اغتيال اسماعيل هنية فى طهران .. كيف أخترق الموساد ايران ؟
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
د. حامد محمود
بقلم: حامد محمود
باحث فى شئون ايران والخليج العربى
يطرح اغتيال إسماعيل هنية رئيس مكتب السياسى لحركة حماس في العاصمة الإيرانية طهران فى مقر أقامته، الكثير من التساؤلات حول المنظومة الامنية داخل ايران واختراق الموساد لها.
الحرس الثوري الإيراني أعلن أن هنية قتل في طهران مع أحد حراسه الشخصيين.
إلى هنا انتهى البيان والخبر ولكن كيف تم الاغتيال ؟ وما هى دلالات ذلك؟ وما هو تاريخ الاغتيالات التى قام بها الموساد فى ظهران؟
كان اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده، 27 نوفمبر 2020، حلقة من سلسلة الاغتيالات التي استهدفت علماء إيرانيين، وإسرائيل هي من تقف وراءها.
الغريب هو كيف نفذت إسرائيل هذه السلسلة من الاغتيالات التي استهدفت علماء وقاده إيرانيين عبر اختراق العمق الإيراني دون أن تبدي طهران قدرة على حماية علمائها العاملين في البرنامج النووي الذي يمثل أهمية بالغة لحكام البلاد؟ ولماذا أخفقت في وقف هذه الاغتيالات أو الرد عليها بشكل يردع إسرائيل؟ أما الأمر الأكثر إثارة للجدل فهو موقف الولايات المتحدة من الاغتيالات التي استهدفت علماء إيرانيين؟ وهل شاركت أم وافقت أم تحفظت عليها؟
أشهر الاغتيالات التي استهدفت علماء إيرانيينيمثل اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، الذي كان يعمل رئيس منظمة البحث والتطوير في وزارة الدفاع، واحدة من أشهر عمليات الاغتيالات التي استهدفت علماء إيرانيين. اغتيل زادة بالقرب من العاصمة الإيرانية طهران، حيث أوضحت وسائل إعلام محلية أن عملية الاغتيال تمت في مدينة أبسرد، حيث قام الإرهابيون بتفجير سيارة قبل إطلاق النار على سيارة فخري زاده.
حينها تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية تصريحاً غامضاً لنتنياهو قال فيه “لا أستطيع أن أشارككم بعض الأشياء التي فعلتها هذا الأسبوع، ولكن أود أن أقول لكم إنّ هناك شيئاً ما، يتحرك في الشرق الأوسط، وإن أمامنا فترة متوترة، بينما قالت القناة الـ 13 الإسرائيلية، إن العالم الإيراني عمِل تحت قيادة المرشد الأعلى، علي خامنئي، وكان رجله السري، حيث كان يعرف كيف يترجم الإيديولوجية إلى سياسة، العلاقة هذه كانت فريدة من نوعها ..
وسلط اغتيال زاده الضوء على أوجه قصور في المجال الأمني والاستخباراتي الإيراني، ولكن في الحقيقة أن هذا القصور كان موجوداً من قبل، ولكن لم يلقَ الاهتمام الكافي، سواء لتجنب الإيرانيين التركيز على عمليات الاغتيال السابقة، أو لأن البرنامج النووي الإيراني أصبح محط أضواء أكثر بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من الإتفاق النووي وتخلي طهران عن بعض التزاماتها تجاه هذا الاتفاق، مما خلق مخاوف من قرب التوصل لمرحلة القدرة على إنتاج قنبلة نووية. لكن اغتيال زاده سبقه عدد صادم من الاغتيالات التي استهدفت علماء إيرانيين.
عالم معتدل سياسياً لدرجة إثارة الشكوك بأن المتشددين وراء اغتيالهكان مسعود علي محمدي عالماً في فيزياء الجسيمات وكان يبلغ من العمر 51 عاماً، كما كان منظراً إيرانياً رائداً في حالات الحقل الكمومي (نظرية فيزيائية، وعُرف بين أصدقائه بأنه معتدل سياسياً، لكن لم يحمه هذا الاعتدال من الاستهداف، في يناير/كانون الثاني 2010.
فعندما فتح محمدي باب سيارته، المركونة بجانب منزله في شمال طهران بينما تقف بجواره دراجة بخارية صغيرة متوقفة على جانب الطريق، ضغط الشخص الذي كان يراقبه على زر بجهاز تحكم عن بعد. انفجرت الدراجة انفجاراً قوياً، لدرجة أدت إلى تحطم زجاج جميع نوافذ منزل محمدي المكوّن من أربعة طوابق. قُتل العالم على الفور، وأصيب المارة القريبون. أما الشخص الذي ضغط الزر، وهو حسب المزاعم رجل يدعى آرش قردكيش، فقد توجه نحو سيارة كانت تنتظر بالقرب وابتعد عن المشهد.
في بداية الأمر، تكهن البعض بأن المتشددين الإيرانيين عاقبوا عالماً إصلاحياً بقتله، غير أن مصادر استخباراتية مجهولة إيرانية وغربية سردت في نهاية المطاف قصة مختلفة: كان عالم الفيزياء شخصية مهمة في برنامج بحوث نووية يديره الحرس الثوري الإيراني.
الجاسوس ذاته يقوم بعملية مشابهةبعد 9 أشهر وفي صباح 29 نوفمبر/تشرين الثاني، كان عالم إيراني في فيزياء الكم يدعى مجید شهریاري، يقود سيارته عبر شوارع طهران ومعه زوجته الدكتورة، بهجت قاسمي، في المقعد المجاور للسائق، عندما مرت عديد من الدراجات البخارية بجانبه بالقرب من شارع أرتيش.
وبينما طوّق أحد ركاب الدراجات سيارة شهرياري، ألصق راكب آخر (يُعتقد أنه آرش قردكيش أيضاً) عبوة متفجرة في الباب المجاور للعالم الإيراني، ثم قاد دراجته وضغط على زر تفجير. تسبب التفجير في قتل شهرياري وجرح زوجته وأحد زملائه، بل أطاح بالقتلة من فوق الدراجات البخارية التي كانوا يركبونها، وتسبب في جرح أحدهم.
إبنة داريوش ما زالت ترسم مشهد اغتيال والدها“ظلت الابنة البالغة من العمر 5 أعوام ترسم صوراً للحظات وفاة أبيها”، بهذه الكلمات علقت شهرة، زوجة داريوش رضائي نجاد، طالب الدراسات العليا في الهندسة الكهربائية على ما حدث لأسرتها جراء الصراع الإستخباراتي على البرنامج النووي الإيراني.
في 23 يوليو/تموز 2011، كان داريوش رضائي نجاد وزوجته يقودان سيارتهما ليصطحبا ابنتهما أرميتا من رياض الأطفال. وفي الرابعة مساء، أنزل الرجل زوجته وابنته على الرصيف وعاد ليصف سيارته، وعندها اقترب منه رجلان ملتحيان يركبان دراجة بخارية وأطلقا الرصاص عليه من مسدسات عيار 9 ملم. تلقى رضائي نجاد 5 رصاصات في ذراعه ورقبته وصدره.
حاولت زوجته، شهرة بيراني، ملاحقة المهاجمين، لكنهما أطلقا الرصاص عليها هي الأخرى. توفي المهندس بعد مدة قصيرة من دخوله مستشفى “رسالت” لإسعافه، وتعافت شهرة بعد ذلك.
ذكرت الزوجة، في مقابلة لاحقة، أن زوجها كان عضواً في البرنامج النووي الإيراني، وأنه تلقى تهديدات من مجهولين قبل وفاته. ألقت طهران اللائمة على الولايات المتحدة وإسرائيل في عمليات القتل. أنكرت الولايات المتحدة هذه الاتهامات، بينما أوحت الحسابات الرسمية للحكومة الإسرائيلية على مواقع التواصل الإجتماعي بأنها لا تعرب عن إدانتها عمليات القتل، أيما كان من ارتكبها، حسب تقرير المجلة الأمريكية.
اغتيال مسؤول بمعمل تخصيب لليورانيوم بعد إعلان قرب الإنتاج بهفي يناير/كانون الثاني 2012، أصبح مصطفى أحمدي روشن هدف الاغتيال التالي، حسبما ورد في تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، واستُعين بسائق دراجة نارية آخر، الذي اقترب من سيارة روشن، وألصق بها قنبلة مغناطيسية أدت إلى مقتل العالم وسائقه.
وجاءت وفاة روشن، الذي كان أستاذاً في جامعة تقنية بطهران ومشرف قسم في معمل تخصيب اليورانيوم في نطنز، بعد أسبوع من إعلان أكبر مسؤول نووي إيراني عن قرب بدء الإنتاج في ثاني أكبر موقع لتخصيب اليورانيوم في إيران.
وقبل شهرين من هذه العملية، نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً زعمت فيه أن العلماء الإيرانيين عاكفون على جهود سرية ومتواصلة لبناء سلاح نووي، فيما أصدرت منظمة الطاقة الذرية في إيران بياناً حذَرت فيه من أن “فعلة الولايات المتحدة وإسرائيل الشنيعة لن تثنِ الأمة الإيرانية عن مسارها”.
من جانبها، أدانت الولايات المتحدة جريمة القتل ونفت أية مسؤولية لها، بينما أعرب المتحدث العسكري الإسرائيلي عما يشبه عدم الإنكار في بيان على “فايسبوك”، وكتب اللواء يوآف مردخاي “لا أعرف من انتقم من العالم الإيراني. لكنني بالتأكيد لن أذرف دموعاً عليه”.
إعدام أحد المتورطينومع ذلك، نجح عملاء مكافحة التجسس الإيرانيون في وزارة الاستخبارات والأمن الوطني في اكتشاف غموض بعض العمليات، وعلاقة الموساد بها.
ففي العام 2011 بفضل ما زُعم أنها معلومات سرية من دولة ثالثة، ألقت وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية القبض على ملاكم واعد يبلغ من العمر 24 عاماً ويدعى ماجد جمالي فاشي، الذي ادعى أنه من ترك الدراجة البخارية المتفجرة التي قتلت علي محمدي. اعترف فاشي على شاشة التلفزيون الحكومي بأنه تلقى تدريباً ومبلغ 120 ألف دولار من الموساد، وهي وكالة الاستخبارات الإسرائيلية المرتبطة بعشرات الاغتيالات على مدار السنوات، بما في ذلك اغتيال علماء صواريخ ألمان (ساعدوا مصر في برامج التسليح في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر)، ومنفذي عملية ميونيخ، واغتيال الكندي جيرالد بول، مطور مشروع بابل العراقي، الرامي إلى تطوير مدافع خارقة.
شُنق فاشي في مايو/أيار 2012، وأعلنت طهران أنها اعتقلت ثمانية إيرانيين وستة إيرانيات متورطين في عمليات الاغتيال. بثت وسائل الإعلام الإيرانية بعد ذلك عملاً وثائقياً مدته نصف ساعة يصورون فيه الاعترافات.
تجنيدهم يتم عبر منظمة مجاهدي خلقوقد أُشير إلى أن هؤلاء الإيرانيين المتورطين جندوا عن طريق أعضاء من حركة “مجاهدي خلق”، أو متعاطفين معها. وبحسب هذه الاعترافات، تلقى هؤلاء العملاء تدريباً لمدة 54 يوماً في إسرائيل، ثم عملوا في فرق متعددة الخلايا تجسست بدقة على ضحاياها لتحديد روتينهم، ثم تنفيذ هجماتهم استناداً إلى تعليمات من متعهديهم الإسرائيليين.
لدى قوات الأمن الإيرانية سمعة سيئة بأن أفرادها يستخدمون التعذيب والاعتداء الجنسي وتهديد الأقارب من أجل إجبار المعتقلين على الإدلاء باعترافات مغلوطة بأنهم مذنبون. غير أن مصادر مجهولة في الدوائر الدبلوماسية الأمريكية والدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية، نقلت إلى وسائل الإعلام أن إسرائيل كانت بالفعل تقف وراء حملة الاغتيالات وأن فاشي على الأقل أدلى باعترافات حقيقية في العموم، وأن إسرائيل كانت حقاً تعطي تدريبات إلى مجاهدي خلق ليكونوا عملاء لها في إيران، حسبما ورد في تقرير “ناشيونال إنترست”.
لماذا ضغطت واشنطن على إسرائيل لوقف الاغتيالات في 2014؟في العام 2014، كشف صحفي عن أن واشنطن ضغطت على إسرائيل لتوقف الاغتيالات، التي هددت بعرقلة محاولات التفاوض مع طهران حول برنامجها النووي. وفي وقت سابق أشارت تقارير إلى أن الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش، غضب عندما علم أن إسرائيليين تظاهروا بأنهم عملاء في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجندوا إيرانيين في باكستان من أجل حملة التخريب والاغتيالات التي أطلقتها في إيران.
من المؤكد أن الرواية المعلنة في إيران والرواية الإسرائيلية الصادرة من مصادر مجهولة، غير موثوقة وتخضع في سردها لحسابات كل طرف. كما يعتقد أن هناك دوراً كبيراً لعملاء إسرائيليين من وحدة كيدون (وهي كلمة عبرية تعني رأس الحربة)، التي تعد وحدة نخبة تابعة للموساد متخصصة في الاغتيالات. وبحسب بعض الروايات، لعل توقف الهجمات يُعزى إلى أن تنفيذ مزيد من الاغتيالات كان سيشكل خطراً بالغاً، وأن الأهداف الباقية كانت تحظى بحراسة مُحكمة، وفقاً للمجلة الأمريكية.
“تسمم بالغاز”.. إتهام للحرس الثوري في اغتيال أحد العلماءكان هناك أيضاً قليل من الحالات الغامضة التي يمكن وضعها في الحسبان. في وقت سابق وتحديداً في 15 يناير/كانون الثاني 2007، توفي العالم الإيراني أرديشير هوسينبور في ظروف غامضة في أصفهان نتيجة تسمم بالغاز. زعم مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية وصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن وفاة هوسينبور، كانت بفعل الموساد، بينما أنكرت الحكومة الإيرانية ومصادر داخل الموساد هذا الاتهام.
وبعد سنوات، زعمت أخت هوسينبور أن أخاها العالم الإيراني قُتل على يد الحرس الثوري الإيراني لرفضه العمل مع البرنامج النووي. وفي العام 2015، زعمت قوات الأمن الإيرانية أنها أحبطت هجمات أخرى للموساد، ولا يبدو أن المصادر الإسرائيلية تحركت لإثبات أو دحض الادعاءين.
قصة مسؤول الموساد الذي يقف وراء حملة الاغتيالاتوُصفت حملة الاغتيالات التي استهدفت علماء إيرانيين التي نفذها الموساد بأنها “الشق الخامس” من استراتيجية من أربعة أجزاء، وضعت في العام 2003 من قبل تامير باردو، الذي كان يشغل حينها منصب نائب مدير الموساد، عندما كان يرأسه مئير داغان، حسب ما ورد في مقالة للكاتب الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان في موقع “بوليتيكو” الأمريكي.
كان الهدف الضغط على إيران لتتخلى عن برنامجها النووي باستخدام العقوبات الاقتصادية والضغط الدبلوماسي ودعم الأقليات الإيرانية وجماعات المعارضة الإيرانية، واعتراض التكنولوجيا الإيرانية الرئيسية. كما تضمنت الحملة الأوسع تعاوناً وثيقاً مع الولايات المتحدة، التي سبق أن طورت فيروساً حاسوبياً يدعى “ستوكسنت” كان مسؤولاً عن تدمير مئات من أجهزة الطرد المركزية الإيرانية.
ومع ذلك، كانت إسرائيل وحدها متورطة في تدبير الاغتيالات، التي ادعت وكالة الاستخبارات المركزية أنها لم تكن راغبة في التورط فيها وفضلت ألا تُبلَغ بشأنها، حسب تقرير المجلة الأمريكية
ختاما، يعد أغتيال اسماعيل هنية فى طهران هو العملية الاكبر التى يقوم بها الموساد فى ايران , ذلك ان لم يكن متورظا فى أغتيال ابراهيم رئيسى رئيس ايران السابق.
Tags: اغتيال اسماعيل هنيةالموسادايرانالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: اغتيال اسماعيل هنية الموساد ايران الحرس الثوری الإیرانی الولایات المتحدة العالم الإیرانی البرنامج النووی النووی الإیرانی من الاغتیالات الذی کان فی إیران فی العام
إقرأ أيضاً:
قادة عراقيون يناورون: فرصة للانفصال عن القبضة الإيرانية
17 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: في خضم التحولات الإقليمية الكبرى، بدأت مؤشرات ارتخاء قبضة إيران على كل من لبنان وسوريا تنعكس في المواقف الصريحة التي تتخذها أطراف سياسية عراقية شيعية تجاه طهران، وهي مواقف كانت إلى وقت قريب مستترة خلف التحالفات والتوافقات التاريخية. ويبدو أن لحظة ضعف إيران باتت عاملاً مشجعًا لهذه القوى على المجاهرة بآرائها دون خشية من ردود أفعال حلفاء طهران المحليين.
ووفقًا لمصادر سياسية فإن تراجع إيران عن دورها التقليدي كقوة إقليمية مهيمنة، مع تعثّرها في دعم حلفائها التقليديين مثل حزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا، دفع قادة سياسيين شيعة إلى التفكير بصوت عالٍ في خياراتهم السياسية بعيدًا عن دائرة النفوذ الإيراني.
وقال مصدر سياسي إن “الزمن تغيّر، والحديث عن الاستقلالية لم يعد ترفًا بل ضرورة للتماشي مع المستجدات”.
في هذا السياق، أطلق رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي مبادرة حملت اسم “مبادرة الرافدين”، والتي تضمنت بنودًا لدعم سوريا سياسيًا وإنسانيًا، مع التركيز على تأمين استقرار المرحلة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام الأسد. وقالت تغريدة من حساب سياسي عراقي بارز على منصة “إكس”: “العبادي يخطو خطوة جريئة في دعم سوريا جديدة، هل بدأنا نشهد تحرر بغداد من ظلال طهران؟”.
اللافت في المبادرة، بحسب مراقبين، هو تجاهل البيان الصادر عن ائتلاف العبادي لدور إيران في تحقيق الاستقرار في سوريا، مما عُدّ إشارة مباشرة إلى إعادة النظر في العلاقة مع طهران. وقال تحليل نشره أحد الصحافيين العراقيين على “فيسبوك”: “هذه المبادرة تؤكد أن العراق يحاول تصحيح بوصلته نحو شراكات متوازنة بعيدًا عن سيطرة إيران”.
في المقابل، أثارت الخطوة جدلاً داخل الأوساط الشيعية العراقية نفسها.
وقال مصدر إن “هناك انقسامًا حادًا بين القوى السياسية الشيعية حول الموقف من إيران، فبينما يرى البعض أن الاستقلالية هي الحل، يتمسك آخرون بالتحالف التاريخي مع طهران، مما يعكس حجم التعقيد في المشهد العراقي”.
وأضاف أن “هناك أصواتًا شعبية باتت تُسمع في الشارع تطالب الحكومة العراقية بالخروج من دائرة التجاذبات الإقليمية والعمل على تحقيق مصالح العراقيين أولاً”.
وذكرت مواطنة عراقية تدعى أم ليث، من النجف، في تدوينة لها على “فيسبوك”: “إلى متى نبقى ورقة في أيدي الآخرين؟ نحن بحاجة إلى قيادة تفكر في العراق قبل أي شيء آخر”.
من جانبه، وصف وتحليل سياسي مبادرة العبادي بأنها تعبّر عن “رغبة عميقة في الاستقلال السياسي عن إيران، وهو أمر ينسجم مع التحولات الجارية في الإقليم، حيث بدأت هيمنة طهران تتراجع بفعل الضغوط الدولية والداخلية”.
على الجانب الآخر، يرى محللون أن هذه التحركات قد لا تخلو من مخاطر داخلية على العبادي وغيره من الشخصيات العراقية التي تسعى إلى استقلال القرار العراقي، اذ ان محاولات كسر النفوذ الإيراني قد تواجه مقاومة شرسة من أطراف ما زالت مرتبطة عضوياً بمشروع طهران الإقليمي .
يبدو أن العراق يقف اليوم على مفترق طرق حاسم، بين التمسك بالتحالفات القديمة التي قيدت حركته السياسية لعقود، وبين السعي نحو بناء سياسة أكثر استقلالية تتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts