عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة بعنوان "صحفيو الجبهة الأمامية: الواقع المميت للصحفيين في غزة وسط الإبادة الجماعية"، حول الأوضاع الكارثية التي يواجهها الصحفيون حاليًا في فلسطين عامة وغزة حاليًا في ظل الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 9 أشهر.

ضمت الندوة، التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي، نخبة من الخبراء الدوليين في مجالات الصحافة والنشاط الحقوقي والأوساط الأكاديمية لتسليط الضوء على المخاطر الشديدة التي يواجهها الصحفيون والمدنيون في غزة والضفة الغربية، وهم د.

نوا شاينديلنجر ـ  أستاذة تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ولاية ورشيستر، وبيل لو ـ محرر مجلة عرب دايجست، وإيدان وايت ـ مؤسس شبكة الصحافة الأخلاقية، كما شارك في الندوة أربعة من النشطاء الدوليين المتواجدين حاليًا في فلسطين، شاركوا تجربتهم من أرض الواقع ونقلوا تفاصيل العنف الذي تعرضوا له على يد المستوطنين والجنود الإسرائيليين.

افتتح بيل لو، رئيس تحرير مجلة عرب دايجست، كلمته بالحديث عن المخاطر المتصاعدة التي يواجهها الصحفيون في المنطقة بشكل عام، وفلسطين بشكل خاص، لافتًا إلى الإحصائية الصادمة التي كشفت مقتل نحو 170 صحفيًا على يد القوات الإسرائيلية خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، مشيرًا إلى أنه رقم غير مسبوق في أي من الصراعات والحروب على مدار السنوات.

كما أشار لو إلى اغتيال شيرين أبو عاقلة، الصحفية الفلسطينية/الأمريكية البارزة ومراسلة قناة الجزيرة، برصاص قناص إسرائيلي قبل أكثر من عامين، منتقدًا استخفاف السلطات الإسرائيلية بهذا القتل المتعمد باعتباره خطأ فردي، لافتًا أن ما حدث لشيرين وما يحدث حاليًا للصحفيين في غزة هو ممارسة متعمدة ومنهجية من قبل الاحتلال الإسرائيلي هدفها الأساسي تدمير ومحو كل السجلات والوثائق والفيديوهات التي تدين الإسرائيليين وتثبت ارتكابهم إبادة جماعية في فلسطين.

في ذات السياق شدد لو على أهمية الحفاظ على هذه الوثائق، مشيدًا بشجاعة الصحفيين الذين يواصلون توثيق الفظائع على الرغم من المخاطر. ودعا إلى إنشاء أرشيفات غير قابلة للتدمير لتقديمها أمام المحاكم الدولية والرأي العام لمحاسبة المتورطين في هذه الجريمة خاصة في ظل النفوذ القوي للوبي الإسرائيلي، وخاصة في المملكة المتحدة، حيث تستمر الحكومة الجديدة في دعم نتنياهو. وسلط لو الضوء على التحولات السياسية الأخيرة في المملكة المتحدة، حيث أدت الأصوات المؤيدة للفلسطينيين إلى نتائج انتخابية مهمة، مما أعطى بصيص أمل.

وفي ختام كلمته، أعرب لو عن إعجابه بشجاعة الصحفيين الميدانيين ودعا إلى الاستمرار في توثيق الجرائم، كما شدد على أهمية الدور الحاسم لحملات التضامن الدولية في توثيق الإبادة الجماعية المستمرة وضمان إيصال أصوات الضحايا للعالم.

في بداية مساهمتها، لفتت الدكتورة نوا شيندلينجر الانتباه إلى القضبان الموجودة على النوافذ في المنازل الفلسطينية، لافتة أنها وسيلة دفاع ضد هجمات المستوطنين التي تطال الفلسطينيين حتى داخل منازلهم وليس فقط أثناء تواجدهم في الشوارع.

ووجهت نقدًا لاذعًا للكونغرس الأمريكي لترحيبه بنتنياهو على الرغم من اتهاماته بارتكاب جرائم حرب، مسلطة الضوء على قمع حقوق التعديل الأول في الولايات المتحدة، واستهداف الناشطين المؤيدين لفلسطين في الأوساط الأكاديمية.

وأشارت شيندلينجر إلى التغطية الإعلامية المتحيزة للإبادة الجماعية في غزة وتجاهل الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلوا.

وجهت الدكتورة نوا شيندلينجر نقدًا لاذعًا للكونغرس الأمريكي لترحيبه بنتنياهو على الرغم من اتهاماته بارتكاب جرائم حرب، مسلطة الضوء على قمع حقوق التعديل الأول في الولايات المتحدة، واستهداف الناشطين المؤيدين لفلسطين في الأوساط الأكاديمية.

وأكدت شيندلينجر على الفجوة بين الرأي العام، حيث عارض أغلب الأميركيين شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، وأفعال الحكومة الأميركية. وأكدت شيندلينجر على أهمية النشاط الشعبي ودور النشطاء الشباب في الضفة الغربية وفي كل مكان حول العالم لرفع أصوات الضحايا الفلسطينيين، كما دعت إلى مساءلة الجناة الإسرائيليين معربة عن أملها في أن يؤدي اتساع رقعة المعارضة العامة إلى تغييرات كبيرة.

واختتمت شيندلينجر كلمتها بالإشادة بشجاعة النشطاء الشباب وتسليط الضوء على الدور الحاسم للحركات الشعبية في دفع التغيير، ودعت إلى مواصلة الجهود لرفع الوعي والضغط على الحكومات لدعم القانون الدولي وحقوق الإنسان.

في كلمته، أكد إيدان وايت، مؤسس ورئيس شبكة الصحافة الأخلاقية، على الحاجة الماسة لتفعيل القانون الإنساني الدولي ودعم الصحفيين في غزة والشرق الأوسط. وسلط الضوء على الخسائر البشرية الفادحة التي بلغت نحو 40 ألف قتيل، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، والقتل غير المسبوق لنحو 150-160 صحفياً في الحرب الحالية. وأدان وايت ممارسات إسرائيل الدموية، والتي قوضت الحماية القانونية الدولية والديمقراطية، داعياً إلى توفير حماية أقوى للصحفيين وإنفاذ القوانين الدولية.

وأشاد وايت بدول مثل جنوب أفريقيا والنرويج وإسبانيا وأيرلندا لاتخاذها موقفًا ضد تصرفات إسرائيل، لكنه أصر على الحاجة إلى المزيد من العمل العالمي. وشدد على أهمية دعم وسائل الإعلام المستقلة وضمان سلامة الصحفيين، حيث تعد حقوق الإنسان والصحافة المستقلة ركائز أساسية للديمقراطية.

واختتم وايت كلمته مؤكدًا على الترابط المتبادل بين حقوق الإنسان والصحافة المستقلة، مؤكدًا أن كليهما أمران حاسمان لبقاء الديمقراطية، ودعا إلى تقديم الدعم الفوري والمستدام للصحفيين على الأرض وشدد على أهمية محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي.

شارك في الندوة كذلك أربعة من النشطاء الحقوقيين الدوليين الذين سافروا إلى الضفة الغربية لمناصرة الفلسطينيين وتوثيق الجرائم والفظائع التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين، كما نقلوا شهاداتهم حول تعرضهم للضرب والاعتداءات على يد هؤلاء المتطرفين الإسرائيليين.

في مداخلته، روى الناشط الحقوقي ديفيد هامل حادثة مروعة وقعت في قرية قصرة، حيث رافق هو ونشطاء دوليون آخرون مزارعاً فلسطينياً إلى حقوله التي يزرع فيها الزيتون، والتي كانت مغلقة منذ أكتوبر/تشرين الأول. وروى هامل أن المجموعة تعرضت لهجوم بشع من قبل مستوطنين إسرائيليين من إحدى المستوطنات غير القانونية حيث اعتدوا عليهم بالعصي الخشبية والقضبان المعدنية والأحجار، مما أسفر عن إصابات متعددة. وشرح هامل بالتفصيل اعتداءات المستوطنين والمواجهة اللاحقة مع الجيش الإسرائيلي، الذي أطلق الذخيرة الحية على الفلسطينيين المحليين وتجاهل استغاثات النشطاء للتدخل.

أكد إيدان وايت، مؤسس ورئيس شبكة الصحافة الأخلاقية، على الحاجة الماسة لتفعيل القانون الإنساني الدولي ودعم الصحفيين في غزة والشرق الأوسط. وسلط الضوء على الخسائر البشرية الفادحة التي بلغت نحو 40 ألف قتيل، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، والقتل غير المسبوق لنحو 150-160 صحفياً في الحرب الحالية.من ناحية أخرى سلط هامل الضوء على الخطر المستمر الذي يواجهه الفلسطينيون يومياً، والذي هو أسوأ بكثير من العنف الذي تعرض له هو وزملائه من النشطاء الدوليين. كما أكد هامل أن الجيش الإسرائيلي متواطؤ بصورة مباشرة في عنف المستوطنين والقمع المنهجي الذي تفرضه سلطات الاحتلال على الفلسطينيين.

وفي ختام كلمته، أكد هامل على أهمية التضامن الدولي والحاجة إلى توثيق مستمر لهذه الفظائع، ودعا إلى مزيد من الوعي والتحرك من جانب المجتمع الدولي لدعم الفلسطينيين ومحاسبة إسرائيل على جرائمها التي ترتكبها بأريحية لتمتعها بإفلات تام من العقاب.

تحدثت كذلك الناشطة جيدا سباركس عن تجربتها الشخصية في الضفة الغربية حيث تعرضت للعنف على يد المستوطنين، لافتة إلى حجم الترهيب الذي يواجهه المزارعون الفلسطينيون. ووصفت كيف يقوم المستوطنون بشكل متكرر باقتلاع أشجار الزيتون القديمة من المزارع والحقول الفلسطينية وإعادة زراعتها في المستوطنات غير القانونية، مشيرة إلى أن ذلك يعتبر نوع من أنواع سرقة التراث الفلسطيني. وروت سباركس واقعة مؤلمة حيث رافقت هي ونشطاء آخرون امرأة فلسطينية إلى مزرعتها، لتجد تلك المرأة النباتات التي كانت تعتني بها لأكثر من 50 سنة محترقة، ما تسبب في انهيار هذه المرأة خاصة مع عدم وجود أي سبيل لمحاسبة الجناة.

كما تحدثت سباركس عن واقعة أخرى حيث هاجم المستوطنون مجموعتها بقضبان معدنية وهراوات خشبية، وتم دفعها من أعلى تل، وأصيبت بجروح أثناء محاولتها حماية نفسها. ووصفت كيف استهدف المستوطنون الجميع دون تمييز، بما في ذلك النساء والأمهات، وكيف أدى الجيش الإسرائيلي إلى تفاقم الوضع بتوجيه البنادق إلى الفلسطينيين وإطلاق الذخيرة الحية. كما تحدثت سباركس عن المضايقات اليومية والحرب النفسية التي يواجهها الفلسطينيون، بما في ذلك الأطفال الذين غالبًا ما يتم استهدافهم بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت حتى داخل مدارسهم.

وفي ختام كلمتها، دعت سباركس إلى مزيد من التضامن الدولي والعمل لدعم الفلسطينيين، مؤكدة على أهمية توثيق هذه الفظائع، كما حثت المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات لمحاسبة إسرائيل على أفعالها.

انضمت للندوة كذلك الناشطة الأمريكية ليزا أديكاري، والتي قدمت شهادتها من بيت لحم، حيث تحدثت عن العنف الذي تعرضت له على يد المستوطنين الإسرائيليين، وسلطت الضوء على الصدمات النفسية التي يعاني منها الأطفال الفلسطينيون بسبب الوحشية التي يتعرضون إليها من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين المتطرفين.

ووصفت أديكاري كيف يخاف الأطفال من اللعب في الساحات بسبب التهديدات التي يتلقونها من الجنود بإطلاق الرصاص الحي عليهم. ووصفت أديكاري السيطرة المرعبة التي يتمتع بها جيش الاحتلال الإسرائيلي على القرى الفلسطينية، حيث يتم إغلاق البوابات، وعزل البلدات عن بعضها، وروت أديكاري كذلك كيف هدد مستوطن مجموعة من الأطفال الصغار أثناء توجههم إلى حفل زفاف، فأوقف سيارته وأخبرهم أنه سيقتلهم.

في ذات السياق عقدت أديكاري مقارنة بين التعايش الديني في فلسطين، وبين استخدام الدين كسلاح السياسة الأميركية لنشر أجندات خبيثة. وأدانت أديكاري تواطؤ الحكومة الأميركية في الإبادة الجماعية وأعربت عن امتنانها لكرم الضيافة الذي أظهره الشعب الفلسطيني.

كما شاركت ليزا أديكاري تجربتها الشخصية حول تعرضها للعنف من جانب المستوطنين الإسرائيليين، والتي تسببت بإصابتها بكدمات شديدة وسحجات على ذراعها.

انضمت للندوة كذلك الناشطة الأمريكية ليزا أديكاري، والتي قدمت شهادتها من بيت لحم، حيث تحدثت عن العنف الذي تعرضت له على يد المستوطنين الإسرائيليين، وسلطت الضوء على الصدمات النفسية التي يعاني منها الأطفال الفلسطينيون بسبب الوحشية التي يتعرضون إليها من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين المتطرفين.واختتمت أديكاري حديثها بمشاركة ارتباطها العاطفي العميق بشعب فلسطين، داعية إلى استمرار الدعم الدولي والعمل على معالجة الإبادة الجماعية المستمرة ودعم حقوق الإنسان والعدالة.

وروت فيفي تشين تجربتها في الضفة الغربية وتعرضها للضرب على يد المستوطنين، حيث تحدثت عن قيام صبية مستوطنون مسلحون بالهراوات والقضبان المعدنية بالاعتداء على مجموعة من الناشطين الدوليين، معظمهم من النساء. كما أصيبت تشين نفسها بجروح خطيرة، مع تورم شديد في ذراعيها نتيجة هذه الهجمات، وسلطت الضوء على محاولات المستوطنين المتعمدة لتجنب تصويرهم وإفلاتهم من العقاب بدعم من الجيش الإسرائيلي.

كما تحدثت تشين هجوم المستوطنين غير المبرر على المزارعين الفلسطينيين أثناء تواجدهم في حقولهم للزراعة. وروت بالتفصيل كيف وصل المستوطنون في سيارة جيب، وحاصروا المجموعة، ثم شنوا هجومًا عنيفًا على المزارعين وعلى بقية النشطاء الدوليين الذين كانوا هناك.

وانتقدت تشين ديناميكيات القوة غير المتكافئة، حيث هاجم المستوطنون المزارعين الفلسطينيين العزل بينما أدى الجيش الإسرائيلي إلى تفاقم الوضع بوصوله مع المستوطن الرئيسي وتوجيه البنادق نحو الفلسطينيين، وأضافت أن الجيش الإسرائيلي وجه إليهم أفظع الألفاظ، وتجاهل توسلاتهم للمساعدة، وعاملهم كمجرمين على الرغم من نواياهم السلمية.

وأدانت تشين تصوير الوضع على أنه حرب متساوية، مؤكدة أن ما يحدث هو عنف من طرف واحد، والضحية هنا هو الشعب الفلسطيني.

وفي الختام، دعت تشين إلى مزيد من الوعي والتحرك من جانب المجتمع الدولي لدعم الفلسطينيين ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، وأكدت على أهمية التوثيق المستمر والإبلاغ لضمان قول الحقيقة وتحقيق العدالة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير غزة فلسطين الاحتلال حرب احتلال فلسطين غزة حرب إعلاميون تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على ید المستوطنین الإبادة الجماعیة الجیش الإسرائیلی الضفة الغربیة التی یواجهها حقوق الإنسان على الرغم من إسرائیل على العنف الذی بما فی ذلک فی فلسطین على أهمیة الضوء على ودعا إلى فی غزة حالی ا من قبل

إقرأ أيضاً:

الخطة الصهيونية المُعلنة لإبادة غزة أمام القضاء الدولي

 

 

 

د. عبدالله الأشعل **

الإرهاب الأمريكي جعل الدول الأعضاء في محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية تتردد في مواصلة المعركة القانونية ومحاربة الإفلات من العقاب الذي قررته واشنطن ونفذته إسرائيل؛ حيث إن واشنطن شريك كامل لإسرائيل في أعمال الإبادة، وتمد إسرائيل بالسلاح الفعَّال في إبادة الشعب الفلسطيني، وتُغطِّي جرائم إسرائيل دبلوماسيًا وتشجعها على ارتكاب الجرائم، كما تمد إسرائيل بالمال، والأهم من ذلك أنها تُلجِم المنظمات الدولية الإنسانية ومُنظمات حقوق الإنسان، وقد فرض الكونجرس عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لأنها تحدت إسرائيل وأمريكا وأصدرت أوامر الاعتقال لرئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق المُقال.

والطريف أن محكمة العدل الدولية لا تزال تبحث عن أدلة تثبت أن إسرائيل تتعمد الإبادة. ولعلم المحكمة أن الخطة الأمريكية التي تنفذها إسرائيل تحت حراسة أمريكا وتدخلها المباشر تتكون من خمسة عناصر.

وتقضي خطة الإبادة الإجرامية إلى ارتكاب الجرائم الآتية:

1-    العودة إلى الإبادة انتهاكًا لاتفاق وقف إطلاق النار.

2-    تشديد الحصار على القطاع واستخدام التجويع سلاحًا للإبادة.

3-    القضاء على المقاومة ونزع سلاحها ومغادرة غزة لتأمين جرائم إسرائيل.

4-    تكثيف الهجمات الجوية على المخيمات وسط خرائب غزة في الإغلاق والحصار؛ وذلك انتقاما من سكان غزة على تحديهم ترامب ورفض التهجير القسري.

ترامب يرى أن من يخاف من الإبادة المباشرة عليه أن يرحل إلى خارج غزة وإفراغ فلسطين من أهلها، بحيث يمكن للصهاينة أن يحلوا محلهم تحت ستار "لحين إعمار غزة". ويرى ترامب أن نزوح الأهالي في هذه الحالة هو فرار من الموت، وهي هجرة وليس تهجيرًا، علمًا بأنَّ إجبار السكان على النزوح هو تهجير قسري.

صحيحٌ أن التهجير القسري معناه تجميع السكان رغمًا عنهم وشحنهم إلى الخارج دون عودة، وإرغام للسكان عن طريق الإبادة ودفعهم إلى الفرار من الموت. ويرى ترامب أنها هجرة طوعية وهذا وَهْمٌ كبير. وهكذا قررت واشنطن أن فلسطين ملك كلها للصوص الصهاينة يتقدمهم ترامب. ويريد ترامب تأمين إسرائيل في فلسطين فلا تؤرقها مقاومة أو سيف القانون الدولي وسط بيئة عربية وإسلامية ساكنة، مع إفلات إسرائيل وأمريكا من العقاب وإهدار هيبة القانون الدولي. وأخيرًا الجريمة المُركَّبة وهي القضاء على المقاومة وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه: الحق في مقاومة الاحتلال والإبادة والطرد من الوطن، وحق العودة، إضافة إلى الحقوق السياسية، وأهمها احترام سيادة الدولة الفلسطينية والانسحاب من أراضيها.

فكيف تعلن أمريكا وإسرائيل علناً خطة الإبادة بقصد التهجير ولم يتحرك أحد في الوسط العربي والإسلامي والدولي، وماذا ينتظرون بعد حصد الإبادة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، إضافة إلى اغتيال قيادات المقاومة وترديد الأكاذيب الصهيونية وهي أن إسرائيل تقوم بالإبادة لأن المقاومة تهدف إلى القضاء على إسرائيل، لكن الحقيقة أن الإبادة انتقام من أهل غزة عقابًا لهم على تمسكهم بالأرض وعدم تحميل المقاومة مأساتهم. وأهم الأكاذيب أن حركة حماس هي التي جلبت الانتقام الصهيوني بهجومها يوم 7 أكتوبر 2023، كما لو كان إسرائيل قبلها حملًا وديعًا ولم تتحد الأمم المتحدة وتنسحب من أراضي الدولة الفلسطينية؛ بل وأخذ المقاومة معها خلال الهجوم رهائن من المدنيين والعسكريين أسرى.

وردًا على كذبة إسرائيل الكبرى أن هجمة حماس على إسرائيل 7 أكتوبر 2023 هي عدوان على إسرائيل استوجب انتقام إسرائيل من العرق الفلسطيني بسبب عملية المقاومة. وقد تطاول نتنياهو على المحكمة العالمية التي قررت أن إسرائيل دولة محتلة بأن فلسطين كلها ملك لإسرائيل وأن القانون الإسرائيلي يحظر إقامة دولة فلسطينية في فلسطين، لأنَّ إسرائيل تستحوذ على كل فلسطين.

ولم يقل لنا نتنياهو منذ متى فلسطين ملكاً لإسرائيل وليس دولة محتلة، هل بعد السابع من أكتوبر 2023 فقط؟

وسبق للمحكمة أن قررت أن علاقة إسرائيل بفلسطين أنها سلطة احتلال، وقررت ذلك في الرأي الاستشاري في قضية الجدار العازل عام 2004، ومن قبله، قرار مجلس الأمن 242/ 1967.

وفي الملاحظات الآتية نردُ على الفرية الصهيونية حول السابع من أكتوبر:

أولًا: أن إسرائيل منذ القرن التاسع عشر حتى قبل قيام إسرائيل كانت تجسيدا للمشروع الصهيوني وخدعت العالم كله.

ويقضى المشروع الصهيوني بالانفراد بفلسطين كلها ولذلك رفضت إسرائيل قرار تقسيم فلسطين وعندما رفضه العرب اتهمتهم بأنهم لا يريدون السلام. والسلام عند إسرائيل يعنى الاستسلام لمخططها وإفراغ فلسطين من أهلها، فضلًا عن التمسح باليهودية واسرائيل في الواقع سكانها هم أنصار المشروع الصهيوني فليسوا مدنيين. والحق أن مقاومة الفلسطينيين بدأت منذ وصول الهجرات الأولى للمستعمرين الصهاينة، حتى نجحت المؤامرة وقامت إسرائيل كراس حربة لتنفيذ المشروع،

ثانيًا: أن سلوك إسرائيل منذ قيامها هو الإرهاب والمذابح وطرد السكان أصحاب الأرض. ولم تتوقف المذابح والابعاد وحصار غزة يومًا ولذلك فإن عملية أكتوبر كشفت إسرائيل وبدا سلوكها الإجرامي بعدها صريحًا.

ثالثًا: أن المقاومة مشروعة مادام الاحتلال مستمرًا؛ فالاحتلال عدوان دائم خاصة أن المشروع الصهيوني يقضى بإبادة أهل فلسطين ثم جلب صهاينة العالم تحت ستار حق العودة المزعوم. وقد فشلت كل محاولات المجتمع الدولي والقضاء الدولي في ردع إسرائيل ومكنتها واشنطن من إهدار هيبة القانون الدولي والتباهي بجرائمها.

رابعًا: يُباح للمقاومة استخدام أي سلاح كما يُباح لها أخذ الرهائن قدر المُستطاع بموجب اتفاقية نيويورك 1979 خاصة المادة 12، كما إن أخذ الرهائن مشروع وله دافع أخلاقي وهو إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين المحكوم عليهم بالسجن والإعدام، علمًا بأن القضاء الإسرائيلي ليس له سلطة محاكمتهم أو تطبيق القانون الإسرائيلي عليهم. وقد قارنتُ في مقال سابق بين السلوك الحضاري للمقاومة والسلوك البربري لإسرائيل في السجون الصهيونية.

وهذا الواقع الصحيح يفهمه العالم لأول مرة ويمثل مسمارًا في نعش إسرائيل التي أُصيبت بحالة من الهياج الناجم عن استشعار الخطر بالنهاية للظاهرة الإسرائيلية؛ فسلوك إسرائيل الهمجي هو تنفيذ للمشروع الصهيوني ولا علاقة له بهجوم حماس، لكن هذا الهجوم كشف الجيش الذي لا يُهزم وعوار الأجهزة الأمنية التي تدَّعي الكمال.

** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • كيف يستخدم الاحتلال الإسرائيلي المحرقة لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة؟
  • الإبادة الجماعية مستمرة.. 53 ألف شهيد و118 ألف جريح في غزة
  • ارتفاع عدد ضحايا الإبادة الجماعية في غزة
  • بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي.. قطعان المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • الأمم المتحدة تحذر: العديد من الفلسطينيين قد يموتون جراء الحصار الإسرائيلي
  • هآرتس: التحريض على إبادة الفلسطينيين سائد في إسرائيل
  • الخطة الصهيونية المُعلنة لإبادة غزة أمام القضاء الدولي
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 51,495 شهيدًا
  • وقفة بألمانيا للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة