السويداء-سانا

اتخذ الجيش العربي السوري منذ تأسيسه في الأول من آب عام 1945 عقيدة قتالية قوامها الدفاع عن سيادة ومصالح الأمة العربية برمتها رافعاً شعار “وطن شرف إخلاص” الذي جسد فيه معاني الدفاع عن الوجود والمصير والحقوق والحفاظ على الهوية، وعندما نتحدث عن الجيش العربي السوري فإننا نتحدث عن جيش أخذ على عاتقه قضايا الأمة العربية ولم يتوان يوماً عن خوض أي معركة لنصرة قضاياها وصون عزتها ومجدها.

العميد الركن الطيار عدنان مهنا رئيس رابطة المحاربين القدماء بالسويداء وأحد المقاتلين الذين خاضوا أهم المعارك في تاريخ انتصارات هذا الجيش وخاصة حرب تشرين التحريرية ومعارك التصدي للعدوان الإسرائيلي على لبنان تحدث لـ سانا مستذكرا ًبعض المحطات المضيئة في تاريخ الجيش العربي السوري قائلاً: “عندما نتحدث عن جيشنا الباسل فهذا يعني استذكاراً للمحطات
المشرفة والمشرقة لهذه المؤسسة العسكرية الوطنيّة برجالاتها وقيادتها والتي شكّلت عبر التاريخ سياج الوطن وحصنه المنيع، فمنذ التأسيس وحتى اليوم خاض هذا الجيش الكثير من المعارك، مسطراً أهم الانتصارات في سبيل عزة الوطن وفي سبيل الحفاظ على وحدته واستقلاله… اليوم تحلّ هذه الذكرى لتؤكد أن ولادة الجيش العربي السوري في الأول من آب قبل تسعة وسبعين عاماً كانت نصراً كبيراً حقّقه الشعب السوري بانتصار إرادته وتحقيق مطلبه بأن يكون هذا الجيش هو جيش الشعب المؤمن بقضاياه والمدافع عن أرضه وإرادة شعبه وجيش الأمة العربية، حيث كان منذ نشأته رافعاً شعار الوحدة العربية محافظاً على عقيدته القومية جاعلاً من القضية الفلسطينية قضيته المركزية الأولى كما هي كل القضايا التي تهم الأمة العربية”.

وتابع العميد مهنا: “إن الجيش العربي السوري كان رائداً في التصدي لمخططات الغرب والكيان الصهيوني لجعل فلسطين وطناً للصهاينة ولمسح هوية فلسطين العربية، ومن هنا كان جيشنا العظيم وما زال حصناً منيعاً أمام أطماع الصهاينة في اغتصاب المزيد من الأرض العربية.. وكان على مدى أكثر من سبعة عقود الجيش العربي السوري المؤمن بالقومية العربية نهجاً وسبيلاً
لصون كرامة الأمة العربية والدفاع عن أمنها ومصالحها.. وشارك في جميع المعارك التي خاضتها الأمة العربية وسطّر مقاتلوه أعظم ملاحم البطولة والتضحية وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك ابتداء من حرب إنقاذ فلسطين عام 1948 مروراً بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحرب الاستنزاف التي استمرت نحو ست سنوات عقب عدوان حزيران عام 1967 وصولاً إلى الانتصار الأهم في حرب تشرين التحريرية عام 1973 بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد وصولاً إلى الدفاع عن لبنان الشقيق ووحدته في الفترة 1976-1982”.

ويقول مهنا: “واليوم في ذكرى تأسيسه ما زال هذا الجيش يمضي أكثر عزيمة وأشد تصميماً على تطهير ما تبقى من ربوع الوطن بإرادته المبنية على القيم الوطنية والعقيدة العسكرية، وتحقيق النصر النهائي في المعركة التي يخوضها اليوم ضد المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إذ لا تختلف هذه المعركة في جوهرها ومضمونها عن المعارك السابقة التي خاضها جيشنا ضد كل قوى الاستعمار وإن اختلفت الأشكال وتعددت الأساليب، فبواسل هذا الجيش ما زالوا يرخصون أرواحهم ودماءهم من أجل أن يبقى هذا الوطن حراً ويبقى علم الجمهورية العربية السورية مرفوعا”.

بدوره العميد الركن حكمت أبو غازي ضابط متقاعد من تشكيلات المدفعية السورية تحدث عن دور سلاح المدفعية كأحد أهم تشكيلات الجيش التي كان لها دور حاسم في المعارك الكبرى في تحقيق النصر، معبراً عن شعوره بالفخر لانتمائه إلى سلاح المدفعية وللجيش العربي السوري، ويقول: “كان لسلاح المدفعية دور حاسم وفعال في جميع الحروب والمعارك التي خاضها جيشنا البطل، فقد كانت مدفعيته تدمر نقاط العدو وتحصيناته ومقرات القيادة وأسلحته العملياتية التكتيكية ومطارات العدو ومناطق تحشده وتحبط هجماته من مسافات بعيده وتؤمن الظروف المناسبة لقوات الاقتحام والدبابات لتنفيذ مهامها بأقصر وقت ممكن وبأقل الخسائر”.

وأضاف: “كانت المدفعية أول من تبدأ الحرب وآخر من تنهيها محافظة على العهد والقسم الذي أقسمته إلى جانب كل تشكيلاتنا العسكرية الأخرى لأن أساس نقاط القوة في جيشنا هي وطنيته وانتماؤه القومي العروبي وعشقه للحرية والكرامة وأيضاً الروح المعنوية والقتالية العالية”.

طلعت الحسين

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الجیش العربی السوری الأمة العربیة هذا الجیش

إقرأ أيضاً:

خفايا التقارب التركي السوري

تزاحمت خلال الأسابيع القليلة الماضية التصريحات السياسية من تركيا والنظام السوري وروسيا حيال التقارب التركي ـ السوري.

وإذ حملت هذه التصريحات في طياتها معان عامة وفضفاضة، كما في السابق، إلا أن تحليل مضامينها إضافة إلى التطورات التي حصلت على الأرض قد تساعدنا في فهم مسار التقارب التركي مع النظام السوري.

على صعيد التصريحات السياسية، كان لافتا الشروط التي وضعتها أنقرة لتنفيذ مطلب دمشق في انسحاب القوات العسكرية التركية من الأراضي السورية، وهذه الشروط هي:

ـ تطهير سوريا من العناصر الإرهابية؛ حفاظا على سلامة أراضيها ووحدتها.

ـ تحقيق مصالحة وطنية حقيقية وشاملة، وإنجاز العملية السياسية.

ـ دستور جديد في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 على أساس المطالب والتوقعات المشروعة للشعب السوري.

ـ تهيئة الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للاجئين، مع ضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين دون انقطاع.

إن الهدف البعيد هو التخلص من عبء اللجوء السوري، لكن يبقى هذا هدفا بعيدا لا يتحول من القوة إلى الفعل دون وجود حوامل موضوعية له: متغيرات في الجغرافية العسكرية داخل سورية، تجعل تحقيقه إمكانية واقعية.لا يحتاج المرء عناء التفكير للاستنتاج بأن هذه الشروط مستحيلة التحقق:

الشرط الأول يعني وفق القاموس السياسي التركي القضاء على تنظيم "قوات سوريا الديمقراطية" التي يشكل الأكراد عمادها، وهذا أمر خارج إمكانيات النظام وإيران وروسيا مجتمعين، إنه مرتبط بالولايات المتحدة الداعم الرئيس للوحدات الكردية.

إن وضع أنقرة هذا الشرط ليس من باب التعجيز السياسي فقط، بل هو يربط الوجود التركي في الشمال السوري بالمصالح القومية العليا لتركيا، وبهذا المعنى، فإن أية مصالحة تركية ـ سورية يجب أن تحصل وفق شروط الإمكان للطرفين، دون المطالبة بتنازلات مرتبطة بمعادلة جيوستراتيجية تتجاوز الحوامل المحلية للجغرافية السورية.

بعبارة أخرى، لا يمكن مطالبة تركيا بمطلب استراتيجي مثل هذا دون تحقيق النظام السوري لمعادله، أي إزالة الأسباب التي أدت إلى التدخل العسكري التركي في سوريا.

بخصوص الشرط الرابع (تهيئة الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للاجئين، مع ضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين دون انقطاع)، فهو مطلب تركي حقيقي لأنه يخفف الضغط الشعبي على السلطة، ويتيح لحزب "العدالة والتنمية" التحرر من عبء اجتماعي أثقل كاهله ولا يزال في الانتخابات.

أما الشرطان الثاني والثالث، فهما شرطان نظريان لا قيمة سياسية لهما بنظر تركيا، ذلك أن أنقرة قد تخلت مضمرا عن المطالب السياسية الكبرى للمعارضة السورية حيال شروط الحل السياسي.

لقد وضعت أنقرة هذين الشرطين كذر للرماد في العيون أولا، ولترك هذا الملف مفتوحا تبعا لتغير الظروف.

هل يوحي ما تقدم بأن التقارب التركي ـ السوري مستحيلا؟ الجواب بالتأكيد لا، ذلك أن ثمة أهداف كثيرة يمكن أن يحققها كل طرف، وإن كانت ذات قيمة محدودة في الأمد القصير.

غير أن التقارب بين الجانبين، أو بالأصح، الانعطافة السياسية التركية، ومقابلها قبول النظام السوري بالمصالحة، لم تحصل لأجل أهداف صغيرة متعلقة بمعبر هنا أو هناك، أو بمنع دخول السوريين المقيمين في الخارج ـ باستثناء تركيا ـ من دخول الأراضي السورية المحررة عبر تركيا.

يتعلق التقارب بأهداف استراتيجية بعيدة المدى: من وجهة نظر سورية، لا يمكن القبول بمصالحة مع تركيا دون الاتفاق على خطة عمل بعيدة المدى تُنهي الوجود العسكري التركي في الشمال، لا لذاته، بل لأجل القضاء على المعارضة المسلحة، والانتهاء جذريا من وجود معارضة داخل سوريا. ومن وجهة نظر تركية، لا بد من القضاء على القوة العسكرية الكردية وسحب سيطرتها على أراض سورية واسعة متاخمة لتركيا.

هذان هما الهدفان الكبيران، ومن خلالهما يمكن لأنقرة إيجاد مخرج لأزمة اللاجئين السوريين داخل حدودها.

ضمن هذه المقاربة يمكن النظر إلى التحول السياسي التركي في الملف السوري، فبلغة الاستراتيجيا، ما هو الثمن الذي ستحصل عليه تركيا من انفتاحها على النظام السوري؟

صحيح إن الهدف البعيد هو التخلص من عبء اللجوء السوري، لكن يبقى هذا هدفا بعيدا لا يتحول من القوة إلى الفعل دون وجود حوامل موضوعية له: متغيرات في الجغرافية العسكرية داخل سورية، تجعل تحقيقه إمكانية واقعية.

يتعلق التقارب بأهداف استراتيجية بعيدة المدى: من وجهة نظر سورية، لا يمكن القبول بمصالحة مع تركيا دون الاتفاق على خطة عمل بعيدة المدى تُنهي الوجود العسكري التركي في الشمال، لا لذاته، بل لأجل القضاء على المعارضة المسلحة، والانتهاء جذريا من وجود معارضة داخل سوريا. ومن وجهة نظر تركية، لا بد من القضاء على القوة العسكرية الكردية وسحب سيطرتها على أراض سورية واسعة متاخمة لتركيا.غير أن كل هذا البنيان الاستراتيجي الذي يبنى، لن يكتب له النجاح في ظل بقاء الأكراد قوة عسكرية فاعلة ومهيمنة في الشمال السوري.

لهذا السبب، يمكن القول إن الخلاف التركي ـ السوري، أو الأسباب التي تؤخر المصالحة، لا تتعلق بقضايا فرعية (إنسانية، مساعدات، معابر، حلول سياسية)، بل تتعلق بكيفية القضاء على الوجود العسكري الكردي في سوريا كخطوة أولى تؤدي إلى سحب تركيا لقواتها العسكرية، والتخلي عن المعارضة العسكرية.

قد لا نندهش إذا ما رأينا في الفترة المقبلة تحالفا عسكريا يضم تركيا إلى جانب النظام السوري وروسيا وإيران، إنه استانة عسكرية، بعدما فشلت استانة السياسية.

هذا هو المخطط الكبير الذي يسعى الجانبان إلى تحقيقه بدعم روسية وإيراني، وإذا ما استشعرت أنقرة بحواسها السياسية العالية استحالة تحقيقه، ستتحول المصالحة والتقارب إلى مجرد ديكور سياسي يستخدمه كل طرف نحو قواعده الاجتماعية ليس إلا.

مقالات مشابهة

  • التليفزيون السوري: حريق كبير في ريف حماة بسبب الغارات الإسرائيلية
  • أبو عبيدة يعلق على العملية البطولية التي نفذها المواطن الأردني وأسفرت عن مقتل ثلاثة صهاينة
  • روسيا تعلن تقدمها بدونيتسك وكييف تصف المعارك بالضارية
  • ‏الجيش الإسرائيلي: مسلح جاء من الأردن بشاحنة وفتح النار على القوات الإسرائيلية التي تعمل في معبر اللنبي
  • وسط دعوات بإخلائها.. مقتل 3 في دونيتسك بنيران المدفعية الروسية
  • ”سفاح التجمع”: حكاية 8 نساء و نهاية مأساوية و”أم شهد” تواجه مصيرها
  • هيئة الدواء: الوكالة العربية للدواء «وعد» تمثل فرصة حقيقية لتحقيق التكامل العربي في تحسين الصحة العامة
  • قرار للنظام السوري يثير مخاوف واسعة في السويداء المنتفضة ضده.. انتقام من الأهالي
  • عالم تاريخ روسي يكشف خبايا عن سكان كراسنويارسك القدامى
  • خفايا التقارب التركي السوري