لن تكون عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس العملية الأولى ولا الأخيرة فى سياق الصراع بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، فقد سبقها عمليات اغتيال عديدة كان أبرزها قائد حماس الشيخ أحمد ياسين وبعدها عبدالعزيز الرنتيسى وغيرهما الكثير. غير أن الواقع العملى ومتابعة مسار المقاومة بعد هذه العمليات يشير إلى أنها لم تكن بأى حال وسيلة للقضاء على المقاومة وإنما يزيدها اشتعالًا.
فقد تم اغتيال هنية فى طهران وهو ما يمثل اعتداء على سيادة إيران ولذلك تحاول تل أبيب التمويه على الأمر بعدم الاعتراف بالعملية خشية رد فعل الإيرانى، كما يأتى بعد اغتيال القيادى فى حزب الله أو الرجل الثانى بعد حسن نصر وهو فؤاد شكر، ما يزيد من حالة الغضب والرغبة فى الانتقام من قبل فصائل المقاومة بل ويزيدها توحدًا.
من الجوانب الأولية التى يمكن الإشارة اليها فى معرض تناول هذه العملية هى الطبيعة الإرهابية للدولة الإسرائيلية تلك التى تحاول أن تلصق بخصومها تهمة الإرهاب، وإلا كيف يمكن تفسير اغتيال شخصية مثل هنية، فما هو الإرهاب إن لم يكن مثل هذا العمل كذلك؟
من ناحية ثانية يبدو أن إسرائيل عازمة على المضى قدما بالمنطقة إلى أقصى حالات الصراع لاستعادة هيبتها وقوة الردع التى تمتعت بها على مدار العقود الماضية والتى انهارت بفعل عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر الماضى وعلى وقع العمليات التى جرت بعد ذلك من جانب محور المقاومة مثل تلك التى تمت من قبل الحوثيين فى اليمن وحزب الله فى لبنان بل وكذلك الضربات الرمزية التى تمت من قبل ايران بطائرات مسيرة على قلب إسرائيل.
وقد يكون مما يعزز مساعى تل أبيب على ذلك حالة السيولة التى تعيشها الولايات المتحدة بفعل المرحلة الانتقالية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، حيث يوجد رئيس مشكوك فى أدائه بفعل حالته الصحية ومرشح أهوج هو ترامب يعلم نتنياهو مدى تأييده لإسرائيل فى مقابل كامالا هاريس المرشحة والتى ربما تدخل مجال المزايدة فى تأييد تل أبيب حرصًا على الفوز فى الإنتخابات.
باختصار يبدو أن إسرائيل حصلت على ضوء أخضر أمريكى لمواصلة تحقيق أهدافها ومواجهة المقاومة على طريقتها الخاصة، وهو ما يعززه خروج وزير الدفاع الأمريكى بعد اغتيال فؤاد شكر مباشرة ليعلن أن الولايات المتحدة ستشارك إسرائيل أى عمليات ضد الهجوم عليها من حزب الله.
بعيدًا عن الدلالات الأولية لعملية اغتيال هنية فإن تلك العمليات من ناحية أخرى تشير إلى ما يمكن وصفه بـ«تعملق» إسرائيلى وتعزيز الشعور لديها ولدى الخصوم بأنها القوة التى لا تقهر وأنها القادرة على الوصول إلى أى مكان والنيل من أى من يمس أمنها هو الأمر الذى أشار اليه بشكل واضح وزير الدفاع الإسرائيلى.
خطورة هذا الأمر انه يضع دول المنطقة بأكملها تحت رحمة الإرادة الإسرائيلية ورغباتها، وإذا كان الواقع يشير إلى أن الأمور تسير فى هذا المنحنى فإن المستقبل قد يحمل أشكالًا أكثر مأساوية من جر إسرائيل للدول العربية فى السكة التى تريدها، على نحو يذكرنا بالمثل التقليدى الذى يقول "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" وهو الجانب الذى يبدو للأسف أن دولنا العربية لا تدركه ولا تدرك خطورة "تسمين" الخصم الإسرائيلى.
اغتيال هنية سيزيد الموقف اشتعالًا، ولن يكون هناك حل سوى الاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطينى، وقتها ربما نأمل فى حالة من الهدوء والاستقرار فى المنطقة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق سياق الصراع ب اغتیال هنیة
إقرأ أيضاً:
ما حقيقة اغتيال بشار الأسد في موسكو؟
اغتيال بشار الأسد.. تصدر محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعدما كشفت صحيفة "ذا صن" البريطانية جدلًا واسعًا بعد نشرها تقريرًا يتحدث عن محاولة اغتيال الرئيس السوري السابق بشار الأسد في مقر إقامته بروسيا.
الأمر الذي جعل المواطنين يبحثون عن تفاصيل اغتيال بشار الأسد في روسيا.
تفاصيل الحادثة
حسب التقرير، تعرض بشار الأسد، البالغ من العمر 59 عامًا، لوعكة صحية يوم الأحد الماضي، حيث بدأ يعاني من سعال عنيف واختناق بعد طلبه المساعدة الطبية.
وأشار الحساب إلى وجود "كل الأسباب للاعتقاد بوقوع محاولة اغتيال". وأضاف أن الأسد تلقى العلاج في شقته وأن حالته استقرت لاحقًا.
ورغم هذه المزاعم، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الجانب الروسي أو السوري بشأن الحادثة، كما لم تؤكد وسائل الإعلام الروسية أو الجهات الرسمية صحة هذه الادعاءات.
ردود الأفعال والشكوك
التقرير أثار تساؤلات كبرى حول مصداقيته، خاصة أن "ذا صن" لم تستند إلى مصادر موثوقة أو رسمية في عرضها لهذه المزاعم.
ووفقًا للتقرير، أظهرت الاختبارات أن وجبة الطعام التي تناولها الأسد كانت تحتوي على مواد سامة، دون تقديم أدلة تدعم هذه المزاعم.
عائلة الأسد
تأتي هذه التقارير في وقت تواجه فيه عائلة الأسد تحديات متعددة، إذ ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن أسماء الأسد، زوجة بشار، تعاني من مرض سرطان الدم في مرحلة متقدمة، وتواجه صعوبة في الحصول على علاج بعد انتهاء صلاحية جواز سفرها البريطاني.
يذكر أن بشار الأسد وأسرته يعيش في روسيا منذ فرارهم من سوريا في ديسمبر 2024، حيث منحهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللجوء.
وتُعد هذه التطورات امتدادًا لسنوات من التحولات التي شهدتها سوريا منذ اندلاع الثورة ضد الأسد عام 2011، والتي أدت إلى إسقاطه من الحكم.
تفجير موكب الأسد (2012)
في بداية الأزمة السورية، انتشرت تقارير عن استهداف موكب الرئيس السوري في دمشق عبر تفجير قنبلة، الحادثة نفتها السلطات السورية بسرعة، لكن المعارضة زعمت أن التفجير كان محاولة لاغتياله.
هجوم القصر الرئاسي (2013)شهد عام 2013 هجومًا صاروخيًا استهدف القصر الرئاسي في دمشق.
وأكدت المعارضة أن الهجوم كان محاولة لاغتيال الأسد، لكن الحكومة السورية أكدت أن الرئيس لم يكن داخل القصر أثناء الهجوم.
ظهرت شائعات بأن ضباطًا من داخل الجيش السوري حاولوا استهداف الأسد، في ظل تزايد الانشقاقات داخل النظام، ومع ذلك، لم يتم تأكيد أي من هذه المزاعم بشكل مستقل.
استهداف الأسد من قبل داعش (2018)مع صعود تنظيم داعش في سوريا، هدد التنظيم مرارًا باستهداف الأسد، وظهرت تقارير عن محاولات استهدافه خلال زياراته لبعض المواقع العسكرية.