صلاح شعيب

لم تقدم سلطات بورتسودان معلومات أولية كافية عمن يقف وراء حادثة جبيت. وما تزال الميديا مليئة بجدل كثيف حول الفاعل، أهو الخصم أم الحليف؟

ولكن على كل حال لم تكن حادثة جبيت الأولى. فالجيش يعايش اختراقاً متصاعداً بالمسيرات منذ رمضان الماضي في المناطق التي يسيطر عليها. فمحاولة اغتيال البرهان سبقتها حوادث مماثلة في مناطق الخرطوم، وعطبرة، وشندي، وكوستي، والدامر، وأماكن أخرى، وبالأمس شاهدنا الصواريخ تدخل معركة الفاشر.

وبخلاف بيانات تمتلك معلومات شحيحة عن هذه “الاستهدافات” المسيرة لمقرات الجيش، وكرنفالات مؤيديه، فإن الأحداث السابقة هذه انتهت عند ختام التداول حولها إعلامياً فحسب. ولم تسفر تحريات بورتسودان عن تقارير تفصيلية لاحقة لكل حادثة، حتى تتأكد لنا قدرة الجيش على امتلاك أدوات بحث جنائية، واستخباراتية، تفيض ببينات قوية عن مرتكبي هذه الهجمات.

وسط هذا الركام من التسريبات، واختلاق الروايات، حول حوادث المسيرات يفضل الدعم السريع من الناحية الأخرى الصمت. ومهما يكن فإن استراتيجيته هنا – إذا لم يكن هو الفاعل – تنحو إلى زيادة التكهن لدى الرأي العام حول جهات معادية له، تلك التي تحيط بالجيش كما السوار بالمعصم.

والملاحظ أن المسيرات المخترقة للساحة التي يتواجد فيها البرهان لا تتزامن إلا مع أنباء عن قرب تفاوض مع الدعم السريع، أو بعدها، كما حدث الأمر بعد عودة كباشي من المنامة. وآنذاك جاءت مسيرة شندي بعد لحظات من وصول البرهان إليها ليتم إخلاؤه من قرب المكان الذي ضربت فيه المسيرة.

مسيرات جبيت ترافقت هي الأخرى مع غموض موقف الجيش من المبادرة الأميركية للتفاوض. وكلنا وقفنا في الأيام الماضية على حملات مسعورة ضد الجيش، و”ابتزازات” تبعتها تسريبات لأحد الإسلاميين المتطرفين يهدد في تسجيل بدخولهم مرحلة العمليات الاستشهادية الانتحارية في حال الوصول لتسوية مع الدعم السريع. فضلاً عن ذلك فإن غلاة الإسلاميين، والبلابسة، ظلوا يوحون منذ فترة بأن البرهان هو العقبة الكؤود أمام انتصار الجيش. وهو السبب أيضاً للفشل في استرداد أي منطقة فقدها في هذا النزاع الدامي. ذلك رغم أن البرهان نفسه هو الذي أحيا الروح للإسلاميين في المشهد السياسي، وأعاد تمكينهم في الحكومة والجيش، حتى أصبحوا حاضنته الأساسية. وبرغم كل ما حققه البرهان من إعداد مادي، ومعنوي، للجيش مدفوعاً بكتائب البراء، وحركات دارفور، والنيل الأزرق، والمستنفرين، إلا أنه لم يسلم من تحميله وحده المسؤولية في ظل توفير طاقمه كل السلاح المطلوب لكتائب الإسلاميين لإبراز ملكاتهم الجهادية.

لغط كثير أثير أيضا عن وفاة ابن البرهان. وذهبت تكهنات معارضين للإسلاميين بأنهم يقفون وراء الحادثة، محاولة لتنبيهه للسير بالضرورة وفقاً لاستراتيجيتهم المعدة لما بعد الحرب، إذ إن الهدف عندهم إما سحق الدعم السريع بالمرة، أو استمرار النزاع، حتى ولو أدى ذلك لدخول البلاد في حرب أهلية مكتملة الأركان. وذلك يعني تفضيل الإسلاميين أن يكون السودانيون في حالة الانتحار، لا السلام.

إذا كان الدعم السريع هو المسؤول عن حادثة جبيت، وتوجيهه مسيراته لمدن نهر النيل، والنيل الأبيض، وشرق السودان، فإنه ينبغي أن يستدرك البرهان، وطاقمه، وكذلك الإسلاميين، والبلابسة، أننا دخلنا حرب لا تستثني رموز القتال، حيث كل طرف يتغذى في إمداده بأطراف خارجية. أما إذا اتضح أن “الاختراق المسيرات” الذي يعاني منه البرهان في أماكن وجوده مرتبط بمواقفه المعاكسة للتيار الإسلامي الحربي على وجه الدقة، فإنه كذلك ينبغي أن يحتاط لنفسه أكثر. ذلك حتى لا تناله في المرة القادمة مسيرة لطائرته المغادرة إلى سويسرا، هذا إذا عقد العزم على مصافحة أنتوني بلينكن في الرابع عشر من أغسطس المقبل.

الوسومصلاح شعيب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صلاح شعيب الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)

اعترف قائد "قوات الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الجمعة، بخسارة قواته مناطق لصالح الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم.

ودعا حميدتي قواته في فيديو مسجل، إلى عدم الالتفات إلى المواقع التي استعادها الجيش وسيطر عليها مؤخرا.


وقال: "إلى كل القوات في كل المحاور، يجب عدم التفكير في ما أخذه الجيش منا في القيادة (وسط الخرطوم) وسلاح الإشارة (بمدينة بحري) وبلدة الجيلي (شمال الخرطوم) ومدينة ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة)".

ودعا حميدتي قواته إلى عدم النظر إلى ما خسروه أمام الجيش بل التركيز على ماذا يريدون السيطرة عليه.

وأضاف أنه قواته قادرة على طرد الجيش من الخرطوم مرة أخرى كما فعلت من قبل، على حد قوله.
#السودان | فيديو ???? | خطاب جديد لـ حميدتي :

سنطرد الجيش مرة أخرى وسبق أن طردناهم من الخرطوم في مناطق كثيرة.

الغربال «ناعم» وستتمايز الصفوف.

حقق جنودنا الآن أربعة انتصارات في أم درمان وهناك مناطق محددة سنقوم باستلامها.#برق_السودان pic.twitter.com/3Srd5DENIu — برق السودان???????? (@SDN_BARQ) January 31, 2025
وتأتي تصريحات حميدتي عقب انتصارات حققها الجيش خلال الأيام الماضية بفك الحصار عن قيادة الجيش وسلاح الإشارة، واستعادة السيطرة على معظم مدينة بحري شمالي الخرطوم ومدينة أم روابه بولاية شمال كردفان.

ويخوض الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يواصل تقدمه في الخرطوم.. والدعم السريع تقرّ بالخسائر
  • الجيش السوداني يتقدم لاستعادة مناطق حيوية من الدعم السريع
  • قائد قوّات الدعم السريع يتوعّد بـطرد الجيش من الخرطوم
  • من قتل جلحة الجنرال المشاغب في الدعم السريع ولماذا يصمت الجيش السوداني؟
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • الدعم السريع يعترف بالانتكاسات ويتعهد بطرد الجيش من الخرطوم  
  • مقتل القائد بالدعم السريع جلحة.. بسلاح الجيش أم ببندقية أهله؟
  • شاهد بالفيديو.. الصحفي والقيادي بالدعم السريع “بقال” ينهار بالبكاء حزناً على اغتيال “جلحة”
  • الجيش يشن هجومًا على الدعم السريع في محيط أم روابة غربي البلاد