قال تحليل نشرته مجلة "نيو لاينز" الأمريكية: إنه لا علامات ظاهرة حتى الآن على نهاية الحرب والمواجهة الدائرة في منطقة البحر الأحمر في ظل استمرار ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تنفيذ هجماتها ضد السفن التجارية المارة في هذا الشريان الاستراتيجي.

وأكد التحليل أن الجيش الأمريكي منخرط في حرب طويلة ومكلفة في البحر الأحمر وخليج عدن ضد قوة أصغر وأقل تقدمًا.

فمنذ أكتوبر 2023، عطل المتمردون الحوثيون ممرات الشحن التجارية، مما أدى إلى صراع دام أشهرًا مع القوات الأمريكية وغيرها من القوات (بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا، اللتين نشرتا أيضًا سفنًا في المنطقة لمهام اعتراضية) أسقطت العشرات من الصواريخ والطائرات بدون طيار. 

التحليل الذي أعده الكاتب الصحفي نيكولاس سلايتون، محرر مساهم في موقع الأخبار العسكرية والثقافة Task & Purpose، ركز على مستوى الإنفاق والتكلفة التي تتحملها الخزينة الأميركية وكذا الدول المشاركة في عملية ردع الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويشير التحليل إلى أن حاملات الطائرات الأمريكية وسفنها الداعمة وأجنحتها الجوية وأصول أخرى أنفقت ذخائر بملايين الدولارات بمعدل يومي تقريبًا. وهي التكلفة التي تجاوزت الآن أكثر من مليار دولار، وفقًا لوزير البحرية كارلوس ديل تورو. وعلى الرغم من مزاعم البنتاغون بأن الجهود من شأنها أن "تعطل وتضعف" قدرات الحوثيين، فإن القتال منخفض الكثافة لا يُظهر أي علامات على نهايته، في حين تستمر تكلفته في الارتفاع.

وقال وكيل وزارة الدفاع لشؤون المشتريات والاستدامة ويليام لابلانت خلال شهادته أمام لجنة فرعية بمجلس الشيوخ في مايو: "إذا كنا نسقط طائرة بدون طيار بقيمة 50 ألف دولار في اتجاه واحد بصاروخ بقيمة 3 ملايين دولار، فهذه ليست معادلة تكلفة جيدة".

الصراعات السابقة

تحليل المجلة الأميركية وضع تساؤلاً هاماً بشأن ارتفاع تكاليف الردع العسكري ضد ميليشيا الحوثي، ولماذا لم تستطع أكبر الجيوش، مع ثقل المجمع الصناعي الدفاعي الأميركي خلفها، أن تطور أسلحة أرخص؟

ويشير الكاتب نيكولاس في تحليله إلى أن طبيعة الصراعات الجارية هي التي تحدد الأولويات، فقد تركت الحرب العالمية على الإرهاب التي استمرت عقدين من الزمان الكثير من الاستراتيجية والموارد في اتجاه مكافحة التمرد على الأرض. وكانت القوات المقاتلة تواجه العبوات الناسفة المرتجلة، وخطر الهجمات الانتحارية المفاجئة أو الكمائن، وليس أسراب الطائرات بدون طيار أو الصواريخ.

وفي السنوات الأخيرة، حاول الجيش إعادة بناء قدراته لمحاربة الجهات الفاعلة القوية المنافسة، لما يراه من منافسات بين القوى العظمى مع روسيا والصين. وهذا يعني إلغاء المشاريع التي بنيت لاستراتيجيات سابقة، مثل سفينة القتال الساحلية، وهو مشروع بمليارات الدولارات، لبناء سفن أصغر مخصصة للعمليات بالقرب من الشواطئ. ولم يتم إعطاء الأولوية للدفاع الجوي، وكان أي عمل نحو ذلك يركز على الصواريخ الاعتراضية المتطورة التي تهدف إلى مواجهة الصواريخ الحديثة من ما يطلق عليه الجيش "الأقران"، أي روسيا أو الصين.

وأكد التحليل: "لقد كانت الحروب التي خاضتها القوى بعد الحرب الباردة في أغلبها ضد أولئك الذين لم يمتلكوا قدرات هجومية جوية تشكل تهديداً، وبالتالي أصبح الاستثمار في هذا المجال أقل أهمية"، كما قال جيمس باتون روجرز، المدير التنفيذي لمعهد كورنيل بروكس للسياسة التكنولوجية، لصحيفة نيو لاينز عبر البريد الإلكتروني. "بدلاً من ذلك، كانت العبوات الناسفة البدائية هي السلاح الذي يجب التغلب عليه".

تشكيل الصراع

أوضح التحليل أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية غيرت من نظرة الجيوش إلى الصراع العالمي؛ وأظهرت للعالم كيف يمكن للتكنولوجيا الحديثة والأدوات الرخيصة أن تعيد تشكيل الصراع. ورغم أن القتال، في كثير من النواحي، هو معركة مباشرة بين جيشين كبيرين، يمزجان فيها المشاة والدروع والقوة الجوية لشن هجمات كبيرة، فإن الطحن البطيء والجمود أدى إلى عناصر غريبة وغير متزامنة تقريبًا.

وحفزت الأسلحة الميدانية التي يتم تصنيعها ذاتيًا كلا الجانبين على تطوير طرق فعالة وغير مكلفة لمواجهة ابتكارات كل منهما. في بعض الحالات، يتضمن هذا إعادة استخدام الدفاعات عالية التقنية ولكن بتكلفة منخفضة، مثل استخدام أجهزة تشويش الإشارات المخصصة لجعل الطائرات بدون طيار عديمة الفائدة. وفي حالات أخرى، يكون النهج صريحًا، مثل إطلاقها ببساطة من السماء بأي سلاح مدفعية خفيف. قامت إحدى الوحدات الأوكرانية بتجهيز ستة بنادق كلاشينكوف في مدفع أرض جو.

كما سلطت الحرب الضوء على تحديين رئيسيين للدول الأخرى في صراع حديث: إمدادات الذخيرة والطائرات بدون طيار. مع عدم قدرة أي من الجانبين على الفوز في وقت مبكر وحاسم، أدى القتال إلى استنزاف مخزونات ذخيرة المدفعية، سواء في البلدان أو في الدول الداعمة لهما. ويُظهر الابتكار المدفوع بالضرورات وراء أسراب الطائرات بدون طيار الرخيصة أو الهجمات مدى فعالية هذه التكتيكات منخفضة التكلفة وسرعتها ضد جيش متقدم.

تكلفة باهظة 

تحليل مجلة "نيو لاينز" قال إن القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) تظل متكتمة بشأن الذخائر المحددة المستخدمة في مهام الاعتراض اليومية تقريبًا ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ في البحر الأحمر وخليج عدن. ومع ذلك، اعترفت البحرية بأنها أطلقت صواريخ SM (Standard Missile)-2 وSM-6 وSM-3 لإسقاط الطائرات بدون طيار. ويمكن أن تتراوح تكلفة هذه الصواريخ من مليوني دولار إلى 27.9 مليون دولار للقطعة الواحدة، اعتمادًا على الطراز والنسخة التي تحملها.

وأشار التحليل إلى أن الولايات المتحدة وشركاءها انخرطت بشكل أساسي في صراع منخفض الدرجة مع حركة الحوثيين، حيث دمروا يوميًا تقريبًا من صاروخ إلى سبعة صواريخ أو طائرات بدون طيار أو مواقع رادار. ولا تقول القيادة المركزية الأمريكية عدد الذخائر المستخدمة لكل ضربة أو اعتراض، لكن نظرة متحفظة على التكاليف تضعها بأكثر من مليون دولار لكل عملية إطلاق. ولا يُظهر أي من الجانبين أي نية للتراجع، ولا يُظهر أي من الجانبين أي علامة على نفاد الأسلحة أو القدرة على استخدامها.

وأكدت البحرية في يوليو/تموز أن مجموعة حاملة الطائرات أيزنهاور، التي تولت زمام المبادرة في أدوار الاعتراض لمعظم الصراع في البحر الأحمر، أطلقت 155 صاروخًا من سلسلة ستاندرد بالإضافة إلى 135 صاروخًا كروز من طراز توماهوك (تكلف حوالي مليوني دولار لكل وحدة). وهذا يزيد عن نصف مليار دولار منذ انتشار مجموعة حاملة الطائرات أيزنهاور في المنطقة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وغادرت في يونيو/حزيران من هذا العام. 

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الطائرات المخصصة لمجموعة الضربات 420 صاروخًا جو-أرض و60 صاروخًا جو-جو. ولم توضح البحرية ما تم استخدامه على وجه التحديد، لكن قائد حاملة الطائرات يو إس إس دوايت د. أيزنهاور أشار سابقًا إلى ترسانة تضم صواريخ جو-أرض من طراز AGM-114 (حوالي 150 ألف دولار لكل وحدة)، وصواريخ AIM-9X Sidewinder وAIM-120 جو-جو.

آلية ردع جديدة

بعد مرور أكثر من عام على الحرب في أوكرانيا وأشهر على القتال في البحر الأحمر، أخبر وكيل وزارة الدفاع لشؤون المشتريات والاستدامة ويليام لابلانت، لجنة فرعية بمجلس الشيوخ، أن الولايات المتحدة بحاجة إلى أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار "على نطاق واسع. نحن بحاجة إلى الكثير منها، أيا كانت -حركية أو غير حركية".

مضيفًا إن "التكلفة لكل وحدة مهمة". بالنسبة للخيار الحركي، يعني هذا أسلحة جديدة -صواريخ أو حتى سلاح موجه بالطاقة- يمكنه اعتراض طائرة بدون طيار للعدو. يتضمن الخيار الآخر أدوات تعطل أو تغلق بشكل غير مباشر طائرة بدون طيار للعدو، مثل أجهزة التشويش. هذه التوصية هي شيء كرره منذ ذلك الحين، ولكن الآن في صيف عام 2024، لا يزال الجيش يعتمد على نفس أدوات الدفاع الجوي الباهظة الثمن. وتشمل هذه الصواريخ أرض-جو والأسلحة المحمولة على الطائرات المقاتلة والتي يمكن أن تكلف عدة ملايين من الدولارات لكل ضربة.

ونقل التحليل تصريحاً لـ"ثين كلير" وهو زميل بارز في مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية وضابط سابق في البحرية عمل قائداً للمدمرة الموجهة بالصواريخ يو إس إس موستن، إن السلطة النهائية في كثير من الحالات تكون في أيدي وزير الدفاع. إن الجيش قادر على الابتكار السريع للتكنولوجيا الجديدة -وأشار كلير إلى الإنتاج الدفاعي في الخمسينيات والستينيات- لكن الأمر يعتمد على الإلحاح من قِبَل أولئك في القمة. ويعود ذلك جزئياً إلى مزيج من البيروقراطية والتخصيصات وواقع تطوير واختبار ثم نشر أي سلاح أو نظام عسكري جديد. ومع نطاق المجالات المختلفة اللازمة لنقل نظام أو ذخيرة من المفهوم إلى التبني، فإن الأمر يتلخص في عزل قضية محددة لحلها وتكليف شخص واحد بالمسؤولية الكاملة عن العمل.

مناوشات مستمرة

يؤكد التحليل أن القتال في اليمن هو واحد من عدة معارك خاضتها الولايات المتحدة في مختلف أنحاء المنطقة منذ بداية الحرب في غزة. حيث تطلق الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران طائرات بدون طيار وصواريخ رخيصة الثمن على منشآت وقواعد أمريكية في العراق وسوريا لعدة أشهر. وقد أسفرت عشرات الهجمات عن إصابة جنود أمريكيين وإصابات دماغية مؤلمة. وفي يناير قُتل ثلاثة من جنود الاحتياط في الجيش الأمريكي في هجوم بطائرة بدون طيار على موقع ناء في الأردن. وحتى الآن هذا الصيف، لا يبدو أن الولايات المتحدة ولا إيران عازمتين على تصعيد الموقف إلى صراع مباشر، مما يترك شبكة من المناوشات المستمرة ولكن على نطاق صغير في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ولكن إذا كان من الصعب القضاء على الخطر الذي تشكله مجموعة واحدة لديها القدرة على الوصول إلى الذخائر الرخيصة، فإن هذا الربيع سلط الضوء على مدى التكلفة التي قد تترتب على شن هجوم واسع النطاق من قبل دولة قومية. 

وقال الكاتب الصحفي نيكولاس سلايتون: "بعض طياري القوات الجوية الأميركية وصلوا إلى مرتبة "البطل" -حيث سجلوا خمس عمليات "قتل" جوية أو أكثر- في هذا الجهد. وكانت عملية فعالة ولكنها مكلفة، وخاصة عند النظر إلى التكلفة المنخفضة بالنسبة لإيران.

طرق ردع جديدة

يشير التحليل الأميركي إلى أن هناك العديد من المشاريع الموازية التي تعمل في وزارة الدفاع الأميركية عليها، بعضها يركز على القدرة على التكيف والأدوار المتعددة الأغراض للحصول على أقصى قدر من الفعالية منها. وقد طلب الجيش ومشاة البحرية مئات من "الذخائر المتسكعة"، وهي طائرات بدون طيار منخفضة التكلفة يمكن تحميلها بحمولة لشن هجمات "انتحارية بدون طيار" عالية الدقة أو للمراقبة. وهي النسخة "الذكية" من طائرات بدون طيار الهجومية البدائية التي يستخدمها المسلحون. وفي هذا العام، أعلنت القوات الجوية أيضًا عن مسابقة لصواريخ كروز الأرخص، وهي الخطوة الأولى في التحرك نحو تطويرها.

ويؤكد التحليل إن أحد الجهود التي كثيراً ما تُقارَن بالبحث عن أسلحة أقل تكلفة هو الدفع المستمر نحو زيادة تصنيع قذائف المدفعية. 

ويبدو أن أحد الحلول التي يستكشفها الجيش الأميركي بجدية هو البرامج غير التقليدية أو، كما يحلو للبعض أن يصفها، البرامج المستوحاة من الخيال العلمي. وتعمل الفروع العسكرية حالياً على تطوير واختبار عدة منصات مختلفة للأسلحة الموجهة بالطاقة، أو الليزر. وتقترب كل من القوات البرية والبحرية والجوية من طرق مختلفة لنشر الليزر. 

على سبيل المثال، يختبر الجيش بالفعل هذا في الميدان بعد نشره ليزر الطاقة العالية (P-HEL) في قدرة تشغيلية. يستخدم P-HEL شعاعاً مركّزاً بقوة 20 كيلووات لضرب وحرق وتدمير الأهداف الجوية مثل الطائرات بدون طيار. 

سلاح ليزر الطاقة

يوضح التحليل أن تكلفة التطوير الأولية لسلاح الليزر مرتفعة، إلا أنه أرخص في الأمد البعيد في الميدان. وقد كانت الولايات المتحدة تدرس جدوى وإمكانية تطبيق الأسلحة الموجهة بالطاقة لعقود من الزمن. والتقدم الأخير واعد، لكن المجال العام ليس جديدًا والجيش لم يستخدم الليزر على نطاق واسع في ساحة المعركة بعد. 

وربما يتبنى الجيش الأميركي وحلفاؤه الليزر على نطاق واسع. أو قد يركزون على استخدام نسخ أرخص من صاروخ SM-2 أو "الذخائر المتسكعة"، مثل صاروخ Coyote 2C، وهو سلاح صغير يطلق من الأرض ويمكن استخدامه جزئيا كطائرة استطلاعية أو توجيهه لاعتراض وتدمير الطائرات بدون طيار.

ويؤكد التحليل: "حتى لو تمكنت القوات المسلحة من العثور على أسلحة أرخص واختبارها وإنتاجها بسرعة، بحيث تحل محل الأسلحة الباهظة الثمن الموجودة في الخدمة حالياً، فإن نشرها في الخدمة يشكل مسألة مختلفة تماماً".

في حين يسارع البنتاجون إلى الحصول على أدوات أكثر فعالية من حيث التكلفة لمكافحة أسراب الذخائر الرخيصة القابلة للتصرف، هناك خطر يتمثل في ظهور تكتيكات أو أسلحة جديدة فجأة لا تستعد لها الولايات المتحدة وحلفاؤها. وتُظهِر الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط كيف يمكن لهذه التقنيات أن تتطور بسرعة، جنبًا إلى جنب مع التكتيكات لمحاربتها. 

ومن المرجح أن تظهر خصائص أكثر استقلالية في الطائرات بدون طيار المعادية، ويمكن استخدام أسراب أكبر لمحاولة التغلب على الدفاعات الجوية، وقد تصبح الأسلحة الرخيصة أكثر دقة. يمكن للولايات المتحدة وحلفائها تطوير مضادات أحدث، لكن التكتيكات ستستمر في التطور.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الطائرات بدون طیار الولایات المتحدة طائرات بدون طیار فی البحر الأحمر على نطاق صاروخ ا تقریب ا فی هذا إلى أن

إقرأ أيضاً:

السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تخلف البحرية الأميركية

في صباح ضبابي من عام 1856، كانت السفن الحربية البريطانية تحاصر مدينة كانتون الصينية (غوانجو حاليا)، مدججة بالمدافع وبالقوة اللازمة لسحق خصومها. وبينما كانت السفن الخشبية التابعة لأسرة "تشينغ" الحاكمة في الصين مترامية على سطح البحر كألعاب ورقية صغيرة في مهب الريح؛ إذ بها تتناثر جذاذا على صفحة الماء، من أثَر القصف المدفعي الذي أطلقته السفن البريطانية، ثم أتبع ذلك سقوط دفاعات المدينة الساحلية المحدودة، التي لم تكن أكثر من بطاريات مدفعية بدائية لا يمكنها أن تصمد أمام التفوق الغربي المدفوع بالبخار ودقة التصويب والمدى الطويل.

في تلك اللحظة، أدركت الصين، دون إعلان، أنها لم تعد قادرة على حماية شواطئها. كانت تلك واحدة من أقسى لحظات ما سُمي بـ"قرن الإذلال"، وهو مصطلح يُستخدم في الأدبيات الصينية لوصف فترة التدخل والإخضاع للبلاد من قِبَل قوى خارجية من بينها اليابان وبريطانيا بدءا من عام 1839 إلى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1949 واندلاع الثورة الصينية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نبوءة ميرشايمر.. هل اقتربت الحرب المدمرة بين أميركا والصين؟list 2 of 2هل اقتربت حرب الصين الكبرى؟end of list

ثم بعد مرور أكثر من 150 عاما، تبدو الصين في مشهد مختلف تماما، ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت الصين سفينة جديدة سُميت "سيتشوان"، وهي أكبر سفينة هجومية برمائية وأكثرها تقدما حتى الآن في ترسانة الجيش الصيني، مما يكشف حجم التطور الهائل في الصناعات العسكرية الصينية ويُشكِّل تعزيزا كبيرا لقدراتها البحرية.

إعلان

ورغم أنها مُصمَّمة بالأساس لنقل قوات عسكرية من البحر إلى الشاطئ، فإنها تمتاز بقدرات إضافية تشبه حاملات الطائرات، حيث إنها مزودة بنظام قذف كهرومغناطيسي (مثل حاملات الطائرات الأميركية الحديثة)، يسمح بإقلاع الطائرات المسيّرة من على متنها أو المقاتلات من سطحها.

ومن ثم فالسفينة متعددة المهام بشكل يشد الأنظار، فهي قادرة على حمل مروحيات هجومية، وطائرات ومسيرات، بالإضافة إلى مركبات برمائية وجنود، ويمكن استخدامها في الإبرار البحري على الشواطئ، أو دعم المعارك البرية من البحر، أو حتى شن هجمات جوية بالطائرات دون طيار، ويبلغ طولها نحو 260 مترا، ووزن إزاحة أكثر من 40,000 طن.

وفي المجمل، فإن استقراء القدرات العملياتية للسفينة يكشف أن الصين لم تعد تكتفي بالدفاع عن حدودها فحسب، بل تسعى إلى مدّ نفوذها العسكري خارج البحار القريبة، حيث صُمِّمت السفينة للاستخدام في أماكن بعيدة مثل البحر الأحمر والمحيط الهندي.

بيد أن "سيتشوان" (أو الفئة 076) ليست وحدها ما يخيف الولايات المتحدة حاليا، بل يضاف إليها ترسانة أخرى من السفن تُظهر مدى تسارع بكين في تطوير قدراتها البحرية، حيث أطلقت 157 سفينة بين عامَيْ 2014-2023، مُقارنةً بـ67 سفينة أطلقتها الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها.

أبعد من مجرد سفينة

ما تكشفه الأرقام والحقائق العسكرية يرجح أن الصين ليست فقط بصدد التقدم في سباق التسلح البحري فحسب، بل تتقدم في إطار إستراتيجية محددة لصناعة تحول إستراتيجي عالمي، تُعيد فيه الصين رسم خريطة النفوذ البحري، وربما إعادة تعريف "القوة البحرية" نفسها.

فالسفينة "سيتشوان" ، رغم ما تحمله من رمزية، ليست سوى واحدة من إشارات كثيرة على صعود جارف، يوشك أن يُغيّر موازين البحر كما نعرفها.

لفهم حجم الإنتاج الصيني الضخم، تأمل ما حدث بين عامَيْ 2017-2019، حيث ورد أن الصين قامت ببناء عدد من السفن أكثر مما بنته الهند واليابان وأستراليا وفرنسا والمملكة المتحدة مجتمعين، بل أشار نائب الأدميرال الألماني "كاي أكيم شونباشسيد" في عام 2021 إلى أن "البحرية الصينية تتوسع كل 4 سنوات بما يعادل حجم البحرية الفرنسية كاملة".

إعلان

وبحلول منتصف عام 2024، كانت الصين قد تجاوزت الولايات المتحدة بالفعل من حيث عدد القطع البحرية الفاعلة: 234 قطعة صينية مقابل 219 قطعة أميركية.

هذا التفوق العددي يُمكِّن الصين من تعويض أية خسائر محتملة في أية مواجهات قادمة، ويزيد حجم القوة المتاحة والجاهزة للانتشار التي يمكن الدفع بها إلى مناطق التوتر عند الحاجة.

كما أن هذا العدد الضخم لقطع البحرية الصينية لا يشمل نحو 80 سفينة دورية صغيرة مسلحة بالصواريخ تُشغّلها البحرية الصينية، بينما يشمل فقط سفن الصين أو غواصاتها التي تزيد إزاحتها على 1000 طن متري، بينما يشمل العدد المعروف لقطع البحرية الأميركية الذي يبلغ 290 قطعة سفن الدعم والخدمات اللوجستية التي تصل إلى نحو 126 سفينة.

وبحسب مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، يُوفر هذا التفوق لصالح بكين ميزةً حربيةً مهمة: فقد خلصت الدراسة إلى أن الأساطيل الأكبر حجما انتصرت في 25 حربا من أصل 28 حربا تاريخية، والسبب هو أن العدد الأكبر يعطي مقدرة أفضل على استيعاب خسائر أكبر ومواصلة القتال.

وينقل المركز عن إحدى الدراسات أنه في واحدة من مجموعات المناورات الحربية التدريبية الحديثة، خسرت الصين 52 سفينة حربية سطحية رئيسية مقارنةً بما بين 7-20 سفينة أميركية مُكافئة، وحتى بعد هذه الخسائر الكارثية، ظلت الصين تمتلك سفنا حربية سطحية أكثر من الولايات المتحدة، وتمكَّنت من مواصلة المعركة البحرية.

بالطبع لا يعني ذلك أن الصين الآن هي القوة البحرية الأشرس في العالم، حيث إن القوة العسكرية لا تُحسب فقط بعدد القطع القتالية، وإنما بالقدرات النوعية للسفن، وبصورة أهم يرتبط بنطاق توزيعها وسيطرتها، وهذا ما تتفوق فيه الولايات المتحدة بلا منازع، فهي تمتلك مجموعة من أكبر وأقوى السفن في العالم.

ولو قررنا جمع قدر الماء الذي تزيحه مجمل السفن الصينية (وزن السفن في أدبيات القياسات البحرية)، الأمر الذي يُعَدُّ معيارا أساسيا للقوة، فسنجد أنه يبلغ في المجمل مليونَيْ طن بحلول عام 2022، بينما يصل الرقم نفسه إلى 4.5 ملايين طن في حالة الولايات المتحدة الأميركية!

إعلان

هذا فضلا عن الانتشار الواسع للأساطيل البحرية الأميركية ونقاط القيادة والتحكم والإمداد على امتداد خريطة بحار العالم طولا وعرضا.

رغم ذلك، فإن البحرية الأميركية لا شك ليست مطمئنة لمجرد هذا الفارق النوعي لصالحها، ليس فقط لأنه يتقلص يوما بعد يوم، بل لأنه يتقلص بسرعة.

لقد بدأت خطة الصين الطموحة لتطوير قوتها البحرية منذ ربع قرن فقط، تصاعد خلالها عدد القطع الصينية باطراد، في عام 2005 كان الفارق لصالح الولايات المتحدة الأميركية بنحو 75 قطعة، تقلَّص هذا الفارق حتى تقاربت أعداد القطع البحرية الصينية مع الأميركية في 2014، ثم انطلقت الصين للأعلى.

وبالسرعة نفسها من المتوقع أن تنمو القوة القتالية الإجمالية للبحرية الصينية إلى 460 قطعة بحلول عام 2030. وبحلول التاريخ نفسه، من المتوقع أن تمتلك البحرية الأميركية نحو 345 قطعة بحرية فقط بحسب التوقعات المتفائلة.

هذا التسارع الكمي مع التطور التقني الصيني في مجالات أخرى يفتح الباب لتسارع مماثل في تطوير أحجام وقدرات القطع البحرية الصينية مستقبلا.

في أحد بياناتها تؤكد وزارة الدفاع الأميركية أنه "اعتبارا من عام 2020، تتكون القوات البحرية الصينية إلى حدٍّ كبير من منصات حديثة متعددة الأدوار تتميز بأسلحة وأجهزة استشعار متقدمة مضادة للسفن، ومضادة للطائرات، ومضادة للغواصات".

ويضيف تقرير للكونغرس الأميركي في السياق نفسه أنه "في كثير من الحالات يمكن مقارنة هذه القطع بتلك الخاصة بالبحرية الأميركية"، ليُضيف بعد قليل قائلا: "الصين تسد الفجوة بسرعة في أي مجالات للنقص بينها وبين الولايات المتحدة".

ظهر ذلك في التطور السريع لحاملات الطائرات الصينية، منذ سبعينيات القرن الماضي، كان لدى البحرية الصينية طموحات لتطوير وتشغيل حاملات الطائرات، لكن خططها الفعلية بدأت عام 1985 حينما استحوذت على أربع حاملات طائرات متقاعدة للدراسة، إحداها بالفعل تحولت إلى النوع "001"، وخلال عشر سنوات فقط من إطلاقها (في 2012) وصلنا إلى حاملة طائرات أكثر تقدما تحاول الاقتراب من القدرات الأميركية.

إعلان

في السياق ذاته، أفادت مؤسسة "راند" أنه بناء على المعايير المعاصرة لإنتاج السفن، فإن أكثر من 70% من أسطول البحرية الصينية في عام 2017 يُعَدُّ محدثا مقارنة بـ50% في 2010، أضف إلى ذلك أن الصين تنتج سفنا أكبر قادرة على استيعاب أسلحة أكثر تطورا.

على سبيل المثال، دخلت أول طرّادات (سفن مدمرة كبيرة) البحرية الصينية من النوع "055" (التي تسمى أيضا الفئة رينهاي) الخدمة في عام 2019، وزادت قدرات السفن القتالية من هذا النوع بمقدار 4000 إلى 5000 طن دفعة واحدة، إذا ما قورنت بالمدمرة من النوع "052D"، التي دخلت الخدمة في البحرية الصينية عام 2014.

في الولايات المتحدة.. تحديات تتعاظم

على الجانب الآخر، ثمة تحديات عديدة تواجه صناعة بناء السفن البحرية الأميركية، تشمل هذه التحديات بطء تطبيق التعديلات اللازمة على السفن، ونقص العمالة الماهرة، وتقادم البنية التحتية الصناعية، وارتفاع تكاليف المواد.

على سبيل المثال، واجه بناء سفينة "يو إس إس كونستليشن" الأميركية تأخيرات كبيرة وتجاوزات في الميزانية. كانت "يو إس إس كونستليشن" أول سفينة في فئة جديدة من الفرقاطات المتطورة (Frigate Class) تُبنى للبحرية الأميركية، وكان من المفترض أن تكون نموذجا للسرعة والكفاءة، حيث هدفت السفينة إلى حماية السفن الأكبر (مثل حاملات الطائرات)، ومكافحة الغواصات، والتصدي للهجمات الجوية أو الصاروخية، ومرافقة القوافل في البحار الخطرة.

تبدأ قصة السفينة المتعثرة عام 2020، حيث فاز حوض بناء السفن الأميركي التابع لشركة "فينكانتيري" بعقدٍ لبنائها، كان التصميم الأساسي مأخوذا من فرقاطة إيطالية ناجحة هي الفئة "فريم"، وكان الهدف من تدشينها تقليل الوقت والتكلفة باستخدام تصميم جاهز ومجرّب.

ما حدث بعد ذلك كان يشبه الكارثة، حيث خضعت السفينة إلى تعديلات مفرطة من البحرية الأميركية، وجرت إطالة الهيكل بمسافة 24 قدما، ثم جرى تغيير المروحة لتحسين الأداء الصوتي، ثم أُعيد تصميم النظام الكهربائي والتبريد، والنتيجة كانت تغيرا واسعا في التصميم عن التصميم الإيطالي الأصلي بنسبة 85%، أدى إلى إطالة زمن التعديلات مع ازدياد التكلفة.

إعلان

حاليا، وبعد مرور عامين ونصف على البداية الفعلية لبناء السفينة، لم يُنجَز إلا 10% منها، مع توقع أن ينتهي بناؤها بعد 9-10 سنوات من لحظة بداية البناء، وهي ضِعْف المدة التي تَطلَّبها بناء السفينة الإيطالية، مع تكلفة تصل إلى مليارَيْ دولار.

ويشير تقرير تحليلي لـ"وول ستريت جورنال" إلى أن الأمور باتت أعقد من ذلك، حيث تواجه صناعة بناء السفن الأميركية نقصا كبيرا في العمالة الماهرة.

على سبيل المثال، شهدت شركة "نيوبورت نيوز" لبناء السفن معدل استنزاف سنوي بنسبة 20% بين عمالها العاملين بالساعة، وهو ضِعْف معدل ما قبل الجائحة. يعوق هذا النقص إنجاز مشاريع مثل سفينة "يو إس إس كونستليشن" في الوقت المحدد، ويُسهم في تجاوز الميزانية.

إلى جانب ذلك، تعمل العديد من أحواض بناء السفن الأميركية بمعدات قديمة، مما يعوق كفاءة الإنتاج. إضافةً إلى ذلك، أدّى ارتفاع تكاليف الصلب إلى زيادة الضغط على الميزانيات، مما يُصعّب ضبط النفقات في مشروعات بناء السفن.

حاملات الطائرات.. المجال الرئيسي للتفوق الأميركي

لطالما تَسيَّدت الولايات المتحدة الأميركية محيطات العالم بحاملات الطائرات التابعة لها، ويبدو أن الصين قد وعت هذا الدرس منذ عقود.

ففي السابع عشر من يوليو/تموز 2022، أعلنت القوات البحرية الصينية عن إطلاق ثالث حاملة طائرات من إنتاجها، خلال حفل أُقيم في حوض بناء السفن في شنغهاي العاصمة، كانت حاملة الطائرات تُعرف سابقا باسم "النوع 003″، ولكنها باتت تُسمى رسميا "فوجيان"، على اسم إحدى مقاطعات الصين الساحلية.

جنود صينيون يقفون على سطح سفينتهم الحربية في تدريب عسكري قبالة الساحل الصيني مقابل جزر ماتسو التي تسيطر عليها تايوان في أبريل/نيسان من عام 2023 (رويترز)

تُعَدُّ "فوجيان" أقوى حاملة طائرات في العالم بعد حاملات الطائرات الأميركية. كانت أول حاملتَيْ طائرات في الصين (النوع "001" والنوع "002") تعديلا تحديثيا لنموذج سوفيتي قديم، لكن النوع "003" يختلف تماما عنهما، مع تحديثات واسعة تتضمن بنية سطحية أكثر إحكاما وإتقانا، مع تبديل في طريقة إقلاع الطائرات، من "التزحلق والقفز" (Ski-jump) إلى طريقة "المنجنيق" (Aircraft catapult)، حيث يُستخدم منجنيق مطور للسماح للطائرات بالإقلاع من مساحات محدودة للغاية، مثل سطح سفينة.

إعلان

لكن ثمة ملاحظة مهمة في هذا السياق، وهي أن البحرية الصينية لا تلجأ إلى طريقة المنجنيق التقليدية التي تعمل بالبخار، وتستخدم بدلا من ذلك نظام إطلاق الطائرات الكهرومغناطيسي سالف الذكر، الذي يرفع من معدلات الطلعات الجوية، ويشغل حيزا أصغر من حاملة الطائرات، يضعها ذلك في مقارنة مباشرة مع حاملات الطائرات الأميركية الكبرى، خاصة أنها بالفعل تُقارَن في الحجم مع فئتَيْ "نيميتز" (Nimitz) و"فورد" (Ford) التابعتين للبحرية الأميركية.

حظر الوصول

رغم كل هذه القدرات المتنوعة للبحرية الصينية، لا شيء آخر يمكن أن يُظهر وتيرة التطور البحري الصيني المتسارعة مثل الصواريخ المضادة للسفن.

حيث نشرت بكين نوعين من الصواريخ الباليستية الأرضية ذات القدرة على ضرب السفن في البحر، الأول هو "دي إف 21 دي" (DF-21D) بمدى يزيد على 1500 كيلومتر، والثاني هو "دي إف 26" (DF-26) بمدى أقصى يبلغ نحو 4000 كيلومتر، وتقول وزارة الدفاع الأميركية إنه "قادر على تنفيذ ضربات دقيقة، تقليدية ونووية، ضد أهداف أرضية وبحرية".

الصاروخ الصيني الباليستي "دونغ فينغ -26" (أسوشيتد برس)

تسببت الصواريخ البالستية الصينية المضادة للسفن في حالة قلق واسعة لدى الخبراء والمراقبين الأميركيين، لأنها ببساطة يمكن أن تغير قواعد اللعبة تماما، فهذه الصواريخ، إلى جانب أنظمة المراقبة والاستهداف المحدثة، ستسمح للصين بمهاجمة حاملات الطائرات الأميركية أو سفن حلفائها الضخمة في غرب المحيط الهادي.

وفي هذا المجال تحديدا، تُطوِّر الصين منظومة كاملة إلى جانب الصواريخ الباليستية تتيح لها تطبيق سياسة حظر الوصول، التي تعني أن أفضل طريقة للسيطرة على خصم بعيد، خاصة إذا كان متفوقا في القوة العسكرية الشاملة، هو تعطيل قواته عن العمل ومنعها من الانتشار في مسرح الصراع في المقام الأول.

تركز الصين حاليا على استخدام صواريخها الباليستية المضادة للسفن، وغيرها مثل صواريخ كروز للدفاع الجوي، وسفنها المتنوعة خاصة النماذج المحدثة جدا من المقاتلات السطحية والسفن البرمائية وأنظمة المراقبة البحرية الخاصة بها، في بناء منطقة حظر وصول صارمة تتكون من ثلاثة خطوط، وتصل حدودها إلى ما يسمى "سلسلة الجزر الأولى" (first island chain)، وهي أول مجموعة من الأرخبيلات في المحيط الهادي التي تقابل شرقي آسيا، وتبدأ من شمالي إندونيسيا لتمر بالفلبين ووصولا إلى اليابان.

إعلان

بهذه الوتيرة، قد تتمكن الصين بحلول عام 2030 من إحكام السيطرة على هذه المنطقة، وحينها ستتحرك سفن البحرية الصينية فيها بحرية تامة، وستُمنع القوات الأجنبية أيًّا كانت من التصرف بحرية.

أما على المدى الأبعد نسبيا، وبحلول عام 2050، فيُعتقد أن البحرية الصينية ستصبح ندًّا حقيقيا للبحرية الأميركية، وبالتالي ستمد ذراعيها لما بعد سلسلة الجزر الأولى إلى المحيطين الهادي والهندي.

خريطة الصين (الجزيرة) رهان الغرب

إلى الآن، تراهن بعض الآراء في واشنطن على أن البحرية الصينية رغم أنها أصبحت الأكبر في العالم من حيث عدد السفن، فإن هذه القوة العددية لا تعني بالضرورة التفوق أو القدرة الفعلية على إسقاط القوة.

تبني هذه الآراء وجهة نظرها على عدة نقاط، منها أن الصين لم تخض أي معركة بحرية حقيقية منذ الحرب مع فيتنام عام 1979، وعلى عكس ذلك، فإن البحرية الأميركية شاركت في حروب وتدريبات معقدة، ومن ثم فإن هناك افتراضا بأن الصينيين يُجيدون الاستعراضات العسكرية، لكنهم لا يملكون خبرة عملية في التنسيق المعقّد في ميدان معارك حقيقية، مثل الإبرار البحري والهجمات الجوية وتنظيم مجموعات السفن الحربية.

إلى جانب ذلك، يرى هؤلاء أن السفن الصينية مزودة بأنظمة حديثة، لكنها تتعطل كثيرا، ويستشهدون بأن مدمرات الفئة "055" على سبيل المثال تُعد فخمة نظريا، لكن تعطلت أثناء التجارب بسبب مشكلات في الدفع، والصواريخ الصينية التي سُميت "قاتلات حاملات الطائرات" لم تُختبر فعليا حتى الآن، وكل قدراتها لا تزال نظرية.

من جانب آخر، يرى هؤلاء أن الصين تحاول كسب نفوذ في المحيط الهندي عبر بيع معدات بحرية للدول الصغيرة (مثل تايلاند، وسريلانكا، وبنغلاديش)، لكن المشكلة أن هذه المعدات غالبا ما تكون ذات جودة منخفضة، وتتعطل كثيرا وتتطلب صيانة متكررة ومكلفة.

لكن هل يُعد ذلك رهانا ناجحا؟ تنخفض وتيرة هذا الرأي حاليا مع كل منظومة عسكرية جديدة تطورها الصين وتعلن عنها أو تتسرب أخبارها دون إعلان رسمي، وربما ينتظر بعض جنرالات الحرب الغربيين أن تبدأ الصين معركتها في السيطرة على تايوان لاختبار مدى قدراتها فعليا، لكنه رهان خطير جدا أيضا، إذ لا يمكن الثقة في تقدير جاهزية الجيوش ومعدلات تطويرها بناء على احتمالات غير مؤكدة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • تفاصيل أزمة توقيعات الـ1000 طيار إسرائيلي على رفض الحرب
  • السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تخلف البحرية الأميركية
  • الحوثيون يزعمون ضرب “تل أبيب” واستهداف قطع حربية أمريكية في البحر الأحمر
  • الذهب الملاذ الآمن في 2025 وسط تصاعد أزمة الرسوم الجمركية الأمريكية.. تحليل
  • كاتب أميركي: هكذا تفوق الحوثيون على واشنطن
  • السيسي: مصر خسرت 7 مليارات دولار خلال عام 2024 نتيجة أزمة البحر الأحمر
  • متحدث الصحة: 578 مليون دولار تكلفة الخدمات الطبية المقدمة لمصابي غزة
  • تحليل أمريكي: ما أبرز التحديات التي ستواجه ترامب بشأن القضاء على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • تعرف على تكلفة تصنيع آيفون 16 برو.. وكيف ستؤثر تعريفات ترامب الجمركية على السعر؟
  • “ترومان” تواصل فرارها إلى أعالي البحر الأحمر