أزمة الحرب في السودان دخلت مرحلة حرجة، ما دفع كثيرين للتعلق بأي بارقة أمل في إيقافها، وهو ما يدفع إلى النظر لمحادثات جنيف المنتظر بتفاؤل حذر.

التغيير: فتح الرحمن حمودة

يتفاءل السودانيون هذه الأيام بالمفاوضات المنتظرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في «جنيف» خلال شهر اغسطس، والتي فتحت نافذة أمل جديدة لإحداث اختراق في قضية وقف الحرب المندلعة منذ منتصف أبريل 2023م.

ودعت الخارجية الأمريكية طرفي الصراع إلى التفاوض في جنيف لإنهاء القتال ووضع حد للكارثة الإنسانية، وتأتي المحادثات بمشاركة أمريكية ورعاية سعودية سويسرية، مع مشاركة الاتحادين الأفريقي والأوروبي، بجانب الإمارات ومصر كمراقبين.

وتأتي الدعوة للتفاوض في وقت يعاني فيه الملايين من ويلات الصراع الذي أدى لانعدام الاستقرار وتوالي المآسي الإنسانية، مما يجعلها طوقاً جديداً يتشبث به المكتوون بنيران الحرب.

«التغيير» استطلعت عدداً من المواطنين بشأن المحادثات المرتقبة، فأعرب أغلبهم عن تفاؤل كبير بإيقاف الحرب وتحقيق الاستقرار، فيما تخوف البعض من تعثر المفاوضات، وعبر آخرون عن أملهم في أن تكون الحلول عملية تنهي المعاناة.

تفاؤل حذر

وأبدى المواطن أحمد جوكس تفاؤله بأن تؤدي مفاوضات «جنيف» لتخفيف معاناة المواطنين الإنسانية في مناطق النزاع.

وقال لـ«التغيير» إن تفاؤله ينبع من مؤشرات عديدة منها هدوء المواجهات العسكرية في الكثير من مناطق الاقتتال مما يمكن أن يؤدي لتحقيق السلام والاستقرار بشكل كبير.

فيما أعربت الشابة هيام الرضي في حديثها لـ«التغيير» عن تفاؤلها بالمفاوضات المرتقبة رغم مخاوفها من عدم قبول الجيش للدعوة بسبب الضغوطات المفروضة عليه من الجهات التي تدعو لاستمرار الحرب، وأكدت أن هذه الضغوطات تثير قلقها بشأن نجاح التفاوض.

ورأت المواطنة إيمان جبريل أن «جنيف» تمثل فرصة كبيرة للوصول إلى سلام حقيقي إذا تعاملت معها الأطراف المتقاتلة بإرادة صادقة لإنهاء معاناة الناس.

وقالت لـ«التغيير» إن جنيف قد تكون آخر فرصة للوصول إلى سلام شامل وإيقاف الحرب وبدء التأسيس لاستقرار سياسي في الفترة القادمة، خصوصاً إذا انطلقت الأطراف من النقاط التي توقفت عندها في مباحثات جدة والمنامة.

من جهته، قال المواطن عبد الله بشير الذي يدعم أي منبر يؤدي إلى سلام لـ«التغيير»، إنه لا يعتقد أن جنيف تساهم في تحقيق الأمن والسلام بالشكل المطروح حاليا.

وأشار إلى تعنت الجيش الذي قال إنه تسيطر عليه الحركة الإسلامية الرافضة لأي طاولة مفاوضات لأن مصالحهم محققة في ظل استمرار الحرب من أجل استرجاع سلطتهم.

دعم إسفيري

وفي ظل تزايد الدعوات للمفاوضات المرتقبة ورغم علو أصوات رافضة وداعية لاستمرار الحرب، تداول ناشطون وحسابات داعية للسلام على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات ومنشورات تحت هاشتاغ «يا جيش أمشي التفاوض» للضغط على المؤسسة العسكرية للمشاركة في المفاوضات، عقب موافقة قوات الدعم السريع.

في هذا السياق، غردت أميمة الجيد على حسابها بمنصة «X» قائلة: «إن السلام يصنعه الشجعان والانتصارات الحقيقية والدائمة هي انتصارات السلام وليست انتصارات الحروب ويا جيش أمشي التفاوض» .

أما منصة «أنقذوا السودان» نشرت تغريدة تقول: «لا مزيد من معاناة الشعب السوداني وتشريدهم وتهجيرهم قسريا ولا مزيد من سقوط واستباحة المدن والقرى وترويع وقتل واغتصاب ونهب المدنيين نعم لإسكات أصوات البنادق والمدافع للأبد».

بدوره، كتب محمد خليل على حسابه بـ «فيسبوك»: «من أول وهلة أي مواطن سوداني بسيط يسمع خبر الجيش وافق يمشي التفاوض تلقي الفرحة باينة عليه دا الموقف الحقيقي البعبر عن الشعب ورغبته في اللحظة دي ودا موقف المنتفعين من الحرب ما عايزينه يظهر للأسف».

من جانبه كتب عماد خليفة: «لا للحرب لازم تقيف تسيطر على الميديا وأكثر من “90%” من الشعب السوداني يقولون لا للحرب نحن الشعب تعبنا منها عايزين السلام يا جيش أمشي التفاوض».

فرصة أخيرة

محادثات جنيف ليست الأولى، فقد سبقتها عدة منابر في جدة والمنامة والقاهرة، إضافة لمبادرات الاتحاد الأفريقي وإيغاد، ورغم أن جميعها لم تحقق سلاماً دائماً، لكن السودانيين يتطلعون بتفاؤل إلى المنبر المرتقب.

ورأى الناشط السياسي موسى إدريس أن الطريقة المتبعة في «جنيف» لا تسهم في تحقيق السلام لأنها تعتمد على منهجية غير واضحة فيما يتعلق بالأطراف العسكرية والسياسية المتصارعة.

وقال لـ«التغيير» إن الواقع في السودان لا يشهد انفصالاً كبيراً بين العسكري والسياسي حيث أن للعسكريين مصالح سياسية مرتبطة باقتصاد الحرب وتاريخ التمليش الطويل.

وأضاف أن السلام والاستقرار ينبغي أن يكون مجتمعياً أكثر منه سياسياً لآن الأطراف الحالية نخبوية ولا ترتبط بشكل وثيق بالمجتمعات، وتابع: بالتالي لن تحقق السلام بسبب التخوفات والمصالح الداخلية للأطراف المتصارعة.

وأشار إدريس إلى أن الدعوة للمفاوضات وجهت للجيش فقط مع رفض البعض لجلوس الجيش والدعم السريع معاً بشكل منفرد، واعتبر أن جلوس الطرفين بمعزل عن الأطراف الأخرى التي تخاف على مصالحها لن يؤدي إلى حل.

بينما أكد الناشط السياسي أحمد توم، تأييده لجهود وقف الحرب، وأشار إلى أن المفاوضات تمثل تتويجاً لمشاورات ونقاشات غير مرئية جرت في الفترة الماضية.

وقال لــ«التغيير» إن منبر جنيف يعد بداية لوقف إطلاق النار وايصال المساعدات، ويؤسس لمناقشات أوسع يمكن أن تقود إلى مشاركة الجهات المدنية وذلك بالنظر إلى حجم الجهة التي قدمت الدعوة وتغيير المنبر والأطراف المشاركة وتأثيراتها على المشهد السوداني و وقف الحرب.

لكن توم عبر عن عدم تفاؤله بمستقبل المفاوضات، ونوه إلى لدى الجيش أكثر من مركز قرار مما يؤثر سلباً على تفاعل الأطراف واستمرار العملية بمعدل متساوٍ، وأوضح أن أحد السيناريوهات المتوقعة هو أن يتعثر التفاوض كما حدث في تجارب سابقة مما يمنع الوصول إلى نتيجة ملموسة.

وومع ذلك، اعتبر أن هناك احتمالاً لتقدم المفاوضات إذ تعتبر فرصة اخيرة للطرفين، وقال إنه حال عدم نجاحها في التوصل إلى اتفاق قد يتم اتخاذ قرار بتدخل قوات حفظ السلام كوسيلة ضغط مما يدفع الأطراف إلى التقدم في مسار التفاوض والوصول إلى نتائج مقبولة على الأقل بالنسبة للمجتمع الدولي والجهات الضاغطة حالياً التي تدعو إلى جلوس الطرفين للتفاوض بهدف تحقيق وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية.

الوسومالاتحاد الأفريقي الاتحاد الأوروبي الجيش الدعم السريع السودان المنامة محادثات جنيف منبر جدة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاتحاد الأفريقي الاتحاد الأوروبي الجيش الدعم السريع السودان المنامة محادثات جنيف منبر جدة لـ التغییر

إقرأ أيضاً:

الوسطاء : محادثات هدنة غزة تحرز تقدما.. وتواجه معضلة انهاء الحرب

الدوحة.غزة.وكالات": أعلنت قطر التي تتوسط في مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، اليوم إحراز بعض التقدم في محادثات جرت هذا الأسبوع في الدوحة، في إطار الجهود للتوصل إلى اتفاق.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في مؤتمر صحافي إنه تم إحراز "بعض التقدم" ردا على أسئلة عن تقارير حول اجتماع عقد الخميس بينه وبين رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد بارنيع.

وأضاف "لا يزال يتعين أن نجد جوابا على السؤال الأساسي: كيف ننهي هذه الحرب. هذا في رأيي النقطة الأساسية في المفاوضات".

ولفت رئيس الوزراء القطري الى أن "الاجتماع الذي عقد الخميس يأتي في إطار هذه الجهود التي نسعى من خلالها الى تحقيق خرق" بدون مزيد من التفاصيل.

وتتولى قطر وساطة مع الولايات المتحدة ومصر لاحياء وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير في قطاع غزة وأدى إلى وقف موقت للأعمال العدائية بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب إثر هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 اكتوبر 2023.

ولكن بسبب عدم الاتفاق بين الطرفين على تمديد هذه الهدنة، استأنفت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية في القطاع في 18 مارس ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ 2 مارس.

وأعلن مسؤول في حماس السبت لفرانس برس طالبا عدم كشف اسمه أن الحركة "على استعداد لعقد صفقة لإنهاء الحرب في قطاع غزة تشمل إطلاق سراح الرهائن المتبقين دفعة واحدة وهدنة لمدة خمس سنوات".

ورفضت الحركة في 17 أبريل اقتراحا إسرائيليا ينص على هدنة لمدة 45 يوما مقابل عودة عشرة رهائن أحياء محتجزين منذ 7 أكتوبر. ودعت إلى اتفاق "شامل" لإنهاء الحرب.

وأشار رئيس الوزراء القطري اليوم الأحد إلى أن الجهود الحالية ترمي إلى "التوصل إلى أفضل اتفاق شامل ينهي الحرب ويتيح الإفراج عن الرهائن ويتجنب تقسيم الاتفاق إلى عدة مراحل لأننا سبق ومررنا بهذه المراحل".

وذكر موقع أكسيوس الأسبوع الماضي أن رئيس الموساد دافيد برنياع سافر إلى الدوحة يوم الخميس للقاء رئيس الوزراء القطري وسط الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة.

ولم يذكر المسؤول القطري أي جوانب من محادثات وقف إطلاق النار أحرزت تقدما في الأيام القليلة الماضية، لكنه قال إن حماس وإسرائيل لا تزالان على خلاف بشأن الهدف النهائي للمفاوضات.

وقال إن الحركة مستعدة لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين إذا أنهت إسرائيل الحرب في القطاع. لكن إسرائيل تريد من حماس إطلاق سراح الرهائن دون تقديم رؤية واضحة لإنهاء الحرب.

وفي مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في الدوحة "عندما لا يكون هناك هدف مشترك بين الأطراف، أعتقد أن فرص إنهاء الحرب تصبح ضئيلة للغاية".

من ناحيته، قال فيدان إن المحادثات التي أجراها مسؤولون أتراك مع حماس أظهرت أن الحركة ستكون أكثر انفتاحا على اتفاق يتجاوز وقف إطلاق النار في غزة ويهدف إلى حل دائم للأزمة مع إسرائيل بما في ذلك حل الدولتين.

*ارتفاع حصيلة الحرب ..

ميدانيا أعلنت وزارة الصحة في غزة اليوم ارتفاع حصيلة الحرب إلى 52243 شهيدا بعد أن تم التحقق من هوية مئات الأشخاص الذين كانوا مدرجين سابقا على أنهم مفقودين قبل تأكيد مقتلهم.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة حماس في بيان "تم إضافة 697 شهيدا في الإحصائية التراكمية للشهداء اليوم بعدما اكتملت كافة البيانات الخاصة بهم.. عبر اللجنة القضائية في وزارة الصحة" المختصة بمتابعة ملف المفقودين.

وأوضح الدكتور خليل الدقران المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى أنه "بما يخص المفقودين تحت الأنقاض: أبلغ ذووهم عنهم وكانوا في عداد المفقودين، ولكن تم انتشال جثامينهم إما من تحت الأنقاض أو من مناطق لم تكن الطواقم الطبية قادرة للوصول إليها بسبب تواجد الجيش الإسرائيلي فيها".

بدوره، قال إسماعيل الثوابتة مدير عام مكتب الإعلام الحكومي في إجابة حول سبب عدم الإعلان عن هذا الرقم بشكل دوري، إن "اللجنة القضائية تصدر تقريرها كل فترة وليس يوميا.. ولها بروتوكول عمل خاص بها، وعندما تسلم تقريرها، يتم الاعتماد".

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل قد شككت بشكل متكرر في مصداقية إحصائيات وزارة الصحة في غزة، لكن الأمم المتحدة تعتبر معطياتها موثوقة.ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من حصيلة الحرب.

وبحسب الأرقام التي نشرتها وزارة الصحة، قُتل ما لا يقل عن 2151 فلسطينيا منذ استئناف الهجمات الإسرائيلية.

واليوم أفاد الناطق باسم الدفاع المدني أن ثمانية فلسطينيين استشهدوا اليوم إثر عدة غارات جوية شنها الطيران الحربي الإسرائيلي في قطاع غزة.وقال محمود بصل "تم نقل 8 شهداء على الأقل وعشرات المصابين إثر عدة غارات عدوانية إسرائيلية منذ فجر الأحد في مناطق مختلفة في قطاع غزة".

وأضاف بصل أنه تم نقل "3 شهداء جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت تجمعا للمواطنين في حي الزيتون" جنوب شرق في مدينة غزة، "ونقلت طواقمنا 3 شهداء و8 مصابين بقصف الاحتلال منزلا مكون من عدة طوابق في مخيم البريج" وسط القطاع.

وأشار إلى أن "شهيد وإصابتين نقلوا بعد استهداف الاحتلال لمراكب للصيادين في غرب خان يونس" لافتا أيضا إلى "استشهاد فتى يبلغ 17 عاما إثر قصف إسرائيلي على بلدة خزاعة" في شرق خان يونس.

وقال "أصيب 12 مواطنا غالبيتهم من الأطفال جراء قصف طيران الاحتلال المسيّر لخيمة تؤوي نازحين" في منطقة المواصي بخانيونس.

مقالات مشابهة

  • هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟
  • مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار والإبادة الإسرائيلية
  • التقرير معنا لا ضدنا.. الإمارات تكسر صمتها بشأن اتهامات الجيش السوداني
  • مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار وإبادة الاحتلال
  • البرازيل تدعو لانسحاب إسرائيل من غزة وتشدد على دور "بريكس" في تسوية النزاعات
  • إيران تحدد خطوطها الحُمر في التفاوض مع أمريكا.. الصواريخ واليورانيوم
  • إيران تحدد خطوطها الحمراء في التفاوض مع أمريكا.. الصواريخ واليورانيوم
  • الوسطاء : محادثات هدنة غزة تحرز تقدما.. وتواجه معضلة انهاء الحرب
  • قطر تنتقد إسرائيل وتتحدث عن "بعض التقدم" في محادثات هدنة غزة
  • واشنطن: نجري محادثات يومية مع الصين بشأن الرسوم الجمركية