طعام «القرية الأولمبية» ليس «مطبخ فرنسا»!
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
باريس (أ ف ب)
على الرغم من الوعود التي أطلقتها فرنسا، بتقديم أشهى الأطعمة التي تشتهر بها في القرية الأولمبية في باريس أثناء الألعاب، أبدى العديد من الرياضيين عدم رضاهم عن جودة الطعام، وعبروا عن توقهم لمزيد من اللحوم في قوائم الطعام الصديقة للبيئة.
خلال تجربة تشغيلية في مطعم القرية الأولمبية في يونيو، أكد رئيس اللجنة المنظمة للألعاب توني إستانجيه أن باريس 2024 تهدف إلى خفض متوسط انبعاثات الكربون لكل وجبة إلى النصف، مقارنة بالألعاب الأولمبية السابقة في طوكيو 2020، من خلال جعل 50 في المئة من الأطباق نباتية.
وعدت اللجنة المنظمة بعدم خذلان زوار فرنسا، كما استعانت بعدد من الطهاة الحاصلين على نجمة ميشلان مستشارين للعمل جنباً إلى جنب مع الشركة الفرنسية سوديكسو المسؤولة عن تأمين الطعام.
لكن الأيام القليلة الأولى في القرية، الواقعة في ضواحي شمال باريس، شهدت طلباً على المزيد من اللحوم والبيض وكميات أكبر من الطعام، لما له من تأثير كبير على الرياضيين الساعين لتجديد طاقتهم بعد المسابقات الشاقة أو التمارين في الصالة الرياضية.
قالت نجمة الجمباز الأميركية سيمون بايلز إنها شعرت بخيبة أمل إزاء قاعة الطعام التي تتسع لـ 3300 مقعد، وتضمّ ستة مناطق مختلفة لتناول الطعام تقدّم وجبات من جميع أنحاء العالم.
رأت «أنه ليس المطبخ الفرنسي الحقيقي مثل الذي تتناولونه أنتم، لأنكم خارج القرية».
ولم تشذ كلمات هيزلي ريفيرا «16 عاماً» عن زميلتها في الفريق، إذ قالت «أعتقد بالتأكيد أن الطعام الفرنسي جيد، ولكن ما نتناوله هناك لا أعتقد أنه الأفضل. ولكنه يؤدي الغرض المطلوب».
من ناحيته، وصف العداء الإيطالي مارسيل جاكوبس، حامل الذهبية الأولمبية لسباق 100 م، القرية بأنها «لطيفة، أما الطعام فلا»، بينما اتفقت الجامايكية شيريكا جاكسون، بطلة العالم مرتين في سباق 200 م، معه قائلة «الطعام ليس جيداً».
وخلال زيارة لوكالة فرانس برس للمجمّع الصاخب هذا الأسبوع، قال العديد من الرياضيين إنهم واجهوا صعوبات في البداية مع قوائم الطعام، حيث كان هناك 50 طبقاً نباتياً متاحاً كل يوم بنسبة 100 في المئة.
تابعت جاكسون «لا نملك مطبخاً فرنسياً مناسباً في القرية».
أما السّباح خوليو هوريجو من هندوراس، قال لفرانس برس عندما سُئل عن الحياة في القرية «المشكلة الوحيدة هي نقص الغذاء، إنه أمر مفاجئ بعض الشيء»، مؤكداً انه يأكل ما يصل إلى 5 آلاف سعرة حرارية يومياً، وإنه وصل لتناول الإفطار صباح الأحد ليجد أنه لم يتبقَ سوى البيض.
وقال عند مدخل القرية التي تعجّ بالنشاط وتتّسع لنحو 10500 رياضي في نحو 40 برجاً منخفض الارتفاع «إذا وصلت متأخراً قليلاً فلن يكون هناك ما يكفي» لتناول الطعام.
أعطى المجذف الروماني يوليان كيلارو إجابة واضحة، عندما سُئل عما إذا كان هناك شيء مفقود «اللحوم»، وأضاف «لم يكن لدينا ما يكفي من اللحوم، لكن المشكلة تم حلّها الآن».
وقال السّباح الألماني لوكاس ماتسيرات (24 عاماً) إن حجم الحصص الغذائية آخذ في الازدياد أيضاً.
وتابع «في البداية لم تكن الحصص الغذائية المقدّمة للرياضيين كبيرة، لكن الأمر تحسّن الآن».
وبدورها، قالت لاعبة الكرة الطائرة الشاطئية الكندية صوفي بوكوفيتش، وهي تغادر المجمع «نستمتع بالخضراوات، لذا فإن الأمر لا يمثل مشكلة، بعض الرياضيين يأكلون اللحوم بشراهة، وهم يحاولون إيجاد حلّ لهذه المشكلة، هناك بروتين، عليك فقط أن تعرف أين تجده».
قالت شركة سوديكسو لفرانس برس إنها عدّلت قوائم الطعام التي تقدمّها، وأضافت المتحدّثة باسم المجموعة «كان الطلب على البيض واللحوم المشوية مرتفعاً، لذا زادت الكميات بشكل كبير، ومنذ عدّة أيام أصبحت الكميات المعروضة متماشية مع الطلب».
لا يشكّل الطعام النباتي الفارق الوحيد في القرية الباريسية، مقارنة بالنسخ السابقة، ما دفع بعض المنتقدين إلى الصراخ بصوت عال «استيقظوا».
بُنيت القرية الأولمبية التي ستتحوّل بعد نهاية الألعاب إلى شقق، من دون أجهزة لتكييف الهواء، وبدلاً من ذلك تحتوي على نظام تبريد وتدفئة حراري متجدّد تحت الأرضية.
وقد اختارت بعض الفرق مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وفرنسا تركيب مبرّدات محمولة للاعبيها، لكن فرقاً أخرى لم تقم بذلك، حيث تجاوزت درجات الحرارة الثلاثاء والأربعاء 30 درجة مئوية مع ارتفاع نسبة الرطوبة.
عكست لاعبة الكرة الطائرة الشاطئية الإيطالية مارتا مينيجاتي ما تعانيه، قائلة «أعاني من الطقس الحار، ولكن حتى الآن كنت أنام جيداً باستخدام مروحة فقط، لكن المكيّف سيكون أفضل للتعافي».
وجد آخرون صعوبة في التكيّف مع الأسرّة المبتكرة المصنوعة في اليابان والمستخدمة في القرية.
وأعرب آخرون عن حماسهم للجهود التي تبذلها اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس 2024 لتحقيق مزيد من الاستدامة، بما في ذلك خفض الانبعاثات والتأكد من إمكانية إعادة تدوير جميع المعدات، بما في ذلك الأسرّة، أو إعادة استخدامها بعد ذلك.
وقال السبّاح الدنماركي سيجن برو لفرانس برس «أستمتع بهذا المكان وأنا مُعجب بما فعلوه في القرية، إنه يؤدي وظيفته الآن، ولكن من الرائع أن نعرف نحن الرياضيين كيف سيتم استخدامه في المستقبل، وأنه تم بناؤه بطريقة مستدامة».
وختم قائلاً «يمكنك أن تضحك على الأسرّة، ولكن من الجيد أن تعرف أنه لن يتبقى لديك 10 آلاف سرير في النهاية».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: فرنسا باريس أولمبياد باريس 2024
إقرأ أيضاً:
كيف يُموّل الإخوان جرائمهم في فرنسا؟
ناقشت محطة إذاعية فرنسية طرائق تمويل الإرهابيين، وخاصة تنظيم الإخوان، لجرائمهم على الأراضي الفرنسية، مُتحدّثة عن غسيل الأموال، والفساد، وأموال المخدرات وصفقات الأسلحة، فضلاً عن التبرّعات المشبوهة لأغراض تبدو إنسانية، كمصادر مُتعددة لتمويل الإرهاب.
واستضافت شبكة "سيد راديو" المعروفة باستقطاب أهم الشخصيات الفرنسية في برامجها، ناتالي جوليت، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن الحزب الجمهوري، في حلقة مُطوّلة قدّمت خلالها قراءة لكتابها الأخير (أموال الإرهاب)، الصادر قبل أيّام عن دار "شيرش ميدي" الفرنسية للنشر.
وسبق للسيناتور أن طلبت من السلطات الفرنسية تشكيل لجنة تحقيق في الشبكات الإرهابية، شاركت بنفسها في رئاستها. كما قدّمت تقريراً عن تمويل الإرهاب إلى الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
Comment se financent les terroristes en France ? Les détails avec Nathalie Goulet (@senateur61)https://t.co/xAN6rkzzLY pic.twitter.com/HRTKxE5JJF
— Sud Radio (@SudRadio) February 19, 2025 قنوات تمويل بسيطة!في فرنسا وأوروبا، تُواجه الأعمال الإرهابية، على حدّ تعبير ناتالي جوليت "قدراً كبيراً للغاية من التسامح والسذاجة. ذلك أنّ دوائر تمويل الإرهاب تستخدم نفس الآليات التي تستخدمها دوائر وأجهزة التخلف المالي". لتُحذّر من أنه "ما دام لدينا هذا التسامح في التعامل مع غسيل الأموال ومع المخدرات، وما دام لم نُكافح الملاذات الضريبية والاحتيال الضريبي، فسوف نواجه صعوبة في مكافحة تمويل الإرهاب بفعالية".
وأوردت السيناتور الفرنسية مثالاً بسيطاً لفهم الأمور بشكل أفضل، وهو دعوة للتبرّع عبر المنصّات الإلكترونية "سنجد على شبكات التواصل الاجتماعي طلباً عبر الإنترنت لجمع تبرعات لهدف عادي تماماً، كمستشفى في سوريا أو في لبنان. وسوف يتبرّع الناس إلى حساب بنكي مجهول، ليتم بعدها تحويل الأموال الموجودة في هذا الحساب إلى الخارج وسحبها نقداً واستخدامها لشراء أسلحة أو شيء من هذا القبيل." مؤكدة أنّه أمر بسيط للغاية، ويُمارس على نطاق واسع جداً.
Comment se financent les terroristes en France ?
Nathalie Goulet (@senateur61) :"En réalité les circuits de financement du terrorisme utilisent les mêmes circuits que la délinquance financière."https://t.co/xAN6rkzzLY pic.twitter.com/0wo7YYpAZS
وفي المجال القانوني، لدينا أيضاً عوامل تُسهّل من تمويل الإرهاب، ومن بينها مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فالأمر معه رائع (بالنسبة للمُتشدّدين)، تقول جوليت، فهو يمنح مئات الآلاف من اليورو للجمعيات المُرتبطة بشكل واضح بتنظيم الإخوان الإرهابية والإسلام المُتطرّف.
وخلال بحثها عن تفاصيل ميزانية الاتحاد الأوروبي، خلصت إلى أن المفوضية الأوروبية هي التي تقرر كل ذلك، لكن "وباسم التنوّع والتسامح، سنُموّل أعداءنا. هذه هي الحقيقة. ومُكافحتها مُعقّدة للغاية." لتكشف عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن وجود بعض المُحاولات للتدخل اعتراضاً على ذلك، ومنعه، ولكن دون جدوى. إذ هناك برأيها إفلات من العقاب تحت ذرائع سرّية المُفوّضية الأوروبية، وهو ما حال من فشل جهود فرنسا في السيطرة على هذه التمويلات المشبوهة.
La lutte contre le #Blanchiment doit être au cœur de la bataille contre la criminalité organisée et le financement du #terrorisme .. vous découvrirez des développements particulièrement détaillés dans mon livre à paraître le 9 janvier @lecherchemidi l’Argent du terrorisme ! pic.twitter.com/8DMbcONHt6
— Nathalie Goulet (@senateur61) January 2, 2025يُذكر أنّه اندلعت توترات شديدة في البرلمان الأوروبي نهاية العام الماضي، وذلك بعد أن قدّم برلمانيون فرنسيون أمثلة عن الأموال المدفوعة لجامعات ومنظمات وجمعيات محسوبة على الإسلام السياسي، وتتبع بشكل خاص تنظيم الإخوان الإرهابي.
أنشطة قد تبدو غير ضارّة!من جهته قال المستشار الدولي والخبير في قضايا الإرهاب، جان تشارلز بريسارد، وهو مدير شركة استخبارات متخصصة في مسألة تمويل المنظمات الإرهابية الإسلاموية "هل تعتقدون أن الأنشطة غير القانونية فقط هي التي تُغذّي الشبكات الإرهابية؟ فوراء أنشطة قد تبدو غير ضارة، مثل شراء العقارات، أو جمع التبرّعات عبر الإنترنت، أو الاستثمار المالي، أو حتى اقتناء قطعة فنية، ربّما يكون هناك تمويل لمشاريع مميتة.
ولمواجهة هذا التهديد المُنتشر والانتهازي، يرى بريسارد أن المُقاومة الشرسة ضدّ الاحتيال والتهرّب الضريبي وغسيل الأموال، أمر ضروري. ولكن مع استمرار تطوّر الطرق التي يتم بها تمويل الإرهاب وزيادة تعقيدها، أصبح من الصعب على نحو مُتزايد القضاء على هذه الظاهرة.
وذكر الخبير الفرنسي في مُكافحة الأعمال الإرهابية، أن تحقيقات ناتالي جوليت، المُوسّعة في كتاب "أموال الإرهاب"، تُقدّم نظرة عامة كاملة على الحيل المُستخدمة والتدابير المُضادة التي من الممكن القيام بها، مُشيراً إلى أنّ هذا الكتاب يُعدّ عملاً أساسياً لفهم أسرار تمويل الإرهاب ومُكافحته بشكل أفضل.