شكل الهجوم الصاروخي الذي تعرّضت له قرية "مجدل شمس" في منطقة الجولان المحتلة والذي راح ضحيته 12 شخصًا وإصابة 30  آخرين بجروح، امتدادًا للتداعيات الأمنية التي ظلت تشهدها المنطقة منذ بدء أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد أثار الهجوم مخاوف إقليمية ودولية من توسعة نطاق المواجهة بين إسرائيل، وحزب الله لتشمل تداعياتها المنطقة بأسرها، على الرغم من المساعي التي قام بها عدد من الوسطاء لمنع اتساع نطاق الحرب.

وما بين الفعل ورد الفعل المتوقع من الجانبين: الإسرائيلي، وحزب الله وعلى خلفية الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت أمس الثلاثاء، والذي راح ضحيته 3 أشخاص و25 جريحًا، وفي سياق تصريحات وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الداعمة لإسرائيل من العاصمة الفلبينية مانيلا، واغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في طهران اليوم، نحاول من خلال هذه المساحة تقديم بعض الإضاءات حول قابلية أن تتحول هذه الحادثة إلى مواجهة شاملة أطرافها إيران وحزب الله من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى وذلك بالتركيز على تناول خيارات واشنطن لمواجهة أي تصعيد محتمل في المنطقة وذلك من منطلق التزامها بأمن إسرائيل.

الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هل تمتلك واشنطن خيارات تُمكنها من الدفاع عن إسرائيل بشكل مباشر حال حدوث مواجهة شاملة دون أن تغير من أولوياتها الخارجية على المستوى الإستراتيجي، والمتمثلة في محاصرة واحتواء الصين كمنافس حقيقي لنفوذها العالمي من جهة، فضلًا عن خوضها حربًا غير مباشرة مع روسيا- الحرب الأوكرانية – الحالمة باستعادة مجدها الإمبراطوري المندثر من جهة أخرى؟

هل سيمثل توسيع نطاق الحرب القشة التي ستقصم ظهر بعير التطبيع كهدف إستراتيجي لواشنطن وتل أبيب إن لم تكن قصمته بالفعل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول؟ وما قدرة الولايات المتحدة الأميركية على التحرك في هذا الظرف الدقيق وهي مشغولة حتى أخمص قدميها بسباق انتخابي سيحدد ما إذا كانت ستبقى دولة موحدة تستطيع أن تمارس دورها كقوى عظمى، أم ستنزلق في أتون حرب أهلية بفعل الانقسام المجتمعي؟

مناورة انتخابية

التوقيت الذي تمّ فيه توجيه الصواريخ للجولان السورية المحتلة يجب أن ينال حيزًا مقدرًا من أي مقاربة مهتمة بمعرفة الدواعي الحقيقية للتصعيد، والذي ربما قاد المنطقة بأسرها لمواجهة لا تحمد عقباها. أتت هذه الضربة بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لأميركا، وهي زيارة مُثقلة بالهواجس الشخصية والعزلة التي يعيشها داخل المجتمع الإسرائيلي؛ بسبب تداعيات حرب غزة، فحماس لم يتم تدميرها كهدف موضوع لهذه الحرب، والأسرى لم يتم تحريرهم.

فرحلته لواشنطن من المنظور السياسي، جاءت في وقت هبطت فيه شعبيته بصورة كبيرة، لذلك كانت الزيارة بمثابة فرصة لإظهار نفسه كرجل دولة عالمي، يحظى باحترام أعلى هيئة تشريعية للدولة العظمى في العالم، مقرونة بخيبة أمل سياسية كبرى؛ ناتجة عن إعلان المحكمة الجنائية الدولية سعيها إلى اعتقاله على خلفية جرائم حرب محتملة في غزة.

الأمر المهم في هذا السياق، هو أن بنيامين نتنياهو قبل مغادرته لتل أبيب متوجهًا لواشنطن تعمد إحراج وضغط الرئيس بايدن ومن خلفه أصوات الكثير من الديمقراطيين المنادين بوقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية حينما قال:" أنا أريد التحدث مع بايدن بشأن مواصلة الحرب ضد حماس، ومواجهة الجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من إيران في المنطقة، فضلًا عن تحرير المحتجزين".

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ نتنياهو وبايدن تجمعهما علاقة متوترة على الرغم من الدعم العسكري والدبلوماسي الذي قدمه الأخير لإسرائيل. وكما هو معلوم أنّ الدعوة لنتنياهو قدمت بشكل رسمي من قبل الكتلة الجمهورية التي تسيطر على مجلس النواب، فالدعوة أتته من مايك جونسون رئيس مجلس النواب.

نخلص من كل ما ذكر أنّ خيار نتنياهو المفضل في موسم أميركا الانتخابي هو الحزب الجمهوري، ومرشحه للرئاسة دونالد ترامب وليس الحزب الديمقراطي الذي ستقوده كامالا هاريس كمرشحة محتملة للحزب في السباق الرئاسي الحالي، والناظر لتصريحات المرشحة الديمقراطية عقب لقائها نتنياهو يلمس هذه الفجوة بينه وبين الحزب الديمقراطي في نسخته الجديدة، وقد صرحت كامالا عقب اللقاء بالقول: "لا يمكننا أن نتجاهل هذه المآسي، ولا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نصبح غير مبالين بالمعاناة، ولن ألتزم الصمت ". فحرب غزة والموقف منها كانا من الأسباب التي أسهمت في إضعاف شعبية الرئيس بايدن وخروجه من السباق الرئاسي.

بناء على ما تمّت الإشارة إليه في هذه النقطة أرى -كما يرى البعض- أن صاحب المصلحة من إطلاق الصواريخ على الجولان المحتلة هو نتنياهو، وليس حزب الله. أمر آخر لدعم هذه الفرضية هو ما ذكره آموس هاريل في مقاله الموسوم بـ "الضغوط المتزايدة لمحاربة حزب الله في لبنان – ولماذا يشكل ذلك خطورة بالغة؟"  The Mounting Pressure to Fight Hezbollah in Lebanon-and Why  That Is So Dangerous والذي نشره بمجلة السياسة الخارجية الأميركية بتاريخ 23 يوليو/تموز 2024، وقد أشار فيه إلى أنّ قوات الدفاع الإسرائيلية أعلنت في يونيو/حزيران المنصرم الموافقة على خطط لشن هجوم واسع النطاق في جنوب لبنان.

سيناريوهات

وَفقًا للمعطيات والمعلومات المتوفرة يمكن الإشارة إلى ثلاثة سيناريوهات كخيارات لأميركا في التعامل مع هذا الحدث:

أولاً: سيناريو التهدئة

وذلك بدعوة طرفي الصراع لضبط النفس تفاديًا لأي تصعيد قد يفضي لحرب إقليمية واسعة النطاق تتجاوز آثارها إسرائيل وحزب الله، مع الاحتفاظ بحق الطرفين في الرد المنضبط القائم على التنسيق المسبق، والتجارب التاريخية تؤكد قابلية الأخذ به، ولعل التنسيق الأخير بين إيران والولايات المتحدة عقب ضرب إسرائيل لمبنى القنصلية الإيرانية في سوريا يُعضد ذلك.

ثانياً: سيناريو استمرار الدعم لإسرائيل

وهذا السيناريو يعتمد على استمرار تدفق الدعم العسكري لإسرائيل لمساعدتها على مواجهة أية تداعيات عسكرية وأمنية ناتجة عن التصعيد المحتمل من قبل حزب الله وشركائه في المنطقة، ولعل هذا السيناريو يُعد الأقرب بتأثير العامل الانتخابي في الولايات المتحدة الأميركية، فزيارة نتنياهو بدعوة من الأغلبية الجمهورية ومقابلته لترامب كانت مناورة سياسية للضغط على الديمقراطيين والرئيس بايدن لتسهيل إرسال مزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ دعم اللوبي الصهيوني لأي مرشح في الانتخابات الأميركية بمختلف مستوياتها يُعد من الأمور الحاسمة، وبالتالي فإنّ زيارة نتنياهو تدخل في دائرة الابتزاز السياسي للحصول على أكبر قدر من المساعدات، والتي من المتوقع أن تزيد بشكل كبير للغاية قبل نهاية فترة الرئيس بايدن.

ويُمكن قراءة تصريحات وزير الدفاع الأميركي التي أشرنا إليها في مقدمة هذا المقال والتي تعهد فيها بالدفاع عن إسرائيل حال تصاعد الأوضاع على الأرض، في إطار دعم واشنطن والتزامها المعروف بأمن إسرائيل، ولكن لا يعني بأية حال الانخراط في الحرب بشكل مباشر، ويجب أن ينظر للضربة الإسرائيلية التي تمت بالأمس كامتداد وانعكاس للصراع السياسي بين الحزبين: الجمهوري والديمقراطي في سياق التنافس الانتخابي الذي تشهده أميركا.

ثالثاً: سيناريو الدخول بشكل مباشر في أي حرب قادمة

هذا السيناريو يقوم على مبدأ أنّ الولايات المتحدة ستتدخل عسكريًا وبشكل مباشر للدفاع عن إسرائيل كما حدث في إطار تجربة الصراع العربي الإسرائيلي عام 1967، وفي عام 1973. هذا السيناريو مستبعد وإن كان هناك التزام أميركي بدعم أمن إسرائيل، وذلك بسبب ما يمكن تسميته بخيارات واشنطن الإستراتيجية والتي يأتي على رأسها إستراتيجية التحول نحو شرق آسيا بداعي احتواء الصين. وقد بدأ الاهتمام بهذا التوجه منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما الذي وضع إستراتيجية التحول نحو شرق آسيا (2009-2017).

إستراتيجية التحول نحو شرق آسيا

​وتمثل إستراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما لشرق آسيا (2009-2017)، والتي تمثل شكلًا من أشكال التحول الجذري في السياسة الخارجية الأميركية، وذلك بتحويل التركيز من المجال الشرق أوسطي والأوروبي إلى منطقة شرق آسيا.

وقد سعت الولايات المتحدة من خلال ذلك التحول إلى بناء علاقات مع دول شرق آسيا وجنوب شرق آسيا، خاصة تلك البلدان المحيطة بالصين لمواجهة صعودها كقوى عظمى. فجرى العمل على تعزيز التحالفات الأمنية ذات الطابع الثنائي وتشكيل وجود عسكري واسع النطاق، وتم لاحقًا استبدال مفهوم "التحول إلى آسيا" أو "آسيا والمحيط الهادئ" بـ "إستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ".

وهذه الإستراتيجية التي أرسى دعائمها أوباما لم تتغير إلى الآن، رغم تغير الإدارات الأميركية من واقع أنّ جوهر تلك الإستراتيجية هو ضرورة التركيز على الصين ومحاصرتها.

لذلك ليس لواشنطن خيار الانخراط في أي حرب شاملة تصنعها إسرائيل أو يصنعها أي طرف إقليمي، رغم التزامها بأمن إسرائيل بشكل مطلق، فتركيز الولايات المتحدة على المدى القصير والطويل سيكون موجهًا نحو قارة آسيا بشكل إجمالي ونحو الصين بشكل خاص، ولن تسمح واشنطن لبكين بأن تحول بحر الصين الجنوبي لبحيرة صينية تتحكم فيها كيفما أرادت وإن تطلب الأمر حربًا ومواجهة عسكرية مع الصين لمنع ذلك من الحدوث، خاصة أن السيطرة على تلك المنطقة هي التي ستحدد من يقود العالم في القرن الحالي.

وبالتالي مهما كان حجم التصعيد فلن تنخرط واشنطن في حرب واسعة في منطقة الشرق الأوسط دفاعًا عن إسرائيل على حساب مستقبلها الجيوسياسي العالمي، وإن قدر لهكذا حرب أن تندلع، ففي تقديري أن واشنطن ستكون مستعدة للسفر إلى طهران والجلوس مع المرشد الأعلى إن تطلب الأمر. أمر آخر يصب في ذات الإطار، هو أنّ إيران لديها تأثير ملحوظ في العراق وسوريا ولبنان، فما الذي يجبرها على الدخول في حرب لتفقد هذا التأثير الذي تنامى بفعل السياسة الأميركية التي أدارت ظهرها للشرق الأوسط .

الخلاصة

فيما يتعلق بخيارات واشنطن تجاه تداعيات هذا الحدث هي أنّها لن تخوض حربًا من أجل إسرائيل هذه المرة؛ بسبب أنها ليست صاحبة مصلحة وكذا الحال لإيران، وبالتالي يمكن أن تتصاعد الحرب بأي شكل دون أن يكون طرفاها أميركا وإيران.

وهناك عامل آخر يمنع تحول هذا التصعيد لمواجهة شاملة، هو وعي الإسرائيليين بأنّ حزب الله نجح في تطوير قدراته بشكل كبير مقارنة بما كان عليه في العام 2006، وبحسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإنّ مخزون حزب الله من الأسلحة أكبر من مخزون حماس بأكثر من سبعة أضعاف، فإلى جانب مئات الطائرات الهجومية بدون طيار، يتضمن هذا المخزون نحو 130 ألفًا إلى150  ألف صاروخ وقذيفة، بما في ذلك مئات الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تصل إلى أهداف في عمق تل أبيب .

 

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة هذا السیناریو الرئیس بایدن عن إسرائیل بشکل مباشر من إسرائیل وحزب الله شرق آسیا حزب الله من جهة

إقرأ أيضاً:

وزير الإعلام​ : نحن في معركة إعلامية لمواجهة أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا

يمانيون../
عُقدت بصنعاء اليوم ندوة علمية بعنوان “الاستراتيجية الإعلامية للرسول الأعظم”، نظمتها مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1446هـ.

وفي افتتاح الندوة تحدث وزير الإعلام هاشم شرف الدين عن الاستراتيجية الإعلامية للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، باعتبار ذلك من صميم عملنا الإعلامي الذي لابد له من أسوة والرسول عليه الصلاة والسلام هو القدوة والأسوة للجميع.

وقال “لابد لنا كإعلاميين أن نلتقط توجيهات الله تعالى لرسوله الكريم واستلهام ما يفيدنا في عملنا وتخصصنا الإعلامي، خاصة ما يتعلق بالجهاد في سبيل الله الذي يتعدد ويتنوع، ومنه الجهاد الإعلامي في مواجهة حملات الدعاية السلبية والإعلام المعادي والحرب الناعمة”.

وأضاف “نحن في إطار معركة الجهاد الإعلامي لمواجهة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا بصورة مباشرة، ونحتاج للرسول عليه الصلاة والسلام كقدوة في عملنا لنلتقط المحددات والتوجيهات والسلوكيات التي يمكن أن نعكسها في أعمالنا، ونستفيد منها في واقعنا الإعلامي”.

وأوضح الوزير شرف الدين، أن الرسول الكريم كان مؤمناً برسالته، ولابد للإعلامي أنة يكون أيضاً مؤمناً برسالته الإعلامية التي من خلالها يستطيع أن يقدّم الكثير ولا ينتظر أجراً ولا تقديراً لأنه ينتصر لقضيته التي يؤمن بها.

وأكد أن الشعب اليمني اليوم ينتصر لفلسطين وقضيته العادلة، إيماناً منه بهذه القضية، ويمضي بكل ثبات في الانتصار لمظلوميته .. مضيفاً “نحن نؤمن برسالتنا الإعلامية النابعة من مصداقيتنا في المظلومية التي تمارس على فلسطين واليمن”.

وقال وزير الإعلام إن الرسول الأكرم، كان يُعرف بالصادق، ما يجب على الإعلامي أن يكون صادقاً في مهمته وعندما يفقد الإعلامي صدقه عند الجمهور، سيفشل ويعزف الجمهور عن متابعته، مؤكداً ضرورة تحري المصداقية فيما يتم تقدّيمه من رسالة إعلامية.

وتابع “رسالتنا في مواجهة العدوان، قامت على المصداقية ولم يستطيع تحالف العدوان والإعلام المعادي أن يسجل علينا أي أكاذيب، وانتصر الشعب اليمني على الإعلام المعادي، ونحن نمضي على ذات النهج ونرسي ذلك في عملنا”.

وشدد الوزير شرف الدين على ضرورة أن يكون الإعلامي فاعلاً في رسالته الإعلامية التي يريد إيصالها إلى المجتمع وتجسيد الأنموذج في السلوك والأخلاق كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لافتاً إلى ضرورة حسن الأخلاق في التعامل مع المرؤوسين وأن تنعكس أخلاق رسول الله العظيم على واقع الإعلام اليمني.

وقال “يجب أن نتخذ من أخلاقيات رسول الله عليه الصلاة والسلام نموذجا وقدوة في التعامل والسلوك، ونجسد مبادئ الرحمة والإحسان بيننا وبين مرؤوسينا، خاصة في ظل الفترة الراهنة التي نحتاج إلى المزيد من الرحمة والتعاطف والإحسان والتعامل بيننا”.

وحيا وزير الإعلام شجاعة الصحفيين والإعلاميين بصورة عامة وصمودهم وثباتهم على مدى الفترة الماضية من العدوان والحصار، مبيناً أن الرسول الكريم كان شجاعاً وقائداً محنكاً وعسكرياً لا يهاب أحد.

وأثنى على تضحيات الزملاء في المؤسسات الإعلامية، والإعلام الخاص، مثمناً جهود الإعلام الحربي ودوره في تقديم الرسالة الإعلامية الهادفة وعكس قيم الشجاعة والثبات التي يتحلى بها أبناء الشعب اليمني.

وحث على الدعوة في العمل الإعلامي بالحكمة والموعظة الحسنة، وعدم التهور أو الرعونة أو التكبر والاستعلاء .. وقال “نحن جئنا من أجل خدمة الناس، ولابد أن يلمس الناس ذلك في خطابنا الإعلامي، من خلال التخاطب بلغة مناسبة، وفهم واختيار نوع الاتصال المناسب لكل مرحلة، والتهيئة للعمل، بما يعطي الرسالة الإعلامية تشويقاً وحماساً من مستقبليها”.

ووجه الوزير شرف الدين، بتكرار مضامين الرسالة الإعلامية، لتكريسها وترسيخها في أذهان ووجدان الجمهور وعدم الاكتفاء بنشر الرسالة فقط .. مضيفاً “نحن نعمل في فراغ والعدو يستغل كل ذلك، ولابد من إيجاد معالجات لها من خلال توزيع الأدوار على المؤسسات الإعلامية لمواجهة التدفق الإعلامي الهائل”.

وذكر أن كسر الحصار الإعلامي لمحطات الفضائيات والإذاعات، يتمثل في إيصال الرسالة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التي تصل بصورة أسرع وتعزز من نشر المادة عبر وسائط ومنصات التواصل مع التركيز على حسن الاختيار في العمل الإعلامي والصحفي.

وعبر وزير الإعلام عن الأمل في اضطلاع الإعلام الوطني الرسمي والخاص بدوره في إنتاج وصناعة محتوى الرسالة الإعلامية الصادقة المناهضة للحرب النفسية التي يشنها الأعداء على الشعب اليمني بتسخير إمكانيات إعلامية ضخمة، نتيجة الموقف المناصر لفلسطين.

ونوه بجهود مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر على تنظيم الندوة، متمنياً أن تستمر مثل هذه الندوات بصورة دورية وتناقش مختلف المواضيع التي تهم الإعلام اليمني وكوادره واستيعاب شعار التغيير والبناء، الذي كان رسول الله عليه الصلاة هو القدوة في التغيير.

وقُدمت في الندوة التي أدارها القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر أحمد راصع، ثلاث أوراق عمل، بحضور رئيسي مجلسي إدارة مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر الأسبقين علي ناجي الرعوي وعبدالله علي صبري، وعدد من رؤساء المؤسسات والقطاعات الإعلامية الوطنية والخاصة.

حيث تناولت ورقة العمل الأولى المقدمة من نائب وزير الإعلام – عميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء الدكتور عمر أحمد البخيتي “الإستراتيجية الإعلامية والاتصالية للرسول الأعظم”.

وأكد الدكتور البخيتي، أن الرسول الكريم، اتبع استراتيجية اتصال إعلامية في إدارته لشؤون المجتمع من خلال إيصال الرسالة للجمهور بالشكل والمضمون ومن أبرز استراتيجيته عليه الصلاة والسلام “التوجيه الروحي والأخلاقي والتعليم والتثقيف ومهارات الاتصال الفعال”.

وتحدث بإسهاب عن عناوين الإستراتيجية التي اتبعها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته المتمثلة في بناء القيم الأخلاقية والروحية في المجتمع كالصدق والأمانة والعدل وتعليم المسلمين مبادئ الدين وتعزيز المعتقدات التي تدعم الحقوق الفردية والجماعية.

وبين نائب وزير الإعلام أن التدرج في الدعوة إلى الله، أسلوب مهم يتبعه الدعاة لضمان فعالية الرسالة، وهو في ذلك اعتمد على مبادئ رئيسية تتمثل في فهم الواقع، والبدء بالأصول والتدرج في المعلومات وتجنب التعقيد والمعاملة بالحسنى والاحترام والتقدير والتعاطف والتسامح والصدق والأمانة والرفق واللين.

وأكد أن تلك المبادئ ضرورية لبناء مجتمع متماسك يسوده التعاون، لافتاً إلى التحالفات التي عقدها صلى الله عليه وآله وسلم مع القبائل مثل صلح الحديبية الذي ساعد في تعزيز موقف المسلمين وفتح مكة، وكذا التحالفات الدفاعية والاقتصادية والسياسية والإدارة الحكيمة.

بدوره تناول رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالوهاب الفقيه، ورقة العمل الثانية بعنوان “المنهج النبوي في التصدي للشائعات وعلاج آثارها”، مستعرضاً مفهوم الشائعات لغة واصطلاحاً وأهدافها على مستوى الفرد والجماعات والدول، وكذا أهدافها الإيجابية والسلبية ووظائفها وأنواعها.

وتطرق الدكتور الفقيه، إلى شروط تناقل الشائعات وأبرز مصادر بثها المتمثلة في الخصوم والأعداء، والطابور الخامس والذات الفردية والجماعية، وكذا أساليب مواجهة الشائعات.

وعرّج على منهج النبوة في التصدي للشائعات من خلال نظم الشعر وتأليف القصائد وأسلوب المناداة وسط الناس، وإلقاء الخطب وبعث المراسلات، مشيراً إلى مصادر الإشاعة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذي يُعد المجتمع مصدرها الأساسي.

وخلص رئيس قسم والإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام، إلى أن الشائعات ظاهرة إنسانية عرفتها المجتمعات المسلمة والكافرة على السواء، وخطورتها على الفرد والمجتمع يعود أساساً إلى سرعة انتشارها والزيادة في مضمونها.

وأكد أن الشائعات في المجتمع تنشط ويزداد مفعولها أكثر في زمن الحروب والأزمات، شأنها في ذلك شأن البراكين في زمن العواصف والتقلبات الجوية، مبيناً أن المنهج النبوي متفرد في معالجتها لظاهرة الشائعات بمحاربة العوامل المسببة لها من الحث على التمسك بالتعاليم الدينية والتوجيهات الربانية “الصبر والحكمة، والثقة والمشورة” وغيرها.

من جهته ركز مدير عام الأخبار بصحيفة الثورة حمدي دوبلة في ورقة العمل الثالثة على استراتيجية الإعلام النبوي وواقع الإعلام العربي والإسلامي، مستعرضاً الحرب الإعلامية الأولى ضد الإسلام واعتماد كفار قريش على الإعلام والدعاية ونشر الشائعات لمواجهة الدعوة الإسلامية منذ وقت مبكر من بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وأكد أن النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام اعتمد في استراتيجية الإعلام النبوي، على طبيعة الحرب الإعلامية لتلك المرحلة التي لم يكن يمتلك من القنوات والوسائل من شعراء وخطباء وغير ذلك من الأدوات المتداولة واكتفى بالتحرك الشخصي في إطار الإمكانيات المتاحة، وحقق انتصاراً عظيماً على كفار قريش.

وأفاد دوبلة بأن إستراتيجية الإعلام النبوي في مواجهة الحرب الإعلامية لكفار قريش كانت فعالة وناجعة بالرغم من فوارق الإمكانيات، سيما في الأيام الأولى من الدعوة الإسلامية .. لافتاً إلى ما يواجهه محور المقاومة من تضليل إعلامي من قبل قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.

وخلص مدير عام الأخبار بصحيفة الثورة إلى أن نتيجة الحروب الإعلامية التي يشنها الأعداء على الإسلام والمسلمين بسلاح الكذب والتزييف والتضليل، الفشل والخسران وانتصار الحق وأهله، ما يتطلب من اليمنيين اليوم ووسائل الإعلام الوطنية التحلي بالوعي والبصيرة والتمسك بالحق المبين الذي جاء به القرآن الكريم وهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

أثريت الندوة بمداخلات من قبل نخبة من الصحفيين والإعلاميين، الذين أكدوا على أهمية الندوة وموضوعها الذي تناول “الإستراتيجية الإعلامية للرسول الأعظم”، ودور المؤسسات الإعلامية ومنتسبيها في تبني الإستراتيجية وإخراجها للنور ومواكبة التطورات التكنولوجية والتقنية، واللحاق بركب العالم المتقدم بالاستفادة من الإمكانيات المتاحة.

مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام​ : نحن في معركة إعلامية لمواجهة أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا
  • أستاذ دراسات إسرائيلية: يوجد اتجاه في إسرائيل إلى مزيد من التصعيد.. لهذا السبب
  • ‏نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني: رد ⁧إيران⁩ على اغتيال هنية سيكون في التوقيت المناسب
  • مدير الاستخبارات البريطانية: أشك أن إيران ستحاول الانتقام لاغتيال إسماعيل هنية
  • بريطانيا تتوقع انتقاماً إيرانياً لاغتيال هنية
  • رئيس المخابرات البريطانية: إيران لا تزال تعتزم الثأر لمقتل هنية
  • رئيس المخابرات البريطانية: إيران تعتزم الثأر لمقتل إسماعيل هنية
  • قرار أخير من الجنائية الدولية بحق الشهيد إسماعيل هنية
  • الجنائية الدولية تسقط قضية ضد إسماعيل هنية بعد اغتياله في طهران
  • واشنطن تحذر إسرائيل من إقالة غالانت