يرى المفكر السوري عبد الكريم بكار أن "أمتنا إذا أرادت أن تسترجع كرامتها المهدورة، وتحافظ على حقوقها ومصالحها، فإن عليها أن تبذل جهودا كبيرة على صعيد التحرر الوطني من استعباد القوى النافذة التي نهبت البلاد وأذلت العباد".

ويعتبر المؤلف والأكاديمي البارز -الذي أثرى المكتبة العلمية والفكرية والتربوية العربية والإسلامية بأكثر من 40 مؤلفا- أن الطريق إلى ذلك شاق وطويل، ولكن ليس أمامنا الكثير من الخيارات.

ويقول إن "طوفان الأقصى" والحرب على غزة ألقيا في روع الجيل الجديد أن تحرير الأرض الفلسطينية ممكن، وأن هزيمة إسرائيل وتفكيكها ليس من المستحيلات، بل هو من الممكن القريب.

ودعا بكار -في حواره مع الجزيرة نت- لإحياء ثقافة الوقف والتطوع لدى المسلمين، وبناء مؤسسات حقوق الإنسان ورفع مستوى الوعي الحضاري والتعليم، والتدريب على مهن جديدة لكسب الرزق كما يدعو لحشد كل الجهود والطاقات لمساعدة المقاومة الفلسطينية على الصمود وتقديم المعونات التي تخفف من آثار الحرب على سكان غزة، وإلى الحوار:

ما التأثيرات العميقة التي ستترسخ لدى جيل طوفان الأقصى فلسطينيا وعربيا وغربيا في ظل ما يشاهده من الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في الحرب على غزة؟

طوفان الأقصى حدث غير مسبوق في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو كفيل بتأسيس تموضع جديد للقضية الفلسطينية وتأسيس علاقة جديدة مع المحتل، علاقة تقوم على ثقة أقوى بالنفس، وتمسكٍ أشد بالحق الفلسطيني، وشجاعة أكبر في المواجهة، وأستطيع تلخيص الآثار الفكرية التي تركها طوفان الأقصى لدى الجيل الجديد في التالي:

– ظهر للجيل الجديد عقم إدارة الأنظمة العربية للصراع مع إسرائيل، إذ إن كل جهود جامعة الدول العربية باءت بالفشل الذريع تجاه إيقاف الكيان المغتصب عن التغول على الأراضي والحقوق الفلسطينية، لدينا جيوش تملك كل أصناف العتاد، وتزيد أعدادها على المليونين، هذه الجيوش خاضت حروبا عدة ضد المحتل، ولم تفلح في أي منها في استرجاع شبر واحد من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل إن 3 دول عربية خسرت أجزاء من أراضيها في حروب خاطفة وسريعة يحقق فيها العدو ما يريد.

بالمقابل، مضى على طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة نحو 10 شهور والمقاومة صامدة في مواقفها، بل إنها تكبد العدو خسائر يومية مع عدم وجود أي مقارنة بين ما تملكه من عتاد ورجال وبين ما يملكه العدو، وما تملكه الدول العربية أيضا.

– إن الجيل العربي الجديد يرى بوضوح أن مواجهة العرب للكيان المحتل كانت هزلية وبائسة، وكانت تفتقر إلى الإخلاص مثل افتقارها إلى الرؤية السديدة للذات والآخر.

– طوفان الأقصى والحرب على غزة ألقيا في روع الجيل الجديد أن تحرير الأرض الفلسطينية ممكن، وأن هزيمة إسرائيل وتفكيكها ليس من المستحيلات، بل هو من الممكن القريب.

– قد استطاع طوفان الأقصى أن يجعل كثيرا من شبابنا وفتياتنا يوقنون بأن رهانات التحرير تنعقد على الإنسان وليس على الآلة، وأن العقيدة والمعنويات العالية وحب الشهادة والاستشهاد قد قلبت معادلات المواجهة، ولم تعد غزة تلك البقعة المعزولة من الأرض، المزدحمة بالناس، والخالية من المرفهات، بل أصبحت مركز الشهامة والإبداع والبطولة والجرأة والثبات، وحب التضحية على مستوى العالم بأسره.

ما أبرز التأثيرات العقلية والنفسية التي رسختها الحرب على غزة وطوفان الأقصى لدى الاحتلال الإسرائيلي؟

أما التأثير الذي تركه طوفان الأقصى والحرب على غزة في العقلية والنفسية لدى المحتلين والمغتصبين، فإنه كبير وعميق للغاية، حيث إن طوفان الأقصى كان حدثا كبيرا ومفاجئا للقيادات السياسية والأمنية الإسرائيلية، وهو يعني فشلا ذريعا لأجهزة أمنية طالما تركت انطباعا قويا لدى الجميع بأنها تملك مخالب وأنيابا في الداخل، وأذرعا طويلة في الخارج.

والحقيقة أن الفشل لم يكن استخباراتيا فحسب، بل كان فشلا عسكريا أيضا، إذ أخفق جيش المحتل وأجهزته الأمنية في حماية الإسرائيليين في مغتصباتهم من حركة صغيرة في منطقة صغيرة ومحاصرة، وقد زاد من صدمة المحتلين على كل المستويات أن إعلامهم ظل على مدى عقود يخاطب يهود العالم بأن إسرائيل البلد الأكثر أمانا في العالم، ثم فجأة يكتشف الجميع أنه المكان الأشد خطورة.

وقد أشارت العديد من الدراسات إلى صدمة نفسية غير مسبوقة عانى منها عدد غير مسبوق من الإسرائيليين حيث الشعور بالخطر وفقد الأمن والشعور بالقلق والاكتئاب والخوف من المستقبل، وحيث اكتشف كثيرون منهم قدرا كبيرا من الهشاشة في نفوسهم وفي دولتهم أيضا، وإن تهجير المستوطنين من غلاف غزة وشمالي فلسطين واستمرارهم كل هذه المدة قد أدخل عوامل إضافية على الشعور بعدم الأمن، والاستقرار لدى عموم المحتلين حيث أحسوا بأنهم شربوا من الكأس ذاتها التي سقوها للفلسطينيين عبر 7 عقود.

ثم إن أشد ما خلّفه طوفان الأقصى لدى المجتمع الإسرائيلي هو الشك في استمرار المشروع الصهيوني، وفقد الثقة بمقومات وجوده، وفي هذا الإطار يتم الحديث عن نبوءات زوال إسرائيل ولا سيما نبوءة العقد الثامن حيث يتم التداول حول ما يذكره التاريخ من عدم استمرار أي دولة لهم أكثر من 80 سنة. إنها نبوءات تحقق ذاتها مع اليأس من استمرار دولتهم المزعومة.

لا أريد هنا أن أتحدث عن مئات الألوف الذين غادروا فلسطين عند بداية طوفان الأقصى، ولم يعودوا إليها، كما أنني لا أريد التحدث عن الخسائر الفادحة التي عانى منها الاقتصاد الإسرائيلي بسبب نفقات الحرب وبسبب تباطؤ عجلة الإنتاج، ولكني أؤكد أن اختلالا جسيما قد طرأ على المناعة القومية لدى الكيان المحتل، وهذا سيفضي إلى حدوث شرخ كبير بين المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني، وهو بدوره سيقلل من رغبة يهود العالم في القدوم إلى فلسطين أو الاستقرار فيها.

وماذا عن الآثار التي تركتها حرب غزة لدى الاحتلال الإسرائيلي في علاقته بالغرب؟

الآثار على الحركة الصهيونية وصنيعتها دولة الاحتلال إستراتيجية خطيرة بما تعنيه الكلمة، حيث يرى العالم في لحظة وقوع الحدثِ الفظائعَ التي يرتكبها جيش الاحتلال من إبادة جماعية وسياسات العقاب الجماعي، ومنع الغذاء والماء والدواء عن ملايين الناس في قطاع غزة، ويرى كذلك التهجير الجماعي القسري، وما استخدمه جيش الاحتلال من أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا.

إن كل هذا -وغيره كثير- يرسم صورة جديدة لإسرائيل في أذهان المواطنين الأميركيين والأوروبيين عامة، والشباب خاصة، وقد اكتشف الجميع أن إسرائيل ليست واحة لسيادة القانون والحكم الديمقراطي، وليست نموذجا للدولة المنيعة والمستقرة، ولأول مرة في تاريخ هذا الكيان المحتل يكتشف العالم أن هذا الكيان قام على طرد شعب من أرضه وتحويل غزة إلى سجن كبير، واكتشف كثير من شباب أميركا خاصة أن القرار الأميركي يصبّ في مصلحة الصهيونية وفي مصلحة إسرائيل أولاً ولو كان على حساب الشعب الأميركي، بل إن من الأميركيين من يقول إن الكونغرس هو أرض أميركية تحتلها الصهيونية.

إنني أعتقد أن الدعم الأميركي اللامحدود واللامشروط لكيان الاحتلال قد استنفد أجمل أيامه بما فقده من أساس أخلاقي في نظر كثير من الأميركيين، وأعتقد أن سلطات الاحتلال ستجد نفسها في حالة انكشاف أخلاقي وسياسي وثقافي في المرحلة المقبلة، ليس في أميركا وحدها وإنما في دول كثيرة، وإن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية وانضمام عدد من الدول إليها مؤشر واضح على ما نقول.

إن الآثار العاجلة لطوفان الأقصى على إخواننا في قطاع غزة كارثية في المدى القريب، لكن الفلسطينيين هناك يشعرون أن ما يقدمونه من تضحيات جسام هو ثمن للخلاص من عذاب دائم، وهو ثمن للتحرر من ربقة المستعمر والمحتل، وهو قبل هذا وذاك جهاد في سبيل الله تعالى، وتقرب إليه. إن طوفان الأقصى في نظري قد أرّخ لبداية العد التنازلي لاضمحلال دولة الاحتلال وتفككها، قد يطول العد عقدا أو عقدين ولكنه فعلا قد بدأ.

رغم ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من مجازر وإبادة جماعية وفق المحاكم الدولية، فإن تفاعل الحكومات والشعوب العربية أضعف من نظرائهم الغربيين، كيف تقرؤون ذلك؟

لا بد للمرء أن يشعر بالأسف حين ينظر في تفاعل معظم الحكومات العربية مع طوفان الأقصى والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، كما أن المقارنة بين تفاعل الشعوب الغربية وغيرها مع أحداث الطوفان وبين تفاعل معظم الشعوب العربية والإسلامية هي موضوع محزن للقراءة والتأمل.

أما موقف معظم الحكومات العربية والإسلامية فهو موقف اللامبالي أحيانا، وموقف العاجز أحيانا أخرى، ويؤسفني أن أقول: إن موقف بعضها هو موقف الشامت، أما موقف الشعوب العربية والإسلامية، فالذي لا تخطئه العين هو التعاطف الشعبي الكبير مع إخواننا في غزة، لكن التعاطف يكون محدود الفائدة ما لم يتحول إلى موقف ومساعدة، وما لم يشكل ضغطا حقيقيا على صنّاع القرار من أجل اتخاذ قرارات في صالح إخواننا الفلسطينيين.

ولا يخفى في هذا السياق أن هناك عوامل سياسية وثقافية واقتصادية تجعل تجسيد تعاطف الشعوب العربية مع طوفان الأقصى محدودا وغير مرئي في أحيان كثيرة، فعلى المستوى السياسي نعرف أن المواطن العربي قد تعلم من التاريخ أن السكوت والصمت هما الأصل في حياته، وأن التحرك والكتابة والجهر بالحق والواجب لا يجلب له إلا المتاعب، ولم لا وقد رأى الناس مصير من يكتب كلمة أو يتلفظ بجملة تخالف هوى السلطة في بلده!

في بلدان عربية وإسلامية ليست قليلة قوانين حاسمة في منع أي تظاهر أو احتجاج من أي نوع كان، كما أن هناك كتابات كثيرة في بعض الدول تضع الفلسطينيين في قفص الاتهام وتُحمّلهم مسؤولية سعيهم إلى التحرر والخلاص من قيد الاحتلال.

العامل الثقافي مهم أيضا، فالمناهج الدراسية في كثير من الدول لا تشرح للأجيال الجديدة القضية الفلسطينية بشكل كاف ولا تذكر لهم المظالم التي تعرض لها الفلسطينيون عبر 7 عقود من الزمان، ولعلي أضيف إلى هذا أن لدينا نقصا في ثقافة الحشد والمناصرة، ونقصا في ثقافة إنشاء المنظمات والمؤسسات التي تناهض العنصرية والطائفية وتلك التي تدافع عن حقوق الإنسان.

والحقيقة أن معظم الدول العربية تعاني من نقص في استقلال القرار الوطني والإرادة الوطنية، وهذا يجعل الوضعية الاجتماعية والثقافية العامة عليلة، ومرتَّبة على نحو يراعي مصالح الدول النافذة والمتسلطة أكثر من مراعاة المصالح الوطنية والقومية. ولا أنسى في هذا السياق أن كثيرا من المسلمين، هم من ذوي الدخل المحدود الذين يكافحون من أجل قوت يومهم، ولهذا فإنهم منصرفون إلى شأنهم الخاص دون اهتمام بأي قضية عامة.

أما في الغرب فكل شيء مختلف على هذا الصعيد، حيث يتمتع الناس بحرية التعبير والتجمع والتظاهر، بالإضافة إلى وجود جاليات عربية وإسلامية مهتمة بالقضية الفلسطينية، تقوم بدور نشط مع المنظمات الحقوقية والإنسانية في تنظيم المظاهرات والاعتصامات، ولا ننسى ما يقوم به العالم المستقل والحر هناك من تنوير الرأي العام بالمجازر والانتهاكات الجسيمة التي يقوم بها جيش الاحتلال.

الخلاصة التي ننتهي إليها هي أن الإنسان العربي خاصة، والإنسان المسلم عامة، يشعر بالخوف من الكلام والتحرك الاحتجاجي، ولديه ظروف صعبة تشغله عن التفكير في القضايا العامة، كما أن المؤسسات والمنظمات التي تعمل في مجال الحريات وحقوق الإنسان قليلة جدا، والموجود منها مقيد. هذا الوضع العربي الذي وصفت بعض أعراضه، هو من ضرائب التخلف التي ينبغي أن ندفعها عن طيب خاطر.

ما الدروس المستفادة من طوفان الأقصى والحرب على غزة في قضايا الإصلاح السياسي في البلدان العربية؟

على الصعيد السياسي، قد عملت غزة والمجاهدون فيها على تعطيل خطط الكيان الصهيوني وإلحاق الأذى به، وهو ما لم تفعله الجيوش العربية الجرارة عبر العقود الماضية، والسبب في هذا أن غزة تملك قرارها في السلم والحرب، ويشعر المجاهدون فيها أن لاستعداداتهم العسكرية معنى، حيث الثقة في امتلاك إرادة التحرك والفعل.

هذا المغزى أو الدرس يؤكد ما كتبته في مناسبات عدة من أن الحرية، أي حرية التعبير والنقد والتنظيم والمأسسة، تقع في قلب معركتنا الحضارية، حيث إنني لا أرتاب في أن أكبر معول عمل في هدم الحضارة الإسلامية هو الاستبداد وتكميم الأفواه وانعدام الشورى، وتحكم العسكر بمفاصل حياة الناس.

ومن هنا فان أمتنا إذا أرادت أن تسترجع كرامتها المهدورة، وتحافظ على حقوقها ومصالحها، فإن عليها أن تبذل جهودا كبيرة على صعيد التحرر الوطني من استعباد القوى النافذة التي نهبت البلاد وأذلت العباد. إن الطريق إلى ذلك شاق وطويل، ولكن ليس أمامنا الكثير من الخيارات.

إن تكميم الأفواه قد سمح للمشكلات أن تتراكم إلى درجة اعتقاد الناس باستحالة التقدم والإصلاح السياسي، وهذا سبب رئيسي في ابتعاد كثير من شباب العرب والمسلمين عن العمل في المجال السياسي، حيث لا يحب أحد الرهان على الحصان الخاسر.

هناك من يقول إن الإصلاح في الدول العربية يبدأ من المجال الثقافي، فما أهم الخلاصات المستفادة من الحرب على غزة وطوفان الأقصى في هذا المجال؟

على الصعيد الثقافي، رأى العالم بأسره حاملات طائرات وبوارج مسارعة إلى المنطقة من جهات غربية عدة، ورأى جسورا جوية أقيمت لمد قوات كيان الاحتلال بالأسلحة والذخائر، كما رأى توافد رؤساء ووزراء من دول كبرى من أجل تقديم الدعم المعنوي أو تقديم التعهدات بالوقوف إلى جانب قيادة المحتلين في مواجهة المقاومة الفلسطينية، وقد كان في ذلك تعبير واضح عن ارتباطات سياسية ومصلحية للعديد من البلدان بدولة الاحتلال على نحو إستراتيجي، وينبغي أن يكون في هذا لفت نظر واضح للعرب والمسلمين إلى أن ارتباط القوى النافذة والمتحدة ببعضها بعضا هو أقوى وأعمق مما كان يبدو لنا.

في المقابل، كانت للعرب والمسلمين مواقف مشتتة ومتفاوتة إلى حد بعيد، وهذه المواقف من طوفان الأقصى لم تكن سوى عنوان للشتات والضياع الأكبر الذي يعيش فيه العالم العربي، حيث لا أحلاف ولا منظمات جامعة ولا مؤسسات للتنسيق والتواصل ولا مشروعات مشتركة ذات قيمة.

هذا الأمر ولّد شعورا هائلا بالعجز والضعف لدى عموم العرب والمسلمين، بل إنه ولّد ما هو أخطر من ذلك وهو اليأس والقنوط من تحسن الأحوال حيث لا مبادرات ولا تحركات ملموسة على صعيد جمْع كلمة المسلمين في أي مجال من المجالات.

يجب أن نتفق على أن زمان الإمبراطوريات قد ولّى، وأنه لا يلوح في الأفق أي إمكانية لانتظام العرب والمسلمين في هيكل سياسي جامع، ولم يبق أمامنا سوى التحالف والتنسيق وبناء المنظومات والمؤسسات التي تولّد أطرا جديدة لتعاون المسلمين على نشر ثقافة الإخاء، والإحساس بألم بعضنا ونشر الوعي بالمصير المشترك، إلى جانب التشبيك بين كل مؤسساتنا التعليمية والثقافية من أجل ترسيخ قيم الإيمان والتوحيد والإصلاح، والوقوف إلى جانب المظلوم ومساعدة الضعيف.

ويجب كذلك أن ننشر ثقافة إنفاق أموال المسلمين في بلاد المسلمين في مجالات التعليم والصحة والتجارة والسياحة، وتوظيف رؤوس الأموال الكبيرة في إنشاء المصانع والشركات العملاقة، فحين نكون متفرقين ومشتتين فإن مشكلات الأقوياء ستحلّ على حساب قضايانا ومصالحنا.

ما الأدوار التي يمكن أن تقوم بها الشعوب والمجتمعات العربية من أجل إصلاح هذا الواقع العربي المشتت والمتخلف؟

لدينا ميدان فسيح جدا ومملوء بفرص تقديم العون والدعم لأشقائنا في فلسطين وغيرها من أرض الإسلام، وهو مجال العمل الخيري والإنساني. ومع أن الوضع العام يتحسن فإن علينا أن نعترف بأن قطاع العمل الخيري في العالم الإسلامي ما زال ضعيفا وهو أقل بكثير من الممكن والمطلوب، ويصعب مقارنته بمجالات العمل الإنساني في الدول المتقدمة.

إن المطلوب اليوم هو نشر ثقافة الوقف الذي يعني التقرب إلى الله تعالى بالتخلي عن عقارات وأسهم شركات وأموال وجعلها في حرز عن التصرف بها، ثم توجيه غلاتها وأرباحها وقيمة الانتفاع بها لتكون في خدمة المجالات والجهات التي اشترطها الواقفون. إن قيمة أوقاف 3 جامعات أميركية "هارفارد" و"تكساس" و"ييل" تزيد على 130 مليار دولار، وهذا الرقم أكبر بكثير من جميع أوقاف الجامعات في العالم الإسلامي بطوله وعرضه.

نحن إلى جانب إحياء ثقافة الوقف لدى المسلمين، نحتاج إلى نشر ثقافة التطوع وبناء المؤسسات والمنظمات وإطلاق المبادرات والمشروعات الخيرية واللاربحية، إن المعالجة الصحيحة والفاعلة لكل قضية من القضايا العربية والإسلامية لن تكون من خلال الكتابة والخطابة وإطلاق المناشدات وإنما بإقامة المؤسسات التي تعمل بشكل احترافي.

ومن المأمول أن يكون لدينا في كل دولة إسلامية عدد أكبر من المؤسسات التي تصب جهودها في مجال واحد مثل حقوق الإنسان ورفع مستوى الوعي الحضاري وتعليم أبناء الفقراء ورعاية الأيتام، وبناء المساجد، وتدريب الشباب على العمل في مهن جديدة لكسب الرزق، بالإضافة إلى إطلاق المنظمات التي تناهض العنصرية والطائفية وكل أشكال الاستبداد حيث إن المتوفر منها الآن أقل بكثير من المطلوب.

دروس طوفان الأقصى بليغة جدا، لكن قبل فهم الدروس وأخذ العِبَر والعظات، نحتاج إلى حشد كل الجهود والطاقات لمساعدة المقاومة الفلسطينية الباسلة على الصمود، وتحقيق كل الأهداف التي سعى إليها طوفان الأقصى، إلى جانب بذل الجهود وتقديم المعونات التي تخفف من آثار الحرب والدمار التي يحمل أثقالها أهلنا في غزة الأبية والمظفرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات طوفان الأقصى والحرب على الاحتلال الإسرائیلی العربیة والإسلامیة بها جیش الاحتلال الشعوب العربیة والحرب على غزة الدول العربیة المؤسسات التی الحرب على غزة المسلمین فی إلى جانب قطاع غزة کثیر من فی هذا من أجل کما أن

إقرأ أيضاً:

أبو عبيدة: منفذ عملية معبر “الكرامة” أحد أبطال طوفان الأقصى

#سواليف

أعلن أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام مباركته لما وصفها بالعملية البطولية في معبر الكرامة التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي إذ قال عنه إنه أحد أبطال طوفان الأقصى.

وأضاف أبو عبيدة -في بيان بث على منصة تلغرام- أن “مسدس البطل الأردني في نصرة أقصانا وشعبنا كان أكثر فاعلية من جيوش جرارة وترسانة عسكرية مكدسة”، وفق تعبيره.

وأكد أن العملية “تعبّر عن ضمير أمتنا وعن مآلات طوفان الأقصى والكابوس الذي ينتظر الكيان الصهيوني”.

مقالات ذات صلة القوى الوطنية والإسلامية في غزة تدعو إلى اعتبار “الفدائي ابن الأردن” مثالا للأحرار 2024/09/08

وقال أبو عبيدة إن مقاتلي القسام “أدوا في عقدهم القتالية وكمائنهم وثغورهم في قطاع غزة صلاة الغائب على الشهيد بطل العملية”.

وقتل 3 إسرائيليين صباح اليوم الأحد بإطلاق نار قرب معبر اللنبي (جسر الملك حسين كما يسمى في الأردن ومعبر الكرامة كما يسمى في الجانب الفلسطيني)، بين الأردن والضفة الغربية، في عملية هي الأولى من نوعها منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتصاعد الاعتداءات في الضفة المحتلة.

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ339 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • أبو عبيدة: منفذ عملية معبر “الكرامة” أحد أبطال طوفان الأقصى
  • ابوعبيدة: مسدس الجازي اكثر فاعلية من جيوش جرارة
  • من أبطال طوفان الأقصى.. أبو عبيدة يبارك للشهيد الأردني على عملية معبر الكرامة
  • أبو عبيدة: منفذ عملية معبر الكرامة أحد أبطال طوفان الأقصى
  • "أبو عبيدة" يعلق على عملية "معبر الكرامة"
  • استشهاد 83 من عناصر الدفاع المدني منذ بدء "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ338 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ337 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • أبرز 4 قادة عسكريين إسرائيليين استقالوا على خلفية “طوفان الأقصى”