نفّذت إسرائيل وعيدها بالرد على الهجوم الصاروخي الذي استهدف ملعباً لكرة القدم في بلدة مجدل شمس بالجولان، وذلك باستهداف القيادي في حزب الله، فؤاد شكر، بضربة جوية على ضاحية بيروت الجنوبية، مساء الثلاثاء.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه "نفذ ضربة محددة الهدف في بيروت على القيادي المسؤول عن قتل الأطفال في مجدل شمس وقتل العديد من المدنيين الإسرائيليين الآخرين".

وبعد تضارب المعلومات بشأن مصير شكر، أكد الجيش الإسرائيلي نجاح عملية اغتياله.

وأفادت مصادر خاصة لمراسل "الحرة" في بيروت، الأربعاء، بأن أعمال رفع الأنقاض والبحث التي كانت جارية منذ صباح اليوم في موقع الضربة الإسرائيلية أفضت إلى العثور على جثتين، إحداهما تعود لفؤاد شكر.

وبحسب المصادر فقد تعرف أقارب شكر على الجثة التي عثر عليها، ليتم نقلها بعد ذلك عبر سيارة إسعاف من المكان.

ومن المرتقب صدور بيان عن حزب الله ينعى عبره رسمياً القيادي العسكري في صفوفه.

وكان بيان سابق لحزب الله، الأربعاء، ذكر أن فرق الدفاع المدني تعمل منذ وقوع الحادثة على رفع الأنقاض، وأن حزب الله ينتظر النتيجة التي سيصل إليها المعنيون في هذه العملية فيما ‏يتعلق بمصير شكر "ليبنى على الشيء مقتضاه".‏

واتهمت إسرائيل حزب الله، المدعوم من إيران، بالمسؤولية عن هجوم مجدل شمس الذي أسفر عن مقتل 12 فتى وفتاة وإصابة آخرين، وقال الجيش الاسرائيلي إن صاروخا إيراني الصنع يحمل رأسا حربيا يزن 50 كيلوغراما، أطلقه حزب الله، قد تسبب بمقتل الفتية.

وتوعدت إسرائيل حزب الله بـ "ثمن باهظ"، فيما نفى الأخير مسؤوليته عن الهجوم مهدداً برد قوي على أي ضربة إسرائيلية.

وفوّض مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، الأحد، الحكومة برئاسة بنيامين نتانياهو، لتحديد "طريقة وتوقيت" الرد على الهجوم الصاروخي على الجولان.

تصعيد مستمر

التصعيد العسكري لم ينتهِ بعد، كما يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد الركن المتقاعد، هشام جابر، ويشرح "الوضع مرهون بما إذا كان شكر قد قتل بالفعل من عدمه. ففي حال تأكد مقتله، فإن رد حزب الله سيكون قاسياً وليس استعراضياً، وهو من سيحدد حجم الرد ومكانه وزمانه، أما السؤال المطروح فهو ما إذا كانت إسرائيل سترد على رد حزب الله".

كذلك يعتبر جابر في حديث مع موقع "الحرة" أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران "حدث خطير للغاية"، مؤكداً أن "إيران لن تسكت على هذا الاغتيال في عقر دارها، وأن طريقة ردها لم تُقرّر بعد ولا أحد يعرفها حتى الآن".

"كان بإمكان حزب الله التهاون في رد فعله لو لم يتم اغتيال هنية، فهذه العملية زادت من تعقيد الموقف ومخاطر الانزلاق إلى حرب واسعة"، بحسب ما يقوله المحلل العسكري والاستراتيجي، العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر.

ورغم ذلك، لا يعتقد عبد القادر في حديث مع موقع "الحرة"، أن "حزب الله سيغامر بضرب حيفا أو تل أبيب. الرد سيكون مدوياً إعلامياً فقط دون أن يدفع نحو حرب واسعة"، موضحاً أن "الرد الإعلامي قد يكون بعدد الصواريخ التي يطلقها واختيار أهداف عسكرية ذات قيمة دون تجاوز 30 كم من الخط الأزرق، لأن أي خيار آخر سيجبر إسرائيل على الرد لأسباب استراتيجية وجيوسياسية وإعلامية، والرد على الرد قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب".

وفي السياق يرى عبد القادر أن "الأطراف المعنية، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، تدرك أهمية الحسابات الدقيقة للمصالح والمخاطر، كما أن إيران تحسب مصالحها بدقة، مما يدفعها إلى تجنب أي مغامرة أو اتخاذ قرار قد يقربها من مواجهة مباشرة مع واشنطن".

ويضيف أن "الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل، بغض النظر عن تجاوزاتها للخطوط الحمراء، خاصة في ظل المعركة السياسية الحساسة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مما يعطي الأطراف المناهضة لإسرائيل، بقيادة إيران، تحذيراً كافياً لعدم الدفع نحو حرب واسعة".

كذلك يرى الباحث في الشأن السياسي، نضال السبع، في حديث مع موقع "الحرة" أن التصعيد العسكري سيستمر "خاصة بعد أن اختار نتانياهو، اغتيال مسؤول رفيع في حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك بعد أن وضع الحزب خطوطاً حمراء حول بيروت، الضاحية الجنوبية، والمطار، مما يلزم الأخير بالرد على أي هجوم يستهدف هذه المناطق".

والأربعاء، أكد عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" (التابعة لحزب الله) النائب علي عمار، بعد تفقده المكان المستهدف في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية، أنه "سيتم الرد في الوقت المناسب لصد هذا العدوان".

وعقب الغارة الجوية التي استهدفت شكر، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يريد تجنّب أي حرب أوسع مع حزب الله، لكن قواته مستعدة "لأي سيناريو".

وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري في بيان إن "عدوان حزب الله المستمر وهجماته الوحشية تجرّ شعب لبنان والشرق الأوسط بأسره إلى تصعيد أوسع".

خيارات الرد

تأخر حزب الله في اصدار بيان عن الحادثة، هو دليل كما يقول السبع "على أنه يدرس بدقة سبل الرد على الهجوم الإسرائيلي"، ويشدد "قد لا يرد الحزب بشكل فوري إذ قد يتبع سياسة مشابهة لتلك التي اتبعها نتانياهو في التعتيم والغموض بشأن طبيعة الرد".

وبدلاً من الرد العسكري التقليدي قد يلجأ حزب الله وفقاً لما يقوله السبع إلى "استهداف شخصيات إسرائيلية بارزة، مثل حادثة اغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زائيفي عام 2001 على يد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

ويرجح الباحث في الشأن السياسي وجود قائمة اغتيالات إسرائيلية لن تتوقف عند هذا الحد، مشدداً "هناك حالة من الإرباك لدى حزب الله نتيجة للقدرات التكنولوجية والاستخباراتية الإسرائيلية، بالإضافة إلى الاختراقات البشرية التي سهلت تنفيذ عمليات الاغتيال".

وسبق أن وسّعت إسرائيل ميدان مواجهتها مع حزب الله، متخطية تبادل قصف المواقع والبنى التحتية إلى عمليات الاغتيال، إذ نجحت باستهداف قادة من الحزب، عبر عمليات عسكرية وأمنية، تجاوزت حدود جنوبي لبنان إلى سوريا ومعقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وفيما يتعلق بتهديد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، بقصف تل أبيب في حال استهداف بيروت أو الضاحية الجنوبية، يشير السبع إلى أن "حزب الله رسم منذ عام 2006 معادلة ردع مع إسرائيل. فإذا لم يرد على ضربة الضاحية الجنوبية يعني أن إسرائيل نجحت في كسر هذه المعادلة".

لكنه يحذر من أن "أي رد من حزب الله قد يستغله نتانياهو لحشد الدعم الدولي والقيام بعملية عسكرية واسعة تستهدف الجنوب اللبناني بعمق خمسة إلى عشرة كيلومترات، لإبعاد الحزب إلى ما وراء الليطاني، ثم التفاوض مع اللبنانيين عبر المبعوث الأميركي آموس هوكستين".

ووسط مخاوف من تصعيد مرتقب، تتوالى تحذيرات الدول لرعاياها بمغادرة لبنان، في وقت ألغت شركات طيران عالمية وإقليمية رحلات جوية، أو أجلتها إلى موعد آخر، من وإلى لبنان.

هل يمكن احتواء التصعيد؟

رغم التصعيد الخطير الذي تشهده المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، يرى عبد القادر أن "الوضع لا يزال تحت السيطرة والخسائر لا تزال قابلة للتجاوز"، مشيراً إلى أن إسرائيل سبق لها اغتيال شخصيات إيرانية بارزة كالعالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وكذلك قادة من حماس مثل صالح العاروري الذي اغتالته في يناير الماضي أثناء تواجده في الضاحية الجنوبية لبيروت، دون أن يدفع ذلك إيران للرد بشكل مباشر".

أما السبع فيرى أن "الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، مع دخول مرحلة التصفيات والاغتيالات والرد والرد المضاد، دون وجود أي أفق للحوار والتفاوض والوصول إلى حل".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية أكدت أن الولايات المتحدة ستواصل المساعي الدبلوماسية لتجنب تصعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله في أعقاب الضربة.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل، في إفادة صحفية "نواصل العمل نحو التوصل لحل دبلوماسي يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى ديارهم والعيش في سلام وأمن. نريد بالتأكيد تجنب أي نوع من التصعيد".

يذكر أنه قتل وأصيب في الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، عشرات المدنيين، فيما لا يزال مصير العديد من الأشخاص مجهولا تحت الأنقاض.

ومنذ بداية الحرب في غزة في 7 أكتوبر، إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية، يَجري تبادل يومي للقصف على الحدود بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.

وبلغ إجمالي القتلى من أعضاء حزب الله من جراء الهجمات الإسرائيلية منذ ذلك الحين 350 قتيلا.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الضاحیة الجنوبیة لبیروت فی الضاحیة الجنوبیة الجیش الإسرائیلی عبد القادر حزب الله الرد على

إقرأ أيضاً:

الرد اليمني .. التوقيت سيكون مفاجئا!

أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

 

 

أكمل حزب الله رده على العدو “الإسرائيلي” بعد أسابيع من الإعداد والتجهيز والانتظار الصهيوني والأمريكي، وسط دوامة من الخوف والذعر والقلق التي عصفت بالكيان ومستوطنيه، وهذه الدوامة لا يمكنها أن تهدأ أو تنتهي، لأن الحزب ترك الحساب مفتوحًا وسط مواصلة عملياته المساندة لغزة، وأيضًا في ظل الترقب للرد الإيراني على جريمة اغتيال القيادي الكبير في حركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، والرد اليمني على عدوان الحديدة، ولعل الحكمة من تجزئة الرد هو استمرارية هذه الحالة لدى العدو لاستنزافه إلى أقصى حدود ممكنة.
فيما يخص الرد اليمني، فالتحضير له قائم وله مساره الخاص، كما عاد وأكد قائد “أنصار الله” السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاب يوم الخميس الماضي، مع الإشارة إلى أن التوقيت سيكون مفاجئًا للعدو بإذن الله تعالى.
مسألة الرد قطعية وحتمية، ولا نقاش فيها، واليمن ليس لديه أي سقوف سياسية أو اعتبارات أخرى يمكن أن تؤثر في طبيعة وحجم الرد وتوقيته ولا نوعية الأهداف المرصودة، كل ما يمكن للقوات المسلحة أن تقدمه وتفعله لن تتردد ولن توفر جهدًا في سبيل إيلام العدو والتأثير فيه والجزاء قد يكون من جنس العمل.
الهم الأكبر بالنسبة لليمن، واليمنيين على لسان قائدهم ليس الرد، بل ما هو أكبر من ذلك في ظل المساعي الحثيثة والدؤوبة للارتقاء بالأداء العملياتي المناصر لفلسطين إلى مستويات مؤثرة أكثر، وهذا يعني أن اليمن يحسب حساب معركة مفتوحة مع احتمال معاودة العدو “الإسرائيلي” شن اعتداءات على المنشآت الحيوية والاقتصادية في البلد وهو ما يستوجب ردًا عاجلاً وفاعلاً.
مشاهد النيران المشتعلة في السفينة “سونيون” بحمولتها النفطية التي تصل إلى مليون برميل من النفط وبحكم ارتباط الشركة المشغلة لها بالكيان الغاصب، كانت تكفي ليعلن اليمن الإيفاء بالوعد وإعلان الرد على الاعتداء الصهيوني على خزانات النفط في ميناء الحديدة، وما نجمت عنها من حرائق كبيرة صورها نتنياهو كإنجاز دعائي، لكن هذا لم يكن لأن المسار هو فرض الحصار على الموانئ الفلسطينية المحتلة، وشرط توقف تلك العمليات هو وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.
السؤال هو: لماذا تأخر الرد اليمني ومتى يمكن تنفيذه وما طبيعته؟
مسألة التأخير تكتيكية وضرورية في نفس الوقت، حيث أن قوات العدو في حالة استنفار مع داعميها الأمريكيين والغربيين والعملاء من الأنظمة العربية المطبعة التي تشارك بكل إمكاناتها في اعتراض القدرات والتصدي لأي صواريخ أو طائرات مسيَّرة قادمة من اليمن أو من إيران والعراق، والأمر يستدعي المناورة والبحث عن أي ثغرة لاختراق كل الأحزمة النارية المحيطة بالكيان.
في توقيت الضربة نعتقد أن الموعد اقترب، والأمر قد تكون له علاقة بالاحتفالات بمولد النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله، كمناسبة لها ما بعدها في كل محطات اليمن السابقة على مدى أكثر من عقد من الزمن، وغير رسالة العسكر والأمن فثمة رسالة أخرى يجب إيصالها لأعداء الأمة، وهي التمسك بالنبي الأكرم وبمسراه والمقدسات الإسلامية والانتصار لفلسطين ومجاهديه واجب ديني وأخلاقي ويأتي في صلب الاستجابة لله ولرسوله الكريم.
بحكم المتابعة، فاليمن يحرص على تدشين فعاليات المولد أو تتويجها بعمليات نوعية كانت في السابق تقتصر على مهاجمة السعودية والإمارات قطبي العدوان الأمريكي على الشعب اليمني، وهذا العام قد يكون الاحتفال مختلفًا بطَي ورقة الأدوات الإقليمية المتصهينة كما طويت الأدوات المحلية ليبدأ عهد جديد من الجهاد بمواجهة قادة الكفر وقوى الاستكبار العالمي.
الرد اليمني في الأخير لم يعد منحصرًا في إطار العدوان “الإسرائيلي” على غزة وجرائم حرب الإبادة والتجويع فيها، بل أصبح متعلقًا بمبدأ السيادة والكرامة الوطنية بالنسبة لليمن، ومعيار الالتزام الديني والإنساني والأخلاقي، والرد سيكون بمثابة نهاية مرحلة وبداية أخرى في مواجهة العدو “الإسرائيلي” حتى تحرير الأراضي العربية المحتلة واستعادة المقدسات.

مقالات مشابهة

  • ”إسرائيل تكشف ان اغتيال حسن نصرالله بات وشيكاً ”
  • أستاذ دراسات إسرائيلية: يوجد اتجاه في إسرائيل إلى مزيد من التصعيد.. لهذا السبب
  • عاجل من وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن الرد على التهديدات في كل الساحات القريبة والبعيدة
  • الأستاذ الصحفي فتحـي الضـو عن الحرب العبثية الدائرة ومآلاتها والسيناريوهات التي يمكن أن تحدث حال إستمرارها
  • بعد قصف حزب الله ..الجيش الإسرائيلي يعلن الرد و يشن ضربات عنيفة في جنوب لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائدي كتيبتين لـ "الجهاد" في دير البلح
  • إسرائيل تواصل التصعيد بالضفة الغربية (شاهد)
  • الرد اليمني .. التوقيت سيكون مفاجئا!
  • رئيس الأركان الإسرائيلي يكشف عن خطوات عسكرية للهجوم على دولة عربية
  • أبناء تعز يحتشدون في 12 ساحة في مسيرات دعم غزة