ترامب على منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، تشير تصريحات المبعوث الأميركي للمحادثات، ستيف ويتكوف، إلى أن واشنطن منفتحة على حلول وسط، بما في ذلك السماح لطهران بالاحتفاظ ببرنامج نووي مدني محدود.
من جهته، وصف نتنياهو هذا النهج بـ"النموذج الليبي"، في إشارة إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي، وهو ما تعتبره طهران خطا أحمر لا يمكن تجاوزه.