كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مصادر إيرانية لم تكشف عن هويتها، أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، أصدر أوامره بضرب إسرائيل مباشرة ردا على مقتل زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران.

وذكرت الصحيفة وفق 3 مصادر رسمية إيرانية، من بينهم عضوان في الحرس الثوري، أن خامنئي أصدر أوامره بهذا الشأن خلال اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي، صباح الأربعاء، بعد وقت قصير من إعلان إيران عن مقتل هنية.

وطلب المسؤولون عدم نشر أسمائهم؛ لأنهم غير مخولين بالحديث بشكل علني، وفق "نيويورك تايمز".

والأربعاء، أصدر مكتب خامنئي نقلته وكالة "تسنيم" الإيرانية، اتهم فيه إسرائيل باستهداف هنية، قائلا إنها اغتالت "ضيفنا العزيز في بيتنا". وأضاف: "لكنه أعد لنفسه أيضا عقابا قاسيا"، في إشارة إلى إسرائيل العدو اللدود لإيران.

ويشارك خامنئي في مراسم تشييع هنية التي انطلقت، الخميس، بجامعة طهران، حيث يؤم المصلين قبل نقل الجثمان للدوحة.

واغتيل هنية في طهران في وقت مبكر من صباح الأربعاء، في عملية أطلقت تهديدات بالثأر من إسرائيل وأثارت المزيد من المخاوف من اتساع رقعة الصراع في غزة بمنطقة الشرق الأوسط.

وكانت إيران شنت في أبريل الماضي هجوما مباشرا على إسرائيل باستخدام مئات المسيرات والصواريخ، وذلك ردا على ضربة جوية دمرت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من الشهر ذاته وأسفرت عن مقتل 7 من مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، واتُهمت إسرائيل بتنفيذها. ولم تؤكد إسرائيل أو تنفِ تورطها في ذلك الهجوم.

وقال المسؤولون للصحيفة الأميركية إن خامنئي، الذي له الكلمة الأخيرة في جميع شؤون الدولة وهو أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة، أصدر تعليماته للقادة العسكريين من الحرس الثوري والجيش لإعداد خطط للهجوم والدفاع في حالة توسع الحرب وضربت إسرائيل أو الولايات المتحدة إيران.

"صفعة قوية"

ولا ينظر المسؤولون الإيرانيون، بحسب الصحيفة، إلى اغتيال هنية على أنه مجرد عملية انتهازية من جانب إسرائيل لأحد أعدائها، بل إنها أيضا إهانة لجهازهم الأمني ​​مما يشير إلى أنه يمكن استهداف وقتل أي شخص في إيران على أي مستوى.

كان هنية، الذي يقيم في قطر، هو الوجه الدبلوماسي للحركة الفلسطينية على الساحة الدولية منذ اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر في غزة. كما شارك في المفاوضات التي جرت بوساطة دولية بهدف التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع.

الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، لم يجد أمامه سوى القليل من الوقت قبل مواجهة أولى أزماته الرئاسية الكبرى، وعلق على اغتيال هنية في طهران، قائلا إنها "جريمة لن تمر دون رد"، وفق وكالة "إرنا" الرسمية الإيرانية.

في تقرير منفصل، نقلت "نيويورك تايمز" عن السياسي الإيراني وزعيم حملة بزشكيان، علي أكبر بهمنيش، قوله إن مقتل هنية "بمثابة صفعة قوية في وجده مكانة إيران في المنطقة. لقد أذل بلادنا وقوّض جهازنا الأمني بالكامل، وكشف عن عن وجود ثغرات خطيرة في الاستخبارات".

هل كان "اختراقا من الداخل"؟.. تساؤلات عن قدرات إيران بعد اغتيال هنية كشفت حادثة اغتيال القائد السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية، طهران، من جديد عن نقاط ضعف في النظام الأمني والاستخباراتي في إيران.

وقالت كتائب "عز الدين القسام" الجناح العسكري لحماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) في بيان نقلته وكالة رويترز، الأربعاء، إن "عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية وفي قلب العاصمة الإيرانية هي حدث فارق وخطير، ينقل المعركة إلى أبعاد جديدة وسيكون له تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها".

"لا خيار آخر"

ولم يشر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إلى مقتل هنية في بيان أذاعه التلفزيون، مساء الأربعاء، لكنه قال إن إسرائيل وجهت ضربات ساحقة لوكلاء إيران في الآونة الأخيرة، بما في ذلك حماس وحزب الله، وسترد بقوة على أي هجوم.

ومضى نتانياهو بقوله: "مواطنو إسرائيل، تنتظرنا أيام صعبة. منذ الضربة في بيروت، هناك تهديدات من جميع الاتجاهات. نحن مستعدون لأي احتمال وسنقف متحدين وعازمين في وجه أي تهديد. ستفرض إسرائيل ثمنا باهظا لأي عدوان عليها من أي ساحة".

من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد مينسر، في إفادة صحفية إن إسرائيل ملتزمة بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وضمان تحرير الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في غزة.

ويعتقد محللون أن إيران ترى أن الانتقام ضروري للانتقام لمقتل هنية لردع إسرائيل عن قتل أشخاص أقوياء آخرين، مثل حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، أو الجنرال إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس الذي يشرف على الجماعات المسلحة خارج إيران.

وقال الباحث المتخصص بالشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية، علي واعظ، "من المرجح أن تعتقد إيران أنه ليس لديها خيار آخر سوى الانتقام لردع المزيد من الهجمات الإسرائيلية والدفاع عن سيادتها، والحفاظ على مصداقيتها في نظر شركائها الإقليميين".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: مقتل هنیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

إيران وأمريكا وحرب غزة

ليس من المألوف أن يسارع مجلس الشورى الإيراني إلى الموافقة على جميع أعضاء الحكومة الجديدة لرئيس الجمهورية الجديد، ولا شيء أصعب من مرور حكومة يعينها رئيس إصلاحي أو معتدل في برلمان يسيطر عليه غلاة المحافظين الأصوليين. لكن "المعجزة" حدثت مع حكومة الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، وتلك ليست صدفة، فلا شيء يحدث هناك إلا بقرار أو إشارة من بيت المرشد الأعلى علي خامنئي، ولا أحد يجهل أن مجلس صيانة الدستور الذي رفض ترشح شخصيات معتدلة وإصلاحية وازنة وحتى شخصية محافظة قوية مثل لاريجاني، كان يمكن ألا يمر بزشكيان في غرباله، وسر السماح له ثم نجاحه في منافسة مع المتشدد سعيد جليلي المقرب من خامنئ،ي هو حاجة إيران إلى "فسحة" في فضاء شديد التوتر.
فالمرشد الأعلى اعترف بأن الوضع الاقتصادي هو "نقطة الضعف الرئيسة"، ولا انفراجة اقتصادية من دون رفع العقوبات الأمريكية عن طهران، ولا رفع عقوبات من دون العودة للاتفاق النووي الذي خرجت منه أمرييكا خلال رئاسة دونالد ترامب، ولا عودة إذا رجع ترامب إلى البيت الأبيض في انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ولا عودة حتى مع إدارة الرئيس جو بايدن من دون الحاجة إلى "تحديث" نقاط في الاتفاق ومعالجة نقاط استجدت من خارجه، كما يقول مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفاييل غروسي. فما العمل؟.
خامنئي الذي استشاره بزشكيان في كل أعضاء الحكومة، لا فقط في المرشحين لوزارات الدفاع والخارجية والاستخبارات والقضاء بحسب العادة، أعطى إشارات معبرة خلال استقباله للحكومة. قال: "لا قيود وعوائق أمام التعامل مع العدو عند اللزوم حين يكون ذلك مفيداً، من دون الثقة به"، وأوحى أن الملف النووي على الطاولة، وكان بين الحاضرين محمد جواد ظريف نائب رئيس الجمهورية ووزير الخارجية السابق في عهد الرئيس حسن روحاني الذي قاد المفاوضات على الاتفاق النووي قبل أعوام، والذي استقال احتجاجاً على تشكيل حكومة لا تمثل ناخبي بزشكيان، ثم عاد عن الاستقالة، وهو أيضاً الذي احتج في حديث مسجل للأرشيف على ممارسات "الحرس الثوري" في جعل "الدبلوماسية" في خدمة "الميدان" بدلاً من أن يكون الميدان في خدمة الدبلوماسية.




ولم يتأخر وزير الخارجية الجديد عباس عراقجي، وكان معاوناً لظريف خلال المفاوضات، في تحديد سياسة الحكومة بأنها "إدارة الصراع" مع الولايات المتحدة ضمن "اتفاق الطرفين على مصالحهما"، وبكلام آخر فإن إيران جاهزة للتفاوض، لكن السؤال هو هل أمريكا جاهزة؟.
خلال ولاية الرئيس جو بايدن كانت واشنطن جاهزة، لكن طهران لم تكُن كذلك عملياً. والوقت اليوم ضاغط على مسافة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فلا بايدن قادر على عقد صفقة لا أحد يعرف تأثيرها في التصويت، ولا ترامب في وارد الاتفاق الذي خرج منه إذا عاد للبيت الأبيض، ولا كامالا هاريس نائب بايدن على عجلة من أمرها لأنها في حاجة إلى تركيب إدارة وترتيب سياسات على مدى أشهر بعد نجاحها المفترض، فضلاً عن أن طهران تراهن على صفقة أوسع من الاتفاق النووي، بعدما كانت في الماضي تصر على حصر التفاوض بالموضوع النووي، والسبب هو الرهان على مرحلة ما بعد حرب غزة.
فإيران التي تقود "محور المقاومة" وتدير حرب "الإسناد" لحركة حماس في حرب غزة عبر "وحدة الساحات" تتحدث عن متغيرات جيوسياسية واستراتيجية في المنطقة بعد حرب غزة وبسببها، وهي تتصور أن دورها في الحرب ولو بالوكالة يقدم لها فرصة تفاوض "نداً بندّ" مع أمريكا على مستقبل "غرب آسيا" ودور طهران الإقليمي والتسليم بـ"شرعية" دولية له.
ولكن ذلك ليس مضموناً، فإعادة تشكيل الشرق الأوسط تحتاج إلى حرب شاملة أوسع بكثير من حرب غزة، ودور إيران في الحرب الأخيرة على أهميته، لا يعطيها وحدانية الدور الإقليمي باعتراف أمريكي، على افتراض أن روسيا ليست ضد تكبير الدور الإيراني والدور التركي والدور الإسرائيلي، وأيضاً على افتراض أن الدور العربي غائب والدور الصيني يكتفي بمشروع "الحزام والطريق".
صحيح أن "محور المقاومة هو أهم مكون لقوة إيران"، كما قال عباس عراقجي، لكن الصحيح أيضاً أن هذه القوة قائمة على فصائل أيديولوجية مسلحة في اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان جرى تأسيسها على حساب الشرعية العربية لبلدانها، وهي تتبادل القصف مع إسرائيل وتوحي بأن ورقة القضية الفلسطينية صارت في يد طهران وحدها، غير أن ذلك مجرد هدف على الطريق إلى الدفاع عن النظام الإيراني والعمل للمشروع الإقليمي الفارسي.
الكل يعرف أن إيران تعمل بدهاء على المدى الطويل، فلا هي تريد الصدام العسكري مع أمريكا التي تسميها "الشيطان الأكبر"، كما تؤكد بعد الحشد العسكري الأمريكي في المنطقة خلال حرب غزة ودور "محور المقاومة"، ولا هي تجهل أن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر يعني صداماً مع أمريكا وأوروبا، وخلافاً مع روسيا والصين، بصرف النظر عن الإفادة من رفع شعار التحرير. لكن العامل الإيراني في الصراع مع إسرائيل له وجه سلبي إلى جانب الوجه الإيجابي، استخدامه من قبل المتطرفين في الحكومة، والكنيست، عذراً إضافياً لرفض "حل الدولتين" بحجة أن أي دولة فلسطينية ستصبح قاعدة لإيران.
والمفارقة أن طموح إيران إلى دور كبير في المنطقة يرافقه هاجس القلق من محاولات لإسقاط النظام، وما يبحث عنه خصوم النظام هو نقطة الضعف، وهل هي في القلب أم في الأطراف، في طهران أم في الأذرع الميليشياوية التي هي "أهم مكون لقوة الجمهورية"؟، واللعبة طويلة بمقدار ما هي خطرة.

مقالات مشابهة

  • "أربعون هنية".. ووقت إيران "المناسب وغير المناسب"
  • الخارجية الإيرانية ترد على مزاعم إرسال طهران صواريخ بالستية إلى روسيا
  • إيران وأمريكا وحرب غزة
  • مدير الاستخبارات البريطانية: أشك أن إيران ستحاول الانتقام لاغتيال إسماعيل هنية
  • بريطانيا تتوقع انتقاماً إيرانياً لاغتيال هنية
  • رئيس المخابرات البريطانية: إيران لا تزال تعتزم الثأر لمقتل هنية
  • رئيس المخابرات البريطانية: إيران تعتزم الثأر لمقتل إسماعيل هنية
  • قرار أخير من الجنائية الدولية بحق الشهيد إسماعيل هنية
  • الجنائية الدولية تسقط قضية ضد إسماعيل هنية بعد اغتياله في طهران
  • كيف قرأت الأوساط الإيرانية موقف موسكو حيال ممر زنغزور؟