الرياضة بين التسييس والاتجار!!
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
أثار حفل افتتاح أوليمبياد باريس الأسبوع الماضى، جدلًا كبيرًا حول العالم، وردود أفعال متباينة عن مستقبل الصراع البشرى وانزلاق الرياضة إلى هذا المستنقع، على اعتبار أن الرياضة كانت إحدى وسائل تقارب الشعوب، وأهم أدوات بناء النموذج الأخلاقى والقيم الايجابية والسلوك الانسانى البناء والمتحضر فى المجتمعات وهو أمر دفع الأمم المتحدة قبل سنوات لعقد اتفاق مع اللجنة الأوليمبية الدولية بهدف التهاون لأغراض السلام والتنمية على اعتبار أن الرياضة إحدى أدوات نشر السلام والتقريب بين البشر ولها ارتباط وثيق بمنظومة القيم الحضارية من تعميق للأخلاق والتسامج وضبط النفس فى مواجهة كل أشكال التعصب والعنصرية والكراهية والعنف.
لا شك أن فرنسا قد أبدعت فى اخراج هذا الحفل على المستوى الفنى والتنظيمى، عندما استدعت كل إمكانياتها ومكوناتها الثقافية والتاريخية والفنية لتحويل مدينة باريس إلى مسرح متكامل ومتجانس ولوحة فنية كبيرة للمدينة البديعة بداية من نقطة الانطلاق فى مسرح الحفل أسفل برج إيفل على نهر السين، ومرور يخوت الفرق الدولية المشاركة عبر النهر، ثم استعراض مراحل الشعلة والعروض فى حدائق التروكاديرو والشانزلزيه وقوس النصر حتى ساحة الكونكورد الذى تتوسطه المسلة المصرية فى استعراضات رياضية وفنية باهرة واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى عمليات الابهار البصرى والنقل الفضائى على مدار أربعة ساعات جذبت انتباه الملايين حول العالم.. إلا أن الكثيرين تحفظوا على تسييس فرنسا للحدث الأكبر والأهم وهو الأليمبياد التى تقام كل أربع سنوات من خلال فرض قيمها العلمانية وحريتها المطلقة، لتثير من جديد قضية التوحد البشرى وترسخ للانقسام الواضح الذى يمر به العالم، وتحديدًا فى منظومة القيم التى تختلف من ثقافة لأخرى، ومن مجتمع لآخر، وتتصادم بشكل قاطع مع الرسالات السماوية والأديان والمعتقدات الروحية التى تتمسك بها كثير من المجتمعات وتثير حساسية شديدة وهو الأمر الذى دعا منظمى حفل الأوليمبياد إلى الاعتذار لأى شخص شعر بالاهانة، ادعى تومس جولى المدير الفنى للحفل أنه كان يهدف للتنوع وليس الاساءة فى محاولة لوقف الغضب.
الحقيقة أن - تسييس - الرياضة بات واقعًا سواء فى المحافل الدولية أو المجتمعات المحلية فى ظل الشغف الهائل بالأنشطة الرياضية، وبخاصة كرة القدم التى تجذب الملايين فى كل مكان بعد أن تحولت إلى صناعة وروافد اقتصادية للدولة والاتحادات والأندية وبعض رجال الأعمال، وهو أمر له تأثير سلبى على الجوانب الايجابية للرياضة التى كانت تعد أهم محفزات القيم الايجابية والسلوك المتحضر والتسامح والتنافس الشريف وغيرها من الايجابيات التى تسمى - بالروح الرياضية - التى نفقدها الآن بشكل واضح فى مجتمعنا الكروى المصرى لذات السبب وهو تسييس الرياضة المصرية وعلى رأسها كرة القدم، بعد أن باتت تدار بالتوجيهات بدلاً من القوانين واللوائح المنظمة للعبة دوليًا ومحليًا، ولم يعد مستغربًا أن تنتقل مشاكل الرياضة إلى ساحات المحاكم، وتحقيق خسائر كبيرة على المستوى الفنى وأيضًا المالى والذى يشكل إهدارًا للمال العام، ناهيك عن أخطر الجوانب وهى الاحتقان الجماهيرى والتعصب الأعمى، وكلها نتائج طبيعية وخطيرة للإدارة بالتوجيهات ولعبة التوازنات، وضعف وغياب الاتحاد المنظم لكرة القدم ولجانه المتعددة وعلى رأسها لجنة الانضباط وجميعها تتقاضى رواتب خيالية، ولا تقدم مردودًا ايجابيًا لكرة المصرية التى تراجعت فى السنوات الأخيرة على المستوى المحلى والدولى.
حفظ الله مصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صواريخ حفل افتتاح أوليمبياد باريس مواجهة كل
إقرأ أيضاً:
باحث في العلاقات الدولية: خطة ترامب بتهجير الفلسطينيين فشلت ورفضتها كل دول العالم
قال عمرو حسين، الباحث في العلاقات الدولية، إن تصريحات ترامب بأنه ليس في عجلة من تطبيق خطته في غزة الرامية إلى خروج الفلسطينيين خارج القطاع وتولى أمريكا السيطرة عليه جاء بسبب رد الفعل العالمى الخاص برفض تهجير الفلسطينيين من القطاع، خاصة دول الاتحاد الأوربي التى صدمت ترامب برفضها تلك الخطة وأبرزها فرنسا وبريطانيا، حيث أكدت بريطانيا على حق الفلسطينيين في العيش في غزة وأن يكون لهم دولة داخل حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وكذلك ألمانيا التي رفضت الخطة.
وأضاف حسين في تصريح خاص لـ"الوفد"، أنه من الواضح أن الاتحاد الأوربي استغل تصريحات ترامب لكى يضغط على الإدارة الأمريكية التى تنوى زيادة رسوم الجمارك على بضائع الاتحاد الأوربي وتقليل الإنفاق على حلف الناتو .
وأشار إلى أن هذه الخطة من قبل ترامب لم يؤيدها سوى نتنياهو وتم رفضها من كل الدول العربية، وكذلك الصين وروسيا والبرازيل والاتحاد الأوربي، لافتا إلى أن هذه الخطة فشلت قبل أن تبدأ وتراجع ترامب ليس بالمراجعة عن الفكرة وإنما يرجع أيضا نتيجة اعتراض بعض أعضاء الكونجرس، وكذلك وسائل الإعلام الأمريكية التى اعتبرت خطة ترامب بأنها غير واقعية ولا يمكن تطبيقها على الأرض.