ولاية مرباط متحف تراثي حي يزخر بمعالم أثرية فريدة
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
تقع ولاية مرباط على الشريط الساحلي الشرقي لمحافظة ظفار، وتبعد عن ولاية صلالة حوالي ٧٤ كم، يحدها من الشمال ولاية شليم وجزر الحلانيات ومن الشرق ولاية سدح ومن الغرب ولاية طاقة، وتقع على خط ٢٥٤٧٧٨ شرقاً ودائرة عرض ١٨٧٩٧٠٧ غرباً، وتضم نيابة طوي اعتير على مسافة ٦٢ كم في الشمال الغربي لمرتفعات جبل سمحان.
وتعتبر ولاية مرباط من الولايات التي تزخر بمعالم أثرية فريدة كشاهد على الحقب التاريخية العديدة التي مرة عليها، وفي ذلك دلالة على الدور الكبير والمهم الذي لعبته مرباط في تلك الفترات.
ومدينة مرباط بحد ذاتها متحف تراثي حي بمنازلها التاريخية ومعالمها الأثرية، ولقد قامت بعض الفرق المتخصصة في الآثار بالمسح في شواطئ وسهول ولاية مرباط، وعثرت هذه الفرق على بعض الأدوات الفخارية، وتمكنت من تحديد بعض آثار المستوطنات البشرية القديمة؛ مما يدل على الاستيطان السكاني القديم في المناطق البحرية شرق مدينة مرباط.
حصن مرباط
حصن مرباط التاريخي تم تشييده في فترة زمنية قديمة، وجدّد في القرن التاسع عشر الميلادي، وهو يطل على الميناء والسوق القديمين، ويتكون من دورين وبرجين، وكان الحصن مقرا للولاة ومركزا لإدارة المدينة لغاية عام ١٩٨٨م، وقد لعب حصن مرباط دوراً تاريخياً مميزاً في تاريخ ولاية مرباط.
سوق مرباط
يعتبر سوق مرباط من أقدم الأسواق التاريخية العُمانية، وتم تجديده في منتصف القرن العشرين الميلادي، ويضم مبني الجمرك المقام سنة ١٩١٩م، وكانت تباع في سوق مرباط البضائع المستوردة من الهند وإفريقيا ومواني عدن وصور وصحار والبصرة، مثل: التمور والأقمشة والحبوب والتوابل، والمنتجات المحلية كاللبان والسمن والذرة والجلود وغيرها.
جامع مرباط
تم بناؤه سنة ٥٥١هـ في القرن الثاني عشر الميلادي، وكان من المراكز العلمية المشهورة، وقد تم ترميمه سنة ١٩٩٩م على نفقة السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه-.
مسجد النور: يعود بناؤه إلى القرن الرابع الهجري عام ٣١٦هـ حسب حجر يحمل هذا التاريخ عُثر عليه أثناء ترميم المسجد سنة ١٩٨٤م، وهو محفوظ حالياً بحصن مرباط.
ضريح زهير
ويقع جنوب مدينة مرباط، وكان مبني من الحجارة والطين، ثم أعيد ترميمه، ويعتبر من أهم المزارات الدينية بمدينة مرباط، وتشير بعض المصادر أنه لزهير بن قرضم الوافد على الرسول صلى الله عليه وسلم.
ضريح محمد بن علي صاحب مرباط
ضريح محمد بن علي صاحب مرباط معْلم ومزار ديني مشهور يقع بالقرب من مدخل المدينة، وهو عبارة عن بناء أثري من الطين والحجارة والنورة البيضاء مزيّن بالقبب، ويضم قبر الولي المشهور ويؤمه الزوار في المناسبات الدينية والسياحية، وهناك أيضا ضريح القلعي الذي يقع في الطرف الشمالي للمقبرة، وكان قديماً يحاط بجدار ويسقّف بالأخشاب، وأعيد بناؤه في تسعينات القرن العشرين.
بيت سيدوف
نسبة إلى الشيخ حسن بن جمعان سيدوف العمري من أعلام التجارة في ظفار، ويُعرف كذلك ببيت نزوى تيمناً بقلعة نزوى، وهو من أشهر المعالم التاريخية في مدينة مرباط، ويعود تاريخه إلى نحو قرنين من الزمان، وهو يجسّد العمارة العربية التقليدية، ويتكون من أربع طبقات ومخازن وأسوار وروشان ومجصص بالنورة الحمراء، وبُني بأيدي عاملة من مدينة مرباط، ومهندسين تم جلبهم من اليمن، واستمر البناء مدة عامين تقريباً.
وكذلك يتميز عمرانها ببيت الحبشي: نسبة إلى عبدالله الحبشي العمري من تجار مرباط وأعيانها، تم بناؤه في بدايات القرن العشرين، ويتكون من ثلاثة طوابق، واستخدم في بنائه الجص والنورة، وكان مقراً للوالي مدة سبع سنوات أثناء ترميم حصن مرباط فترة الخمسينات.
آثار شعبون
يقع وادي شعبون شمال غرب مدينة مرباط بحوالي ٧ كم، وتحديدا في موقع غيضت، حيث تحيط بمرتفعاته أشجار الصبار -التمر الهندي- ويضم آثارا لمبنى قديم بارتفاع ٢,٦٠ مترا، بالإضافة إلى سور بارتفاع متر ونصف وعرض ٩٥سم من أحجار الجرانيت، كما يضم مبنى آخر لم يبق منه إلا أساساته وأكوام مردومة، ويرى بعض الباحثين أن هذه المباني كانت تستخدم كنقاط حراسة، وترجعها الروايات الشعبية إلى فترة المنجويين في القرن الثاني عشر الميلادي، والجدير بالذكر أن طريق قوافل اللبان كانت تتخذ من هذا الموقع محطة استراحة قبل وصولها إلى مدينة مرباط.
دينار مرباط
دينار مرباط عبارة عن عملة ذهبية ترجع إلى الدولة الأيوبية في القرن الثاني عشر الميلادي، تم العثور عليه في مدينة مرباط من قبل أحد المواطنين وتم تسليمه إلى الجهة المسؤولة في تلك الفترة وهي وزارة التراث والثقافة، ويحمل نقش شمس الدين توران شاه وضرب سنة ٥٧٤هـ بعدن، ويستدل منه على ازدهار الحركة التجارية في سوق مرباط والأسواق المحلية والخارجية في تلك الفترة.
مرباط القديمة متحف التاريخ الحي
وعندما يتوجه الزائر أو السائح إلى ولاية مرباط فهو حتماً سيضع في أولويات جدوله زيارة مدينة مرباط القديمة التاريخية؛ ليتمتع بمشاهدة المنازل الأثرية والحارات القديمة والأزقة العتيقة التي تجسّد لوحة معمارية تراثية تحكي طراز البناء التقليدي بأصالته وخصوصيته التاريخية، حيث يوجد في مرباط القديمة ما يربو على الـ ٢٠٠ منزل مبني بالطريقة التقليدية، تشكل متحفا حيا لمحبي التراث المحلي، فعندما يتنقل السائح بين جنباتها يستقبله عبق الحوجري بين أزقتها ويشتم نسمات الماضي في مشاهدها، هناك ترى بيت السيدوف المنيف وبيوت مرباط القديمة المعانقة للتاريخ والقدم.
طريقة بناء البيوت التاريخية في مرباط القديمة
لقد قام ببناء تلك البيوت التاريخية حرفيون وعمال مرباطيون، فقد تخصصت أسر معروفة فيها بمهنة البناء وما يلحقها كالحدادة والنجارة، وكان كبير العمّال يُطلق عليه الأستاذ وهو مهندس البناء أيضا، وتستخدم في البناء أحجار القص التي تستخرج من مواقع معروفة في مدينة مرباط، وهي أحجار جيرية رسوبية سهلة النحت تتميز بالعزل الحراري وعزل الرطوبة وتصمد لعوامل التعرية، ويبلغ حجر القص من ذراع إلى ذراعين، وكانت تنقل من المقلع على ظهور الجمال، كما تستخدم في البناء النورة وتصنع في معامل خاصة تعرف بالميفة بواسطة عملية حرق أحجار الشطا وتحويلها إلى نورة تستخدم في الطلاء وتشكيل الطبقة الخارجية للمنزل، وتدعم بأحجار تعرف بالمكوك لتثبيتها، أما الأخشاب فكانت تجلب من مليبار بالهند أو إفريقيا أو الخشب الجاوي من عدن وبعضها من البيئة المحلية والجبال القريبة، وكانت تترك أولاً في البحر أو الأخوار المالحة لقتل الآفات والحشرات.
وأثناء عملية البناء كان يلتزم صاحب البيت بتوفير وجبتي الإفطار والغداء للعاملين، وتبلغ تكلفة بناء المنزل ما بين ٣٠٠ - ٥٠٠ ريال فرانصة قديماً، ويستغرق البناء من ٥ - ٦ أشهر، ومن المعتقدات السائدة قديما والتي تتعلق بالبناء في مدينة مرباط دق أربعة مسامير في أركانه لدفع العين والحسد والذبح فوق الساس لنشر البركة، وعند الانتهاء من البناء تقام وليمة ويتم دعوة الناس وقراءة الموالد والأذكار وأحيانا يتم تكسير بضع بيضات فوق عتبة الباب لدفع العين والحسد أيضا.
استخدام الدبس في البناء
ومن مميزات البناء في مدينة مرباط تزيين الجدار الخارجي بالمكوك، وهي أحجار صغيرة تستخدم في حشو الجدران الخارجية، ويتم خلط النورة بالدبس كما هو الحال في بيت سيدوف، وذلك لإضفاء القوة واللون عليها.
ومما يجدر الإشارة إليه أن مرباط القديمة قد اختيرت لتمثيل العمارة الإسلامية في سنة ٢٠٠٤م بمتحف الهواء الطلق بنذرلاند، ولا تزال تنتظر خطة متكاملة من قبل الجهات المعنية لترميم هذا الإرث التاريخي الأصيل وإنقاذه وتحويله إلى منطقة أثرية تحت إشراف مؤسسات الدولة أو المؤسسات العالمية المختصة كاليونسكو ومنظمة المدن العربية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: عشر المیلادی ولایة مرباط تستخدم فی فی القرن
إقرأ أيضاً:
افتتاح «خليجي 26».. «الخامس جماهيرياً» في القرن الحالي!
عمرو عبيد (القاهرة)
أخبار ذات صلة بيتزي يواجه «المجهول» في «خليجي 26»! منتخب الإمارات بطل «خليجي الكريكيت» خليجي 26 تابع التغطية كاملة
شهد افتتاح بطولة «خليجي 26» والمباراة الأولى بين «المستضيف»، الكويت، وشقيقه العُماني، حضوراً جماهيرياً بلغ 42445 متفرج، ليحتل ملعب جابر الأحمد الدولي المرتبة الخامسة في تاريخ الحضور الجماهيري الغفير لافتتاح نُسخ الكأس الخليجية، منذ بداية القرن الحالي، والمثير أن نفس الملعب، جابر الأحمد، احتل المركز الرابع أيضاً، بحضور أكبر بلغ 60 ألفاً، عندما استضاف افتتاح «خليجي 23» نهاية عام 2017، وشهد هذا العدد الغفير خسارة «الأزرق» أمام «الأخضر» السعودي بنتيجة 1-2 آنذاك.
ويُعد افتتاح النُسخة الإماراتية من كأس الخليج، عام 2007، أحد أغزر حفلات الافتتاح حضوراً جماهيرياً في تلك القائمة، إذ قُدّر عدد الجماهير وقتها بما يزيد على 60000 متفرج، زيّنوا ملعب مدينة زايد الرياضية، وشهدوا مباراة «الأبيض» و«الأحمر» العُماني، في حين أن افتتاح «خليجي 25» في ملعب جذع النخلة بمدينة البصرة، أثار جدلاً واسعاً وقتها بسبب الزحام الجماهيري «الهائل» الذي تردد أنه بلغ 65 ألفاً، حضروا مباراة العراق وعُمان، التي انتهت بالتعادل 0-0.
وفي سنوات مُبكرة مطلع القرن الحالي، كانت مُدرجات الملاعب العربية تكتظ بالجماهير، التي قد تتجاوز أعدادها السعة الرسمية لتلك الملاعب، وذكرت عشرات من وسائل الإعلام قبل 22 عاماً، وتحديداً في 2002، أن ملعب الملك فهد الدولي قد شهد حضور 75000 متفرج، خلال افتتاح «خليجي 15» ثم المباراة الأولى بين «الأخضر» السعودي و«الأزرق» الكويتي، التي انتهت بالتعادل 1-1، ليكون افتتاح البطولة الخليجية في السعودية عام 2002، صاحب الرقم القياسي من حيث الحضور الجماهيري في هذا القرن.
والطريف أن نفس الملعب، الملك فهد، قد احتل مرتبة متأخرة جداً في تلك القائمة، بعد 12 عاماً من ذلك التاريخ، إذ استضافت السعودية نُسخة «خليجي 22» عام 2014، لكن الحضور الجماهيري لحفل الافتتاح والمباراة الأولى بين السعودية وقطر، كان «ضعيفاً جداً»، حيث بدا المدرجات خاوية بعد حضور 20 ألفاً فقط من إجمالي 58398، التي تُمثّل السعة الرسمية «الحديثة» للمُلعب، حيث جاء افتتاح تلك النُسخة في المركز قبل الأخير، نظرياً، لأن ملعب جاسم بن محمد الذي استضاف «ضربة البداية» في كأس الخليج عام 2004، لم يكن يتسع وقتها عملياً إلا لـ12000 متفرج وقتها.
وتراوحت أعداد الحضور في افتتاح بطولات الخليج أعوام 2009 و2013 و2019، في عُمان والبحرين وقطر على الترتيب، بين 35 و38 ألف مُتفرج، حيث حضر 37890 افتتاح «خليجي 24» في ملعب خليفة الدولي، بينما شهد ملعب 22 مايو في اليمن حضور 29 ألفاً افتتاح «خليجي 20» عام 2010، بينما بلغ العدد 25 ألفاً في افتتاح النسخة الكويتية عام 2003.