نمذجة استشرافية: مستقبل إفريقيا في عالم متعدد الأقطاب حال فوز ترامب
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
على الرغم من أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، يتسم بالبراغماتية وعدم الاتساق في سياساته الخارجية، فإنه يبدو صارماً في السباق الانتخابي لعام 2024 في مواجهة تيار الهيمنة داخل حزبه الجمهوري، والذي يدعو إلى الحفاظ على القيادة الأمريكية للنظام العالمي. لقد أصبح التركيز على جعل الولايات المتحدة أمة عظيمة مرة أخرى مُحفزاً على العودة إلى تيار العزلة في السياسة الخارجية الأمريكية؛ وهو ما يسمح ربما بمزيد من تعدد مراكز القوى في النظام الدولي.
وفي هذا السياق، تُعد النمذجة الاستشرافية وتخطيط السيناريوهات كتلك التي يقوم بها “معهد الدراسات الأمنية” في جنوب إفريقيا من الأدوات الأساسية التي يمكن أن تساعد إفريقيا على تحديد الفرص والتهديدات المُحتملة والاستجابة لها. إن نمذجة الاستشراف المستقبلي هي عملية تخطيط استراتيجي تُستخدم لتوقع المستقبل وتشكيله من خلال تحليل الاتجاهات والتطورات المُحتملة، وتتضمن أساليب منهجية متعددة التخصصات لتحديد وتقييم السيناريوهات المستقبلية المُحتملة وآثارها؛ ويكمن هدفها الأسمى في توجيه عملية صنع القرار وصياغة السياسات والتخطيط الاستراتيجي من خلال بحث وجهات النظر طويلة المدى والتحديات والفرص المُحتملة. فهناك تقليد غني في بناء السيناريوهات والاستشراف في إفريقيا، ومن الضروري تسليط الضوء على هذا التقليد والاستفادة منه، ومن خلال هذا التقليد؛ يمكن تحليل تداعيات احتمال إعادة انتخاب ترامب على النظام الدولي ومستقبل إفريقيا في ظل التعددية القطبية.
العزلة الأمريكية وصعود أوروبا:
إذا أُعيد انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، فمن المُرجح أن يشهد مستقبل النظام العالمي تحولات كبيرة؛ مما يخلق مشهداً جيوسياسياً معقداً ومتقلباً. ومن الممكن أن تشهد ولاية ترامب الثانية موقفاً متردداً من حلف شمال الأطلسي “الناتو”؛ مما يؤدي إلى فراغ في السلطة في أوروبا. ومن المُرجح أن يجبر هذا السيناريو الدول الأوروبية على تعزيز آليات الدفاع الخاصة بها، وتعزيز المزيد من الوحدة وتحويل الاتحاد الأوروبي إلى كيان جيوسياسي أكثر قوة؛ ونتيجة لذلك؛ يمكن أن تشهد أوروبا عودة نفوذها، وتضع نفسها كثقل موازن لتراجع القيادة العالمية للولايات المتحدة. وفي آسيا، قد تؤدي سياسات ترامب إلى تسريع وتيرة الانتشار النووي. ومن الممكن أن يدفع النهج الذي تتبناه إدارته في التعامل مع الالتزامات الأمنية والتجارة دولاً مثل: اليابان وكوريا الجنوبية، بل وحتى تايوان، إلى تطوير ترساناتها النووية كوسيلة ردع ضد التهديدات الإقليمية، وخاصةً من الصين وكوريا الشمالية؛ ومن شأن هذا التسلح النووي أن يزيد من التوترات ومن خطر نشوب صراعات في المنطقة؛ مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
اقتصادياً، من المُرجح أن تؤدي سياسات ترامب الحمائية، بما في ذلك الرسوم الجمركية المرتفعة وضوابط الهجرة الصارمة، إلى انخفاض كبير في قيمة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية في العالم. وقد يفيد هذا الانخفاض، الاتحاد الأوروبي والصين، اللذين قد يتعاونان لتقديم عملة احتياطية بديلة؛ مما يزيد من تقليص الهيمنة الاقتصادية الأمريكية؛ ومن شأن الانعزالية الاقتصادية الناجمة عن ذلك أن تدفع الولايات المتحدة نحو موقف أكثر انعزالية، مع التركيز على القضايا الأمنية والاقتصادية في نصف الكرة الغربي؛ وهو ما قد يؤدي إلى زيادة التدخلات العسكرية في أمريكا اللاتينية في ظل عقيدة تذكرنا بمبدأ “مونرو”. وفي العموم، قد تبشر ولاية ترامب الثانية بعالم أكثر تعددية الأقطاب، يتسم بعودة أوروبا إلى الظهور، وآسيا النووية، وتراجع الولايات المتحدة؛ وهو ما من شأنه أن يغير بشكل جذري ديناميكيات القوة العالمية والعلاقات الدولية.
تأثيرات عالمية في إفريقيا:
تشير الاتجاهات العالمية إلى التحول نحو عالم متعدد الأقطاب؛ إذ تؤثر الدول القوية المتعددة في الشؤون الدولية، وتحمل هذه التعددية القطبية فرصاً وتحديات لإفريقيا. ولفهم هذه الديناميكيات بشكل أفضل، يمكن استكشاف أربعة سيناريوهات عالمية مُحتملة: عالم مستدام، وعالم منقسم، وعالم في حالة حرب، وعالم ينمو، على النحو التالي:
1- عالم مستدام: في هذا السيناريو، ينجح المجتمع العالمي في تنفيذ السياسات الرامية إلى التخفيف من تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة. وبوسع إفريقيا، بمواردها الطبيعية الهائلة وغالبية سكانها الشباب، أن تقوم بدور مهم في هذا التحول. ومن الممكن كذلك أن يؤدي تحسين الحكم، والتنفيذ الكامل لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والاستثمارات في الطاقة المتجددة إلى معدلات نمو سنوية تبلغ 7.7% حتى عام 2043. فعلى سبيل المثال، أظهر التزام إثيوبيا بالطاقة المتجددة بالفعل نتائج واعدة، مع تحقيق قدر كبير من النجاح في استثمارات الطاقة الكهرومائية؛ مما يجعلها واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في المنطقة. ومن شأن هذا النمو في القارة أن يقلل بشكل كبير من الفقر ويحسن مستويات المعيشة لسكانها.
2- عالم منقسم: هنا تتصاعد التوترات العالمية؛ مما يؤدي إلى التشرذم وزيادة الحمائية. وبالنسبة لإفريقيا؛ قد يعني هذا السيناريو تباطؤ معدلات النمو بنحو 4.5%، وهو ما لن يُترجم بشكل كبير إلى ارتفاع نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي أو الحد من الفقر بسرعة، ومن الممكن أن تصبح القارة السمراء ساحة صراع على النفوذ بين القوى العالمية المتنافسة؛ وهو ما قد يعوق آفاق التنمية فيها. ومن الأمثلة على ذلك، جمهورية إفريقيا الوسطى؛ إذ أدت التدخلات الأجنبية من قِبل روسيا وفرنسا إلى زيادة عدم الاستقرار وإعاقة جهود التنمية.
3- عالم في حالة حرب: ينطوي هذا السيناريو على صراع مسلح مفتوح، ومن المُحتمل أن يشمل مواجهات نووية. وسوف تواجه إفريقيا حالة من عدم الاستقرار الشديد، مع انخفاض معدلات النمو بها إلى نحو 3.3% سنوياً. ومن الممكن أن تشهد القارة حركات انفصالية متضاعفة وانتشار العنف على نطاق واسع؛ مما يؤدي إلى تفاقم الفقر وتقويض جهود التنمية. إن الصراعات الجارية في جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية تجسد كيف يمكن لعدم الاستقرار أن يخنق النمو الاقتصادي والتنمية.
4- عالم النمو: في هذا السيناريو، يتم إعطاء الأولوية للنمو الاقتصادي على الاستدامة؛ مما يؤدي إلى نمو مرتفع، ولكن أيضاً إلى ارتفاع عدم المساواة. وقد تشهد إفريقيا ظهور رابحين وخاسرين؛ إذ تستفيد بعض المناطق والقطاعات، بينما تتخلف مناطق وقطاعات أخرى عن الركب؛ ومن شأن عالم النمو أن يقدم فرصاً للتوسع الاقتصادي السريع، ولكن الافتقار إلى الاستدامة قد يؤدي إلى عواقب سلبية طويلة الأمد. فعلى سبيل المثال، شهد الاقتصاد القائم على النفط في نيجيريا نمواً كبيراً، ولكن الفوائد لم يتم توزيعها بالتساوي؛ الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مستويات عدم المساواة والتدهور البيئي.
دور الجهات الخارجية:
في عالم متعدد الأقطاب، ترتفع أهمية إفريقيا وقيمتها الجيوستراتيجية. فالقوى الكبرى مثل: الولايات المتحدة، والصين، والاتحاد الأوروبي، والجهات الفاعلة الصاعدة مثل: الهند والبرازيل وتركيا؛ أصبحت مهتمة على نحو متزايد بموارد إفريقيا، وأسواقها، ودعمها السياسي. ويتعين على الدول الإفريقية أن تدرس موقفها من هذه العلاقات بعناية؛ لتعظيم فوائدها وتقليل المخاطر المُحتملة. لقد اتسم ارتباط الصين بإفريقيا باستثمارات كبيرة في البنية التحتية، والتعدين، والتصنيع. وفي حين حفزت هذه الاستثمارات النمو الاقتصادي؛ فإنها أدت أيضاً إلى مخاوف بشأن الاعتماد على الديون وديناميكيات السلطة غير المتكافئة. فعلى سبيل المثال، قامت “مبادرة الحزام والطريق الصينية” بتمويل العديد من مشروعات البنية التحتية في جميع أنحاء إفريقيا، مثل السكك الحديدية في كينيا. ومع ذلك، فإن عبء الديون الثقيل المرتبط بهذه المشروعات أثار المخاوف بشأن الاستدامة المالية الطويلة الأجل للبلدان الإفريقية. ويتعين على إفريقيا أن تتفاوض على شروط أفضل وأن تضمن توافق الاستثمارات الصينية مع أهدافها التنموية الطويلة الأجل.
أما بالنسبة للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، فإنهم يؤكدون أهمية قضايا الحكم والديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي حين أن دعم هذه القوى أمر بالغ الأهمية للتنمية المؤسسية؛ ينبغي للدول الإفريقية الاستفادة من هذه العلاقات لتعزيز قدرتها على النمو المستدام ذاتياً بدلاً من الاعتماد بشكل مفرط على المساعدات. على سبيل المثال، أتاح قانون النمو والفرص في إفريقيا (أغوا) إمكانية وصول السلع الإفريقية إلى أسواق الولايات المتحدة؛ مما عزز النمو الاقتصادي والتنمية. ومع ذلك، يجب على الدول الإفريقية أيضاً التركيز على بناء الصناعات المحلية لضمان الاستدامة على المدى الطويل.
ومن جهة أخرى، تقدم دول مثل: الهند والبرازيل وأعضاء مجموعة “بريكس” شراكات بديلة يمكن أن تساعد على تنويع الارتباطات الاقتصادية والسياسية لإفريقيا. ومن الممكن أن توفر هذه العلاقات فرصاً جديدة للتجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، أسهمت استثمارات الهند في قطاع الرعاية الصحية في إفريقيا، مثل إنشاء مصانع الأدوية، في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وخلق فرص العمل.
فاعلية المؤسسات الإقليمية:
من أجل الوقوف على أرض صلبة في عالم متعدد الأقطاب، يتعين على الدول الإفريقية أن تعمل على تعزيز مؤسساتها الإقليمية والقارية. وهنا يتعين على الاتحاد الإفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية، القيام بأدوار مؤثرة في تعزيز التكامل الاقتصادي والسلام والأمن. وغالباً ما تواجه هذه المؤسسات تحديات تتعلق بالإرادة السياسية والقدرة والتمويل. وتحدد أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، إطاراً استراتيجياً لتنمية القارة. ويتعين على الدول الإفريقية أن تلتزم بهذه الأجندة، وأن تضمن حصول الاتحاد الإفريقي على الموارد والسلطة اللازمة لتنفيذ سياساته بفعالية. ويشمل ذلك معالجة قضايا الحكم وحقوق الإنسان وحل النزاعات. إن تدخل الاتحاد الإفريقي في حل الصراع السوداني يشكل شهادة على دوره المُحتمل في الحفاظ على السلام والاستقرار في جميع أنحاء القارة.
وفي المقابل، تُعد المجموعات الاقتصادية الإقليمية، مثل: الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ومجموعة شرق إفريقيا، ذات أهمية بالغة بالنسبة للتكامل والتعاون الإقليميين، ومن الممكن أن يؤدي تعزيز هذه التجمعات إلى تعزيز قوة التفاوض الجماعي التي تتمتع بها إفريقيا على الساحة العالمية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو داخل الأقاليم الإفريقية. إن الوساطة الناجحة التي قامت بها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في الأزمة السياسية في غامبيا عام 2017 تسلط الضوء على أهمية التعاون الإقليمي في معالجة التحديات السياسية والأمنية.
الحكم الرشيد والعمل الجماعي:
إن نجاح إفريقيا في عالم متعدد الأقطاب يتوقف على القيادة الفعالة والعمل الجماعي. ويتعين على الزعماء الأفارقة أن يتبنوا رؤية استراتيجية طويلة الأمد لبلدانهم وللقارة ككل. ويشمل ذلك تعزيز الحكم الرشيد والشفافية والمساءلة. إن القيادة القوية ذات الرؤية الحكيمة تشكل ضرورة أساسية لدفع عجلة التنمية وضمان حماية مصالح إفريقيا في المفاوضات العالمية. ويجب على القادة إعطاء الأولوية لرفاهية مواطنيهم على المكاسب الشخصية أو السياسية، والعمل على تحقيق النمو المستدام والشامل. على سبيل المثال، كان لرئيس رواندا، بول كاغامي، الفضل في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية من خلال قيادته ورؤيته الاستراتيجية. كما يتعين على الدول الإفريقية أن تتحد لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق الأهداف المشتركة، ويشمل ذلك تعزيز التجارة البينية الإفريقية، والاستثمار في التعليم والرعاية الصحية، ومعالجة تغير المناخ.
ومن خلال التحدث بصوت واحد؛ تستطيع إفريقيا تعظيم نفوذها في المحافل والمفاوضات الدولية. ويُعد نجاح منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في تعزيز التجارة البينية الإفريقية مثالاً على فوائد العمل الجماعي.
ختاماً، إن مستقبل إفريقيا في عالم متعدد الأقطاب محفوف بالتحديات، ولكنه غني أيضاً بالفرص. ويتعين على القارة أن تواجه هذا المشهد المُعقد ببصيرة استراتيجية، وأن تستفيد من نقاط قوتها ومواردها الفريدة. فمن خلال تعزيز المؤسسات الإقليمية والقارية القوية، والشراكات التعاونية مع القوى العالمية، وإعطاء الأولوية للحكم الرشيد والعمل الجماعي؛ تستطيع إفريقيا أن ترسم الطريق نحو التنمية المستدامة والشاملة. ويتمثل السبيل إلى إطلاق العنان لإمكانات إفريقيا في قدرتها على التكيف مع التغيرات العالمية، مع الحفاظ على وفائها برؤيتها الطويلة الأجل لتحقيق الرخاء والنمو. وتُظهِر الأمثلة من دول مثل: إثيوبيا، ونيجيريا، وكينيا، ورواندا؛ أن إفريقيا قادرة بالفعل على الازدهار في عالم متعدد الأقطاب بالاستعانة بالفكر الاستراتيجي والقيادة الواعية.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
توقيع اتفاقية تنفيذ مشروع ميناء الصيد متعدد الأغراض بولاية مصيرة
العُمانية: وقّعت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه اليوم عقد ائتلاف مع شركة كيمجي رامداس للمقاولات وشركة ارخميدس للهندسة البحرية اتفاقية تنفيذ مشروع ميناء الصيد متعدد الأغراض بولاية مصيرة بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 28 مليون ريال عُماني.
وقّع الاتفاقية من جانب الوزارة معالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ومن جانب شركة كيمجي رامداس للمقاولات هريتك كيمجي وبحضور سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي محافظ جنوب الشرقية.
ويشتمل مشروع تطوير ميناء الصيد البحري بولاية مصيرة على 4 مكونات أساسية لخدمة قطاع الثروة السمكية، وتسهيلات للقطاع السياحي والتجاري، وكذلك شرطة عُمان السلطانية إلى جانب الكثير من المرافق الخدمية لمرتادي الميناء، حيث سيتم إنشاء كاسرات للأمواج بطول 4172 مترًا، مع زيادة عمق حوض الميناء بـ 5 أمتار، وشاطئ رملي بطول 1100 متر و13 مرسى عائمًا.
وقال سعادة المهندس يعقوب بن خلفان البوسعيدي وكيل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه للثروة السمكية: يأتي توقيع هذه الاتفاقيات ضمن جهود الوزارة في تطوير وتنمية قطاع الثروة السمكية في ولاية مصيرة للمساهمة في العمل على تطوير موانئ الصيد لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية مواكبة لخطط الحكومة في التنوع الاقتصادي على مساحة 1.8 مليون متر مربع، كما يعمل على رفع مساهمة قطاع الثروة السمكية في الناتج المحلي الإجمالي وتعظيمًا للاستثمارات بما يسهم في زيادة حجم الإيرادات غير النفطية وتعزيز حركة النقل البحري واللوجستي بين ولاية مصيرة والولايات الأخرى، تنشيطًا لحركة السياحة بالولاية وإيجاد بيئة ممكنة وجاذبة للصيادين العُمانيين من حيث توفير المتطلبات اللازمة لعمليات إنزال وتسويق الأسماك والمنتجات الأخرى، إلى جانب صيانة السفن والقوارب.
وقد بلغ إجمالي إنتاج ولاية مصيرة من الأسماك لعام 2023 حوالي 25 ألف طن بقيمة إجمالية بلغت 23.2 مليون ريال عُماني، فيما بلغ عدد الصيادين وفق إحصاءات عام 2023 حوالي 2345 صيادًا ووصل عدد القوارب إلى حوالي 804 قوارب صيد بالإضافة إلى 38 سفينة صيد حرفي.
إقامة مشروع سمكي للروبيان
كما وقّعت الوزارة عقد انتفاع لإقامة مشروع سمكي للروبيان ذي الأرجل البيضاء في ولاية شناص بمحافظة شمال الباطنة مع شركة العنقاء الوطنية على مساحة 15 هكتارًا، ويأتي هذا المشروع ضمن الجهود الوطنية لتعزيز الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل في إطار "رؤية عُمان 2040" الهادفة إلى تعزيز الاستثمارات في القطاعات غير النفطية.
ويهدف المشروع إلى تعزيز الاقتصاد المحلي عبر إيجاد فرص عمل مباشرة للشباب العُماني، بالإضافة إلى توفير فرص العمل غير المباشرة التي ستنتج عن العمليات التشغيلية وسلسلة التوريد، كما سيوفر المشروع بيئة مثالية لنقل المعرفة والتكنولوجيا الحديثة في مجال الاستزراع المائي، مما يعزز كفاءة الموارد البشرية في هذا القطاع الواعد.
ومن المتوقع أن يصل الإنتاج السنوي للمشروع إلى 7500 طن من الروبيان ذي الأرجل البيضاء، مما يجعله واحدًا من أكبر مشاريع الاستزراع السمكي في سلطنة عُمان، كما يبلغ حجم الاستثمار في المشروع 23.5 مليون ريال عُماني، ما يعكس أهميته من الناحية الاقتصادية ودوره في دعم الاقتصاد الوطني وإيجاد فرص استثمارية جديدة.