إدراج مسجد باب السلام بمسقط ضمن قائمة أعظم أماكن العالم لعام 2024
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
العُمانية: أدرجت مجلة "تايم" الأمريكية مسجد باب السلام بمسقط ضمن قائمة أعظم أماكن العالم لعام 2024.
وقالت المجلة إن ناطحات السحاب المتطورة في الشرق الأوسط كانت لسنوات تقف جنبًا إلى جنب مع المساجد الفخمة ذات التصاميم المستوحاة من العمارة الإسلامية الكلاسيكية.
وأوضحت أن في الآونة الأخيرة، ظهرت أشكال جديدة من دور العبادة في مدن خليجية، وغالبًا ما يتم تشييدها بالتصميم القديم ولكن بطرق جديدة وغير متوقعة.
وأشارت إلى أن في العام الماضي، كشفت شركة التصميم العمانية "التقدم" عن مسجد باب السلام في مسقط، الذي يحوي هياكل دائرية ذات اللون الوردي.
وبينت المجلة أن قبة المسجد مكونة من أكثر من 1600 مصباح كريستالي بالإضافة إلى ثُريا فوق قاعة الصلاة الرئيسة.
ووصفت المجلة المسجد بأعجوبة مينيمالية يغمرها الضوء الطبيعي"، وهو بحد ذاته تحفة معمارية تُعتبر من الأماكن التي يجب زيارتها في محافظة مسقط.
في السياق ذاته قال عبدالرحيم بن إبراهيم الكندي، مدير البحوث والمبادرات الثقافية، بـ"مكتب التقدم"، المنفذ لمشروع مسجد باب السلام الذي تم بناؤه بدعم من مؤسسة الجسر الخيرية: إن الرؤية الهندسية المعمارية التي أسست لوجود المسجد، مبنية على البحوث والتجارب؛ لذلك قمنا بعمل بحوث في تاريخ المساجد مع العمل على دراسات تحليلية للأنماط والمكونات الخاصة به، وربطها بالتوجهات المعمارية المتعلقة به أيضا، مع تتبع نتائج تلك الدراسات، من بينها المحراب في بداية الإسلام بمجرد طلاء بسيط ليرشد الناس إلى القبلة، وتغيره مع مرور السنين ليصبح بالشكل المعروف حاليا.
وأضاف: أردنا أن نطرح فكرة المحراب بطريقة مبتكرة بحيث يوازي المحاريب المشهورة في سلطنة عُمان، وهذا ما تتبعنا أثره في محراب مسجد العوينة الموجود في المتحف الوطني.
وعن المؤهلات غير الاعتيادية التي أهلت مسجد باب السلام في سلطنة عُمان ليكون مدرجا ضمن قائمة أعظم أماكن العالم لعام 2024، يشير الكندي إلى أن تركيزنا جاء على تجربة (المُصلي) ليدخل في تجربة روحية تعززها عناصر التصميم منذ رؤية منارة المسجد، التي تضم مصلى النساء بداخلها، مرورا بالبستان الذي توجد به مسطحات مائية لتأخذ المصلين من ضوضاء المدينة، دخولا إلى قاعة الصلاة التي تتسم بتصميم يوحي بالشعور بالسكينة، دون زخارف مشتتة لتجعل المصلي في حالة من السكينة في العبادة.
وأضاف: إنه رُوعي في تصميم المسجد جانب الاستدامة البيئية عبر الاستفادة من العناصر الطبيعية من خلال دراسة حركة الرياح والشمس، حيث تم تقديم تصميم للتقليل من استهلاك الكهرباء ليصبح صديقًا للبيئة.
وقال مروان بن عبدالملك البلوشي مدير قسم التصميم بالمشروع: إنه في جانب التقليل من استهلاك الكهرباء والاستفادة من الضوء الطبيعي، تم عمل فتحات لدخول الضوء الكافي في المسجد حيث تم دراستها في أوقات وجود الشمس، وفي الوقت نفسه تقلل من دخول الأشعة المباشرة وبالتالي تقليل استخدام أجهزة التكييف، كما أن المحراب عبارة عن فتحة بسيطة في الجدار تسمح بدخول نور خفيف وتعطي تصميما يرشد الناس إلى التفكير الروحي.
وحول تفرد مسجد باب السلام عن غيره من المساجد، وجعله أيقونة معمارية، أشار إلى أنه تم إخفاء رفوف المصاحف في الجدران حتى لا تشتت المصلين وقت العبادة، كما أنّ السجادة صنعت خصيصا بدون نقوش وبطريقة متدرجة توضح خطوط صفوف المصلين، أما مصلى النساء فجاء بطريقة فريدة يُعطي المصليات تجربة روحية جديدة بها مساحة عمودية.
وأضاف إن تصميم المسجد الذي جاء بشكل دائري أعطى نتيجة مستدامة للصوت، الذي قلل توسع صداه، مع عدم الحاجة لاستهلاك مكبرات الصوت بشكل كبير، وكإضافة لاستغلال الموارد الطبيعية تم عمل كراسي الوضوء المصنوعة من أحجار الرخام عُماني، بالتعاون مع نحاتين عمانيين.
وتعد مجلة "تايم" التي تصدر بشكل أسبوعي، واحدة من أقدم المجلات الأمريكية حيث صدر العدد الأول منها في عام 1923 من قبل هنري لوس وبيرتون هادن.
وتحوي المجلة، التي يقع مقرها في مدينة نيويورك، نسخة أوروبية تغطي كلا من منطقة الشرق الأوسط وقارتي إفريقيا وأمريكا اللاتينية. كما يوجد لها نسخة آسيوية ونسخة كندية.
وتصدر مجلة تايم قائمة عن "أعظم الأماكن في العالم" بناءً على ترشيحات شبكتها من المحررين والمراسلين.
يذكر أنّ مكتب التقدم هو مكتب تصميم معماري وداخلي بدأ في عام ٢٠٠٧، وبفريق عُماني كامل، ويختص بجميع نواحي التصميم من المعمار الداخلي إلى تصميم الأثاث بالإضافة إلى كل ما يخص عالم التصميم، وكذلك يقوم بعمل بحوث ودراسات معمارية وفي مجال التصميم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بعيون أهلها.. الجزيرة نت تجول في قرطبة
قرطبة– ليس أمرا مألوفا، إنه صوت الأذان يرتفع بصوت خافت خجول وسط مدينة قرطبة، رغم صخب المطاعم والأسواق وأفواج السائحين، الذين اعتادوا الوقوف في هذا الزقاق القديم الضيق ضمن جولاتهم السياحية، ليستمعوا لهذا الصوت الذي يبدو بالنسبة لهم غير مألوف في هذه المدينة الأندلسية القديمة، ويقرؤوا لافتة مكتوبا عليها باللغة الإسبانية ثم العربية فالإنجليزية: هنا "المسجد الأندلسي.. النور الذي لم يغادر أبدا".
ليس المقصود هنا مسجد قرطبة الكبير، الشهير بأعمدته وأقواسه الحمراء والبيضاء، والذي تم تحويل جزء كبير منه إلى كاتدرائية كاثوليكية، وبات اليوم كما في الماضي، واحدا من أبرز معالم قرطبة الأندلسية، بل هذا مسجد صغير يحاول إيصال صوت الأذان لجاره الكبير الذي تمنع الصلاة فيه اليوم.
زارت الجزيرة نت "مسجد الأندلسيين"، ورغم أنه الأقرب لجامع قرطبة، والأكبر في المدينة حاليا، فإنه لا يتسع لأكثر من 60 شخصا، بينما لم يتجاوز عدد المصلين فيه في يوم الجمعة 10 أشخاص فقط، بمن فيهم خطيب المسجد الذي خطب الخطبة الأولى باللغة العربية لكن بصعوبة بالغة، ثم أتبعها بالخطبة الثانية باللغة الإسبانية مترجما ما قاله في الأولى.
وبعد انتهاء الصلاة، كان لافتًا وجود شيخ كبير في السن ذي لحية بيضاء خفيفة في الصف الأول، يظهر عليه الوقار والخشوع، وبعد سؤاله عن هويته، أفصح أنه قرطبي من هذه المدينة، يدير شؤون المسجد، واسمه عبد الرحمن حافظ، وهو الاسم الذي اختاره لنفسه بعد أن اعتنق الإسلام متأثرا برؤيا سمع فيها خطابا مباشرا يدعوه لأن يسلم.
عرض حافظ للجزيرة نت تاريخ هذا المسجد، لكنه لم يكتف بذلك، فتوسع بالحديث عن تاريخ القرطبيين المسلمين في المدينة، وعن معالم إسلامية خفية فيها، نعرضها في هذا التقرير.
يقول حافظ للجزيرة نت، إن القرطبيين المسلمين عثروا على موقع هذا المسجد بالصدفة في ثمانينيات القرن الماضي، على بعد 50 مترا من مسجد قرطبة الكبير، حيث سبق أن تم تحويله إلى منزل، فقاموا بشرائه، ثم بدأت عملية إعادة ترميمه، ومع دراسة حجارته، تبين لهم أنه مسجد يعود للقرن العاشر الميلادي، أي أنه بني بعد 200 سنة تقريبا من دخول المسلمين لقرطبة في عام 711.
إعلانانتهت عمليات البناء والترميم في عام 1995، ليكون أول مسجد يرفع فيه الأذان وتقام الصلاة في قرطبة في العصر الحديث، يقول حافظ "نحن لا نؤمن بالصدفة، الله أراد أن نعثر على هذا المكان وأن نستعيده كمسجد" وأضاف "هذا المسجد الصغير يمثل قيمة رمزية كبيرة لنا كأبناء هذه المدينة".
يقارب عدد المسلمين الإسبان في قرطبة اليوم حوالي ألف شخص، ويضاف لهم حوالي 12 ألف مسلم من جنسيات أخرى، وهنا يتساءل حافظ "لماذا لا يوجد مسجد كبير في قرطبة يستوعب هذا العدد؟"، موضحا أن عدد المساجد في قرطبة لا يتجاوز 5 فقط، ويعد هذا المسجد الأكبر حجما بينها.
وعن وضع المسلمين في المدينة اليوم، يقول حافظ "نحن نشعر بالتمييز ضدنا" موضحا أن البلدية لا تسمح لهم بالحصول على قطعة أرض يبنون عليها مسجدا، رغم أنهم قرطبيون من أبناء هذه المدينة أبا عن جد -كما يقول- ويضيف "هذه مدينة جميلة ومميزة، كانت حاضرة الإسلام وعاصمة الأندلس في السابق، وهي تنتمي للإسلام بشكل طبيعي".
وبكثير من الحنين الممزوج بالتفاؤل، يتحدث حافظ عن مدينته قرطبة التي كانت في أحد الأيام أكبر مدينة في العالم الإسلامي، بعدد مسلمين يتجاوز 1.5 مليون، كما اشتهر عنها أنها مدينة الـ1400 مسجد، ويقول إنه يسعى لتحقيق هدف أن يجتمع آلاف المسلمين لصلاة الجمعة بحرية يوما ما في قرطبة.
وعن أبرز ما يحتاجه المسلمون اليوم في قرطبة، يقول حافظ إنهم يفتقرون إلى مسجد كبير يستوعب عددهم ويتمكنون من الصلاة فيه، ومدرسة يستطيعون فيها تعليم الدين الإسلامي.
قرر حافظ اصطحاب الجزيرة نت في جولة بمدينة قرطبة، بين أزقتها ومعالمها الإسلامية القديمة التي لا يعرفها كثير من الناس، أو كما قال، "سأريكم قرطبة بأعيني أنا"، قاصدا بعيون ابن المدينة القرطبي، في جولة سريعة بين أزقتها المحيطة بالمسجد الكبير.
إعلانفعلى مقربة من المسجد، يبرز مبنى كبير، يتبع حاليا لكلية الفلسفة في جامعة قرطبة، لكن هذا المبنى بني على أنقاض مستشفى أو "بيمارستان" أندلسي قديم، حيث أجرى فيه ابن رشد عملية جراحية للقلب، وأمام مدخل المستشفى، وُضع تمثال لمحمد الغافقي، أحد أشهر العلماء الأندلسيين في مجال طب العيون، وصاحب اختراع النظارة الطبية، ومؤلف كتاب "المرشد في الكحل".
وبالعودة باتجاه مسجد قرطبة الكبير، مررنا بمنزل الموسيقار زرياب، الذي استقبلته قرطبة بعد نفيه من بغداد، ودفن فيها، وعلى مقربة منه منزل ابن رشد، الفيلسوف والقاضي والطبيب الأندلسي الشهير، حيث حظي بفرصة السكن مقابل الباب الرئيسي لمسجد قرطبة تماما، إلى جانب قصر الخلفاء.
أما قصر الخلافة الذي يقع على الجانب الغربي لمسجد قرطبة الكبير، والذي كان يسكنه قرابة 25 ألف شخص في فترة ازدهار المدينة -كما يقول عبد الرحمن حافظ-، أي أنه كان أكبر من قصر الحمراء في غرناطة، لكن معظم معالمه اختفت، وبقيت قاعة العرش وقاعات الاستقبال الرسمية، وحديقة داخلية فاخرة باقية حتى اليوم.
وعلى المقابل في الجهة الشرقية للمسجد الكبير، يشير حافظ إلى باب أحد الفنادق، موضحا بأنه كان مدخل السوق القديم للمدينة المسمى بـ"القيصرية"، وهو سوق مسقوف ذو فناء داخلي محاط بـ8 أبواب.
وعلى مقربة من أحد أبواب السوق، يشير حافظ إلى مدخل فندق يتميز بتصميم أندلسي جميل مستوحى من أعمدة مسجد قرطبة الكبير، ويقول للجزيرة نت "هذا مدخل أول جامعة في العالم، جامعة قرطبة" ثم أكمل المسير حول محيطها، وهو يقول "هنا كان يدّرس الفقه المالكي".
وبعد إكمال نصف دورة حول "الجامعة"، يبرز مبنى كبير مهمل بابه مغلق بالسلاسل، يقول حافظ "هذا مدخل مسجد القضاة، حيث كان يطبق العدل والفصل في القضايا"، ويضيف "لم يكن مجرد مسجد، لقد كان محكمة أيضا".
إعلان