الجمهوريون هم من إخترعوا مصطلح “دولة 56”
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
محمود عثمان رزق
7 أبريل 2024
لقد تفاجأ السودانيون على جميع مستوياتهم بظهور مصطلح جديد في الساحة السودانية بعد إندلاع الحرب التي بدأها الدعم السريع في 15 أبريل 2023. إنتشر مصطلح "دولة 56 " إنتشار النار في الهشيم وخاصة وسط جنود الدعم السريع. فبعد كل كلمة أو ظهور إعلامي لهؤلاء الجنود أو المستشارين أو قادتهم تسمع السب والهجوم ولعن "دولة 56"!! فسألت نفسي وغيري ما المقصود بهذا المصطلح؟ ومن أين مدرسة فكرية جاء؟ ومن إخترعه؟ وكم عمره؟ ولماذا لم نسمع به طوال هذه السنين؟ وماذا فعلت دولة "56" حتى تهاجم كل هذا الهجوم؟ ومن ألقى بهذا الكرت لهؤلاء المتمردين ليجعلوا منه شعاراً ومشروعاً يبرر لهم شنائعهم؟ وللأسف لم أجد إجابة لأسئلتي هذه.
وبدأت أتابع المقابلات واللايفاتية والمقالات فلاحظت أن المصطلح المختلق بدأ يكبر ويُستخدم بكثافة شكلت منه مُسلَّمة وأساساً لمظلومية متوهمة أعانت هؤلاء على تبرير أفعالهم الإجرامية في حق الشعب السوداني وهم يخادعون أنفسهم وهم يعلمون. وبالصدفة وأنا أبحث عن محاضرات عن الهوية السودانية في اليوتيوب وقعت عيني على فديو تحت عنوان "محمود محمد طه ومشكل الهوية وقضايا التهميش" فقررت أن أستمع له من ضمن ما اسمع من أجل تنوع الأرأء لمعرفة الحقيقة أو تجميعها من كل رأي جزءاَ جزءا.
في هذا الفديو كان المتحدث هو د. عبد الله الفكي البشير وقد كان منوط به شرح رأي محمود محمد طه على ضؤ مشروعه الفكري الذي يدعو فيه الى "نقد التصورات وتفكيك الإفتراضات والمسلمات كما يسعى المشروع الى المساهمة في إعادة النظر في المفاهيم والمدلولات وإعادة توصيف العناوين واللافتات الفكرية والثقافية ". ود. الفكي هو من جاء بمصطلح "دولة 56" وهو من شن على الأباء المؤسسين للسودان الحديث حملة شعواء تلقفها الدعم السريع لتصبح له فكرة سياسية تشرعن له حربه ويجعلها جاذباً لدعاة التهميش من السياسيين وحواضنهم السياسية.
في هذا الفديو قال د. عبد الله الفكي بالنص ما يلي: " في الحقيقة الورقة السابقة للدكتور جمعة كندا كومي رائعة وقال دولة السودان منذ الإستقلال حتى ثورة ديسمبر نموذج للدولة المنتهكة للحقوق أو حقوق الأقليات... وفي واقع الأمر أيضاً أنا ورقتي هذه تنطلق من فرضية تقول بأنو في ظل المسار السارت عليهو الدولة السودانية، دولة ما بعد الإستعمار منذ الإستقلال 56 وهي سارت بفكر القادة والساسة المعلومين عندنا، هذه الدولة بسيرها هذا لو ما قامت ثورة ديسمبر لنتهت بأن يكون مصير الشعوب الأصيلة في السودان مصير أبوالرجينز في أستراليا والهنود في أمريكا وكندا. مصير الشعوب الأصيلة شعوب جبال النوبة، وشعوب جنوب السودان قبل الإنفصال، والنيل الأزرق والبجا وكثير من الشعوب الأصيلة كان مصيرهم حيكون مصير أبوالرجينز السودان. وكان ممكن يكونوا في معسكرات في أطراف المدن يحتسون الخمر ويعيشون حياة أبوالرجينز والهنود وهم شعوب أصيلة"
هكذا بدأ الرجل افتتاحيته بتحريض واضح وإفتراضية مريضة متوهمة خبيثة تصور الشعب السوداني الواحد وفقاً للمصطلحات السياسية المعاصرة شعوباً "كثيرة" لا حصر لها ولا عدد، منها الأصيل ومنها غير الأصيل الذي يجب أن يطرد من حدود الدولة الحديثة! وكاد هذا الفكي الذي يحمل الشهادات العليا أن يجعل من كل إثنية وقبيلة سودانية شعباً قائما بذاته، بل كل فخذ من تلك القبائل والإثنيات في نظر الفكي شعب قائم بذاته. والجدير بالذكر أن للجمهريين شغف شديد بكلمة "أصيل" حتى أصبحت الكلمة ومشتقاتها أصل أصيل من فكرهم وفكرتهم وافكارهم.
لقد قصد الرجل من كل ذلك التهويل والتخويف تهيئة مستمعيه نفسياً ليسمعوا منه قولاً عجباً هو "أن محمود محمد طه هو الذي فدى المهمشين بنفسه من أن يكون مصيرهم كمصير الهنود في أمريكا وأبوالرجنيز في أستراليا" وهو بهذا القول يضاهي قول النصارى في عيسى، وفي إعتقادهم أن المسيح عليه السلام صلب ومات في الصليب فداءاً لهم ولذنوبهم. والأكثر عجباً من ذلك قوله: إن الحزب الشيوعي ومنصور خالد ومعهم البطل ياسر عرمان كان لهم القدح المعلى في فداء المهمشين!.. إي والله هذا ما قاله الرجل والفديو أمامكم فاسمعوه.
ومن جهتنا نقول للفكي وحيرانه إن الدراسات السياسية الحديثة حددت مفهوم الأوطان والشعوب والحدود الجغرافية والسيادة وغيرها فيما يتعلق بتكوين وإدارة الدولة الحديثة. فالدولة الحديثة تتكون من شعب واحد، وأرض واحدة، وحكومة واحدة، وجيش واحد، وهذا ما حققته بالضبط دولة 56 التي يلعنها الفكي ومن تبعه من الجنجويد ظلماً وبهتناً. وهذا التعريف السياسي الحديث للدولة لا يتعارض مع وجود إثنيات وقبائل وأديان وألسن وألوان مختلفة في الدولة الواحدة، وبالتالي لا يعني وجود شعوب مختلفة في أرض واحدة في دولة حديثة بل يعني بوضوح وجود شعب واحد في أرض واحدة فقط.
نعم، قد تكون الدولة الحديثة مقصرة في التنمية المتوازية بقصد أو غير قصد، وقد تميل للحضر على حساب الريف بسبب البنية التحتية للحضر، وقد تظلم وتتجبر وتنتهك للحقوق عامة أو حقوق بعض الأقليات الإثنية أو الدينية، ولكن كل ذلك له سبل علاج كثيرة ومختلفة ليس منها تقسيم الشعب الواحد لشعوب مختلفة تتناحر فيما بينها مهددة للوحدة الوطنية والسياسية والإجتماعية. لقد طورت المجتمعات الإنسانية الحديثة آليات معاصرة لحل مشاكل الداخل وأيضاً حل مشاكل الخارج تجنباً للحروب الداخلية والخارجية التي تهلك الحرث والنسل.
وعلى كلٍ، إن دولة 56 هي التي توسعت في التعليم على جميع مستوياته حسب قدرتها، وهي التي رفعت للسودان علماً بين الأمم الحديثة، وهي التي جعلت السودان عضواً في جميع المنظمات الدولية والإقليمية الحديثة، وهي التي أنشأت المصانع حسب قدرتها، وعبّدت الطرق وأنشأت الكباري حسب قدرتها، وهي التي دعمت حركات التحرر الأفريقي والعربي بكل شجاعة، وهي التي وزعت الأقاليم وحددت عواصمها، وهي التي جاءت بالفدرالية والحكم المحلي وتواصلت مع كل الإثنيات، وهي التي أسست المحاكم الحديثة والمحكمة العليا والمحكمة الدستورية، وهي التي سنت قائمة طويلة من القوانين المتنوعة التي تحكم الدولة، وهي التي أخرجت البترول وصنّعت السلاح، وهي التي أشركت ممثلين من كل الأقاليم في جميع مستويات الحكم، وهي التي غنت وأنشدت لجميع ربوع السودان...وهي وهي وهي .....وباختصار حسنات 56 أكثر من سيئاتها بكثير جدا ولا مقارنة أصلاً، ومن كان منكم بدون خطيئة فليرمها بأول حجر، والمسألة حساب ما كوار وغلاط من جنس "عنزة ولو طارت".
إن دولة 56 الأولى واجهت واقعاً إجتماعياً متخلفاً جداً، وتمرداً عسكرياً قاتلاً فاجراً من أول يوم، ودولة شاسعة متباعدة الأطراف، وبنية اقتصادية محدودة المفاهيم والطاقات، ووسائل إتصال متخلفة جداً ومحدودة، وخبرة إدارية قليلة في شئون الحكم والإتصال بالعالم الخارجي، ومع ذلك كله رفعت دولة 56 صوت السودان عالياً وحفرت اسمه عميقاً في صفحات التاريخ. إن واجب الأوطان يدعونا لإكمال ما بدأته دولة 56 واستدراك ما فات عليها من تنمية ومشروعات وأفكار وقيم بدلاً من لعنها ولعن قادتها بسبب كلمات قالوها تحت تأثير الآيدلوجيا الثورية المضادة للإستعمار، أو بسبب الحاجة النفسية للإنتماء القومي أو الأممي ضد الإستعمار بسبب حالة الشتات التي عاشوها.
وفي ختام القول إن الهجوم على دولة 56 لن يصبح برنامجاً سياسياً للجنجويد، ولا لمن يقف وراءهم من أمثال د. عبد الله الفكي البشير وإخوانه الجمهوريين، وأصحابه الشيوعيين، وقادة قحت/تقدم من أمثال ياسر عرمان وغيره. على هؤلاء الجلوس على الأرض لتصميم برنامج سياسي وتنموي حقيقي يقنع الجميع بالوقوف وراءه بدلاً من نبش عيوب التاريخ والآخرين وسواقة الناس بالخلا، فتلك أمة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، والعيال كبرت وفهمت يا جدعاااان.
morizig@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدولة الحدیثة وهی التی دولة 56
إقرأ أيضاً:
بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
تناقلت الأسافير تهديدًا نُسب إلى بعض قيادات “تقدم”، مفاده أنهم يعتزمون فك الارتباط عن المجموعة التي قررت تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع. إلا أن الخبر لم يحمل تفاصيل كافية، بل اكتفى بنشر صور بعض القيادات المعروفة للحركة مع النبأ المقتضب.
بطبيعة الحال، يمكن للأسافير أيضًا أن تنشر أخبارًا وصورًا لمختلف القيادات المكونة لـ”تقدم”، خاصة أولئك الذين ينادون بوقف الحرب وتأسيس حكومة سلام ووحدة، تسعى لنزع الشرعية عن سلطة الأمر الواقع القابعة في بورتسودان. كما يمكن لهذه المنصات أن تجري مقارنات عددية وديموغرافية بين الفصيلين داخل “تقدم”، متناسية النقاشات والقرارات التي تمخض عنها الاجتماع التأسيسي الثاني للحركة، الذي عُقد في عنتيبي، أوغندا، في ديسمبر ٢٠٢٤، حيث تم الاتفاق على أن تُحسم مثل هذه القضايا الأساسية بالتوافق.
لم يكن لهذا الاجتماع التأسيسي الثاني أن يُقر مبدأ التوافق إلا لضمان وحدة “تقدم” ومنع أي محاولات للانقسام، ناهيك عن منح أي طرف حق إصدار “ورقة انفصال” أو “طلاق سياسي” للأطراف الأخرى.
**تقدم: التعددية والوحدة رغم الاختلاف**
عند التأمل في المشهد العام لـ”تقدم”، نجد أنها تمثل طيفًا سودانيًا متنوعًا، يسعى أصحابه إلى وحدة المصير رغم الاختلافات، ويتبنون نهجًا سلميًا لمعالجة التباينات في الرأي والمنهج.
كذلك، لا يغيب إلا على مغرض أو من هم في غيبوبة سياسية، أن دعاة الحكومة الشرعية يسعون إلى طرح بديل حقيقي لحكومة الانقلاب الكيزانية، التي ارتكبت الفظائع ضد المدنيين، من قتل الأطفال واغتصاب النساء إلى بقر بطون الحوامل، وحمل الرؤوس المقطوعة على فوهات البنادق. ولا يغيب على عاقل أو حادب أن دعاة حكومة السلام يرون أن الحل الوحيد للحفاظ على وحدة السودان يكمن في إعلان حكومة شرعية في المناطق التي يمكن لثمانية عشر مليون لاجئ ونازح العودة إليها، تحت حماية إقليمية ودولية.
• *إن حكومة كهذه لن تُقدِم على تغيير العملة لإرهاق سكان ١٢ أو ١٣ ولاية سودانيةودفعهم إلى الهجرة القسرية.
• *ولن تمنع طلاب السودان من أداء امتحانات الشهادة الثانوية.
• *ولن تلغي جوازات سفر الغالبية العظمى من المواطنين.
بل سيكون هدفها إعادة بناء البنية الاقتصادية والصناعية التي دمّرها سلاح الجو التابع للفلول، مستعينًا بسلاح الجو المصري. كما ستركز على إعادة إعمار الجسور والمستشفيات والجامعات التي استهدفتها الغارات الجوية، في محاولة لتحقيق حلم **دولة البحر والنهر**الانفصالية، أو إعادة إحياء مشروع **دولة وادي النيل**الاستعمارية، التي تسعى إلى ضم السودان تحت النفوذ الاستعماري المصري من جديد.
ولكن، هل يمكن تحقيق هذا المشروع دون إرادة السودانيين؟ وهل يمكن فرض واقع سياسي جديد دون توافق القوى الفاعلة في البلاد؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي تتجاهله بعض الأطراف المتحمسة لحلول غير واقعية، تتجاهل تعقيدات المشهد السوداني.
**بين التوافق والانقسام: المسار المستقبلي لـ”تقدم”**
إن جوهر الصراع داخل “تقدم” ليس مجرد انقسام بين تيارين، بل هو صراع بين رؤيتين:
• *رؤية تدعو إلى الحل السياسي السلمي، عبر إعادة بناء السودان وفق مشروع وطنيشامل يستند إلى التعددية والعدالة والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
• *ورؤية أخرى تميل إلى الاصطفاف مع الأمر الواقع، إما بالانخراط في مشاريعسلطوية لا تعكس الإرادة الشعبية، أو بالانسياق وراء خطابات العنف والتقسيم، أوعبر تحقيق الرؤية الكيزانية التمكينية التي ترى السودان ليس وطناً لكلالسودانيين، بل ملكية خاصة للإسلاميين، حيثما كانوا.
لقد أكّد الاجتماع التأسيسي الثاني في عنتيبي أن “تقدم” ليست مجرد تحالف عابر، بل مشروع وطني يسعى إلى توحيد القوى الديمقراطية والمدنية خلف رؤية واضحة لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة. ومن هنا، فإن أي محاولات لإحداث انقسام داخلي أو فرض خيارات غير توافقية لن تؤدي إلا إلى إضعاف المشروع الوطني برمته.
**تحديات المرحلة المقبلة**
إن المشهد السوداني اليوم يواجه تحديات كبرى، تتطلب رؤية واضحة لمواجهتها، وأبرز هذه التحديات:
١- استمرار الحرب وآثارها المدمرة، حيث تسببت الصراعات المسلحة في تهجير الملايين وتدمير المدن والبنية التحتية.
٢- غياب سلطة مركزية شرعية، مما يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية والمشاريع التي تسعى إلى إعادة رسم خريطة السودان وفق مصالح إقليمية ودولية.
٣- الانقسامات داخل القوى المدنية والمقاومة، مما يُضعف قدرتها على تشكيل بديل حقيقي يحظى بقبول محلي ودولي.
٤- التدخلات الأجنبية، التي تسعى إلى فرض حلول قد لا تتناسب مع طبيعة المجتمع السوداني وطموحات شعبه.
**ما العمل؟**
لمواجهة هذه التحديات، تحتاج القوى المدنية الديمقراطية داخل “تقدم” وخارجها إلى:
• *التمسك بوحدة الصف، وعدم السماح بأي محاولات لتمزيق الصفوف لصالحأجندات خارجية أو شخصية.
• *العمل على مشروع “الجمهورية الثانية”، كبديل لدولة ١٩٥٦، وهو مشروع وطنيشامل يعكس تطلعات السودانيين في إقامة دولة ديمقراطية عادلة، دون استثناءأو إقصاء؛ دولة قادرة على معالجة جراح التهميش والصراعات التي طغت علىسياسات البلاد منذ الاستقلال.
• *التواصل مع القوى الإقليمية والدولية، لتوضيح أن أي حل لا يأخذ في الاعتبارمصالح الشعب السوداني الحقيقية لن يكون قابلًا للاستمرار.
• *رفض أي تدخلات تهدف إلى فرض وصاية خارجية، سواء عبر دعم طرف معين فيالصراع، أو عبر مشاريع سياسية واستعمارية لا تحترم إرادة الشعوب السودانية.
**الخاتمة**
إن “تقدم”، بمختلف أطيافها، أمام مفترق طرق حاسم: إما أن تكون قوة موحدة تسعى إلى إعادة بناء السودان على أسس سليمة، أو أن تنجرّ إلى صراعات داخلية تُضعف موقفها وتمنح الفرصة لقوى الثورة المضادة لترسيخ سيطرتها.
المعركة اليوم ليست فقط حول تشكيل حكومة هنا أو هناك، بل هي معركة من أجل مستقبل السودان كدولة موحدة، ديمقراطية، ومستقلة عن أي نفوذ خارجي.
التاريخ لن يرحم أولئك الذين يضعون المصالح الضيقة فوق المصالح الوطنية، ولن يغفر لأولئك الذين يسعون إلى تقسيم السودان أو رهن قراره للخارج. الخيار الآن في يد السودانيين: إما السير في طريق الوحدة والسلام، أو الاستمرار في دوامة الانقسام والصراع.
نواصل
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٩ يناير ٢٠٢٥ - روما، إيطاليا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com