هل يقضي اغتيال هنية على الوساطة الروسية؟ خبراء يجيبون
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
موسكو- دانت روسيا عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، فجر اليوم الأربعاء. وقال المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن موسكو تدين بشدة الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى استشهاد هنية.
ويرى الكرملين، وفق بيسكوف، أن مثل هذه التصرفات تستهدف محاولات إحلال السلام في المنطقة، ويمكنها أن تزعزع بشكل كبير استقرار الأوضاع "المتوترة أصلا".
من جانبه، يرى ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أن اغتيال هنية "جريمة قتل سياسية غير مقبولة على الإطلاق وستؤدي إلى مزيد من تصعيد التوترات في المنطقة".
نكسةفي حين أكد أندريه ناستاسين، نائب رئيس دائرة الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية، أن عملية الاغتيال ستكون لها عواقب سلبية للغاية على المفاوضات بين حماس وإسرائيل لإنهاء القتال في قطاع غزة. وشدد على أنه يجب على الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط منع القيام بخطوات تؤدي إلى تصعيد جديد للتوتر في المنطقة.
وبرأي مراقبين روس، فإن عملية اغتيال القائد السياسي للحركة الفلسطينية الأبرز في الصراع مع إسرائيل، تشكل نكسة من العيار الثقيل لجهود التهدئة ومساعي حل "ملف الأسرى" وبداية مرحلة تصعيد غير مسبوقة ستتجاوز قواعد الاشتباك التي سبقتها، لا سيما أن هنية هو من أدار ملف المفاوضات بخصوص "الأسرى". كما تمثل تعطيلا لأي دور روسي محتمل لوقف التصعيد، نظرا لأن الطرف الدولي المقابل (واشنطن) غير مؤهل لهذا الدور، نتيجة تحالفه مع إسرائيل ودعمه غير المحدود لها.
ويرون أن وقوع هذه العملية ذات الطابع الاستخباراتي في إيران يعد تحديا مباشرا لها ويضعها أمام استحقاق الرد و"حفظ ماء الوجه"، كما حدث عند قصف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق مطلع أبريل/نيسان الماضي.
ثمن كبيروحسب مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كركودينوف، فإنه على ضوء تشابك الملفات وتداخل جبهات الصراع في الشرق الأوسط حاليا في ظل الحرب على غزة، فقد بات الحديث عن وساطة أو دور روسي لجهة التهدئة أمرا بالغ الصعوبة، خاصة مع انسداد أفق الحل السياسي مع توجه إسرائيل نحو خيار الحرب الشاملة.
وفي تعليق للجزيرة نت، يضيف أن الأوضاع خرجت فعليا عن السيطرة، بما في ذلك نتيجة الموقف الأميركي المنحاز لتل أبيب والرافض حتى لحلول وسط -ولو مؤقتة- تضمن وقف تدحرج المنطقة نحو حرب واسعة النطاق.
ويلفت كركودينوف إلى أن اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الولايات المتحدة إنشاء ما يسمى بنظير لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في الشرق الأوسط، والذي سيكون موجها ضد "التهديد الإيراني"، يعزز هذه الفرضية.
وباعتقاده، فإن مجيء موجة التصعيد الجديدة مباشرة بعد عودة نتنياهو من واشنطن لها دلالات كثيرة، لا يمكن تفسيرها إلا بأنها جاءت نتيجة ضوء أخضر أميركي وبأن المعركة في الشرق الأوسط باتت مشتركة بين واشنطن وتل أبيب. وأشار إلى التزامن بين اغتيال هنية واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت وضرب مقار الحشد الشعبي في بابل جنوبي العاصمة العراقية بغداد.
ووفقا له، فإن إسرائيل باتت في وضع تعتبر فيه أن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع وفق سيناريو الحرب الاستباقية. وسيكون ثمن ذلك كبيرا، لأنها -بهذا العمل- ثبتت مبدأ "وحدة الساحات" لدى الجهات والحركات المناهضة لها في المنطقة، وأن المشهد اللاحق سينتقل من فعل مساندة القوى الفلسطينية المسلحة في غزة إلى الدخول في النزاع المسلح بشكل مباشر.
ترقب روسيمن جهته، قال محلل الشؤون الدولية سيرغي برساوف إن اغتيال هنية، وإنْ شكل ضربة قوية لقيادة حماس ومحاولة لضرب معنوياتها، لكنه لن يدفع الحركة الفلسطينية إلى إلقاء السلاح بل ستنتخب قائدا جديدا وتواصل حربها مع "الدولة العبرية".
وبدوره، يرى أن عملية الاغتيال تشكل تحديا مباشرا لطهران بالدرجة الأولى كون "البصمة الإسرائيلية" واضحة في العملية، وهي محاولة جريئة لإبراز قدرات مخابرات الاحتلال على العمل داخل الأراضي الإيرانية.
ولم يستبعد برساوف أن تتعاطى طهران مع حادث الاغتيال كما فعلت بعد قصف قنصليتها في دمشق، عندما ردت عليه بهجوم بالصواريخ والمُسيّرات على مناطق داخل إسرائيل، لأن الحديث يدور عن اعتداء على دولة ذات سيادة.
بموازاة ذلك، يشير إلى أن روسيا تراقب بقلق تطورات الأحداث في المنطقة التي تعتبر إستراتيجية بالنسبة لها، وتشكل "موطئ قدم" أمام محاولات التمدد الجيوسياسي والعسكري للولايات المتحدة فيها.
وتحدث عن وجود مخاوف حقيقية من أن اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط يمكن أن يتمدد بحيث يلامس نقاط التماس المتوترة بين المنظومة الغربية من جهة، والتحالف الروسي الصيني من جهة ثانية، في مناطق أخرى من العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الشرق الأوسط اغتیال هنیة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
ما تأثير رفع ترامب للتعرفة الجمركية على اقتصاديات الدول العربية؟.. خبراء يجيبون
بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن رفع الرسوم الجمركية على صادرات بعض الدول، إلى الولايات المتحدة، أُثيرت تساؤلات بخصوص تأثيرها على الاقتصاديات العربية.
وشمل هذا القرار دولا عربية عدّة، فيما تفاوتت نسبة هذا الرفع بين 10 في المئة إلى 41 في المائة، علما أن ترامب كان قد بدأ فكرة رفع التعرفة الجمركية كسلاح سيستخدمه في حربه التجارية مع الصين.
وفرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 10 في المئة على الواردات القادمة من عدة دول عربية، هي: الإمارات، ومصر، والسعودية، والمغرب، وسلطنة عُمان، والبحرين، وقطر، ولبنان، والسودان، واليمن، والكويت.
بينما فرض نسبة مرتفعة على دول أخرى، حيث بلغت 20 في المئة على الأردن، و28 في المئة على تونس، و30 في المئة على الجزائر، و31 في المئة على ليبيا، و39 في المئة على العراق، في حين كانت سوريا الأكثر تأثراً برسوم جمركية بلغت 41 في المئة.
واعتبر ترامب هذا القرار ردّا على رسوم جمركية تفرضها هذه الدول على الصادرات الأمريكية، وأنه ضمن خطة اقتصادية يسعى من خلالها لتحسين وضع الاقتصاد الأمريكي.
تأثير محدود
لمعرفة التأثير على الاقتصاديات العربية استطلعت "عربي21" على آراء خبراء اقتصاديين عرب، والذين تنوعت تحليلاتهم ما بين القول بأن التأثير سيكون محدود، والبعض الآخر قال سلبي، بالمقابل أفاد بعض الخبراء أنه قد يكون له تأثيرات إيجابية.
وبحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، فقد بلغ إجمالي تجارة السلع الأمريكية مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما يُقدر بنحو 141.7 مليار دولار أمريكي في عام 2024.
وبلغت صادرات السلع الأمريكية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2024 ما قيمته 80.4 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 5.8 في المئة (4.4 مليار دولار أمريكي) عن عام 2023.
وبلغ إجمالي واردات السلع الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 61.3 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بانخفاض قدره 1.6 في المئة (1.0 مليار دولار أمريكي) عن عام 2023.
وبلغ فائض تجارة السلع الأمريكية مع الشرق الأوسط 19.1 مليار دولار أمريكي في عام 2024، أي بزيادة قدرها 39.8 في المئة (5.4 مليار دولار أمريكي) مقارنة مع عام 2023.
وقال الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله: "هناك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الدول العربية، ولكن يجب هنا التفريق بين الدول المُصدرة للنفط والدول التي تصدر سلع أخرى، فيما يخص الأولى فإن هذه التوترات السياسية وما تبعها من قرارات اقتصادية، رّبما تخدم ارتفاع أسعار النفط بشكل أو بآخر".
وأوضح ذكر الله خلال حديثه لـ"عربي21" أن: "التوترات دائما ما تكون في صالح النفط والذهب، إلا إذا حدث انكماش أو تباطؤ في الإنتاج العالمي وهذا متوقع نتيجة تدهور شروط التجارة الدولية، ما بين أمريكا وبقية الدول، وتدهور طبيعة التبادل التجاري على مستوى العالم، لاسيما في ظل تهديد الدول الأخرى بفرض تعرفات جمركية انتقامية".
وقال ذكر الله: "في هذه الحالة عندما ينخفض الناتج المحلي العالمي نتيجة التراجع في حجم التجارة الدولية، ربما يؤدي لخفض أسعار النفط وبالتالي التأثير على مداخيل الدول العربية التي تعتمد على النفط بصورة رئيسية".
وتابع: "أما الدول العربية التي تعتمد على صادرات أخرى، اعتقد إجمالي ما يتم تصديره عربيا للولايات المتحدة ضعيف ومعظمه سلع غذائية وليست صناعية، وبالتالي فإن الرسوم الجمركية المفروضة بعيدة عن مثل هذه السلع، ولهذا التأثير سيكون محدود حتى هذه اللحظة".
الأردن.. تأثير اقتصادي سلبي
كان الأردن أحد الدول العربية التي شملها قرار ترامب وبلغت نسبة الرفع 20 في المائة، علما أن صادرات الأردن لأمريكا 3.4 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة قدرها 15.4 في المئة (448.4 مليون دولار أمريكي) عن عام 2023.
وقال الخبير الاقتصادي الأردني، مازن مرجي، إنّ: "التفاعل مع القرار الأمريكي عالمي فهو موجه ضد معظم دول العالم، وبالتالي الأردن ليس مستهدفا بذاته، ولهذا سيكون له تأثير سلبي على التجارة العالمية ككل".
وتابع مرجي في حديث خاص مع "عربي21"، أنّ: "أيضا سيكون له تأثير سلبي على الولايات المتحدة أكثر من غيرها، فهي تستهلك تقريبا 50 في المئة من منتجات العالم، وبالتالي سيكون هناك ارتفاع في أسعار السلع هناك من 10- 65 في المئة".
وحول التأثير على الأردن، أوضح مرجي: "يجب أن لا نقلق كثيرا، فالتأثير سيكون منخفض وليس كبيرا، لسببين: الأول أن هذه المشكلة ستتفاعل على المستوى العالمي، وبالتالي فإن الأردن ليس مطلوبا منه اتخاذ أي إجراء منفرد كرد على هذا القرار".
وأضاف، "ثانيا: الأردن يصدر للولايات المتحدة منتجات بقيمة تقريبا 2 مليار دينار أردني، 80 في المئة منها ملابس يتم تصنيعها في المناطق الصناعية المؤهلة، ونسبة الأردن من ناتج تصديرها 11.6- 15 في المئة".
وأوضح أنّ: "الذي سيتأثر هو الشريك التجاري للأردن في هذه الصناعة (دولة الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين)، والنسبة التي تحصل عليها السلطة لا تتجاوز 9 في المئة، وبالتالي هذه الصادرات يمكن وصفها بالوهمية والمُضخمة، حيث لا يعود الكثير من ناتجها على الأردن".
وشرح مرجي ذلك قائلا: "صناعة الملابس في المناطق الصناعية المؤهلة وهي الأكثر تصديرا لأمريكا هي في الأساس شراكة بين الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، والأخيرة هي المتضررة أكثر لأن معظم هذه الملابس تأتي شبه جاهزة من هناك، وبالتالي المبلغ الأكبر يذهب للشركات الإسرائيلية لأنها هي التي تصمم وتوقع العقود".
ولفت إلى أنّ: "الملابس التي يتم تصديرها لأمريكا من الأردن تدخل ضمن الاتفاقيات التجارية الأمريكية الإسرائيلية وليست الأردنية الأمريكية، ولهذا سيتكون إسرائيل هي المتضرر الأكبر من قرار رفع التعرفة الجمركية".
من جهته، الخبير الاقتصادي وعضو غرفة صناعة عمان، موسى الساكت، خالف مرجي في الرأي بالقول: "تم توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الأردن وأمريكا في كانون أول/ ديسمبر 2001، ارتفعت بموجبها الصادرات الأردنية لها من 100 مليون دولار سنويا ووصلت خلال آخر ثلاث أعوام إلى معدل 1.8 مليار سنويا، تًشكل الملابس والمنسوجات 80 في المئة منها".
وأوضح الساكت لـ"عربي21" أنه: "في بداية توقيع هذه الاتفاقية كان هناك ما يسمى بالمناطق الصناعية المؤهلة، والتي تتطلب وفقا لهذه الاتفاقية أن يكون هناك 8 في المئة من مُدخلات الانتاج من الكيان الإسرائيلي حتى يتمكن الأردن من التصدير لأمريكا".
وتابع: "لكن بعد 2010 عندما وصلت الرسوم الجمركية إلى صفر لم يُعد هذا المتطلب موجود، علما أن جميع الشركات في هذه المناطق الصناعية هي أردنية، نعم يدخل في رأسمال بعضها استثمارات أجنبية، لكن لا يوجد شركات إسرائيلية".
وحول تأثير قرار ترامب على الاقتصاد الأردني يرى الساكت: "أنه سيكون سلبي، حيث تُشكل الصادرات الأردنية للولايات المتحدة ما نسبته 25 في المئة من إجمالي الصادرات، ما يعني تهديد نموها وتراجعها".
وأكد أنّ: "تراجع هذه الصادرات يتعارض مع رؤية التحديث الاقتصادي والتي تتطلب نمو هذا القطاع يصل إلى أكثر من 5 مليار دولار في 2033، وبالتالي الشركات الأردنية ستتراجع عوائدها المالية وقدرتها على تشغيل العمالة المحلية".
وتابع: "أيضا سيقل مدخول العملة الصعبة الواردة للأردن، لأنه كما ذكرت فإن الصادرات لأمريكا تبلغ 25 في المئة من إجمالي صادرات الأردن، كذلك سيتأثر إجمالي الناتج المحلي".
تونس
تونس من جهتها أيضا، فُرض عليها نسبة مرتفعة من التعرفة الجمركية الأمريكية، إذ بلغت نسبتها 28 في المائة، علما أن صادراتها لأمريكا بلغت 1.1 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة قدرها 30.4 في المئة (261.7 مليون دولار) مقارنةً بعام 2023.
وتصدر تونس بشكل رئيس: التمور وزيت الزيتون إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وعن تأثير هذا القرار على الاقتصاد، قال الخبير الاقتصادي التونسي، رضا الشكندالي: "لا تُمثّل صادرات تونس لأمريكا رقما مهما، فهي في أحسن الحالات لا تتعدى 10 في المئة من مجموع الصادرات".
واستدرك الشكندالي بالقول: "لكن في هذا الوقت الذي تشهد فيه تونس صعوبات كبيرة في زيادة الموارد المالية من العملة الصعبة، فهو يؤثّر على التوازنات المالية الخارجية وعلى الموجودات من العملة الصعبة لدى البنك المركزي".
وتابع الشكندالي في حديثه لـ"عربي21"، "تصدر تونس إلى أمريكا بالأساس التمور وزيت الزيتون وجزء من النسيج والملابس، وفرض الرسوم الجمركية سيقلّص من تنافسية هذه القطاعات ويجعلها غير قادرة على التصدير، وسيدفع بعض المستثمرين الأجانب في قطاع النسيج للبحث عن فضاءات أكثر تنافسية، ولعل المغرب والذي فُرض عليه نسبة رسوم أقل فقط سيكون الملاذ لهؤلاء المستثمرين".
وأكد أنّ: "هذه الحرب التجارية ستدفع التضخم المالي نحو المسار التصاعدي ليس فقط في الولايات المتحدة الامريكية بل كذلك في اوروبا وغيرها من البلدان الأخرى، وستدفع البنوك المركزية الى انتهاج السياسة النقدية الحذرة مرة أخرى بعد التخلي عنها في السنتين الأخيرتين".
وأضاف: "هذا الأمر قد تكون له تداعيات تضخمية في تونس، وقد تدفع البنك المركزي التونسي الى رفع نسبة الفائدة، كما ستكون هناك تداعيات على المالية العمومية التونسية حيث سيؤدي رفع نسبة الفائدة في البنوك المركزية في العالم إلى كلفة إضافية، لتسديد الديون الخارجية".
إلا أن الخبير الاقتصادي التونسي، محمد النوري، اعتبر أنّ: "القرار له انعكاسات على الاقتصاد التونسي ولكن التأثير سيكون محدود، لتواضع حجم المبادلات البينية بين البلدين، كذلك نسبة الصادرات لأمريكا هي فقط 10 في المئة من إجمالي الصادرات".
وتابع النوري في حديثه لـ"عربي21": "لكن من الانعكاسات السلبية لهذا القرار، تراجع الصادرات من جهة وتقلص رصيد البلاد من العملة الصعبة منجهة ثانية والتأثيرات السلبية المتوقعة على الاستثمار".
وأضاف: "تصدر تونس التمور وزيت الزيتون والنسيج والملابس وهي قطاعات تشهد درجة من التقلبات والهشاشة مما يجعل من هذه الإجراءات الأمريكية الجديدة عاملا إضافيا للمشكلات الهيكلية لهذه القطاعات ما يُسهم في إضعاف القدرة التنافسية، لهذه المنتجات بالإضافة إلى ضرورة البحث عن أسواق بديلة لتعويض السوق الأمريكية".
وخلص بالقول: "بالتوازي مع هذه الانعكاسات السلبية المباشرة من غير المستبعد أن تكون هناك انعكاسات غير مباشرة مثل تلك التي تمس مستويات التضخم والقدرة الشرائية للمواطن واحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي، وهي كلها عوامل إضافية تؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي الهش الذي تعيشه تونس".
الجزائر تأثير ضعيف
أما الجزائر فقد بلغ إجمالي تجارة السلع الأمريكية معها ما يُقدر بنحو 3.5 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وتصدر لأمريكا صادرات بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بانخفاض قدره 18.7 في المئة (567.5 مليون دولار أمريكي) عن عام 2023، فكيف سينعكس هذا القرار على الاقتصاد الجزائري؟
الأكاديمي والخبير الاقتصادي الجزائري، مراد كواشي، قال إنّ: "حجم التبادل التجاري بين الجزائر وأمريكا محدود، حيث بلغ في عام 2024 ما يقارب 3.5 مليار دولار، حيث تصدر ما قيمته 2.5 مليار، أما أمريكا فتصدر بقيمة مليار دولار".
وتابع كواشي في حديث خاص لـ"عربي21": "نسبة صادرات الجزائر إلى أمريكا حوالي 5.5 في المئة من إجمالي الصادرات، وبالتالي هي حصة محدودة جدا، وهي تتشكل أساسا من المنتجات البترولية والإسمنت والحديد وغيرها".
وفي السياق نفسه، يرى: "أن رفع التعرفة الجمركية لن يكون له هذا التأثير الكبير على الصادرات الجزائرية، حيث يمكن أن تجد الجزائر أسواق بديلة لمنتجاتها وبالتالي استبعد أن يكون هناك تأثير لهذا القرار على الاقتصاد الجزائري".
وخلص بالقول بأنّ: "قرار ترامب ضرب كل مبادئ التجارة الحرة بعرض الحائط، سواء حرية التجارة أوحرية الأموال وغيرها، وهو جعل هذه المبادئ شعارات جوفاء، وبالتالي هذه التعرفات سيكون لها تبعات سلبية على جميع اقتصاديات العالم بما فيها الاقتصاد الأمريكي".
المغرب تأثيرات محتملة متباينة
وكان المغرب من الدول العربية الأقل من ناحية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، حيث بلغت نسبتها فقط 10 في المئة، علما أن صادراته للولايات المتحدة بلغت 1.9 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 12.3 في المئة (208.3 مليون دولار) عن عام 2023.
وعن تأثيرات القرار على المغرب أكد مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي: "أنه سيكون هناك تداعيات كبيرة على الاقتصاد المغربي خاصة بعد تداعيات قبول أن يكون العجز التجاري لصالح الولايات المتحدة منذ تفعيل اتفاقية التبادل التجاري مع بلاد العم سام".
وتابع الفاتحي في حديث خاص لـ"عربي21": "تم فرض ضرائب بنسبة 10 في المئة على صادرات المغرب لأمريكا سيفاقم كلفة العجز سلبيا على الاقتصاد المغربي".
وحول ما قاله الخبير الاقتصادي التونسي، رضا الشكندالي، من أن المغرب قد يستفيد من هذا القرار بتوجه بعض المستثمرين إليه؛ فيما قال الفاتحي: "فعلا المغرب له الأفضلية عن باقي الدول العربية باعتبار اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا، وإن الزيادة في الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتوجات المغربية يبقى مقبولا مقارنة بوضعية باقي الدول العربية".
وأوضح أنّ: "استدامة السلوك الجمركي الأمريكي على البلدان العربية قد يدفع المستثمرين العرب والدوليين إلى نقل أنشطتهم الاقتصادية إلى التراب المغربي لما توفره المملكة من دعم للشركات الأجنبية، في إطار سياسة تنتهجها لتسريع النمو الاقتصادي".
بدوره، يعتقد الخبير الاقتصادي المغربي، عبد الخالق التهامي: "صادرات المغرب إذا تم تصديرها بشكل مباشر للسوق الأمريكي ستتأثر سلبا، لأن سعرها سيرتفع وبالتالي قد يبحث المواطن الأمريكي عن سلع بديلة سواء محلية أو من دول أخرى".
وتابع التهامي في حديث خاص لـ"عربي21": "لكن في المقابل قد يستفيد المغرب إذا كان يصدر سلع تصدرها أيضا دول أخرى لكن عليها تعرفة جمركية أعلى، عندها قد يلجأ المستهلك الأمريكي للسلع المغربية وبالتالي سيستفيد الاقتصاد المغربي".
وحول التأثير المباشر على المواطن المغربي، توقع التهامي: "أن لا يكون هناك تأثير سلبي إلا في حال انخفض الإنتاج نتيجة انخفاض الصادرات لأمريكا، غير ذلك لن يتأثر، لكني اعتقد أن صادرات المغرب لن تتأثر كثير".
أما بخصوص التأثير على مدخولات المغرب من العملة الصعبة بسبب هذه القرار قال: "الأمر يرتبط أساس بحجم الصادرات للولايات المتحدة، بمعنى إذا لم تنخفض لن ينخفض مستوى العملة الصعبة الواردة".
وتابع: "لكن قد يتأثر دخل المغرب من العملات الصعبة في حال تأثر اقتصاد دول أخرى مثل فرنسا أو اسبانيا، وبالتالي فقدان العمال المغاربة في هذه الدول لعملهم، عندها سيتأثر سلبا نتيجة انخفاض تحويلات هذه العمالة المغتربة".