«الرجل الشبح».. من هو محمد الضيف مُعذب إسرائيل الأول؟
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
بصوت واضح ومباشر وصورة غامضة أعلن قائد كتائب القسام التابعة لحماس محمد الضيف، بدء عملية «طوفان الأقصى» ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما جعلها تحت النار لعدة ساعات.
ولم تشهد دولة الاحتلال، وضعا مماثلا منذ حرب اكتوبر عام 1973، حيث سقطت الصواريخ على تل أبيب والقدس بعد سيطرة مقاتلي القسام على عدد من المستوطنات والمواقع الإسرائيلية.
وانطلق عناصر حماس، وسيطروا على مواقع إسرائيلية، وقتلوا إسرائيليين وأسروا آخرين، بناء على أوامر الضيف، الذي أثبت مرة أخرى أنه صاحب الكلمة العليا في إطلاق أو إنهاء الحرب على الفلسطينيين.
من هو محم الضيف؟لا أحد يعرف محمد الضيف، سوى عائلته ومجموعة صغيرة من أعضاء حماس. ومعظمهم لا يعرفون مكان الرجل الذي تلاحقه إسرائيل منذ عقود باعتباره الشخص المطلوب الأول، حاليا، وهناك ثلاث صور لضيف: واحدة قديمة جدًا، وأخرى له ملثمًا، وصورة لظله.
حتى إسرائيل، التي تفتخر بأنها تمتلك أقوى جهاز استخبارات في العالم، لا تملك صورة حديثة للقائد.
في يناير 2011 توفيت والدة ضيف، وحضر جنازته جميع قادة حماس باستثناء ضيف. ومن غير المعروف ما إذا كان قد حضر، حيث يقول البعض إنه كان هناك، بينما يزعم آخرون أنه لم يحضر لأسباب أمنية. كما يزعم البعض أنه حضر الدفن متنكراً في زي رجل كبير السن.
ويوصف بأنه ذكي وسريع البديهة ولا يحب الظهور في العلن، ولا يستخدم التكنولوجيا ونادراً ما يبث رسائل صوتية، ليعلن بعدها عن بدء معركة جديدة مع إسرائيل.
وربما يفسر الشعور العالي بالأمن لدى ضيف عجز إسرائيل عن العثور عليه.
لا أعرف عن من تتكلموكان القائد مطلوباً من قبل إسرائيل منذ منتصف التسعينيات عندما طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اعتقاله قبل أن يعرب عرفات عن استغرابه من الاسم وكأنه لا يعرفه.
واعترف بيريز بعد ذلك بأنه اكتشف أن عرفات كان يحميه ويخفيه ويكذب بشأنه.
وحاولت إسرائيل قتله أكثر من مرة، وأصابته مرتين.
أسرة أبو ضيفمحمد دياب إبراهيم المصري، الملقب بالضيف، ولد عام 1965 لعائلة فلسطينية لاجئة من قرية القبيبة، واستقرت في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.
نشأ ضيف في أسرة ذات دخل منخفض للغاية واضطر إلى ترك المدرسة مؤقتًا لدعم أسرته. عمل مع والده في الغزل والتنجيد، ثم أسس مزرعة دواجن صغيرة وعمل سائقًا.
ويقول أصدقاء القائد في الحي الذي سكنه إنه كان لطيفاً، ويتمتع بحس فكاهة جيد، وقلب طيب.
انضم الضيف إلى حركة حماس في نهاية عام 1987، وعاد إلى الدراسة وتلقى تعليمه في الجامعة الإسلامية بغزة، وتخرج منها عام 1988 بعد حصوله على درجة البكالوريوس في العلوم.
في هذه الأثناء أسس ضيف فرقة المسرح الإسلامي "العيدون" حيث اشتهر بحبه للتمثيل، حيث قام بأداء العديد من الأدوار المسرحية، بما في ذلك الشخصيات التاريخية.
وكان ضيف مسؤولاً عن اللجنة الفنية خلال نشاطه في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية.
الانضمام إلى حركة حماساعتقلته إسرائيل عام 1989، وأمضى 16 شهراً في السجن دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري للحركة.
وبعد إطلاق سراحه، بدأ الضيف وشخصيات أخرى بتأسيس كتائب القسام.
خلال تسعينيات القرن العشرين، أشرف وشارك في عدد لا يحصى من العمليات ضد إسرائيل.
اعتقلته السلطة الفلسطينية في مايو 2000 بناء على طلب إسرائيل، وكان على علاقة طيبة بالسلطة، وكان اعتقاله جزءاً من التفاهم.
وفي عام 2002 تولى قيادة كتائب القسام بعد اغتيال قائدها العام صلاح شحادة.
عدد مرات الاغتيالفي عام 2001، حاولت إسرائيل اغتيال ضيف للمرة الأولى. وبعد عام، قامت بمحاولة ثانية عندما أطلقت مروحية أباتشي صاروخين على سيارته، مما أدى إلى إصابته. وقد عالجه زعيم حماس والطبيب عبد العزيز الرنتيسي في مكان غير معلوم.
في عام 2003، حاولت طائرة إسرائيلية اغتيال ضيف وبعض قادة حماس في منزل بغزة. لكن الصاروخ أصاب الطابق الخطأ.
وبعد ثلاث سنوات أصاب صاروخ شديد الانفجار منزلا كان يجتمع فيه مع قادة القسام. ونجا الضيف مرة أخرى، لكن إسرائيل قالت إنه أصيب بجروح خطيرة.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن ضيف لا يستطيع المشي وأنه فقد إحدى عينيه. لكن حماس لم تؤكد أو تنفي هذه المزاعم.
في السنوات الأخيرة، أرسل ضيف تسجيلين، استخدم فيهما صورة ظلية داكنة. وبعد سنوات، ظهر مقنعًا وهو يقف على قدميه.
اقرأ أيضاًمن هو محمد الضيف القيادي في حماس الذي استهدفه القصف الإسرائيلي بالمواصي؟
بعد محاولة الاحتلال استهدافه عدة مرات.. من هو محمد الضيف؟
نجا من 7 محاولات اغتيال.. محمد الضيف يؤكد فشل الاستخبارات الإسرائيلية من جديد
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: خان يونس الاحتلال الإسرائيلى اغتيال محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحركة حماس هجوم خان يونس محمد الضیف
إقرأ أيضاً:
من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير 2025، استشهاد قائدها العام محمد الضيف، بعد مسيرة طويلة، توجها بعمليتي "سيف القدس" (2021) و"طوفان الأقصى" (2023).
ولم توضح القسام، في كلمة مصورة لمتحدثها أبو عبيدة، ظروف استشهاد الضيف الملقب بـ"أبو خالد"، واكتفت بالإشارة إلى أنه ارتقى في ساحات القتال بقطاع غزة ضد إسرائيل "مقبلا غير مدبر".
ونعاه أبو عبيدة قائلا إنه "استشهد هو وثلة من الرجال العظماء أعضاء المجلس العسكري العام للكتائب في خضم معركة طوفان الأقصى حيث مواطن الشرف والبطولة والعطاء".
وأضاف أن هؤلاء القادة "حققوا مرادهم بالشهادة في سبيل الله التي هي غاية أمنياتهم كختام مبارك لحياتهم الحافلة بالعمل في سبيل الله، ثم في سبيل حريتهم ومقدساتهم وأرضهم".
وشدد على أن "هذا ما يليق بقائدنا محمد الضيف الذي أرهق العدو منذ أكثر من 30 سنة، فكيف بربكم لمحمد الضيف أن يُذكر في التاريخ دون لقب الشهيد ووسام الشهادة في سبيل الله؟".
وعلى مدى سنوات، نفذت إسرائيل محاولات عديدة لاغتيال الضيف، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، رغم إصابته في إحدى تلك المحاولات.
آخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة آمنة"، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.
لكن "القسام" نفت آنذاك صحة اغتياله، قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة".
** فمن محمد الضيف؟
ولد محمد دياب إبراهيم الضيف عام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة عايشت كما آلاف العائلات الفلسطينية آلام اللجوء عام 1948؛ لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وفي سن مبكرة، عمل الضيف في أكثر من مهنة ليساعد أسرته الفقيرة، فكان يعمل مع والده في محل "للتنجيد".
درس الضيف في كلية العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وخلال هذه الفترة برز طالبا نشيطا في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح، وتشبع خلال دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي.
وبدأ نشاطه العسكري أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انضم إلى حماس في 1989، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل في ذلك العام ليقضي في سجونها سنة ونصفا دون محاكمة بتهمة "العمل في الجهاز العسكري لحماس".
وأوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة "القسام" في قطاع غزة، ومكث فيها مدة من الزمن، وأشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك.
في عام 2002، تولى قيادة كتائب القسام بعد اغتيال قائدها صلاح شحادة.
** مدافع عن القدس والأقصى
وعلى مدار حياته وقيادته في القسام، انشغل الضيف بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في مواجهة اعتداءات إسرائيل.
هذا الأمر جعل اسمه يترد في الهتاف الشهير "إحنا رجال محمد ضيف" الذي بات يردده الفلسطينيون بالمسجد الأقصى في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية له، رغم أنهم لا يهتفون عادة لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية.
وبدأ الشبان الفلسطينيون في ترديد هذا الهتاف بمنطقة باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان عام 2021 الذي وافق آنذاك 13 أبريل/ نيسان، حينما كانوا يحتجون على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.
وبعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخا من غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل وأزالت حواجزها من باب العامود.
وآنذاك، حذر الضيف إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها في القدس.
ولاحقًا، تكرر اسم الضيف في مظاهرات تم تنظيمها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، احتجاجا على قرارات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في الحي لصالح مستوطنين.
وعلى إثر ذلك، خصّ الضيف، في بيان صدر في 4 مايو/ أيار 2021، سكان الشيخ جراح بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.
إذ قال إنه يحيي "أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة"، مؤكدا أن "قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب”.
ووجه "تحذيرا واضحا وأخيرا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليا”.
وبعد أكثر من عامين من ذلك التاريخ، عاد الضيف للدفاع عن المسجد الأقصى، عبر عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي يُعتبر من مهندسيها.
إذ كان من أبرز مبررات إقدام "القسام"، على تلك العملية، تمادي إسرائيل في العدوان على القدس والمسجد الأقصى.
وعلى مدى نحو عقدين من الزمن، جاء الضيف على رأس قائمة الأشخاص الذين تريد إسرائيل تصفيتهم، حيث تتهمه بالوقوف وراء عشرات العمليات العسكرية في بداية العمل المسلّح لكتائب القسام.
ويفتخر جل الفلسطينيين بالضيف وبما حققه من أسطورة في التخفي عن أعين إسرائيل عقودا من الزمن، ودوره الكبير في تطوير الأداء العسكري اللافت لكتائب القسام، وخاصة على صعيد الأنفاق والقوة الصاروخية.
ويعزو جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" فشله لسنوات طويلة في تصفية الضيف إلى شخصيته، وما يتمتع به من حذر، ودهاء، وحسن تفكير، وقدرة على التخفي عن الأنظار، لدرجة أنه سماه "ابن الموت".
** "كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا"
وسابقا، نجا الضيف من عدة محاولات اغتيال منها في أغسطس/ آب 2014، حيث قصفت إسرائيل منزلا شمالي مدينة غزة بخمسة صواريخ، ما أدى إلى مقتل 5 فلسطينيين بينهم زوجة القيادي الضيف (وداد) وابنه علي.
كذلك، حاولت إسرائيل اغتيال الضيف عام 2006، وهو ما تسبب، وفق مصادر إسرائيلية، في خسارته لإحدى عينيه، وإصابته في الأطراف.
وحاولت إسرائيل اغتياله للمرة الأولى عام 2001، لكنه نجا، وبعدها بسنة تمت المحاولة الثانية والأشهر، والتي اعترفت إسرائيل فيها بأنه نجا بأعجوبة وذلك عندما أطلقت مروحية صاروخين نحو سيارته في حي الشيخ رضوان بغزة.
وكان آخر المشاهد المسجلة للضيف ظهوره ضمن وثائقي "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة، وهو يضع اللمسات الأخيرة لعملية "طوفان الأقصى".
وحينها ردد كلمات لخصت مسيرته وهو يشير إلى خريطة فلسطين، جاء فيها:
كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا
ولِي في هذه الأرض آلافُ البُذُور
ومهما حاوَل الطُّغاةُ قلعَنَا ستُنبِتُ البُذُور
أنا هنا في أرضِي الحبيبة الكثيرة العطاء
ومثلُها عطاؤُنا نواصِلُ الطَّريق لا نوقفُ المَسير