لا تزال التوقعات بشأن مستقبل سعر صرف الجنيه المصري ضبابية، وسط ارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية في الدولة الأفريقية التي تعيش أزمة اقتصادية.

في الأسبوع الماضي، أعلن البنك المركزي المصري رفع معدلات الفائدة بواقع 100 نقطة أساس "لتفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم".

وجاءت خطوة رفع الفائدة من قبل البنك المركزي على نحو "مفاجئ" ومخالفة لتوقعات المحللين على نحو واسع، بحسب وكالة رويترز.

وكان 15 من بين 16 محللا استطلعت رويترز آراءهم، قد توقعوا أن يبقي البنك أسعار الفائدة دون تغيير.

الجنيه المصري.. هل هناك تعويم جديد قادم؟ منذ أشهر، تتوقع مؤسسات عالمية أن يقدم البنك المركزي المصري على تعويم جديد للجنيه، دون أن يحدث ذلك فعليا، رغم استمرار صعود سعر الدولار في السوق الموازية. 

وتأتي تلك الخطوة وسط ارتفاع التضخم السنوي في يونيو لمستوى قياسي جديد قدره 36,8 بالمئة، مدفوعا بغلاء أسعار المواد الغذائية في بلد يشهد أزمة اقتصادية نتيجة نقص النقد الأجنبي.

لكن رفع الفائدة مجددا بهدف كبح التضخم المستمر في مصر يفتح باب التساؤل بشأن إمكانية حدوث خفض جديد لسعر الجنيه، وهو إجراء يشترطه صندوق النقد الدولي لصرف قرض الـ3 مليارات دولار.

"تخفيف الضغط"

وفي هذا الإطار، يرى محللون أن سعر صرف الجنيه محكوم بـ "قرار سياسي اجتماعي، أكثر من كونه قرارا اقتصاديا" في أكبر بلد عربي من ناحية عدد السكان.

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، هشام إبراهيم، إن "أي تحرير (في سعر صرف الجنيه) يزيد من التضخم، ويؤثر على القدرة الشرائية المتضائلة للناس".

وفي حديثه لموقع قناة "الحرة"، قال إبراهيم إن "قرار البنك المركزي الأخير بشأن رفع الفائدة، يعطي مؤشرا ضمنيا بأنه لا يوجد اتجاه لخفض قيمة العملة".

مصر تغامر بتفاقم التضخم.. تحذير من إجراء تعتمده السلطات تغامر مصر بالتسبب في تفاقم تضخمها القياسي ووضع مزيد من الضغط على الجنيه ما لم تبطئ وتيرة زيادة المعروض النقدي الذي يقول مصرفيون ومحللون إنه يُستخدم لسد العجز المتزايد في الموازنة، بحسب ما كرته رويترز.

وأضاف: "لا يتوقع ذلك. لو هناك توجه لمزيد من التخفيض، فإن (البنك المركزي) أرجأ رفع الفائدة وتخفيض سعر الجنيه حتى يكونا في توقيت واحد، لتحقيق أقصى فائدة ممكنة".

وفقد الجنيه المصري أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار الأميركي بقرار من البنك المركزي، لتحقيق شرط مرونة سعر الصرف الذي وضعه صندوق النقد الدولي لإقراض القاهرة مجددا.

وحدد البنك المركزي سعر الصرف الرسمي عند حوالي 30.90 جنيه للدولار منذ أوائل مارس، فيما يصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى 37.75 جنيه تقريبا، بحسب رويترز.

ويعتقد إبراهيم أن قرار رفع معدلات الفائدة من شأنه أن "يخفف الضغط على سعر الصرف"، معتبرا أنه قرار "يحكمه بعد اجتماعي وليس اقتصاديا".

"تمهيد لخفض جديد"

وكان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد استبعد ضمنيا خفض قيمة العملة في أي وقت قريب، في تصريحات أدلى بها في يونيو الماضي، قائلا إن "مثل هذه الخطوة قد تضر بالأمن القومي والمواطنين".

وأضاف السيسي في تلك التصريحات: "نحن مرنون فيه.. لكن عندما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي.. وأن الشعب المصري يضيع.. لا، لا، لا، لا".

ويعاني الاقتصاد المصري من تداعيات سنوات من الأزمات السياسية والهزات الأمنية، تلتها جائحة كوفيد-19 وتأثيرات الحرب الأوكرانية.

وروسيا وأوكرانيا هما البلدان الأساسيان اللذان كانت تستورد منهما مصر القمح، كما أنهما كانا مصدرا أساسيا للسياح الذين يزورونها.

سعر صرف الجنيه المصري.. ماذا وراء لاءات السيسي؟ جاءت تلميحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بشأن استبعاد "خفض قيمة الجنيه المصري"، لتثير التساؤلات حول سر توقيت إطلاق تلك التصريحات بينما يكشف خبراء لموقع "الحرة" مغذى تلك التلميحات وأسبابها وتداعياتها على مصر التي تعاني أزمة اقتصادية حادة.

وفي اتجاه معاكس، يرى الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، أن قرار البنك المصري الأخير "يمهد" لخفض جديد في قيمة الجنيه.

وقال عبد المطلب لموقع "الحرة" إن "مصر تنتهج سياسات نقدية تتماشى مع تعهداتها لصندوق النقد الدولي، والتي من بينها سياسات صرف مرنة وكبح التضخم".

ورجح أن تتم تلك الخطوة قبل نوفمبر المقبل، حيث من المزمع أن يخضع تمويل مصر لمراجعة جديدة خلال اجتماع صندوق النقد الدولي في ديسمبر.

"قلاقل اجتماعية"

وفي ديسمبر 2022، اتفقت الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي على برنامج قرض قيمته 3 مليارات دولار، وسط تعهدات باعتماد نظام سعر صرف مرن، وتقليص دور الدولة في الاقتصاد، وتعزيز القطاع الخاص.

ومع ذلك، تم تأجيل المراجعة الأولى للبرنامج، إذ ظل سعر الصرف ثابتا عند حوالي 30.85 جنيه للدولار منذ مارس.

واعتبر عبد المطلب أن مصر "ليست مستعدة لتحمل تبعات شطب أو تأجيل قرض صندوق النقد الدولي، في المراجعة المقبلة".

وأشار الخبير المصري إلى أن "رفع سعر الفائدة وتحرير سعر الصرف، هما قراران سياسيان، مما يفسر عدم إمكانية التنبؤ بهما".

وتابع: "الدولة تتخذ هذه القرارات في تواقيت معينة، تضمن فيها ألا تؤدي إلى قلاقل اجتماعية".

معاناة المصريين مع التضخم مستمرة.. ومخاوف من الأسوأ "كنت أشتري دواء كان سعره 15 جنيها، ثم أصبح في وقت قصير بحوالي 25 جنيها، ثم 35 جنيها، منذ أشهر قليلة، أمس اشتريته بـ73 جنيها"، تقول الطبيبة سعاد (45 عاما)، معبرة عن التضخم الكبير في الأسعار في مصر. 

وينعكس معدل التضخم المرتفع وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار على المواطنين العاديين، الذين يواجهون غلاء المعيشة في ظل تآكل قوتهم الشرائية.

والشهر الماضي، أرجع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في بيان، أسباب زيادة التضخم إلى "تسجيل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعا قدره 64,9 بالمئة"، في بلد يستورد معظم احتياجاتها الأساسية من الخارج.

ويستهدف البنك المركزي الوصول بالتضخم إلى ما يتراوح بين 5 و9 بالمئة بحلول الربع الأخير من 2023، وإلى ما يتراوح بين 3 و7 بالمئة بحلول نهاية 2026.

وفي وقت يتوقع عبد المطلب فيه خفضا جديدا خلال الأشهر المقبلة، يعتقد إبراهيم أن "الوضع سيستمر على ما هو عليه" من خلال التباين في الصرف بين السعر الرسمي والسوق السوداء.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی سعر صرف الجنیه البنک المرکزی الجنیه المصری رفع الفائدة سعر الصرف

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي يسحب فائضاً 612.25 مليار جنيه من 26 بنكا

سحب البنك المركزي المصري 612.25 مليار جنيه، فائض سيولة لدى 26 بنكا، في إطار عمليات السوق المفتوحة التي أجراها، اليوم الثلاثاء، بمعدل عائد ثابت 27.75%.

وأظهرت نتائج عمليات الودائع بالبنك المركزي المصري أن البنك قلص فائض السيولة بالجهاز المصرفي لمدة أسبوع، يستحق صرفها في 24 ديسمبر 2024.

وكان البنك المركزي سحب فائضاً بقيمة 1.29 تريليون جنيه في 10 ديسمبر الماضي، جرى صرفها اليوم الثلاثاء.

ومن المقرر أن يعلن البنك المركزي المصري عن سياسته النقدية بنهاية الأسبوع المقبل، حيث يدرس أسعار الفائدة للمرة الأخيرة في عام 2024، بعد أن تم رفعها بنسبة 8% في الربع الأول من هذا العام، لتتراوح بين 27.25% على الإيداع و28.25% للإقراض.

اقرأ أيضاًبنك البركة يبادر بتخفيض الفائدة 1% قبل انتظار قرار المركزي المصري

البنك التجاري الدولي يوقع شراكة استراتيجية مع غرفة الصناعات الغذائية

%25.5.. شهادات الادخار في البنك المصري الخليجي قبل اجتماع المركزي

البنك المركزي: 31.64% متوسط الفائدة على أذون الخزانة بأجل 91 يوما في عطاء أمس

مقالات مشابهة

  • الأبناك تحافظ على سعر الفائدة مرتفع رغم قرار البنك المركزي
  • البنك الوطني الأوكراني يرفع سعر الفائدة ويحذر من تضخم متصاعد مع استمرار الحرب
  • الخميس المقبل.. البنك المركزي المصري يحدد سعر الفائدة في آخر اجتماع لعام 2024
  • تقرير دولي: 37% من الخبراء لا يرجحون خفض سعر الفائدة من «الفيدرالي الأمريكي» غدا
  • استقرار أسعار الذهب قبل اجتماع البنك المركزي الأمريكي
  • بنك المغرب المركزي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس
  • البنك المركزي يسحب فائضاً 612.25 مليار جنيه من 26 بنكا
  • وصل كام في المركزي؟.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024
  • البنك المركزي يكشف أسباب تراجع معدلات التضخم لـ25.5% خلال نوفمبر
  • البنك المركزي: 31.64% متوسط الفائدة على أذون الخزانة بأجل 91 يوما في عطاء أمس