الخرطوم- تصاعد الجدل في السودان بعد تحفظ الجيش على دعوة الولايات المتحدة لجولة مفاوضات جديدة مع قوات الدعم السريع لإنهاء الحرب، بعدما رحب قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالدعوة الأميركية وأعلن مشاركة الدعم في المفاوضات.

ويعتقد مراقبون أن تحفظات الجيش وراءها خشيته من "فخاخ" يمكن تجاوزها عبر لقاء بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مع المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريلو.

وأعلنت الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي، دعوة طرفي الحرب بالسودان إلى مفاوضات في جنيف السويسرية في 14 أغسطس/آب المقبل بمشاركة السعودية كدولة مضيفة مع سويسرا، إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات بصفة مراقب.

مواقف متباينة

قالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان الثلاثاء، إن الحكومة ردت على الدعوة الأميركية، وشمل ذلك "ضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات والأطراف التي تشارك فيها أو تحضرها". وطالبت بعقد اجتماع بين الحكومة السودانية والأميركية للتمهيد الجيد لمفاوضات السلام.

وأضافت "أي مفاوضات قبل تنفيذ إعلان جدة، الذي ينص على الانسحاب الشامل ووقف التوسيع، لن تكون مقبولة للشعب السوداني الذي يتعرض للتشريد والتقتيل والاغتصاب والتطهير العرقي ونهب ممتلكاته".

وفي المقابل ردت قوات الدعم السريع، على الخارجية وقالت في بيان إن "الدعم السريع" لن تتفاوض إلا مع القوات المسلحة، ولن تسمح بإقحام أي مؤسسة في مفاوضات أو محادثات لوقف الحرب وضمان الوصول الإنساني.

وأكدت "عدم وجود حكومة في البلاد جراء انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، والانهيار الدستوري بسبب الحرب".

وكشفت مصادر قريبة من مجلس السيادة -للجزيرة نت- أن المجلس كان ينتظر زيارة المبعوث الأميركي للسودان توم بيريلو إلى بورتسودان المرتقبة في السادس من أغسطس/آب المقبل ترافقه مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور.

وتوضح المصادر السيادية أن المسؤولين الأميركيين طلبوا لقاء البرهان بمطار بورتسودان دون الدخول إلى المدينة، وأن يسبقهم فريق حماية أميركي، لكن الخارجية السودانية رفضت الخطوة.

وكان مجلس السيادة طالب بضمانات بأن مفاوضات سويسرا ستكون امتدادا لمنبر جدة بالتزاماته السابقة، ورفض المجلس وجود أي دولة أو جهة متورطة في دعم "مليشيا الدعم السريع" ضمن الدول والجهات المراقبة للمفاوضات حسب المصادر ذاتها.

من جانبه أعلن بيريلو، خلال مؤتمر صحفي الاثنين، بالعاصمة الكينية نيروبي عن سبب إلغاء رحلته إلى بورتسودان، مبينا أن بلاده منعته من مغادرة مطار بورتسودان وفقا للتقييم الأمني الخاص بحكومته، فيما رفض قيادة الجيش عقد اللقاء بالمطار.

وقال المبعوث الأميركي إنه يحترم قرار الجيش في عدم الالتقاء به هناك، مؤكدا أنه سيواصل البحث عن فرص أخرى لزيارة بورتسودان.

بين واشنطن والقاهرة

وتشهد القاهرة حراكا رئاسيا حيث أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، مباحثات مع الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي في مدينة العلمين الجديدة التي وصلها أيضا رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد الثلاثاء، في زيارة تستغرق عدة أيام حسب الصحافة المحلية  المصرية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن المباحثات بين السيسي ودبي شهدت اتفاق الرؤى بين البلدين حول ضرورة دعم جهود وقف إطلاق النار في السودان، بما يُعلي من المصالح العليا للشعب السوداني.

وتكشف مصادر في الخارجية السودانية -للجزيرة نت- أن البرهان سيزور القاهرة مطلع الأسبوع المقبل، نافية علمها بوجود قمة مصغرة في العلمين بشأن السودان.

من جهتها، ترى أماني الطويل، الكاتبة المصرية ومديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن القاهرة تعيد هندسة مشهد محاولة وقف إطلاق النار في السودان، وكتبت على صفحتها بفيسبوك "قمة إقليمية في العلمين للأطراف الإقليمية الفاعلة في الأزمة السودانية، أظن مشهد سويسرا سوف يتم إعادة ترتيبه ليلبي المصلحة السودانية في المقام الأول".

رفض "ناعم"

بدوره، يرى الباحث السياسي، سر الختم خيري، أن هناك انقساما تجاه الدعوة الأميركية، فالذين يرفضونها يعتقدون أن واشنطن غير جادة في إيقاف الحرب ومعالجة الأزمة، لأنها لم تضغط على قوات الدعم السريع لتنفيذ ما يليها من "إعلان جدة"، وتطرح مبادرة جديدة تضعف من دور السعودية من شريك في رعاية المفاوضات إلى شريك في الاستضافة مع سويسرا.

وفي حديث -للجزيرة نت- يعتقد الباحث أن الجهود الأميركية جاءت على عجل لتحقيق مكاسب سريعة من دون إعداد جيد ولقاءات تمهيدية أو عبر قنوات تواصل خلفية مما لا يدعو للتفاؤل بتحقيق اختراق نحو وقف الحرب في السودان.

أما بخاري بشير، المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "الانتباهة"، فيقول للجزيرة نت، إن رد وزارة الخارجية السودانية على الدعوة الأميركية أشبه بالرفض "الناعم" لمفاوضات جنيف، لأنها تؤدي إلى "تشتيت" منبر جدة.

ووفقا للمتحدث، فإن التجارب تشير إلى أن مؤسسات ومراكز الدولة في السودان، لا تتوافق على رؤية موحدة، لذلك لا يستبعد أن يتغير الموقف الرسمي المتحفظ إلى قبول بالمشاركة في محادثات سويسرا، وتوقع أن تلتقي قيادات حكومية مع المبعوث الأميركي، وحدوث تنازلات متبادلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الخارجیة السودانیة المبعوث الأمیرکی الدعوة الأمیرکیة الدعم السریع فی السودان للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

نزوح كثيف من الخرطوم بسبب تبادل القصف بين الجيش والدعم السريع

نزحت مئات الأسر السودانية صباح السبت من مدينة بحري شمال الخرطوم بعد تبادل القصف المدفعي العنيف بين الجيش، وقوات الدعم السريع، وفق شهود عيان.

وأفاد الشهود في منطقة حطّاب بمدينة بحري شمال الخرطوم، حيث توجد قاعدة عسكرية للجيش السوداني، بأن مئات الأسر فرّت من المنطقة "بعد اشتداد القصف المدفعي بين الجيش وقوات الدعم السريع" التي تسعى للسيطرة على  القاعدة وتهاجمها منذ ثلاثة أيام.  وقال نصر الدين أحد سكان المنطقة:  "منذ صباح السبت، رحلت مئات الأسر وهي تحمل بعض أمتعتها فوق رؤوسها وتسير شمالاً هرباً من القصف المدفعي".  

الاتحاد الأوروبي : السودان يواجه أزمة نزوح هي الأكبر على مستوى العالم https://t.co/3np9HMP8eV ???????? تفاصيل من الرابط

— اخبار السودان (@sudanakhbar) September 7, 2024 ومنذ أبريل(نيسان) 2023 يشهد السودان حرباً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

مقالات مشابهة

  • من بورتسودان.. الصحة العالمية تعلن حصيلة هائلة لقتلى الحرب السودانية
  • الجيش يهاجم مواقع للدعم السريع في الخرطوم وشرق النيل
  • الخارجية السودانية: بعثة تقصي الحقائق تتماهى مع تحركات يشهدها مجلس الأمن
  • تجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتحذيرات للمواطنين
  • ما معنى الأمان في مناطق سيطرة الجيش؟
  • بيان ساخن من الخارجية السودانية واتهامات لبعثة تقصي الحقائق بعد دعوة لنشر قوة دولية محايدة في السودان
  • تجدد المواجهات بين الجيش والدعم السريع في الأُبيض غربي السودان
  • نزوح كثيف من الخرطوم بسبب تبادل القصف بين الجيش والدعم السريع
  • حشد الشعب السوداني لوقف الحرب نحو دعوة للسلام والاستقرار
  • الخارجية الإماراتية: بيان مشترك من "ALPS" عن التقدم في معالجة أزمة السودان