دمشق-سانا

حدد المرسوم التشريعي رقم (19) لعام 2024 المتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتزامات الجهات العامة والخاصة تجاههم، الجهات المعنية بالأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية، حيث أكدت المادة 20 من المرسوم تيسير وصول الأشخاص ذوي الإعاقة للمواد الثقافية والأفلام والعروض المسرحية وسائر الأنشطة الثقافية، ودعم مشاركة المتميزين منهم في الأنشطة الثقافية والرياضية والمؤتمرات المحلية والعربية والإقليمية والدولية، وتشجيع دور النشر العامة والخاصة على إصدار مواد تعليمية وتثقيفية للأشخاص ذوي الإعاقة.

ومن هذا المنطلق تحرص وزارة الثقافة على تنفيذ جملة من الأنشطة والمشاريع الموجهة لشريحة ذوي الإعاقة وعلى اتخاذ مختلف الإجراءات لضمان مشاركتهم في أنشطتها في المحافظات كافة والتي تتوافق مع بنود المرسوم رقم 19، ومن أبرز تلك المشاريع وفق مديرة ثقافة الطفل في وزارة الثقافة ملك ياسين تنظيم مجموعات إبداعية بإشراف مختصين على شكل ورشات عمل طويلة الأمد وموجهة لإيصال منتجات ثقافية لذوي الإعاقة، مما يعزز إحساسهم بأهمية وجودهم وبمواهبهم وإمكانياتهم.

وبينت ياسين في تصريح لـ سانا أنه بناء على ذلك سيتم العمل على إقامة معارض فنية لنتاج عمل الأطفال ذوي الإعاقة في المسابقات وورشات العمل المنفذة من قبلهم وإقامة حوارات تهتم بمشكلات اليافعين والشباب ذوي الإعاقة ودعم مبادراتهم الاجتماعية والثقافية لتفعيل أدواتهم وتمكينهم من تطوير أنفسهم ومجتمعاتهم المحلية.

ولفتت ياسين إلى أن وزارة الثقافة وبناء على التسهيلات التي وضعها المرسوم ستعمل على تنظيم زيارات لمعاهد خاصة بالأطفال ذوي الإعاقة وإقامة أيام مفتوحة تتضمن أنشطة ثقافية متنوعة تتناسب مع طبيعة الإعاقة ضمن احتفاليات خاصة بالطفل، وتنظيم زيارات ميدانية للمواقع الأثرية والصروح الحضارية لذوي الإعاقة بمرافقة فريق مختص من العاملين في الوزارة وإقامة أنشطة متنوعة لشريحة ذوي الإعاقة محورها الكتاب للتشجيع على القراءة ولتعزيز دور الكتاب، ومتابعة مشروع الكتاب الصوتي وهو موجه لضعاف البصر.

وستركز الوزارة وفق ياسين على إقامة ورشات عمل وندوات ومحاضرات وجلسات حوارية متنوعة ضمن الخطط الشهرية لنشاطات مديريات الثقافة في المحافظات للتوعية بحقوق ذوي الإعاقة الواردة في المرسوم 19 وبالعقوبات المستحقة في حال ارتكاب أي إساءة لهذه الشريحة من خلال ورشات مسرحية وفنية تنفذ من قبل ذوي الإعاقة وبكل تفاصيل العمل (كتابة السيناريو وتمثيل واخراج).

وستعمل الوزارة على إقامة مبادرات مجتمعية للتوعية بحقوق ذوي الإعاقة، ونشر مواد تثقيفية توعوية في سائر الإصدارات الموجهة للأسرة والطفل (كتب ودوريات ومجلتي أسامة وشامة) وتقديم مطبوعات الوزارة وطباعة بعض المناهج التعليمية بطريقة بريل، وذلك في (مديرية ثقافة حمص- قسم ثقافة الطفل ضمن برنامج مهارات الحياة).

وأوضحت ياسين أن الوزارة ستعمل على استقطاب ودمج الأطفال ذوي الإعاقة في مشروع “نغم وقلم” بمراكز التعلم المتكاملة المؤهلة وإقامة دورات محو أمية لشريحة ذوي الإعاقة وفق مجموعات تتناسب ونوع الإعاقة (حركي وبصري)، وذلك بالتعاون مع الجمعيات والمجتمع المحلي، واستيعاب وقبول عدد من ذوي الإعاقة في المعاهد التأهيلية التابعة للوزارة (المعاهد الموسيقية ومراكز الفن التشكيلي والتطبيقي ومعاهد الثقافة الشعبية) وفق الاختصاصات المختلفة التي تتناسب مع نوع الإعاقة.

وبينت ياسين أن الوزارة ستعمل على جملة من الأنشطة والبرامج لدمج الأطفال ذوي الإعاقة مع الأطفال الأصحاء وزجهم في تفاصيل الإنتاج الإبداعي الذي يؤدي إلى التخفيف من الشعور بالنقص لديهم، وإقامة أنشطة متنوعة للأطفال واليافعين ذوي الإعاقة (موسيقا وغناء ومسرح وفنون شعبية وورشات فنية وتراثية وأدبية وقراءة تفاعلية) في معاهد ومراكز الأطفال ذوي الإعاقة.

وستكرس الوزارة بحسب ياسين العمل على إقامة مسابقاتها السنوية الموجهة للأطفال ذوي الإعاقة سواء فنية (رسم وتصوير ضوئي) أو أدبية (قصة)، وتكريم الفائزين وإقامة معارض للأعمال الفنية الفائزة تجول المحافظات ضمن فعاليات الوزارة، وطباعة الأعمال الأدبية الفائزة ضمن منشورات الوزارة، إضافة لنشر كتيبات إلكترونية للأعمال الفائزة بالمسابقة الأدبية.

وأشارت ياسين إلى أن الوزارة ستلحظ في خططها تأهيل المراكز الثقافية بالمستلزمات والممرات لتصبح ملائمة لاحتياجات هذه الشريحة في جميع مؤسسات الوزارة من (المراكز الثقافية ومراكز التعلم المتكاملة والمسارح والمكتبات والمتاحف والمعاهد).

رشا محفوض

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الأطفال ذوی الإعاقة وزارة الثقافة على إقامة

إقرأ أيضاً:

الأطفال ذوو الإعاقة.. مأساة صامتة بدوامة حرب لبنان

من أحد مراكز الإيواء المزدحمة ببيروت، وبصوت متعب، تروي فاطمة عبر الهاتف، وهي أم لطفل يبلغ من العمر سبع سنوات يعاني من الشلل الدماغي، محاولاتها المستمرّة من أجل تلبية احتياجات ابنها في ظل ظروف قاسية. 

تتحدّث فاطمة بحزن لموقع "الحرّة" عن رحلتها بعد نزوحها من الضاحية الجنوبيّة نتيجة النزاع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله فتقول: "لم أكن أتصوّر أنّ ابني سيعيش في مكان يفتقر لكلّ شيء. لا خدمات طبية، لا خصوصيّة، ولا حتى إحساس بالأمان. حياتنا باتت مجرّد صراع يومي لتأمين الأساسيات". 

ولكن مأساة فاطمة ليست الوحيدة. أم محمد، التي نزحت من الجنوب مع طفلتها البالغة من العمر خمس سنوات والمصابة بشلل نصفي، تصف معاناتها أيضًا: "لا أستطيع حملها طوال الوقت، والمركز ليس مهيأ لاستقبال أطفال بمثل حالتها. بالكاد نجد الماء والكهرباء، فما بالك بالخدمات الطبية؟". 

هذه قصص مئات العائلات التي هربت من أهوال الحرب، لتجد نفسها في مراكز إيواء تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسيّة على حدّ تعبيرها، خاصة للأطفال ذوي الإعاقة الذين يحتاجون لرعاية خاصة. تقول فاطمة: "أحيانًا أشعر أنني تركت الحرب لأدخل حربًا أخرى، حرب البقاء". 

هذه المآسي اليوميّة تسلط الضوء على واقعٍ مرير تواجهه الأسر النازحة، حيث يصبح الأطفال ذوو الإعاقة الضحايا الأكثر تهميشًا في ظل غياب الدعم الطبي والاجتماعي الضروري.

وفقًا لمصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية لموقع "الحرة"، فإن "الجهود تُبذل لتأمين مساحات خاصة للأطفال ذوي الإعاقة في مراكز الإيواء، خصوصًا أولئك الذين يعانون من حالات خاصة". 

ويشير المصدر إلى أن الوزارة "تعمل على توفير غرف مهيأة لهذه الفئة لضمان بيئة تشبه بيئتهم المعتادة. ولكن يبقى التحدي الأكبر في استدامة هذا الدعم وسط الموارد المحدودة والتحديات الاقتصادية". 

المبادرات الحكومية والتمويل الدولي

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية، فيكتور حجار في وقت سابق أنّ "الوزارة بدأت بتنفيذ سلسلة من المساعدات المالية المخصصة لحاملي بطاقات الإعاقة، سواء كانوا نازحين أم لا، وتشمل هذه المساعدات: مساعدة مالية طارئة بقيمة 100 دولار لحاملي بطاقات الإعاقة، تمويل شهري بقيمة 40 دولارًا للأطفال ذوي الإعاقة بين 0-14 سنة، بدعم من اليونيسف بالإضافة إلى تمديد الدعم للشباب ذوي الإعاقة بين 15-30 سنة، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وهولندا".

ورغم هذه الجهود، يشير المحامي شربل شواح في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "الاستجابة القانونية والمالية الحالية لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة"، ويضيف "أن القوانين اللبنانية، مثل القانون رقم 220/2000، تضمن حقوق هذه الفئة، لكنها تفتقر إلى آليات تنفيذ فعّالة، خاصة في ظل النزاعات". 

وأكد شواح أن "الإصلاحات مطلوبة لضمان حماية الأطفال ذوي الإعاقة في لبنان، يجب اتخاذ خطوات ملموسة على المستويات القانونية والاجتماعية، منها: تعديل القوانين لتشمل احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة في النزاعات. إنشاء مراكز متخصصة توفر خدمات شاملة لهذه الفئة. تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية لزيادة التمويل والدعم ونشر الوعي حول حقوق الأطفال ذوي الإعاقة لضمان وصول الأسر إلى الدعم اللازم".

الأطر القانونية: بين النظرية والواقع

على المستوى القانوني، وبحسب شواح، "يتمتّع الأطفال ذوو الإعاقة بحماية مضمونة في الدستور اللبناني والقوانين المحلية، بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة". 

لكن "تطبيق هذه القوانين يواجه عوائق كبيرة، منها: ضعف الموارد المخصّصة لتنفيذ القوانين، التمييز في الوصول إلى الخدمات، ونقص الوعي القانوني لدى الأسر، مما يحدّ من قدرتها على المطالبة بحقوقها"، وفق المتحدث الذي يؤكد أن "المجتمع المدني والمبادرات المجتمعية تلعب دورًا أساسيًا في تأمين بيئة حاضنة لذوي الاحتياجات الخاصة".

مبادرات إنسانية 

يروي سامر لموقع "الحرة"، وهو والد طفل مصاب بالتوحّد نزح من بعلبك إلى دير الأحمر، تفاصيل معاناته اليومية مع ابنه مجد. ويوضح أنّ "المدرسة التي تحوّلت إلى مركز إيواء تفتقر إلى البنية التحتيّة المناسبة لاحتياجات الأطفال ذوي التوحد"، فيقول: "لا يوجد مكان مخصّص لابني. صراخه المستمرّ يزعج الآخرين، وأنا أشعر بالعجز التام عن مساعدته".

في ظل هذه الظروف، برزت مبادرة إنسانية تحمل اسم "آدم"، أطلقها الدكتور علي زبيب، بهدف دعم الأطفال النازحين المصابين بطيف التوحد. المبادرة تسعى إلى توفير بيئة تعليميّة وتأهيليّة تلبي احتياجاتهم الخاصة، مع التركيز على تدريب الأهل وتمكينهم من التعامل مع تحديات أطفالهم بشكل أفضل. 

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يوضح زبيب أنّ "المبادرة تهدف إلى تخفيف الأعباء النفسيّة والاجتماعيّة على الأطفال وأسرهم، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بضرورة تأمين دعم مادي وإستراتيجي أكبر لضمان استمراريتها وتوسيع نطاق خدماتها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأطفال المتضرّرين". 

وبينما تزداد معاناة الأطفال ذوي الإعاقة في لبنان بسبب النزاع، يبقى الحل في تكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظّمات الدوليّة لضمان وصول هذه الفئة إلى حقوقها الأساسيّة. 

قصّة مجد ومبادرة "آدم" تمثّلان أملًا صغيرًا وسط واقع صعب، لكنهما تذكراننا بأنّ حماية حقوق الأطفال ليست مجرد التزام قانوني، بل واجب إنساني يجب أن نسعى إلى تحقيقه.

مقالات مشابهة

  • تعاون بين "القومي للإعاقة" و"العدل" في خدمة إصدار محررات الوزارة بطريقة "برايل"
  • وزارة الثقافة تنظم أكثر من 300 فعالية ثقافية وفنية بأنحاء الجمهورية احتفاء بأعياد الطفولة 
  • الأطفال ذوو الإعاقة.. مأساة صامتة بدوامة حرب لبنان
  • انطلاق أولى القوافل الثقافية لطلاب المدارس بالقليوبية احتفالا بأعياد الطفولة
  • تفاصيل مقتنيات أحمد زكي لدى وزارة الثقافة: لم تخرج للنور بسبب أسرته (مستندات)
  • عاجل| وزير الثقافة يكشف لـ«الوطن» تفاصيل أزمة مقتنيات أحمد زكي: أفراد من اسرته طلبوا استردادها
  • وزير الإعلام: معرض الكويت الدولي للكتاب من أهم التظاهرات الثقافية
  • وزارة الرياضة: وجود سيارة تكريم الموتى بدلاً من الإسعاف في الملاعب مخالفة جسيمة
  • الأحد.. «البحوث الإسلامية» ينظم حفلًا لتوزيع جوائز المسابقة الثقافية للحج والعمرة
  • «الثقافة» تعقد ورشة تدريبية عن «قياس أثر الأنشطة والخدمات الثقافية»