رغم التفوق التقني والمعرفي الذي رافق البشرية خلال القرون الخمسة الأخيرة، ظل القمر عصيا على الإنسان حتى نهاية ستينيات القرن الماضي، حينما هبطت مركبة الفضاء الأميركية "إيغل" ضمن بعثة "أبولو 11".

ولم تكن هذه المهمة التاريخية الأولى من نوعها عشوائية في تحديد موقع الهبوط، بل أجريت دراسات مكثفة لتحديد المواقع الجغرافية الملائمة على سطح القمر لإجراء أول تواصل مباشر، وينطبق الأمر على بقية الرحلات الخمس اللاحقة.

وقد وقع الاختيار على السهول المنخفضة والمستوية نسبيا، وهي مجموعة من البحار تقع في النصف الشمالي من القمر، في تجاوز لوعورة التضاريس الشديدة.

ونظرا لقسوة البيئة القمرية بانعدام مقومات الحياة كافة مثل غياب الغلاف الجوي والغلاف المغناطيسي اللذين يعملان كدرع فعال أمام الأشعة الشمسية والكونية الفتاكة، فإن مجموع مدة مكوث الرواد على سطح القمر يعادل تقريبا 12 يوما و14 ساعة فقط، رغم العمل الطويل والدؤوب الذي سبق هذه المهام.

ومع خطط إعادة الإنسان مجددا إلى القمر بعد انقطاع دام أكثر من 50 عاما، فإن العلماء يدرسون كل الخيارات المطروحة والأنسب لبناء أول مستعمرة بشرية تبقيهم على القمر بشكل دائم هذه المرة. ويتضح أن كلا قطبي القمر سيكون مرشحا بشدة للوجهة القادمة، نظرا إلى اكتشاف كميات وفيرة من الماء المتجمد في ذلك الحيّز المكاني.

ولكن ما أعلن عنه أخيرا فريق دولي من العلماء في دورية "نيتشر أسترونومي"، من عثورهم على أدلة على وجود كهوف وخنادق تحت سطح القمر، قد يدفع خبراء الفلك إلى إعادة النظر في إمكانية استخدام هذه الكهوف المكتشفة الممتدة تحت سطح الأرض كمراكز ونقاط استيطان لرواد الفضاء في المستقبل.

القمر يمتلك كهوفا يمكن أن تساعد في إيواء رواد الفضاء في المستقبل (ناسا)

 

الإنسان الحديث والعودة إلى الكهف

وبإعادة تحليل بيانات الرادار التي جمعتها أداة "التردد اللاسلكي المصغر" الموجودة على متن القمر الاصطناعي "مستكشف القمر المداري" التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، عثر العلماء على كهف يقع على بعد 370 كيلومترا شمال شرقي موقع هبوط رحلة "أبولو 11" في ما يعرف "ببحر السكون"، ولا يعلم العلماء على وجه التحديد نهاية عمق الكهف، إلا أنهم على يقين بأنه يتجاوز في عمقه 130 مترا.

وأشار العالم المسؤول في المشروع "نوح بيترو"، في بيان صحفي للوكالة، إلى أن التقنيات الحديثة في تحليل الموجات الراديوية التي تخترق سطح القمر منحت أبعادا إضافية في معرفة مدى امتداد هذه الكهوف التي أثير وجودها منذ مدة طويلة.

ويعتقد العلماء أن كهوف القمر تتكون على غرار أنابيب الحمم البركانية الموجودة على الأرض؛ إذ تتشكل عندما تتدفق الحمم البركانية من بركان نشط، مكونة قنوات شبه مغلقة. وفي أثناء تدفق الحمم، يتصلب السطح الخارجي مكوّنًا قشرة صلبة بسبب تعرضه للهواء البارد، بينما يستمر تدفق الحمم الساخنة داخل القناة. ومع مرور الوقت، تبنى هذه القنوات من الداخل وتصبح أنابيب جوفاء تحت الأرض عندما تنتهي الحمم من التدفق وتبرد تماما.

ومن الممكن أن تمثل هذه الكهوف أو الأنفاق العميقة مأوى مستقبليا يمنح رواد الفضاء الحماية الكافية من الأشعة الكونية الفتاكة والعواصف الشمسية، بل حتى يحميهم من النيازك التي تتردد باستمرار على سطح القمر بمختلف أحجامها وسرعاتها جراء الغياب التام للغلاف الجوي.

وقد يسهم البحث الإضافي والتنقيب داخل هذه الكهوف في العثور على الماء في حالته المتجمدة، بسبب الغياب التام لأشعة الشمس داخل الشمس. ولا تقتصر فائدة وجود الماء المتجمد على إنتاج ماء الشرب، بل له دور أيضا في إنتاج الأكسجين اللازم لبقاء رواد الفضاء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على سطح القمر هذه الکهوف

إقرأ أيضاً:

“اتحاد سات” و”المنذر”.. الإمارات والبحرين تطلقان قمرين اصطناعيين

الإمارات العربية – أطلقت كل من الإمارات والبحرين، السبت، قمرين اصطناعيين لرصد الأرض والتغيرات المناخية ضمن جهود البلدين لتعزيز قدراتهما في مجال الفضاء والمراقبة البيئية.

جاء ذلك وفق ما نشره المكتب الإعلامي لحكومة دبي عبر منصة “إكس”، ووكالة أنباء البحرين.

**”اتحاد سات”

وحسب مكتب إعلام حكومة دبي، فإن مركز “محمد بن راشد للفضاء” أعلن عن إطلاق القمر الاصطناعي الراداري الأول “اتحاد سات” الذي تم تطويره بشكل كامل من فريق المركز، السبت في تمام الساعة 10:39 صباحا بتوقيت الإمارات.

وأفاد المكتب بأنه تم إطلاق “اتحاد سات” من قاعدة فاندنبرغ الجوية بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة، على متن صاروخ “فالكون 9” التابع لشركة “سبيس إكس”.

وسيتولى مركز التحكم في المهمات، التابع لمركز محمد بن راشد للفضاء، تشغيل القمر وإدارته، حيث ستعمل الفرق المختصة على متابعة العمليات وتحليل البيانات المستقبلة منه، وفق المكتب.

ويعتمد “اتحاد سات” على إرسال إشارات رادارية نحو سطح الأرض، ثم استقبال الإشارات المرتدة بعد انعكاسها عن التضاريس المختلفة، ليتم تحليلها وتكوين صور تفصيلية عالية الدقة، ما يوفر معلومات أكثر شمولية مقارنة بالتصوير الفضائي التقليدي.

ويتميز القمر بتقنيات متطورة تتيح له رصد الأرض بدقة عالية في جميع الظروف الجوية والبيئية، وعلى مدار اليوم ليلا ونهارا، حيث يوفر ثلاثة أنماط للتصوير وهي: تصوير دقيق للمناطق الصغيرة، وتغطية واسعة للمساحات الكبيرة، ورصد ممتد للمناطق الأطول، وفق المكتب.

هذه الميزات تمكن “اتحاد سات” من دعم العديد من القطاعات، مثل: اكتشاف تسربات النفط، وإدارة الكوارث الطبيعية، وتتبع حركة الملاحة البحرية، ودعم الزراعة الذكية، والمراقبة البيئية الدقيقة، بحسب المكتب.

ومنذ عقد من الزمن، دخلت الإمارات رسميا السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، مع الإعلان عن إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبدء العمل على مشروع إرسال “مسبار الأمل” لكوكب المريخ في يوليو/ تموز 2014.

**”المنذر”

بدورها، أعلنت الوكالة الوطنية لعلوم الفضاء في البحرين عن إطلاق أول قمر اصطناعي بحريني يحمل اسم “المنذر”، وفقا لما نشرته وكالة أنباء البحرين.

وأفادت الوكالة بإطلاق القمر الاصطناعي السبت في تمام الساعة 09:39 صباحا (بتوقيت البحرين)، عبر صاروخ “فالكون 9” ضمن مهمة “Transporter-13″، التي تضم مجموعة من الأقمار الاصطناعية الصغيرة لجهات دولية.

ويتميز “المنذر”، وفق الوكالة، بقدرته على تحليل الصور الفضائية فور التقاطها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يلغي الحاجة إلى إرسال البيانات للمحطات الأرضية، ويقلل من زمن المعالجة.

وتتنوع تطبيقاته بين المراقبة البيئية لرصد التغيرات المناخية ودراسة التصحر، والتخطيط العمراني لمتابعة توسع المدن وإدارة الكثافة السكانية، ودعم الأمن الغذائي عبر مراقبة المحاصيل الزراعية باستخدام أطياف ضوئية متقدمة.

ويعمل “المنذر” في مدار أرضي منخفض على ارتفاع 550 كيلومترًا، بكتلة 15 كجم، ومدة مهمة متوقعة تصل إلى 5 سنوات، بحسب الوكالة.

ونقلت وكالة أنباء البحرين، عن محمد إبراهيم العسيري، الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، قوله إن المنذر “يتميز بكونه صمم بأياد بحرينية إذ قام فريق منتسبي الهيئة بابتكار وتصميم وبناء حمولاته مسجلين بصمة وطنية في قطاع الفضاء الذي يشهد تسارعا عالميا مطردا في النمو”.

وأشار إلى رؤية البحرين المتمثلة في “تبوؤ مكانة متقدمة في ميدان الفضاء”.

 

الأناضول

Previous المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: القطاع على أبواب مجاعة محققة بسبب الحصار Related Posts القمر يتحول إلى اللون الأحمر في خسوف مثير يستمر لساعات علوم وتكنولوجيا 14 مارس، 2025 اكتشاف ينهي جدلا علميا واسعا حول المومياء المصرية “الحامل” علوم وتكنولوجيا 14 مارس، 2025 أحدث المقالات “اتحاد سات” و”المنذر”.. الإمارات والبحرين تطلقان قمرين اصطناعيين المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: القطاع على أبواب مجاعة محققة بسبب الحصار ترامب حول مفاوضات وقف النار بغزة: الوضع معقّد للغاية.. نأمل أن تسير الأمور على ما يرام بعد تصفيته بغارة أمريكية.. تداول صور نادرة لـ”أبو خديجة” وزوجته “أم حسين الشيشانية” كاتب إسرائيلي: دعهم ينتصرون.. الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان وانتصار إسرائيل الكامل وهم خطير

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف: التأمل في الكون يعزز الإيمان ويحفز التقدم العلمي
  • العلماء يكتشفون فائدة للتبغ تجعله منقذا للأرواح على الأرض وفي الفضاء
  • نجاح إطلاق القمر الاصطناعي «اتحاد سات»
  • المنذر. اول قمر اصطناعي بحريني ينطلق إلى الفضاء
  • في إنجاز غير مسبوق.. البحرين تطلق القمر الصناعي "المنذر"
  • مركز محمد بن راشد للفضاء يُعلن نجاح إطلاق القمر الاصطناعي «اتحاد سات»
  • “اتحاد سات” و”المنذر”.. الإمارات والبحرين تطلقان قمرين اصطناعيين
  • بكوادر وطنية 100%.. البحرين تطلق القمر الصناعي "المنذر"
  • نجاح إطلاق القمر الراداري الإماراتي "اتحاد سات" إلى الفضاء
  • القمر الاصطناعي اتحاد سات ينطلق إلى الفضاء