لبنان ٢٤:
2025-03-13@21:36:55 GMT

ماذا سيعلن نصرالله اليوم؟

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

ماذا سيعلن نصرالله اليوم؟

ماذا سيُعلن أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله اليوم بعد اغتيال القياديّ الكبير في الحزب فؤاد شكر بالغارة الإسرائيلية التي طالت الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء؟ الإجابة على هذا السؤال تُثير حيرة كبيرة، فمن جهة يطرحُ ترقب كبير داخل لبنان مما قد يعلنه نصرالله كـ"ردّ" على قصف الضاحية، فيما إسرائيل تتحضر لـ"ضربة عسكرية" يسددها الحزبُ باتجاهها انتقاماً لشكر.


وانطلاقاً من كل ذلك، ما الذي يمكن أن يعلنه نصرالله إثر ما حصل؟ وما هي سيناريوهات الرد التي قد يفرضها؟
في بادئ الأمر، من المتوقع أن يُعلن نصرالله معادلة جديدة اليوم مرتبطة بالرّد المباشر على استهداف الضاحية كبقعة جغرافية في قلب بيروت. عملياً، فإن ما حصل في تلك المنطقة يُمثل ضربة للعاصمة بشكلٍ أساسيّ، ما يعني أن إسرائيل استهدفت المنطقة التي لطالما حذر نصرالله من ضربها، ملوحاً بالعواقب التي يُنذر بها إن حصل سيناريو القصف.
تتوقعُ مصادر معنية بالشأن العسكري أن يكون ردُّ "حزب الله" مدروساً، وتقولُ لـ"لبنان24" إنَّ نصرالله قد يُكرر عبارة "الكلمة للميدان"، ما يعني أنه سيزيد الإرباك أكثر في صفوف الإسرائيليين وسيجعلهم أمام ضربات مفاجئة غير معروفة المصدر أو التوقيت.
بحسب المصدر، فإن عبارة "الكلمة للميدان" ستعني نسف توجهات الحرب الشاملة وحصر الأمور بـ"ردود موجعة" تمنع الانجرار نحو المواجهة المفتوحة، في حين أنّ إسرائيل قد تتعامل مع تلك الخطوات بناء لتهديداتها المتكررة بالرّد، بينما سقفها في ذلك سيكون مرتبطاً بمسار المواجهة الحالي، أي من دون الإنتقال إلى حرب موسعة علماً أن "الأيام القتالية المحدودة" واردة إلى حدّ كبير.
وعليه، سيكون خطاب نصرالله مؤسساً لمعادلات الرد من دون الكشف عن كافة تفاصيلها، في حين أن ذلك سيشمل تهديدات واضحة بتوسيع جبهة المعركة إن بادرت إسرائيل إلى ذلك. هنا، تقول المصادر المعنية بالشأن العسكريّ إنَّ "حزب الله" يقفُ أمام مفترق طرق، فالمعادلة التي لا بد أن يرسيها نصرالله يجب أن تضمن مجدداً أمن بيروت والضاحية، وذلك من خلال التأكيد على أن أيّ قصفٍ للعاصمة وضاحيتها سيؤدي إلى فرض حربٍ على مدينة إسرائيلية وذلك وفق قاعدة "مدينة مقابل مدينة".
إنطلاقاً مما ذُكر، فإنّ "حزب الله" قد يكرر تجربة الردود التي كان نفذها سابقاً إثر اغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري في الضاحية، كما أنه قد يستنسخ أيضاً تجربة الردود عقب اغتيال القادة الميدانيين التابعين له، لكن هذه المرة ستكون حلقة النار أوسع وأشمل وقد تستهدفُ نقاطاً حساسة داخل إسرائيل سيثير أمر استهدافها مخاوف كبيرة جداً.
أيضاً، وإلى جانب كل ذلك، فإنّ ما قد يقوله نصرالله يرتبط برفضه مسار أي توقيت للرد، وقد يجعل الأمر هذا الإسرائيليين في حالة استنفار دائم. المسألة هذه واردة تماماً، وتقول المصادر إنّ إسرائيل فرضت اللعبة نفسها على حزب الله قبل يومين إثر هجوم مجدل شمس في الجولان السوري. حينها، جعلت تل أبيب الحزب يستنفر ميدانياً ويسحب كتلة من عناصره نحو الجبهة وساهمت بإحداث إرباكٍ في صفوفه بينما هي "تماطل" في تنفيذ الرد. فعلياً، المسألة هذه كانت عكس المسألة التي ارتبطت باليمن، فبعدما أطلق الحوثيون طائرة من دون طيار باتجاه تل أبيب، كان الرد الإسرائيلي جاهزاً بعد ساعات ليتم تنفيذه ضد ميناء الحُديدة.
إذاً، ما يتبين هو أن "حزب الله" قد يستنسخ وعلى طريقته، تجربة إسرائيل في الدعاية السياسية والحرب النفسية، وقد يلعب بأوراق الإسرائيليين، لكن المسألة الأساس بالنسبة له تقتضي بإرساء معادلة ردع تحسم أمرين: الأول وهو أنّ التهديد لبيروت سيقابل بردّ كبير يمنع التمادي الإسرائيليّ لاحقاً، فيما الأمر الثاني يرتبط بالأسلحة التي سيستخدمها الحزبُ للردّ على أي ضربة جديدة قد تطالُ بيروت، إذ يمكن أن يُهدد باستخدام شيء ما جديد تماماً.
الأمر المنتظر إعلانه أيضاً في خطاب نصرالله يكمن في مدى نية الأخير الكشف عن مضامين الحرب الأمنية وبالتالي تقديم ولو معلومة واحدة عنها باعتبار أنها ساهمت في التصفيات والاغتيالات.
وفقاً للمصادر، فإن "حزب الله" يتكتم كثيراً عن إجراءاته المُضادة ضدّ الإسرائيليين في الوسط الحزبي لمنع أي تسريب، لكن في الوقت نفسه، قد يعلن نصرالله عن ملامح تلك الحرب الإستخباراتية وأبعادها.
في ختام القول، ما يظهر هو أنّ خطاب نصرالله سيقلب الموازين.. فكيف ستتغير الأمور من بعده؟ وهل ستكون الكلمة للميدان في لحظة الخطاب أم بعده بوقتٍ غير قصير؟ حتماً.. فلننتظر.. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

هيرست: بإمكان إسرائيل حظر كل الأفلام.. الصوت الفلسطيني لن يُخمد

نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا لرئيس تحريره الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، تحدث فيه عن تأثير الاحتلال الإسرائيلي على الإعلام الغربي فيما يتعلق بالرواية حول حرب الإبادة في قطاع غزة.

وقال هيرست بعد حذف هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فيلما بعنوان " "غزة: كيف تنجو في محور الحرب"، إنه "بإمكان إسرائيل أن تحظر كل الأفلام التي تريد. لا يمكن للصوت الفلسطيني أن يُخمد".

وتابع أنه "في وسط تراجع هائل في الدعم العالمي، ينتاب إسرائيل وأنصارها حالة من الهلع، فراحوا يعملون على مدار الساعة لإخفاء الدليل على جرائمها".

وتاليا الترجمة الكاملة للمقال:
في كل الضجة التي أثيرت حول وثائقي البي بي سي بعنوان "ٌغزة: كيف تنجو في ساحة حرب" لم تُكتب كلمة واحدة حول ما الذي يقوله لنا هذا الفيلم حول الطريقة التي ينجو بها الفلسطينيون من حرب ظلت تدور رحاها لسنة ونصف.

لا يبدو أن أياً من الأصوات التالية سُمعت في خضم النزاع الذي نشب حول عرض هذا الفيلم.

امرأة تهرب وهي تحمل في يدها قارورة ماء فارغة، بعد صدور أمر إسرائيلي آخر بالإجلاء، تصيح بأعلى صوتها دون أن توجه كلامها إلى أحد بعينه: "لعنكم الله جميعاً. الله يلعنك يا [قائد حماس يحيى] السنوار.

غلام يقول للكاميرا بصوت متجهم: "رأينا الناس أمواتاً أمام أعيننا. أحدهم أمعاؤه تتدلى من بطنه. هل نحن في مكان آمن؟"

زكريا، ولد في الحادية عشرة من عمره يحصل على قوت يومه من العمل في غسيل سيارات الإسعاف في مستشفى الأقصى، يشرح كيف يعمل جنباً إلى جنب مع الإعلاميين والأطباء والمسعفين قائلاً: "أحب أن أعمل متطوعاً. أود أن أتطوع في إحدى وحدات الإسعاف."

مسعف يضع سماعات على رأس كوسيلة لعزل نفسه عن الجحيم الذي يتأجج من حوله، يقول متأملاً: "أحتاج لغسل هذا القميص. الأطفال أنقياء وأبرياء. رؤيتهم وهم جرحى من أصعب الأمور التي يشهدها المرء. السماعات هي أهم شيء على الإطلاق. إنها تساعدني على الهرب من الحرب، وبؤس المستشفى، والتفجيرات، والموتى، والجرحى".

رفع محمد طاهر، جراح العظام والأعصاب من لندن، ذراعاً بترها من ولد عمره عشر سنين، وقال: "انظر إلى ما يفعله الإسرائيليون بالأطفال في غزة. هذا ما وصل إليه الحال. لا حول ولا قوة إلا بالله."
ولكن هذا، بالطبع، هو الغرض من إلغاء وثائقي كهذا ينال سمعة إسرائيل.

ولا يقتصر الأمر على إلغاء الوثائقي، بل وأي وسيلة يتمكن الفلسطينيون من خلالها من التعبير عن الوحشية غير العادية التي يعانونها على أيدي أمة تأسس وجودها على التظلم – على كونهم ضحايا قرون من معاداة السامية الأوروبية، وضحايا المحرقة، وضحايا الهجوم الذي شنته حماس يوم السابع من أكتوبر 2023.


جماعة البي بي سي
تركز الغضب مثل شعاع الليزر على عبد الله اليازوري، راوي الفيلم الذي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، وذلك أنه في نظر آلة الدعاية الإسرائيلية ارتكب ثلاث خطايا كبرى: أما الأولى والأهم فهي أنه مازال على قيد الحياة. أكثر من 14،500 طفل لم يبقوا على قيد الحياة.

أما خطيئته الثانية فهو أن يتحدث الإنجليزية بطلاقة، مما يكسبه صدقية لدى الجمهور الغربي. هذا أمر يحتكره أنصار إسرائيل، ولابد من إبقائه كذلك.

خطيئة عبد الله الثالثة هي أنه موضوعي وغير سياسي. فهو الذي يبلغ البيانات التي تصدر عن الجيش الإسرائيلي بعد كل مذبحة يرتكبها جنوده ضد المدنيين.

العبارة الوحيدة التي ينطق بها عبد الله ولا تكاد تجد أحداً خارج غزة يختلف معها هي: "هل خطر ببالك ما الذي ينبغي أن تفعله إذا ما تعرض عالمك للتدمير؟"

الإنقاذ، ووضع حد لكابوس ظهور أصوات ذات مصداقية من غزة ضمن برامج ساعات الذروة في تلفزيون البي بي سي، جاء من خلال معلومة تفيد بأن والد عبد الله كان يشغل منصب نائب وزير الزراعة في الحكومة التي تديرها حماس.

تداعت البي بي سي كما لو كانت علبة من الورق.

والد الغلام، واسمه أيمن اليازوري، تكنوقراط، ومع ذلك تم الترويج على نطاق واسع من قبل المعلقين والمنصات الإخبارية في بريطانيا بأنه مسؤول كبير في حماس، أو زعيم في الإرهاب.

ولكن، وكما كشف عن ذلك موقع ميدل إيست آي الشهر الماضي، لليازوري خلفية علمية وليس خلفية سياسية. كان قد عمل من قبل في وزارة التعليم الإماراتية – والتي لا تحب ولا توظف أي شخص يرتبط من قريب أو بعيد بالإخوان المسلمين. واليازوري حاصل على الدكتوراه من جامعة بريطانية.

لو تشكلت أي حكومة في غزة بعد هذه الحرب، فإنها سوف تدار من قبل تكنوقراط من مثل اليازوري.

بالنسبة للجيش الإسرائيل، كل من يعمل في غزة – سواء كان تكنوقراط أو أستاذ جامعي، أو مسعف، أو صحفي، أو موزع إغاثة – فهو هدف. لقد تعمد جنوده قتل أصحاب هذه المهن. والأدلة التي تثبت ذلك وفيرة.

ولكن بالنسبة للمجتمع الدولي، والذي يتضمن بريطانيا، يعتبر التكنوقراط من مثل اليازوري الحل الوحيد لحكم غزة ما بعد الحرب. لا البي بي سي ولا القناة الرابعة، لو كانوا صادقين في التزامهم بمواثيق الخدمة العامة، يجوز لهم اعتماد الدعاية والأخبار الكاذبة التي تبثها الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في ضبط سياستهم التحريرية.


زعم سخيف
لا تعتبر أي من المؤسستين الإعلاميتين المذكورتين جميع الفلسطينيين في غزة مذنبين وينبغي أن يبادوا، وإن كان ذلك هو الرأي السائد داخل إسرائيل. ينبغي أن تكون المؤسستان قادرتين على التمييز بين موظف حكومة وعضو في حماس، وكذلك من هو بالفعل عضو في الجناح العسكري، كتائب القسام، المنظمة التي تحظرها بريطانيا وبلدان أخرى باعتبارها جماعة إرهابية.

قامت القناة الرابعة أيضاً بإجراء مقابلة مع عبد الله.

جاء في بيان صادر عن القناة هذا الشهر ما يلي: " في صيف عام 2024 تنامى إلى علم فريق مراسلي الشؤون الخارجية المتمرس في القناة الرابعة أن والده يشغل منصباً تكنوقراطياً في حكومة حماس واتخذوا قراراً بعدم ظهوره على شاشة القناة مرة أخرى."

وأضاف البيان: "بمجرد أن تنامى ذلك مؤخراً إلى علم فريق كبار المسؤولين في القناة الرابعة، تم اتخاذ إجراء بتوفير سياق إضافي إلى النسخة المحفوظة في الإنترنيت للتقارير الذي ظهر فيها عبد الله."
وبهذا يتم التعامل مع عبد الله ومع والده كما لو كانا رائحة كريهة. ولكن لم يصدر عن أي منهما ما هو خطأ.

كما لا يوجد ما يثبت أن حماس تدخلت بأي شكل من الأشكال للتأثير على وثائقي البي بي سي، والذي كتب نصه في لندن. لو أن حماس كان لها أي علاقة به لربما لم يظهر فيه المقطع التالي: "لقد قتلوا أطفالنا، وقتلوا نساءنا، بينما [السنوار] مختبئ تحت الأرض."

لا نعرف ما هي آراء الأب حول حركة حماس. ولكن دعونا نفترض أنه يدعم أهدافها. هل يعني ذلك تلقائياً أن ابنه غير مؤهل للظهور في برنامج الغاية منه هي تقديم الرواية الفلسطينية، وخاصة أن الرواية الإسرائيلية يتم التعبير عنها يومياً بشكل كامل ومتكرر؟

من الحقائق المعروفة جيداً في المجتمع الفلسطيني أن الأبناء لا يتبعون بشكل تلقائي المعتقدات السياسية لآبائهم، ومن الشائع أن تجد الأبناء في فتح والآباء في حماس.

شقيق الزعيم الفتحاوي جبريل رجوب، واسمه نايف رجوب، من رموز حماس، وابن الزعيم الحمساوي البارز حسن يوسف، واسمه مصعب يوسف، يُحتفى به من قبل الإسرائيليين لانقلابه على الحركة، وكثيراً ما يقتبسون أقواله بحرية.

ولذلك من السخافة أن يزعم أحد أن الابن يحمل أوزار والده.


معايير مختلفة
من واجب البي بي سي والقناة الرابعة تحري الحياد في جميع ما يصدر عنهما من مادة تحريرية. وهذا يعني تطبيق نفس المعايير التحريرية على الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولكنهما لا يفعلان ذلك.

في الذكرى السنوية الأولي لهجوم حماس يوم السابع من أكتوبر، عرضت البي بي سي برنامجاً وثائقياً حول شهادات الناجين من مهرجان نوفا للموسيقى. كان الوثائقي، وعنوانه "لسوف نرقص ثانية" يدمي قلب من يشاهده.

ولكن لم يكن أحد ليجرؤ على التشكيك بصدقية الشهادات التي قدموها من خلال الإشارة إلى ما فعلته عائلاتهم أو فعله آباؤهم. ولم يُسأل أي من الشهود الذكور، وهم في سن الخدمة العسكرية، عما فعلوه كجنود.

بدلاً من ذلك، قيل ما يلي: "ما يقرب من 3500 مشارك ذهبوا إلى مهرجان نوفا الموسيقي، والمعروف باسم يونيفيرسو باراليلو، قتل من بينهم 364 بينما أخذ منهم 44 رهائن."

استخدام كلمة "قتل" صياغة مبررة بالكامل لوصف ما جرى يوم السابع من أكتوبر لمدنيين عزل كانوا يحضرون مهرجاناً موسيقياً، ولكن الوثائقي الذي عن غزة يقول فقط إن أكثر من 46،800 فلسطيني ماتوا في غزة.

وهكذا يتم تطبيق معايير تحريرية مختلفة تماماً، ناهيك عن أن وثائقي "غزة: كيف تنجو في ساحة حرب" لم يبق سوى أربعة أيام على الهواء ثم سُحب.

دعونا نكون واضحين إزاء هذا الذي يجري.

يستحيل أن تكون إسرائيل قد تمكنت من شن حرب تضمنت بشكل منتظم ومفتوح وجريء ارتكاب جرائم حرب – مثل منعها حالياً دخول المساعدات الإغاثية، وقطعها للكهرباء والماء عن غزة بهدف إجبار حماس على إطلاق سراح جميع الرهائن – بدون التزام وسائل الإعلام الرئيسية بالصمت.

تشتري إسرائيل هذا الصمت من خلال ما لم تزل منذ عقود تقدمه من رعاية وامتيازات لأعداد كبيرة من المحررين، رجاء أن ينتهي المطاف بواحد أو اثنين من هؤلاء في مواقع مهمة داخل غرف التحكم بالمحتوى. وهي تفعل نفس الشيء مع جميع النجوم السياسية الصاعدة في كل واحد من الأحزاب السياسية الكبرى.

ولا تتورع عن ممارسة التخويف والترهيب معهم كلما تمكن الصوت الفلسطيني من اختراق الحجب التي تفرضها.

في الحالات النادرة التي يحدث فيها ذلك، فإن الصوت الفلسطيني لا يقل فصاحة واتزاناً وصلاحاً عن صوت أي شعب مضطهد عبر التاريخ.


"ليس لدينا أرض أخرى"
لقد كتبت تقارير من مسافر يطا، تلك القرى الواقعة جنوب تلال الخليل في الضفة الغربية المحتلة، والتي أعلنها الجيش الإسرائيلي ميداناً للرماية، مثلها مثل مناطق أخرى كثيرة، عندما لم يحظ خبر الطرد الجماعي المستمر للفلسطينيين بانتباه العالم.

بعد أن تدمر الجرافات بيوتهم، يلجأ سكان القرى في مسافر يطا إلى الكهوف يتخذونها سكناً.
تطلب جذب الاهتمام بما يجري لهذه القرى فيلماً وثائقياً بعنوان "لا أرض سواها" من إنتاج فريق يتضمن المخرج الفلسطيني باسل أدرى والصحفي الإسرائيلي يوفال آبراهام. فاز فيلمهم بجائزة في مهرجان برلين للأفلام ثم مؤخراً فاز بأوسكار.

استغرق إخراج هذا الوثائقي إلى النور سنين، وهو فيلم يوثق شهادات على التصميم السلمي والهادئ لما يقرب من ألف فلسطيني (نصفهم من الأطفال) في ثمان قرى على البقاء في قراهم. بدأ العمل في الفيلم في عام 2019.

تقف النساء في مواجهة الجنود. ويجلس الأطفال التلاميذ في فصلهم الدراسي عندما تهجم جرافات الجيش على كوخهم، فتجبرهم على القفز من الشبابيك للنجاة بأنفسهم.

تسأل امرأة فلسطينية جندياً إسرائيلياً ألا يشعر بالخزي وهو يهدم بيتها، فيرد عليها قائلاً: "هذا هو القانون. ولماذا أشعر بالخزي."

تُسأل قروية أخرى لماذا لا تغادر، فتجيب: "ليس لنا أرض أخرى."

تم تسجيل الفيلم قبل هجوم حماس في أكتوبر 2023. كل العنف الذي يظهر فيه هو عنف تمارسه الدولة الإسرائيلية. لا يوجد لدى الفلسطينيين في جنوب تلال الخليل سوى الكلمات وحقهم الأخلاقي في أن يبقوا على أرضهم لمواجهة التمدد المستمر للدولة الإسرائيلية داخل الضفة الغربية المحتلة.


إخفاق الدعاية
ما تفعله إسرائيل ينتهك جميع القوانين الدولية.

ومع ذلك، حينما فاز هذا الفيلم بإحدى الجوائز الكبرى في مهرجان برلين، أثار عاصفة سياسية في ألمانيا.

بررت وزيرة الدولة للثقافة في ألمانيا، كلوديا روث، تصفيقها لمخرجي الفيلم حينما تسلما الجائزة بالقول إنها كانت تصفق للإسرائيلي فقط، وليس للفلسطيني. سرعان ما تحول موقفها العنصري ذلك باعترافها إلى كارثة في العلاقات العامة.

أنهى أبراهام خطاب تسلمه للجائزة بالدعوة إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإلى "حل سياسي لإنهاء الاحتلال" – فقط لا غير.

وصف عمدة برلين كاي فيغنر الخطابات التي ألقيت في ختام مهرجان برلين بأنها "مغرقة في النسبية لدرجة لا تحتمل". وأضاف في حسابه عبر منصة إكس: "إن المسؤولية الكاملة عن المعاناة الشديدة في إسرائيل وفي قطاع غزة تتحملها حماس."

طالب موفد من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كلوديا روث بالاستقالة، بينما اقترح سياسي من الحزب الديمقراطي الحر بأنه ينبغي ألا يتلقى مهرجان الأفلام تمويلاً من الدولة بعد اليوم.

انتقد مدير المهرجان المنتهية ولايته، الإيطالي كارلو تشاتريان، المؤسسة السياسية الألمانية متهماً إياها باستخدام خطاب معاداة السامية سلاحاً من أجل تحقيق مكاسب سياسية. كما واجه مهرجان برلين لهذا العام دعوات بالمقاطعة بسبب صمته إزاء غزة وبسبب الطريقة التي تعامل بها مع ردود الفعل المناهضة لفيلم "لا أرض سواها".

الخبر السار هو أن الدعاية الإسرائيلية لم تعد تجدي نفعاً. فالرأي العام في جميع البلدان الغربية التي تمارس وسائل إعلامها ومهرجاناتها هذه الرقابة يتحول سريعاً ضد إسرائيل ولصالح الفلسطينيين.

يبدو هذا التوجه أكثر حدة في الولايات المتحدة حيث يتعاطف 59 بالمائة من الديمقراطيين مع الشعب الفلسطيني – ما يمثل ارتفاعاً قدره 16 نقطة عن السنة الماضية – بينما يتعاطف 21 بالمائة مع إسرائيل، ما يمثل انخفاضاً قدره 14 نقطة. في الولايات المتحدة ككل، ارتفعت النسبة المئوية للأمريكيين الذين يتعاطفون مع الفلسطينيين ست نقاط عما كانت عليه في العام الماضي لتصل إلى 33 بالمائة، بينما وصل الدعم الذي تحظى به إسرائيل إلى أدنى معدلاته خلال 24 سنة. 46 بالمائة فقط من الأمريكيين الذين استطلعت آراؤهم قالوا إنهم يتعاطفون مع إسرائيل.

إن التبدل في الدعم الشعبي غير مسبوق في كل العقود التي شهدها هذا الصراع. لا عجب إذن أن تصاب إسرائيل وجيشها وداعموها بالهلع. إنهم في الجانب الخطأ من التاريخ.

عندما ينتهي هذا الصراع في آخر المطاف ويكون للفلسطينيين دولتهم التي يستحقونها عن جدارة، سوف ينظر إلى هذه الحقبة الزمنية باعتبارها أحلك ساعات إسرائيل ووسائل الإعلام الغربية الليبرالية.
أين كنتم وماذا كنتم تفعلون عندما كانت غزة والضفة الغربية المحتلة تتعرض للسحق وتُحول إلى رماد. هذا ما سوف يسأله أبناء الجيل القادم لآبائهم. سوف يكون مثيراً للاهتمام أن نسمع الإجابة.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقصف منشأة أسلحة لحزب الله في لبنان
  • نتنياهو يتحدث عن العمليّات العسكريّة في لبنان: اغتلنا نصرالله
  • ظاهرة كونية مذهلة.. ماذا يحدث فى سماء رمضان اليوم ؟
  • هيرست: بإمكان إسرائيل حظر كل الأفلام.. الصوت الفلسطيني لن يُخمد
  • إسرائيل تتحدّث عن بادرة حسن نية إزاء لبنان.. ماذا يعني ذلك؟!
  • ماذا لو حدث هجوم 7 أكتوبر وسليماني على قيد الحياة.. بروفيسور إسرائيلي يجيب
  • ابراهيم فايق : الأهلي سيعلن عدم استكمال مسابقة الدوري العام
  • طالب وفي يثير إعجاب اليمنيين ويزيد سخطهم على السلطات.. ماذا فعل؟
  • ساعات تفصلنا لانتهاء المهلة التي حددها زعيم الحوثيين باستئناف الهجمات على إسرائيل والبحر الأحمر
  • سبب عطل منصة إكس اليوم .. ماذا فعل إيلون ماسك؟