زهير عثمان

تعد محاولة اغتيال البرهان حدثًا فارقًا في الساحة السياسية السودانية، وتعكس التوترات العميقة والصراعات على السلطة بين الفصائل المختلفة داخل الجيش السوداني والإسلاميين. لفهم هذا الحدث بشكل أعمق، يجب النظر إلى الأمور من زوايا متعددة، بما في ذلك الدوافع وراء هذه المحاولة والهدف الحقيقي للإسلاميين في هذه اللعبة السياسية المعقدة.



السياق السياسي والمحاولة
منذ سقوط نظام البشير، تعيش السودان في حالة من الفوضى السياسية والعسكرية، حيث تتصارع القوى المختلفة للسيطرة على البلاد. البرهان، بصفته قائد الجيش، يمثل قوة رئيسية في هذا الصراع. محاولة اغتياله تشير إلى رغبة قوية من جهات معينة في إعادة ترتيب الأوراق والسيطرة على مسار الأحداث.

دور الإسلاميين
الإسلاميون، الذين خسروا الكثير من نفوذهم بعد سقوط نظام البشير، يسعون الآن لإعادة تموضعهم في المشهد السياسي. يعتقد البعض أن محاولتهم إزاحة البرهان ليست سوى جزء من خطة أكبر تهدف إلى السيطرة على عملية التفاوض مع قوات الدعم السريع وتوجيهها بما يخدم مصالحهم. هؤلاء الإسلاميون يسعون للحفاظ على ما تبقى لهم من نفوذ عسكري واقتصادي، وضمان حماية شبكات الفساد التي تدعمهم.

التحليل من منظور السلطة
الصراع حول السلطة في السودان لا يتعلق فقط بشخصية البرهان أو الإسلاميين، بل يتعلق بمن يمتلك القوة الحقيقية على الأرض. البرهان لديه طموحاته الخاصة ورغبة في الحفاظ على نفوذه، مما يجعله عائقًا أمام خطط الإسلاميين. هؤلاء يريدون استبداله بضابط موالي لهم يمكنهم من خلاله توجيه الجيش والتفاوض لصالحهم، وبالتالي ضمان استمرار نفوذهم.

البعد الإنساني والاستراتيجي
المؤسف في هذا الصراع هو تجاهل معاناة المواطنين الأبرياء. الحرب الحالية تدمر البلاد وتزيد من معاناة الشعب، بينما يتصارع القادة على السلطة. الحل الحقيقي يكمن في إعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تحقق السلام المستدام، لكن هذا يتطلب إرادة سياسية ناضجة غير متوفرة حاليًا بين الأطراف المتقاتلة.

التحديات المستقبلية
الظروف الحالية تتيح لجميع الأطراف المتقاتلة فرصة لفتح صفحة جديدة، تهدف إلى إيقاف الحرب ووضع البلاد على مسار بناء السلام. ولكن الإسلاميين والبرهان جربوا كل الطرق الممكنة وغير الممكنة لتحقيق طموحاتهم الاستبدادية على حساب حلم الدولة المدنية الديمقراطية. نتيجة هذا الصراع المستمر هي المزيد من الدمار والخراب دون تحقيق أي نصر حاسم لأي طرف.

الصراع بين الإسلاميين والبرهان يعكس أزمة أعمق في السودان، وهي أزمة الحكم العسكري والفشل في تحقيق دولة مدنية ديمقراطية. استمرار هذا الصراع يعني مزيدًا من المعاناة للشعب السوداني ومزيدًا من التقسيم والتفكك للبلاد. الحل الوحيد يكمن في الوصول إلى تسوية سياسية تعيد بناء الدولة على أسس جديدة تحقق السلام والاستقرار الدائمين.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذا الصراع

إقرأ أيضاً:

ماكرون يبحث مع السوداني زيارته إلى العراق وعقد نسخة جديدة من مؤتمر بغداد

ماكرون يبحث مع السوداني زيارته إلى العراق وعقد نسخة جديدة من مؤتمر بغداد

مقالات مشابهة

  • هل تعرض مظلوم عبدي لمحاولة اغتيال؟
  • التنمر السياسي في العراق: السلطة والمجتمع
  • الأمم المتحدة: السوريون يعيشون مرحلة جديدة بعد 14 عامًا من الصراع
  • ???? مدنيون ضد الحقيقة ومع تدمير العقل السياسي السوداني
  • الأمم المتحدة: سوريا تدخل مرحلة جديدة بعد 14 عامًا من الصراع
  • ماكرون يبحث مع السوداني زيارته إلى العراق وعقد نسخة جديدة من مؤتمر بغداد
  • بن شرادة: هدف حكومة الدبيبة قد يكون تعطيل وعرقلة الانتخابات وإرباك المشهد السياسي
  • نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في القامشلي
  • شاهد بالفيديو.. وزير الخارجية السوداني وسفير السودان بمصر يرقصان في إحدى الاحتفالات بالقاهرة وتيكتوكر مصري يوثق المشهد
  • المنشاوي.. "القارئ الباكي" الذي نجا من محاولة اغتيال بالسم