مختصون يؤكدون أن التوعية كفيلة بالحدّ من الظاهرة.. «مقاطع التباهي».. هدم قيّم وتجّريح مشاعر البسطاء
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
أكد مختصون لـ”البلاد” أن ما يعكسه البعض على منصّات التواصل الاجتماعي لحياة الرفاهية التي ينعمون بها ،هو تجريح لمشاعر البسطاء ، فالهياط والتفاخر في وسائل التواصل الاجتماعي له انعكاسات سلبية وخصوصًا على الفئات التي تعاني من الظروف المادية الصعبة، فعندما يشاهد الشخص البسيط حياة الرفاهية والتباهي التي يبثها بعض الأفراد يتأثر نفسيًا واجتماعيًا.
بداية يقول استشاري الطب النفسي الدكتور محمد اعجاز: يجب أن يدرك الجميع أن منصات التواصل الاجتماعي يتابعها الجميع صغارًا وكبارًا ومنهم مقتدرًا وآخرين أصحاب ظروف خاصة وقد تكون أحوالهم متواضعة، فالأولى على المتباهين مراعاة حياة الآخرين وظروفهم، وأن يشكروا الله على النعمة التي يعيشونها بعيدًا عن التفاخر بطرق مستفزة في المقاطع التي يبثونها ليلًا ونهارًا.
وتابع: الجديد في هذه الإشكالية الاجتماعية، أنها أصبحت أكثر انتشاراً وتأثيراً في عصر التواصل والإعلام الجديد، الذي يقوده الأفراد أنفسهم، وبالتالي زادت مساحات حرية بث المقاطع ، فرغم وجود رقابة صارمة على المقاطع ولكن هناك مقاطع مؤذية للمشاعر وفيها تجريح للآخرين.
وختم د. إعجاز حديثه بقوله: من أعظم النعم على المسلم أن هداه للإسلام لأن الإسلام ضمان من الشقاء في الدنيا والآخرة، وتعاليم الإسلام عظيمة متوافقة مع الفطرة التي فطر الله عز وجل الخلق عليها، ومن أهم الأخلاق الإسلامية وأنفعها للفرد والمجتمع الاعتدال في كل شيء، وتجنب ما يؤذي الآخرين.
من جانبه، يقول استاذ علم الاجتماع التربوي البروفيسور محمود كسناوي: أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في ارتفاع نسبة المظاهر السلبية في جميع مجتمعات العالم مع الأسف، فالحرية التي اتيحت في المنصات أسهمت في تكريس الكثير من الصور السلبية ، وهي تصرفات لا تمت للدين ولا للشيم ولا للأخلاق ، إذ ظهرت الكثير من التصرفات الهوجاء البعيدة عن الاتزان والعقلانية.
وأضاف: تعددت صور “الهياط”، لكن يظل التباهي بالغنى والثراء الفاحش هي المستفز الأكبر لمشاعر الناس البسطاء ، فالهياط ليس ظاهرة لدينا بل سلوك أفراد دفعهم حب الشهرة لذلك، وساهمت التقنية في نقل ونشر مقاطع تصويرهم والتباهي بما لديهم ، وبذلك فإن الظاهرة تجسد ضريبة التقنية وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، وفقدان الخصوصية الثقافية والقيمية في ظل زحف العولمة الجارف.
ويؤكد البروفيسور كسناوي، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت من أسهل الطرق التي تمكن الفرد من إيصال ما يقوم به من تصرفات للمجتمع الخارجي بهدف الشهرة ونيل الإعجاب واللايكات ولفت الأنظار، ولا شك أن التظاهر أمام الناس لا ينتج إلا عن الأشخاص الذين يعانون نقصا في تركيبة شخصيتهم ويقومون بذلك ظنا منهم أن تلك التصرفات قد تصنع لهم مكانة في المجتمع المحيط بهم.
وفي سياق متصل، تقول الاخصائية النفسية الدكتورة سندس العلي: “الهياط” ظاهرة اجتماعية سلبية يلجأ إليها من لديهم عقد نقص في محاولة بائسة منهم لتحسين صورتهم المهترئة أو إثبات مكانة لاينتمون لها ، فمواقع التواصل تنقل لنا يوميا مشاهد هياط متعدد أسوأها ما يتعلق بالتفاخر والتباهي والإسراف غير المبرر لأجل الهياط، فكثير من المشاهد ليس لها مبرر سوى الهياط ، فانتشار ظاهرة “الهياط” التي يلجأ إليها البعض في محاولة بائسة للرفع من مكانته الاجتماعية بطريقة استفزازية وبتصرفات سلبية تجعله عرضة للانتقاد من جانب العقلاء والتي تتمثل بالتفاخر والمباهاة وتبذير الأموال والإسراف في الولائم، مما يعكس صورة سيئة عن المجتمع لدى المجتمعات الأخرى.
وأردفت: من وجهة نظري لا يمكن علاج الهياط إلا بالقوانين الصارمة التي تجرم بعض الأفعال، فكثير من المقاطع مؤلمة ومؤثرة على البسطاء الذين يواجهون في حياتهم ظروف صعبة، وعندما يشاهدون مقاطع الهياط والتفاخر بالمال يتألمون بحرقة وقد يؤثر ذلك عيلهم كثيرًا وخصوصًا إذا كان الفرد ضعيف الإيمان.
وخلصت د. سندس كلامها بقولها: يجب أن يكون الوعي الاجتماعي لدى الفرد الذي يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كبيرًا مدركًا للصح والخطأ، كما أن دور وسائل الإعلام دور كبير في مواجهة السلوكيات المرفوضة، فالعلاج لابد أن يكون عبر منظومة متكاملة توعوية دينية ونفسية واجتماعية وارشادية وحزمة عقوبات صارمة تمنع استمرار مثل هذه المهازل.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
خبراء يرسمون «خريطة أجيال وسائل التواصل» في معرض الكتاب
استضاف معرض القاهرة الدولي للكتاب، خلال يومه الخامس، ندوة بعنوان «أجيال وسائل التواصل: ألفا، إكس، الألفية الجديدة، أبناء جيل الطفرة»، شاركت فيها الدكتورة لمياء محسن محمد، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، وإيمان قرة، مديرة التسويق بشركة قرة، وأدارت الندوة الإعلامية ليلى عمر، التي أكدت في افتتاحيتها على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي كواحدة من أبرز مظاهر التطور الرقمي في عصرنا الحالي.
أهمية دراسة الأجيال المختلفةتناولت الدكتورة لمياء محسن، أهمية دراسة الأجيال المختلفة وتأثيرها على تشكيل المستقبل، موضحة أن العلماء قسموا الأجيال إلى ست فئات رئيسة، بدايةً من الجيل الصامت (1928-1945) الذي اتسم بتجنبه للأزمات السياسية وتفضيله للحياة الهادئة بسبب الظروف الاقتصادية القاسية التي مر بها، ووصولًا إلى جيل ألفا (2012 - حتى الآن) الذي يعكس تحديات المستقبل ويتسم بانخراطه في منصات رقمية متجددة.
وأوضحت أن جيل الطفرة السكانية (1946-1965) شهد ازدهارًا اقتصاديًا، وكان من أوائل الأجيال التي تعاملت مع بدايات التكنولوجيا مثل التلفزيون والحاسوب، بينما عانى جيل 1965-1985 من غموض الهوية، إلا أنه كان شاهدًا على التطور السينمائي والتكنولوجي في الثمانينيات والتسعينيات، أما جيل y» 1986-1996»، كان الأكثر تأثيرًا في انتشار وسائل التواصل مثل فيسبوك وإنستجرام، بينما يتميز جيل Z» 1997-2012» بكونه أول جيل رقمي بالكامل يعتمد على الإنترنت في التعليم، ويميل إلى الفيديوهات القصيرة.
تجربة مع السوشيال ميديامن جانبها، شاركت إيمان قرة، تجربتها الشخصية مع السوشيال ميديا، حيث أوضحت أنها بدأت بمبادرة لتوثيق الأمثال والنكات المرتبطة بمناسبات اجتماعية مختلفة، والتي تطورت لاحقًا إلى كتاب يوثق هذه اللحظات بتسلسل تاريخي.
وأضافت أن اختلاف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين الأجيال بات واضحًا، مشيرة إلى أن المنصات مثل تيك توك وسناب شات أصبحت أكثر جذبًا لـ الأجيال الجديدة، بينما يظل «فيسبوك» المنصة المفضلة لدى الأجيال الأكبر.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أهمية الاستخدام الصحيح للسوشيال ميديا، مشددة على ضرورة الالتزام بالأخلاقيات وحقوق الملكية الفكرية التي غالبًا ما تُهمل في ظل الانتشار الواسع للمنصات الرقمية.