#الخيارات_الإسرائيلية لمواجهة عمليات #المقاومة_الفلسطينية

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

لم تبق وسيلة لمواجهة الشعب الفلسطيني وقمع انتفاضته، وإخماد مقاومته وإسكات صوته، وتشتيت صفه وإضعاف كلمته، وحرف مقاومته وتشويه صورته، وإخضاعه وكي وعيه، وتركيعه وكسر إرادته، وغير ذلك من الوسائل المكشوفة والخفية، والمباشرة والملتوية، التي يتفتق عنها ذهن الجلادين ويبتدعها عقل العتاة المجرمين، إلا لجأ إليها الاحتلال الإسرائيلي واستخدمها، واعتمدها سياسةً واتخذها منهجاً، ظاناً أنه يستطيع بها أن ينهي مقاومة الشعب الفلسطيني، وأن يتخلص من عناده وثباته، وأن ينهي وجوده ويحارب بقاءه، وأن يمرر على الفلسطينيين عموماً سياساته ونظرياته، ويسلبهم حقوقهم ويطردهم من أرضهم، ويجتث من عمق الأرض جذورهم، فلا يبقي لهم فيها اسماً ولا في قلبها أثراً، ولا تعود عندهم قوة يقاومون بها ولا وجود لهم فيها يشرع مقاومتهم ويعزز مكانتهم ويقوي موقفهم، أو يهدد أمن وسلامة مستوطنيهم، ويعرض كيانهم للخطر ومصالحهم للضرر.

فقد مارس العدو الإسرائيلي على مدى أكثر من سبعة عقودٍ ضد الشعب الفلسطيني مختلف أشكال القهر والإرهاب، واعتمد كل خيارات الحرب والعدوان، وجرب ضده ما أنتجه جيشه المجرم وأجهزته الأمنية القمعية، وما جادت به الأنظمة الاستعمارية الكبرى التي تعادي الفلسطينيين وتتحالف مع الكيان، فزودته بخبراتها وأطلعته على تجاربها، وساهمت معه في تطبيقها، وسهلت له حرية العمل في بلادها، ونفذت في الخارج خاصةً بالنيابة عنه أو بالتعاون معه بعض المهام، وتكلفت بتنفيذ العديد من العمليات، أو تقوم إكراماً له وتعاوناً معه بطرد العديد من الفلسطينيين من بلادها، وحرمانهم من حق الإقامة فيها، أو تسحب جنسيتهم المكتسبة وتحرمهم من أي امتيازاتٍ أو ضماناتٍ تحميهم.

مقالات ذات صلة مبتدأ وخبر 2023/08/07

أما جيشه الذي تدرب وتأهل، وأجرى المناورات وحاكى العمليات، فقد داهم واجتاح، واقتحم واخترق، وغار وقصف، واحتل واستوطن، وهدم ونسف، وخرب ورّوَّعَ، واغتال وقتل، وأصاب واعتقل، وطرد وأبعد، وصادر واغتصب، وسرق ونهب، وحرق الأشجار واقتلعها من جذورها، وأتلف المحاصيل وخرب الحقول، وسمَّمَ مياه الشرب وأغرق الأراضي الزراعية بالمياه العادمة، وألحق أضراراً بالمنتجات الزراعية وتسبب في تلفها ومنع تصديرها، ومن قبل كانت قيادته قد سمحت للجنود باستخدام القوة المفرطة، والمباشرة في إطلاق النار على أي هدفٍ يشتبهون فيه، وهو الأمر الذي أشاع جرائم الإعدام الميدانية والقتل في الشوارع والطرقات، بعد أن سمحت وزارة الحرب الإسرائيلية للمستوطنين بحرية إطلاق النار على الفلسطينيين، شأنهم شأن الجيش، الذي لا يسأل عن فعلته ولا يحاسب على جريمته.

ولم يبق جيش الاحتلال في ترسانته العسكرية سلاحاً لم يستخدمه في حربه وعدوانه على الشعب الفلسطيني، إذ استخدم الطيران الحربي والطوافات على أنواعها، وأدخل سلاح المسيرات والقذائف الموجهة الحارقة المدمرة، وقصف البيوت السكنية والمخيمات المدنية بالصواريخ، وطوع في حربه وعدوانه الوسائل التقنية العالية والتكنولوجيا المتطورة، وتحالف مع الدول الكبرى والولايات المتحدة الأمريكية، ونسق مع مختلف الأجهزة الأمنية الصديقة وغيرها، البعيدة عنه والقريبة منه، التي لا تتأخر في تحديث منظوماته وتغذية منصاته، وتعويضه عن أي نقصٍ في الذخائر والقذائف والعتاد العسكري عموماً.

كما تقوم أجهزته الأمنية بالتضييق على المواطنين الفلسطينيين عامةً، تستدعيهم وتعتقلهم، وتحتجزهم وتمنع سفرهم، وفي السجون تعذبهم وتقسو عليهم، وتعاقبهم وتحرمهم، وتجردهم من حقوقهم وتصادر انجازاتهم، وفي مدينة القدس على وجه التحديد تخنقهم وتضيق عليهم، وتطبق عليهم قوانين قاسية بقصد طردهم وإخراجهم من المدينة، إذ تفرض عليهم ضرائب باهظة، وتهدم بيوتهم وتصادر عقاراتهم، وتمتنع عن منحهم تراخيص بالبناء أو الإعمار، وتجيز للمستوطنين بالقوة أو عبر محاكمهم العسكرية طردهم من بيوتهم والاستيلاء عليها والإقامة فيها.

أما المستوطنون وعصاباتهم، والمتشددون ومجموعاتهم، والمتدينون وتشيكلاتهم، فهم لا يتوقفون عن اقتراف الجرائم في حق الشعب الفلسطيني، ولا يترددون في إطلاق النار عليهم وقتلهم، بعد أن شرعت قوانينهم العسكرية وأنظمتهم الداخلية امتلاك السلاح وترخيصه، وحرية استخدامه بحجة حماية أنفسهم أو الدفاع عن بعضهم، ومن قبل سكتت عن قيامهم بدهس الفلسطييين وسحلهم، أو حرق بيوتهم وتخريب ممتلكاتهم، وأجازت لهم إقامة حواجز متنقلة، وإيقاف الفلسطينيين ومصادرة مركباتهم أو إعطابها وحرقها، وسكتت عن قيامهم بالسيطرة على بيوتهم وأرضهم، وإخراجهم بالقوة منها وبناء مستوطناتٍ مكانها، واعتبرت أعمالهم مشروعة ومقاومتهم جريمة، حيث يعمد الجيش غالباً إلى مرافقتهم وحمايتهم، وتأمين سلامتهم ومنع الفلسطينيين من الاعتداء عليهم.

أما الإدارة المدنية الإسرائيلية التي تنفذ ضد الفلسطينيين سياسات الاحتلال بكل شدةٍ وقسوةٍ، ولا تتردد في إخضاعهم لها بالقوة، وإجبارهم على تنفيذها أياً كانت طبيعتها، فقد استنفذت ضدهم أغلب وسائل الضغط والخنق، والعزل والحصار، والتجويع والحرمان، والتحريض والتأليب، والعقاب والحساب، وتدخلت قسراً في شؤون حياتهم اليومية، وسمت قراراتها على قراراتهم الوطنية فيما يتعلق بالسجلات المدنية والمواليد والوفيات والمواريث والممتلكات، وكل ما يمس الحقوق الفردية والشخصية للإنسان الفلسطيني.

لا نعتقد أنه بقي في جعبة هذا المحتل الغازي، المستوطن المعادي، شيئاً لم يستخدمه ضد الشعب الفلسطيني، فقد فرغت جعبته وخلت كنانته، ولم يعد يملك شيئاً جديداً يجربه ضد الفلسطينيين ليخضعوا ويستسلموا، ويقبلوا ويرضوا، ويتنازلوا ويعترفوا، ويفرطوا وينسوا، فهذا الشعب العظيم العنيد، الثابت الصلب، الصادق الأصيل، قد تكسرت على صخرة صموده كل الوسائل والأدوات، وفلت إرادته كل الأسلحة والمعدات، وردت عنه كل السهام والمؤامرات، وهزم أبناؤه كل السياسات والمخططات، فلا يحلمن هذا العدو أنه سينجح في احتلاله، وسيهنأ في مقامه، وسيطيب له العيش في بلادنا، وليدرك يقيناً أن هذا الشعب سيهزمه، وهذه الأمة ستطرده، وهذه البلاد ستلفظه.

بيروت في 8/8/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطينية الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

النائب علاء عابد: انضمام مصر لخطاب الأمم المتحدة خطوة لحماية المدنيين الفلسطينيين

أشاد النائب علاء عابد، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب ونائب رئيس حزب مستقبل وطن، بانضمام مصر إلى الخطاب الموجه إلى السكرتير العام للأمم المتحدة، رئيس مجلس الأمن، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، للمطالبة بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل التي قد تُستخدم ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

وأكد عابد، في بيان له، أن هذا الموقف يعكس التزام مصر الثابت بدعم القضية الفلسطينية، ووقوفها إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

وأوضح رئيس نقل النواب، أن الخطاب يُعد خطوة هامة نحو حماية المدنيين الفلسطينيين من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، والتي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا الأبرياء، خاصة في قطاع غزة.

وأضاف النائب علاء عابد، أن هذا التحرك يأتي ضمن جهود مصر المستمرة لوقف إطلاق النار على غزة، حيث لعبت الدولة المصرية دورًا محوريًا في الوساطة بين الأطراف المتنازعة، مما أسفر عن التوصل إلى هدنات سابقة ساهمت في تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني.

وأكد رئيس نقل النواب، أن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تولي القضية الفلسطينية أهمية قصوى في سياستها الخارجية، وأن دورها التاريخي كوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعزز من مكانتها كداعم رئيسي للسلام والاستقرار في المنطقة.

وتابع النائب علاء عابد، أن جهود مصر لا تقتصر على الوساطة الدبلوماسية فحسب، بل تشمل أيضًا تقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني في غزة، حيث تعمل مصر على تسهيل دخول المساعدات الإنسانية وفتح المعابر لتخفيف الحصار عن القطاع.

وطالب رئيس نقل النواب، المجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد لوقف تصدير الأسلحة التي تُستخدم ضد الفلسطينيين، ووقف التصعيد العسكري، مؤكدًا أن الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية يبدأ بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • ما الخيارات الفلسطينية المتاحة أمام خطة الجنرالات في شمال غزة؟
  • السيد القائد : لا ترامب ولا بايدن ولا أي مجرم في هذا العالم سيتمكن من أن يثنينا عن موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني
  • مرشد سياحي: خيبر تعد أولى مناطق العالم التي اكتشف فيها قرية من العصر البرونزي
  • النائب علاء عابد: انضمام مصر لخطاب الأمم المتحدة خطوة لحماية المدنيين الفلسطينيين
  • البرلمان العربي يدعو ترامب إلى رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني 
  • عباس: واثق من دعم ترامب لتطلعات الشعب الفلسطيني
  • مقاتل من حزب الله يوجه رسالة لنعيم قاسم وللاحتلال.. هذا ما جاء فيها (شاهد)
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. أبرز الولايات التي يتفوق فيها ترامب على هاريس
  • انتخابات الرئاسة الأمريكية.. تعرف على أبرز الولايات التي يتفوق فيها ترامب على هاريس
  • التعليم الفلسطينية: مقتل 11,923 طالباً منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة