استشهد الأربعاء مراسل قناة الجزيرة في مدينة غزة، إسماعيل الغول، والمصور، رامي الريفي في قصف استهدف سيارتهما في مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة.

واشتهر الصحفي الغول بنقل معاناة النازحين في مدينة غزة، عبر شاشة الجزيرة، وجرى اعتقاله سابقا على يد قوات الاحتلال خلال اقتحام مستشفى الشفاء في آذار/ مارس الماضي، قبل أن تطلق سراحه لاحقا.



وظهر الغول الأربعاء في آخر رسالة له من أمام منزل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ، قبل أن يتم استهدافه في وقت لاحق، أثناء مغادرته مسرح التغطية ليسقط شهيدا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال فلسطين الاحتلال استشهاد مراسل الجزيرة اسماعيل الغول المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الجزيرة نت تروي شهادات صادمة لغزيين نجوا من الموت

غزة- بينما كان جسده عالقا في غياهب السجن، كان ذهنه حبيس الأسقف الإسمنتية التي تُطبق على جسد ابنته الشهيدة منذ 11 شهرا. متكورا على نفسه بزاوية الزنزانة، معصوبة عيناه، لا يرى نورا بهذه الظلمة إلا وجه ابنته رغد.

يناجي رغد (16 عاما) "هل تشعرين بالألم يا بابا؟" تبتسم ويروح وجهها، ثم تجيء دموعه، تتسلل من أسفل الضمادة وتشق الطريق على وجنتيه، دون مراعاة لعمره الذي تجاوز الـ40.

منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى اليوم ورغم أنه مكبل اليدين والقدمين، ما زال صالح فروانة يركض في دهاليز الذاكرة دون توقف، من اللحظة التي وقعت فيها غارة الموت التي اختطفت 15 فردا من عائلته، وحتى اليوم الذي لم يتمكنوا فيه بعد من انتشال جثامين 3 منهم وأشلاء من شهداء آخرين، "ضايل أشلاء ما وجدناها وباقي جسد إمي ما دفنّاها كاملة"، يقول.

من أمام المنطقة التي خرجت منها أم عبد الرحمن بعد مكوثها تحت الأنقاض 8 أيام (الجزيرة) عناق أخير

يتذكر صالح مع الجزيرة نت العناق الأخير لوالديه وأخواته وابنته التي أصرت على البقاء في بيت جدها، حين قطع احتضانهم له بقوله "أكره الوداع سأراكم غدا إن شاء الله"، ليتلقى خبر استهدافهم بعد مغادرته بساعات، خبر نزل "كصاعقة وجرعة ثقيلة" ملخصها "الدار راحت بمن فيها".

مع مرور 3 أيام على قصف منزل العائلة، تم استخراج 12 شهيدا، واعتذار طواقم الدفاع المدني عن عدم قدرتهم على انتشال الباقين لغياب المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأسقف الإسمنتية، لم ييأس صالح وحفر بأظافره لاستخراجهم، لكن دون جدوى.

فقد صالح أسرته وبيته وعمله الذي بناه بشق الأنفس ونجا من الموت 3 مرات، ليُعتقل بعدها من مجمع الشفاء حين كان مرافقا لأحد أقاربه الجرحى داخله، ثم يفرج عنه الاحتلال ويبعده عن مدينة غزة إلى جنوب القطاع، بعد شهر ونصف الشهر قضاها في الزنزانة، ابتزوه فيها بباقي أبنائه.

"أنا في غربة، أنا لستُ أنا، ولا الوطن هو وطني، كل شيء بنيته خلال 40 عاما تبخر، لم يبق لي إلا الحسرة والعجز"، كما يقول.

عجزٌ يكبل يديه لعدم قدرته على الوصول إليهم، وفقدٌ يضاعف ألمه بعدم تكفينهم ووداعهم والصلاة عليهم وإكرامهم بالدفن، وأمنيةٌ بأن يعود إلى ركام بيته وأن يظل ينقب في أحشائه عن أحبته ولو بأصابعه.

فلسطينيون يبحثون عن مفقودين تحت الأنقاض بعد غارة جوية إسرائيلية على منزل في رفح (غيتي) شريط ذكريات

هي أمنية صالح التي تَحول الحدود والحواجز دون تحقيقها، ويحول خوف أم عبد الرحمن من الإقدام عليها، فمنذ 10 شهور لم تتجرأ هذه السيدة على الذهاب إلى منزلها أو ما وصفته بـ"المقبرة" التي تحتضن تحت أسقفها الـ7 أجساد أفراد عائلتها.

تواصلت الجزيرة نت مع أم عبد الرحمن، وكنا أول من اصطحبها إليه، وقفت من بعيد ثم تجمدت مكانها وكأن شريطا من الذكريات مر من أمامها، انهارت باكية وهي تروي "المعجزة" التي صارت معها ومع اثنين من عائلتها كُتبت لهما النجاة.

وتقول "خرجنا أحياء بعد 8 أيام من تحت الأنقاض، بقينا من الجمعة إلى الجمعة نغيب عن الوعي ونصحو، إلى أن تتبعنا الهواء المتسلل إلينا فوجدنا ثغرة صغيرة وزحفنا إليها".

"قدرةٌ إلهية" كما وصفتها أم عبد الرحمن منحها الله لزوج ابنتها (أبو كمال) الذي "لان له الحديد" فباعد بينه لتتسع الثغرة ويتمكنوا من الخروج.

يقول الناجي أبو كمال "فخخ الاحتلال المبنى الذي كنا فيه، انهار بنا وخر علينا السقف، سمعت صوت الموت حين لفظ أطفالي أنفاسهم، ثم غبت عن الوعي 7 أيام إلى أن عادت إليّ الحياة بعد موتي، لأتتبع الضوء والهواء المتسللين وأُخرج والدة زوجتي وابنتها الصغيرة".

من خلال الساعة المضيئة في يد ابنتها تأكدت أم عبد الرحمن من استشهاد زوجها وابنتيها وأطفالهن، ومن خلالها أيضا كانت تبحث عن طعام وتعطيه لابنتها لتزحف على أربع في مساحة لا تتجاوز 4 أمتار، للبحث عن أي شيء يأكلونه.

"شربتُ البول وقبل خروجنا بأقل من يومين وجدنا حلوى قديمة جدا وذائبة كنا نقسمها بيننا،" كما يضيف.

تزامن خروج الثلاثة مع انسحاب الاحتلال من حي الرمال، ومنذ ذلك الحين ظلت أذهانهم عالقة بين الأنقاض حيث مكان الموت والنجاة.

"في البداية كان جسد ابنتي شيماء ظاهرا من بعيد، وهو عالق بين سقفين إسمنتيين وكان أخوها يتردد إليها ليرى جسدها، لكنّ شيئا ذاب ولم يبق منه إلا العظم" وتنهي مقابلتها "هل من قهر أكبر من هذا؟!".

هو القهر ذاته الذي يحترق بداخل أم حذيفة لولو، حين تقف على أنقاض بيتها الذي فقدت فيه 20 فردا من عائلتها جملة واحدة، جثامين 5 منهم لا تزال عالقة تحت الركام وهم زوجها وعائلة ابنها البكر حذيفة.

في مقابلة مع الجزيرة نت، تتذكر أم حذيفة السؤال الأخير -قبل الاستهداف بساعات- من زوجة ابنها الحامل بطفلين "هل هذه الغرفة أمان يا خالتو؟"، ردّت عليها "قبر كبير لا شباك فيه ولا باب".

لم تكن تعلم أن إجابتها ستكون بهذا الصدق، "قبر كبير" سيحوي أجسادهم حتى الذوبان إلى يومنا هذا. كانت مع الذين انهار عليهم السقف، غابت عن الحياة أكثر من ساعة.

قريبا من أنقاض منزل أم عبد الرحمن الذي دمره الاحتلال ويضم 5 جثامين من أفراد العائلة إلى الآن (الجزيرة) عجز

عاد الإدراك لأم حذيفة، لكنها لم تكن ترى شيئا فالتراب يملأ عينيها وفمها، لكن أصواتا في الخارج تصرخ "في أحد عايش؟".

هذا هو العجز بعينه، حيّ أنت لكن صوتك كما جسدك مقبور، دل صوت أنينها المنقذين الذين تتبعوه حتى وصلوا لطرف حجابها واستكملوا الحفر بأظافرهم حتى انتشلوها، تعتقل أم حذيفة الدموع في عينيها دون الإفراج عنها، ويرتجف صوتها وهي تتذكر هذه التفاصيل حين انتزعوا حياتها من بين أنياب الموت.

وتقول "لقد سمعوا أنيني فأخرجوني، هل أن أحدهم استغاث ولم يسمعه المنقذون؟ هل قُتلت عائلتي مرتين؟ من الصاروخ مرة، ومن قلة ما في يد المنقذين مرة ثانية؟". كان أول تساؤل فكرت به أم حذيفة حين تلقت خبر استشهاد أسرتها هو "لماذا نجوت وحدي؟".

لم تتوقف محاولات أبناء العائلة عن انتشال الجثامين العالقة حتى اليوم، يحفرون بأظافرهم وينقبون بمعدات بسيطة عن بقايا أجساد مهشمة بين السطوح. وتضيف أم حذيفة "مؤلم جدا أن يتحول البيت الذي كان سكينة العائلة وذكرياتها المقدسة إلى مقبرة تحوي أجساد أغلى الناس على قلبي".

"هل يؤذيكِ وجودهم تحت الأنقاض حتى اللحظة؟" سألتها الجزيرة نت، فأجابت "وجودهم في مكانهم كان أهون عليّ من أن يدفنوا في الشوارع والطرقات، لكنني كنت أتمنى لو أكرمناهم ودفناهم في مكان نتردد عليه لزيارتهم". وتستطرد "لكن ما يهدّئ من روعي أنني أعلم أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".

اختارت أم حذيفة البقاء في غزة مدينتها التي تحب، ورفضت النزوح مطلقا رغم تدمير الاحتلال منزلها وابنها ووالدها، ورغم أنها دفعت ضريبة البقاء فإن أكثر ما تخشاه هو التهجير الذي رفضوه فاختاروا الموت في أحشاء بيوتهم في سبيل عدم الرحيل.

حرب أخرى تعيشها عوائل أكثر من 10 آلاف مفقود تحت الأنقاض، ستشتد رحاها حين انتهاء العدوان من لحظة رفع الأنقاض مرورا بالبحث عن فتات ورفات، وانتهاء بدفن وجنازة وعزاء لعظام أحبة قضوا قبل قرابة العام.

مقالات مشابهة

  • الزمالك يرفض مطالب زد للتخلي عن إسماعيل
  • استشهاد فلسطينية وطفلتها في قصف الاحتلال على مدينة خان يونس
  • على حساب البطائح.. الجزيرة إلى ربع النهائي
  • استشهاد 4 فلسطينيين جراء استهداف قوات الاحتلال منزلًا في مخيم جباليا شمال غزة
  • استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مخيم جباليا
  • «القاهرة الإخبارية»: قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف المناطق الشمالية في غزة
  • الجزيرة نت تروي شهادات صادمة لغزيين نجوا من الموت
  • عاجل | مراسلة الجزيرة: انطلاق مسيرة يشارك بها آلاف الأشخاص في مدينة حيفا للمطالبة بإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار
  • استشهاد أربعة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على حي الزيتون جنوب مدينة غزة
  • أوقفته قوى الأمن في فرن الشباك بالجرم المشهود.. وهذا ما ضبطته داخل سيارته