تحية طيبة للجميع، سيدتي أنا حقا في أمس الحاجة لنصيحتك، لأن المر متعلق باستقرار عائلتي الذي بات مرتبط بنفسية أختي بعد طلاقها. فهي كانت كالملاك الطاهر قبل زواجها، تعرضت لخيبة الطلاق وعادت شخصية أخرى لا نكاد نعرفها.

فالرجل الذي ارتبطت به والذي أبان فقط عن جانبه الطيب في فترة الخطوبة أماط اللثام عن حقيقته وظهر أنه رجل سيء بجميع المعايير.

أجل قاست معه الأمرين طيلة سنتين، صبرت عليه وتوسمت فيه خيرا ظنا منا أنه قد يتغير لكن لا يثمر معه صبرها ولا حتى المولودة التي رزقهم الله بها. حينها طلبت الطلاق، إلى هنا كل الأمور طبيعية، لكن عودتها أقلبت البيت رأسا عن عقب.، فقد تغيرت كثيرا ولم تعد مثلما كانت، بل أصبح لسانها سليط، وتتلفظ حتى بكلمات غير أخلاقية. دائمة الصراخ ولأتفه الأسباب، وكل هذا لأنها تأثرت بطباع طليقها وأخذت منه خصاله السيئة.

وأنا حقا أنزعج من هذا وبدون مبالغة، فأنا بطبعي انسانة هادئة، وبعد أن كنا نتفق سابقا صرنا مختلفتين تماما. وهذا الاختلاف الدائم يُقلق والدتنا، فماذا أفعل أرجوكم؟ صدقيني سيدتي إن قلت لك أنني أحيانا أفكر في الانتقال للعيش بمفردي. لكن لا أريد الابتعاد عن أمي، حاولت في البداية أن أقدر ما حصل معها. وقلت أنها ربما فترة وستعود إلى رشدها، لكنها على نفس الحال، فكيف أتصرف.

أمال من العاصمة

الرد:

تحية أجمل جبيبتي، أنتم حقا في معاناة، لكن اعلمي أنها أيضا تعاني من الغربة عن نفسها لأن التجربة أثرت فيها كثيرا على ما يبدو، كما أقدر جدا أن التعامل مع شخص لا يجيد الحوار متهور ولا يختار كلماته صعب كثيرا، لذا فإن أول ما ادعوك إليه هو الصبر والحكمة والتعقل في التعامل معها، وإن لم يكن لأجلها فلأجل والدتك، تلك الأم الحنون التي يحزنها اختلافكما، أختك حبيبتي مرت بظروف صعبة للغاية، وتجربة قاسية، ثم طلاق ومسؤولية تربية ابنة.
أجل أقدر معاناتك وعدم قدرتك تحمل تصرفاتها ولكن أنتما أختين، وفي أوقات وظروف كهذه نكون في أمس الحاجة لمساعدة أقرب الناس إلينا من أسرتنا، لهذا حاولي أن تفهمي شعورها وأن تجدي طرق جديدة تساعدك قي التعامل مع أختك، فأختك تحتاجك في التخفيف عن ألمها، تحتاج إلى عطفك وفهم مشاعرها المؤلمة التي تؤثر على تصرفاتها.
فالطلاق أظن أنه أشعرها بالانكسار، وأفقدها الثقة في نفسها، وأنكم لن تتقبلونها رفقة ابنتها، لهذا تحاول فرض نفسها بالصراخ، وأنا متأكدة أنها إن وجدت منكم الاحتواء والإيجابية والدعم والمساعدة في العناية ببنتها ستعود إلى رشدها. فلا تهولي الأمور بالتفكير للانتقال للعيش بمفردك، وكوني بجانب أختك، بادري أنت بالحب والعطف عليها وعلى ابنتها، وسوف ترين كيف تعود إلى طبيعتها وشخصيتها الأصلية، كان الله في عونك ووفقك لما فيه الخير لك ولأختك.

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء.. ابن تيميّة وتراثه العلمي نموذجًا

في ظل تعاظم الاهتمام بالتراث الإسلامي عموما، والتراث الفقهي على وجه الخصوص، تظهر الحاجة الملحة إلى منهجية علمية متوازنة للتعامل مع ما تركه لنا الأئمة والعلماء من نتاج فكري أصيل.

وفي هذا السياق، يأتي كتاب "التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء" للأستاذ الدكتور عدنان حسن باحارث ليقدم إسهاما علميا مميزا، حيث يسلط الضوء على أهمية تبني رؤية نقدية واعية تحترم الإنجازات الفقهية الكبرى، وتقيمها في الوقت ذاته بأسلوب علمي لا يخلو من التقدير لجهود العلماء ومراعاة طبيعة البشر التي تحتمل الخطأ والزلة.

والمؤلف حاصل على الإجازة في العلوم العامة من جامعة بورتلاند الأميركية، ودرجة الماجستير في التربية الإسلامية من جامعة أم القرى، والدكتوراه في التربية من جامعة محمد بن سعود، وله عدة مؤلفات في التربية والشريعة، وهو أستاذ التربية الإسلامية جامعة أم القرى سابقا، ومحاضر حاليا في كلية المعلمين بمكة.

ويقع كتاب "التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء" في 590 صفحة، عدا قائمة المصادر والمراجع، وموزع على 3 فصول. وقد صدر حديثا عن دار طيبة الخضراء.

ويسلط المؤلف فيه الضوء تنظيرا وتطبيقا على طريقة التعامل مع التراث الفقهي الإسلامي بموضوعية وعلمية، ويسعى المؤلف من خلاله إلى تقديم رؤية متوازنة قوامها الاحترام والتقدير لعلماء الأمة مع النظر بعين الإنصاف إلى تراثهم ومراعاة الطبيعة البشرية التي تحتمل الزلل، وتستدعي النقد والتقييم العلمي الصادق لما تركوه من آثار فكرية.

الاجتهاد لا ينقض باجتهاد وإنما هي ترجيحات وفق قناعات علمية قد تصيب الحق (شترستوك) الاجتهاد بين التقديس والنقد العلمي

ينطلق الأستاذ باحارث من منهج يتسم بالاعتدال ويحاول تجنب الانحياز، حيث يجعل ضرورة الممايزة بين الإعجاب بالشخصيات التراثية والتقديس -الذي كثيرا ما يؤدي إلى تحجيم الفكر النقدي- منطلقا فكريا له مؤكدا أن احترام العلماء وتقدير نتاجهم المعرفي أمر متفق عليه بين العقلاء.

إعلان

غير أن ما يخشى الكاتب مغبته هو الانصهار الكلي في شخصياتهم واختياراتهم دون تمييز ولا غربلة، فهو يرى أن الباحث الموفق يجب أن يلتزم بواجب التقويم الشرعي وفق ضوابط الترجيح المعتمدة عند أهل الاختصاص.

فليس هناك أحد بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم فوق النقد، بل إن العلماء على مر العصور قد رد بعضهم على بعض، مشيرا إلى أن الاجتهادات ليست مقدسة، بل هي نتاج بشري يمكن أن يخطئ أو يصيب، فما المأخوذ من اجتهادات الأئمة بأولى من المتروك منها.

ولأن الاجتهاد لا ينقض باجتهاد، وإنما هي ترجيحات وفق قناعات علمية، قد تصيب الحق، وقد تخطئه، فلا يقطع لرأي أحد بالصواب إلا أن يؤيده إجماع ثابت، أو دليل -لا معارض له- قطعي الدلالة والثبوت، وما لم يكن للرأي مستند من هذين المصدرين القطعيين، فإنه يبقى دائما عرضة لمشرحة النقد والتقويم.

بدلا من أن تعامل اختيارات ابن تيمية الاجتهادية برؤية متفهمة أصبحت محكا قاطعا لوصف السلف والسلفية (الجزيرة) التعامل الراشد مع التراث.. ابن تيمية أنموذجا

يتناول الكتاب -فيما يتناوله شخصية شيخ الإسلام ابن تيمية مع أمثاله من الأئمة المؤثرين- ليقدم من خلاله نموذجا عمليا للتعامل الراشد مع التراث الفقهي، في اختيار موفق لشخصية فذة جدلية تتلقى في الساحة الفكرية المعاصرة على الأغلب بين التقديس أو الإسقاط، وتصلح تطبيقا عمليا لفكرة الكتاب ولتحقيق هدفه للتعامل الراشد مع العلماء بعيدا عن التحجيم أو التجزئة أو المغالاة أو التعصب.

ويذكر -على النقيض مما ينشده في كتابه- أمثلة عن التعامل غير الراشد، الذي يتسم إما بالمغالاة أو الاجتزاء القاصر وغير الكلي، مع بيان مآلاتها الخطرة. ومن ذلك ما حدث لترجيحات الإمام ابن تيمية الاجتهادية، التي كان يفترض أن تكون ثروة دينية مضافة إلى باقي الثروات الدينية التراثية من نتاج كبار علماء الأمة، إلا أنها تحولت -بيد بعض المناصرين المتعصبين- إلى فتنة بين أهل السنة.

إعلان

فبدلا من أن تعامل اختيارات ابن تيمية الاجتهادية برؤية متفهمة، أصبحت محكا قاطعا لوصف السلف والسلفية، بحيث تصبح مخالفة أي من آرائه الاجتهادية -حتى في القضايا التي خالف فيها جمهور الأئمة المجتهدين- سببا كافيا للطعن في شخص المخالف. بل إن الأمر قد يتجاوز ذلك إلى اتهام المخالف بما يشينه في دينه ومستواه العلمي.

وعلى صعيد آخر، تظهر مخاطر التعامل غير الراشد مع التراث في بعض الفتاوى المنسوبة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، التي برزت بشكل واضح في مجالات الغلو والتطرف، حيث قامت بعض الجماعات المغالية بتبني أجزاء من آرائه الجهادية والسياسية، واستخدامها لبناء قناعات فكرية تؤصل للعنف الفكري والسلوكي.

ورغم ذلك، فإن مجموع تراث الشيخ يغلب عليه الكثير مما يبطل أطروحات هذه الجماعات، ويبدد شذوذاتهم الفكرية والفقهية. لكن هذا يتطلب تناولا شاملا لتراثه العلمي، بعيدا عن التجزئة والانتقاء، مع مراعاة السياقات الكاملة وفهم منتوجه المعرفي بصورة كلية متكاملة.

يتناول الكتاب ضوابط الأخذ عن الأئمة الفقهاء وفيه التأكيد على أهمية الحذر من الغلو (الجزيرة-ميدجورني) فصول الكتاب الفصل الأول: الأئمة الأربعة الفقهاء بين التحمل والأداء

أما الفصل الأول من الكتاب الذي عنونه الكاتب بـ"الأئمة الأربعة الفقهاء بين التحمل والأداء" فيتناول مكانة الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل العلمية والدينية، مظهرا دورهم المحوري في صياغة الفقه الإسلامي.

ويتناول بعدها مناقشة الافتراءات التي طالت الأئمة الثلاثة أبا حنيفة ومالكا والشافعي بدعوى قلة حديثهم، ويخص المؤلف بعد ذلك بالحديث الإمام أبي حنيفة، ويفصل في الرد على ما اتهم به لاسيما تقديم الرأي على الحديث، والإرجاء، عاطفا على ذلك بيانا لما جرته هذه التهم من اجتراء على شخصيته وعلمه، محاولا في كل ذلك تسليط الضوء تنظيرا وتطبيقا على رؤيته للتعامل الراشد مع الأئمة الفقهاء في التراث الإسلامي.

إعلان الفصل الثاني: ضوابط الأخذ عن الأئمة الفقهاء

وأما الفصل الثاني من الكتاب فيتناول "ضوابط الأخذ عن الأئمة الفقهاء" وفيه عدة مباحث أساسية: أولها التأكيد على أهمية الحذر من الغلو في تقدير الأئمة المجتهدين خشية التلبس بحالة التعظيم المفرط التي قد تعيق الاجتهاد الشخصي، وثانيها تفصيل في خطر التعصب لآراء الأئمة لما يمكن أن يؤدي إليه من انغلاق الفكر وتعصب وزلل.

أما ثالثها فهو تنبيه العامل في التراث على توخي الحيطة ولزوم اليقظة مع لغة الأئمة ومفرداتهم، ورابعها رصد لأمثلة عن زلات العلماء حتى يستبين للعامل في التراث أهمية التحقق والتدقيق قبل قبول الآراء، ولا ينسى المؤلف في غمرة الحديث عن ضوابط الأخذ والرد الحديث عن أهمية مراعاة طالب العلم أدب الخلاف العلمي واحترام الآراء.

الفصل الثالث: شخصية شيخ الإسلام ابن تيمية

وأما الفصل الثالث فيستعرض شخصية شيخ الإسلام ابن تيمية المتفردة ودوره العلمي البارز، مع الوقوف بالتفصيل عند تصريحه عن بعض آرائه الاجتهادية الخاصة وهي مسألة خلق القرآن، وقدم العالم، والألفاظ العقدية الموحشة، والتعبيرات الانفعالية.

ويقف الكاتب في بعض مباحث هذا الفصل على ملامح من شخصية الإمام ابن تيمية وعلى نفسيته لا سيما ثباته على آرائه العلمية وشدته في معاملة الخصوم، وعلى صبره على ما تعرض له من ضغوط.

مع التوقف وقفة طويلة عند الغلو في شخصه واجتهاداته العلمية من المتعصبين له، ليحاول المؤلف أن ينسج من تلك الخيوط جميعها صورة صادقة منصفة غير متحيزة له بعيدا عن تقديس المحبين وكيد الكارهين.

ليختتم الفصل بعد هذا الذي ذكر بنماذج تطبيقية من تعامل ابن تيمية نفسه المنصف مع مخالفين له فكريا، من ذلك عدله مع الأعداء المعاندين، وعدله مع المجتهدين المخطئين، وعدله مع علماء أشاعرة، وعدله مع التصوف والمتصوفة، وعدله مع مبتدعة المسلمين، وعدله مع الكفار الأصليين.

الكاتب يأخذ بيد القارئ إرشادا ليقدم رؤية نظرية وتطبيقية عن التعامل مع التراث الفقهي الإسلامي (الجزيرة-ميدجورني) الحيف العلمي ومجانبة الإنصاف

يسعى كتاب "التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء" لمعالجة مشكلة شائعة بين طلبة العلم في التعامل مع علماء التراث، وهي مشكلة الحيف العلمي ومجانبة الإنصاف التي تأتي من المحب المتعصب كما تأتي من الكاره الحاقد.

إعلان

ويحاول تفكيك المشكلة بوصفها وتعرية أسبابها، وتبيين مخاطرها ومآلاتها، مع تقديم جملة من الأدوات الخلقية والإرشادية والعلمية المعينة على تحييد العاطفة عامة سواء أكانت انبهارا أم كراهية، ونبذ العصبية والنظر بعين الحق والإنصاف، ومراعاة الدقة والتحقيق بأخذ أسباب الحذر والحرص في التعامل مع النصوص التراثية، والتلبس بآداب المخالفة عند المخالفة.

ويأخذ الكاتب في ذلك كله بيد القارئ إرشادا وتعليما ليقدم رؤية نظرية وتطبيقية واضحة عن التعامل، بعين الإنصاف والعدل، مع التراث الفقهي الإسلامي.

مقالات مشابهة

  • سنّ البلوغ يبدأ أبكر.. كيف يجب على الأهل التعامل مع قلقهم؟
  • بشاشة أوسع وتصميم جديد كليا.. هواوي تطرح هاتفا يقلب موازين المنافسة
  • "ليزر الموت" الأمريكي.. سلاح ثوري يغيّر موازين الحروب
  • عيد حزين في غزة...!
  • قيصرة المسرح .. لماذا استحقت سميرة عبد العزيز هذا اللقب؟
  • التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء.. ابن تيميّة وتراثه العلمي نموذجًا
  • جهاد حسام الدين تطلب الزواج من إياد نصّار فى ظلم المصطبة
  • مأساة في الكورة.. شنقت نفسها بـقطعة قماش!
  • مسلسل البطل.. نور علي توافق على الزواج من فرج لإنقاذ نفسها
  • نتنياهو: المعادلة تغيرت وما حدث في السابع من أكتوبر لن يتكرر