مقتل هنية.. التداعيات على مسار الحرب والتفاوض بين إسرائيل وحماس
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
أعلنت حركة حماس مقتل رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، بالعاصمة الإيرانية، طهران، في عملية نسبتها إلى إسرائيل. ويأتي هذا الحدث المفاجئ، وسط استمرار الحرب في غزة منذ السابع من أكتوبر، فاتحا الباب أمام تساؤلات عدة بشأن مستقبل المفاوضات ومسار الصراع، خاصة وأن هنية كان طرفا رئيسيا في محادثات وقف إطلاق النار.
والأربعاء، أعلنت حركة حماس، مقتل رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية مع أحد حراسه الشخصيين بعد استهدافه بـ"قذيفة أطلقت من الجو"، حيث كان يقيم في مقر خاص لقدامى المحاربين في طهران.
واتهمت حماس إسرائيل بالضلوع وراء ذلك، بينما التزمت السلطات الإسرائيلية رسميا "الصمت"، ولم تعلق على مقتل هنية، وقال الجيش الإسرائيلي إنه يجري تقييما للوضع ولم يصدر أي توجيهات أمنية جديدة للمدنيين.
وأوعز مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، للوزراء بعدم التطرق إلى عملية اغتيال هنية.
لكن المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتِيرن، يرى أن "إسرائيل اغتالت هنية"، واصفا ذلك بـ"ضربة إسرائيلية قوية لحماس في قلب إيران التي تدعم الحركة".
ولا يمكن لحماس "الرد" على مقتل هنية وليس بيدها "أي شيء"، بعد "الضربة المعنوية القوية التي جاءت على أرض الدولة التي تدعم الحركة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي، إيدي كوهين، أن لـ"مقتل هنية تأثير إيجابي بالمنظور البعيد"، رغم وجود بعض "التأثيرات السلبية الحالية".
ومن التأثيرات الإيجابية "انفضاح قدرات إيران الحقيقية، بعدما تمت (العملية) في عقر دارهم" وفي الوقت نفسه فإن "حماس تفككت وانتهت في قطاع غزة"، حسبما يضيف كوهين.
أما المحلل السياسي الفلسطيني ورئيس المجلس الأوروبي للعلاقات والاستشارات الدولية ومقره باريس، عادل الغول، فيصف مقتل هنية بـ"المفاجئ والصاعق".
ومقتل هنية بقلب طهران في هذا التوقيت "غير متوقع، وضربة قوية لحماس، ورسالة للحكومة الإيرانية مفادها أن (جميع قيادات إيران وحلفائها مستهدفين) خارج البلاد وداخلها".
والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرات حربية تابعة له "قضت" على القائد العسكري في حزب الله، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
ومن جانبه، يشير المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، إلى أن إسرائيل قامت خلال 24 ساعة بـ"عمليات اغتيال نوعية" في لبنان وقلب طهران.
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يؤكد الرقب أن إسرائيل استهدفت بشكل مباشر "عاصمتين لمحور المقاومة"، في إشارة لبيروت وطهران.
ولدى نتانياهو "كل الثقة" أنه لن يكون هناك "رد فعل كبير" من قبل إيران أو حزب الله على "اغتيال شكر ومن بعده هنية"، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
ما التأثير على "حرب غزة والمفاوضات"؟يحرك حركة حماس "كيانان"، وهما مكتبها السياسي في قطر وذراعها التنفيذية في غزة.
وفي الدوحة، كان هنية يترأس المكتب السياسي لحماس ويمثل "وجه الدبلوماسية الدولية للحركة"، أما في غزة، فيحيى السنوار، هو رئيس مكتبها السياسي وقيادي بارز في ذراعها العسكرية "كتائب القسام".
وتولى هنية قيادة حماس في 2017، وكان يتنقل بين تركيا والعاصمة القطرية الدوحة، ليتجنب قيود السفر في قطاع غزة المحاصر، مما مكنه من العمل مفاوضا في محادثات وقف إطلاق النار والتحدث مع إيران، حليفة حماس.
ويبدو أن مقتل هنية من شأنه أن يعرقل فرص التوصل إلى أي اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.
ويشير شتِيرن، إلى أن مقتل هنية سوف يؤدي لـ"استمرار الحرب في قطاع غزة، وتأخير قبول صفقة تبادل السجناء والمختطفين" في الوقت الحالي.
ولكن على المدى البعيد لن تكون هناك "تأثيرات قوية" لمقتل هنية، لأن حماس سوف تختار "قادة جدد" وتستمر في مسارها، وفق شتيرن.
ومن جانبه، يعتقد الرقب أننا سوف نشهد "فترة توقف للمفاوضات، والتوصل لهدنة في قطاع غزة".
وقد "تتأخر عملية التفاوض بين إسرائيل وحماس لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، وهو ما كان يريده نتانياهو منذ البداية"، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
ويتفق معه الغول الذي يؤكد أن مقتل هنية سيؤدي لـ"تأجيل مفاوضات صفقة إطلاق الرهائن ووقف الحرب في غزة، وهذا ما يريده نتانياهو وسعى جاهدا لتنفيذه".
ويتوقع الغول تأجيل "مفاوضات غزة وتمرير الصفقة" حتى 2025 بالتزامن مع الانتخابات الإسرائيلية لاختيار رئيس وزراء جديد.
وفي الوقت نفسه، فسيؤدي مقتل هنية لـ"اختيار شخصية أكثر تطرفا لتقود حماس، ما سوف يمثل خطرا على إسرائيل نفسها"، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
وكذلك، قال عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية والوزير الفلسطيني السابق، نبيل عمرو، لقناة "الحرة"، إن "مقتل هنية سيجمد المفاوضات، ومحاولات الوساطة لا يمكن أن تستمر في هذا الجو ومن الاستحالة أن تحقق أي تقدم".
حرب أوسع نطاقا؟يأتي مقتل هنية في الوقت الذي تقترب فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة من نهاية الشهر العاشر دون أي إشارة على نهاية الصراع الذي هز الشرق الأوسط وهدد بالتحول إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا.
ومنذ بداية الحرب في غزة في 7 أكتوبر، إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على مواقع ومناطق إسرائيلية، يَجري تبادل يومي للقصف على الحدود بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران.
وبلغ إجمالي القتلى من أعضاء حزب الله جراء الهجمات الإسرائيلية منذ ذلك الحين أكثر من 350 قتيلا.
ويستبعد شتيرن أن "يتسع نطاق الحرب" بسبب مقتل هنية، لكنه يتوقع أن يرد حزب الله على "اغتيال" شكر من خلال عمليات جديدة على الجبهة الشمالية.
ويتفق معه الرقب الذي لا يتوقع اتساع دائرة الحرب، ويؤكد أن الرد من إيران وحزب الله سيكون "محدودا".
ومن سيتحمل "وزر الرد على مقتل هنية هي فقط المقاومة الفلسطينية، وستأخذ الفصائل على عاتقها قدر المستطاع الرد رغم محدودية الإمكانيات بعد 10 أشهر من الحرب في غزة وحصار الضفة الغربية"، وفق الرقب.
لكن على جانب آخر، يتوقع الغول "اتساع نطاق الحرب في المنطقة"، بعد "اغتيال هنية وشكر".
ودخلت المنطقة "في منعطف خطير وسوف نشهد المزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة"، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط أكثر من 39400 قتيل، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: مکتبها السیاسی الحرب فی غزة فی قطاع غزة مقتل هنیة حزب الله فی الوقت
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: الحكومة تراوح مكانها منذ شهرين وحماس لن تتراجع
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية حالة الجمود التي تعيشها الحكومة في تعاطيها مع ملف الحرب على قطاع غزة، مشيرة إلى أن التصعيد العسكري لم ينجح في تحقيق أهدافه، في وقت تواصل فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تمسكها بمواقفها رغم الخسائر والمعاناة الميدانية.
وقالت مراسلة الشؤون السياسية في قناة "13" موريا أسرف وولبيرغ، إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كرر خلال مراسم إحياء ذكرى المحرقة شعار "زيادة الضغط العسكري"، وسط تساؤلات في الأوساط الأمنية عن جدوى التصعيد في ظل وجود مخطوفين بيد حماس.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: سموتريتش أوصل رسالة تهديد شديدة وواضحة جدا لنتنياهوlist 2 of 2لوموند: إلى متى ستظل أوروبا قادرة على تجاهل ما يجري بتونس؟end of listوأوضحت أن أجهزة الأمن والمجلس الوزاري المصغر يسعون إلى هزيمة حماس، غير أن استمرار المفاوضات مع الحركة يثير علامات استفهام حول توقيت توسيع العمليات الميدانية ومدى تأثيرها على مصير الأسرى.
وأضافت أن إسرائيل أبدت في الكواليس قبولها بمقترح مصري ينص على إطلاق 5 مخطوفين أحياء كحل وسط، غير أن حماس رفضت هذا العرض وأصرت على شروطها، مما شكك بفعالية خيار التصعيد العسكري.
من جهته، قال المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي رونين مانيلس إن الواقع الميداني يعكس حالة "مراوحة مكان" منذ شهرين، رغم الخطاب السياسي الذي يتحدث عن انتصار وشيك على حماس.
إعلان مقاربتان متناقضتانوأشار مانيلس إلى وجود مقاربتين متناقضتين داخل إسرائيل، الأولى تدعو إلى استعادة المخطوفين ووقف إطلاق النار، والثانية تتبنى نهجا متشددا بتجاهل مصير المخطوفين والعمل على سحق حماس بالكامل.
وأكد أن الحكومة الإسرائيلية لم تحسم أمرها تجاه أي من الخيارين، مما جعل الوضع العسكري والسياسي في حالة جمود مستمر دون تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض.
وأضاف مانيلس أن المشهد السياسي لم يعد يحتمل اتهام اليسار أو المعارضة بالتقصير، مشيرا إلى أن الثمن الباهظ يدفعه الجنود والمدنيون على حدود غزة نتيجة القرارات الميدانية غير المدروسة.
وفي السياق ذاته، قالت الصحفية بـ"يسرائيل هيوم"، سريت أفيتان كوهين، إن إسرائيل تقف أمام معادلة واضحة: إما استعادة المخطوفين، وإما القضاء على حماس، أو البقاء في حالة شلل كما هو حاصل حاليا.
وفي الجانب الميداني، أفادت مراسلة الشؤون العسكرية بصحيفة "يسرائيل هيوم" إيلاخ شوفال أن قوة إسرائيلية تعرضت لهجوم مضاد في إحدى محاور التوغل شمال القطاع، مما أسفر عن مقتل ضابط احتياط وإصابة 3 جنود آخرين.
وأوضحت شوفال أن الهجوم بدأ بإطلاق صاروخ مضاد للدروع لم يصب هدفه، قبل أن يتعرض الجنود لإطلاق نار من قناصة أدى إلى وقوع الخسائر البشرية بينهم، وسط استمرار العمليات في تلك المنطقة.
خطورة ميدانيةبدوره، أشار مراسل الشؤون العسكرية في قناة "14" هيلل بيتون روزين إلى أن الهجوم الجديد وقع على مقربة من حادثة أخرى أسفرت قبل أيام عن مقتل جندي إسرائيلي خلال اشتباكات في شمال غزة.
وقال روزين إن العمليات الأخيرة تؤكد خطورة الموقف الميداني، معتبرا أن الجيش مطالب بتدمير مواقع إطلاق النار الفلسطينية "قبل بزوغ الفجر" لوقف الخسائر المتكررة.
من جانبه، لفت مراسل قناة "12" نير دفوري إلى أن توغل الجيش الإسرائيلي في عمق غزة يزيد من حدة الاشتباكات مع مقاومي حماس الذين يخوضون حرب عصابات تستنزف القوات الإسرائيلية يوميا.
إعلانوأوضح دفوري أن المواجهات لم تعد تقتصر على الكتل العسكرية المنظمة لحماس، بل باتت تتخذ طابع المعارك الصغيرة والكمائن، مما يزيد من صعوبة التقدم الإسرائيلي داخل القطاع.
وفي الإطار نفسه، أفاد مراسل قناة "12" نيتسان شاييرا أن الأحداث الأخيرة وقعت في منطقة تعتبر آمنة نسبيا تخضع للسيطرة الإسرائيلية منذ عدة أشهر، مما يطرح تساؤلات جدية حول الجاهزية العسكرية.
وأشار شاييرا إلى أن الجيش يخطط للبقاء في المنطقة العازلة لفترة طويلة، مما يحتم عليه إعادة تقييم إستراتيجيته الميدانية وكيفية التعامل مع المخاطر المتزايدة فيها.