بسبب ملف الصحراء.. هل تتغير قواعد اللعبة في العلاقات الفرنسية الجزائرية؟
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
أزمة سياسية جديدة لاحت في الأفق، وتغيير في قواعد اللعبة.. بمثل هذه العبارات وغيرها، باتت جُل العناوين المتصدّرة للمشهد السياسي الدولي، تصف العلاقات بين الجزائر وفرنسا.
وعقب إقدام الحكومة الفرنسية على الاعتراف بـ"المخطط المغربي للحكم الذاتي" كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء في إطار السيادة المغربية؛ أصدرت الجزائر بيانا، استنكرت من خلاله ما نعتته بـ"القرار غير المنتظر"، مؤكدة أنها "ستستخلص كافة النتائج والعواقب التي تنتج عن هذا القرار الفرنسي، وتُحمّل الحكومة الفرنسية وحدها المسؤولية الكاملة والتامة عن ذلك".
كذلك، قرّرت الجزائر سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية، بأثر فوري. وذلك بحسب بيان للخارجية الجزائرية.
إثر ذلك، نقلت وكالة "فرانس بريس" عن مصدر دبلوماسي قوله: "لا تعليق لدينا على هذا القرار السيادي، من جهتنا، نبقى عازمين على مواصلة تعميق علاقتنا الثنائية مع الجزائر".
أي ملامح للأزمة؟
في الوقت الذي يشكّل فيه الموقف الفرنسي مُنعطفا هامّا في ملف الصحراء بالنسبة للمغرب، فإنه يرسم ملامح أزمة مُتصاعدة بين الجزائر وفرنسا. حيث أتى القرار الفرنسي الذي وُصف بـ"المفاجئ" ليقضّ سلسلة من الاستقرار في علاقاتها بالجزائر.
وكان الاستقرار في العلاقات الجزائرية- الفرنسية قد عاد في شباط/ فبراير 2023، عقب أزمة دبلوماسية، بسبب "تورّط" المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي في تهريب مواطنة مطلوبة لدى القضاء الجزائري؛ فيما عاد معه الحديث مُجدّدا عن زيارة كانت مُرتقبة للرئيس الجزائري، إلى باريس، خريف السنة الجارية.
غير أنه بات جلّيا أن الموقف الفرنسي الجديد، سوف يؤثر على موعد الزيارة التي يفترض أن يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون لفرنسا، نهاية أيلول/ سبتمبر أو بداية تشرين الأول/ أكتوبر، بعد تأجيلات متعددة.
وفي هذا السياق، قال حسام حمزة، وهو أكاديمي ومحلل سياسي جزائري، "مهما بدا دنو العلاقات الجزائرية- الفرنسية من مساحات التقارب والتصالح فإنـّها سرعان ما تنتكس، ومهما جرى من محاولات لضخّ زخم تعاوني جديد في هذه العلاقات المرتبكة منذ 2019 فإنّ الواقع دائما ما يعيدها إلى حافّة القطيعة ولحظة الاحتضار".
وأضاف حمزة، خلال مقال له نشر على موقع "الميادين" بأن "هذا ما جلبه قرار الحكومة الفرنسية دعم: مخطّط الحكم الذاتي لإقليم الصحراء في إطار السيادة المغربية"، على العلاقات الجزائرية- الفرنسية، ففي سياق اتّسم بتوافقات يجري بناؤها على مضض بين الجزائر وفرنسا ولم يلح في أفقه المنظور ما ينذر بتقوّضها، أتى هذا القرار على حين غِرّة معيداً العلاقات بين الطرفين إلى مربع القطيعة الأوّل".
وعن الفترات التي شهدت فيها العلاقات الفرنسية الجزائرية حالة من الاستقرار، أشار حمزة إلى "اجتماعات اللجنة المشتركة الجزائرية- الفرنسية للذاكرة والتاريخ، كان آخرها شهر أيار/ مايو المنصرم في الجزائر العاصمة، فيما يبدو وكأنه تجسيد للتوافقات المبرمة بين تبون وماكرون إثر زيارة الأخير إلى الجزائر أواخر آب/ أغسطس 2022".
"حتى اقتصاديا، واعتمادا على ما نشرته المديرية العامة للخزانة الفرنسية في 15 أيار/ مايو 2024 على موقعها الرسمي، تسير العلاقات بين البلدين وفق وتيرة مستقرة" تابع المتحدث نفسه، مبرزا ارتفاع "حجم التجارة بينهما سنة 2023 بنسبة 5.3 في المئة عام 2023 ليبلغ ما قيمته 11.8 مليار يورو مقارنة بـ11.2 مليار يورو عام 2022".
وأردف: "في حين يزداد تقارب الجزائر مع إيطاليا، تركيا، قطر، الصين وتأخذ استثماراتها وحصصها من السوق الجزائرية في التوسّع، تنكمش في المقابل الاستثمارات الفرنسية في الجزائر سنة بعد سنة، ويتقلص معها نفوذ اللوبي الفرنسي في الجزائر".
قواعد اللعبة تتشكّل من جديد
في الوقت الذي كانت تؤكد فيه الجزائر، غير ما مرّة، أنها ليست طرفا رئيسيا في "ملف الصحراء"، أتى الموقف الفرنسي، ليكشف ملامح جديدة لمشهد العلاقات الثلاثية، ما بين المغرب وفرنسا والجزائر.
وفي بلاغ للديوان الملكي المغربي، الثلاثاء، فإن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد أعلن، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، رسميا، أنه "يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية".
وفي الرسالة ذاتها، أكد الرئيس الفرنسي، للملك المغربي "ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة"، وأن بلاده "تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي".
ومن خلال موقف الجزائر؛ اتّضح أن باريس قد أعلمت الجزائر مُسبقا بمضمون قرارها، من أجل تمهيد الأرضية وتفكيك اللّغم؛ وهو ما أشارت له صحيفة "لوموند الفرنسية" في عددها ليوم الاثنين، إذ أكّدت أن الموقف الفرنسي برز مع زيارة وزير الخارجية، ستيفان سيجورنيه، إلى الرباط في شباط/ فبراير الماضي.
وتابعت الصحيفة، في تقرير لها، ترجمته "عربي21" أن "الصحراء، مسألة وجودية بالنسبة للمغرب، وأن باريس حضّرت الأرضية لهذا التغيير منذ ربيع العام الماضي"، مردفة بأن الإليزيه دعا رؤساء الشركات الكبرى إلى اجتماع مع المستشار الدبلوماسي لماكرون، حيث أخبرهم الأخير بالتغير المرتقب في سياسة باريس، وأكد لهم أن زيارة ماكرون للرباط قائمة، ومن المنتظر أن تتم قبل نهاية العام الحالي، وما تنتظره فرنسا هو تلقي الدعوة الرسمية لإتمامها.
وأشارت الصحيفة الفرنسية، إلى أن المغرب يقترح منح هذه المنطقة "الصحراء" حُكما ذاتيا تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة "البوليساريو" إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة، وقد نصّ عليه اتّفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.
ردود فعل مُتسارعة
مباشرة عقب إعلان موقف الخارجية الجزائرية من الموقف الفرنسي بخصوص ملف الصحراء التي يصبو لصالح المغرب؛ تسارعت ردود الفعل من الداخل الجزائري، والبداية من حزب جبهة التحرير الوطني وهو صاحب الأغلبية البرلمانية، الذي اعتبر هذا القرار "استفزازا جديدا يؤكد مرة أخرى أن المستعمر القديم والمحتل الحالي للأراضي الصحراوية قد أقاما تحالفا خطيرا لا يجب السكوت عنه".
وأوضح حزب جبهة التحرير الوطني أن "فرنسا تدرك جيدا أن قضية الصحراء الغربية هي قضية استعمار وأن الجزائر تعتبرها مرتبطة بالأمن القومي"، مشيرا إلى أنه "يؤمن بصفة قطعية بأنه لا أمل لقوى الاستعمار القديم والحديث في أي توبة محتملة عن جرائمهم المرتكبة في القرون الماضية وهي اليوم متواصلة في الصحراء الغربية وفي فلسطين، في تجاهل تام لدروس التاريخ التي تقول بأن مصير الاستعمار هو الهزيمة وأن النصر حليف الشعوب المكافحة من أجل الحرية والاستقلال".
بدوره، ندّد التجمع الوطني الديمقراطي، بما وصفه بـ"القرار المشبوه والمتواطئ، الذي يخالف قرارات الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن "القضية الصحراوية مدرجة ضمن لجنتها الرابعة، كقضية تصفية استعمار، وأن هذا القرار يؤكد حنين الحكومة الفرنسية إلى ماضيها الاستعماري القديم".
وفي الوقت الذي تصر فيه المغرب على مقترح "خطة الحكم الذاتي"لتسوية النزاع في الصحراء، تشدّد الجزائر تمسكها بمبدأ حق تقرير المصير. لتظلّ نقاط الخلاف بين البلدين قائمة، إلى أجل غير مسمّى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجزائر المغربي ملف الصحراء فرنسا المغرب فرنسا الجزائر ملف الصحراء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة الفرنسیة الموقف الفرنسی ملف الصحراء هذا القرار
إقرأ أيضاً:
رياضة الرجبي في الإمارات.. ريادة آسيوية وطموحات عالمية
شهدت رياضة الرجبي في دولة الإمارات تطوراً كبيراً خلال العقد الأخير، مستفيدة من بيئة رياضية متكاملة ودعم رسمي مكثف أدى إلى انتشارها بين الفئات المختلفة.
بدأت اللعبة في الإمارات على مستوى الهواية في سبعينيات القرن الماضي، ثم حصلت على الاعتراف الرسمي مع تأسيس اتحاد الإمارات للرجبي عام 2009، لتصبح الإمارات أول دولة عربية وآسيوية تنضم مباشرة إلى الاتحاد الدولي، ومنذ ذلك الحين، شهدت اللعبة نمواً ملحوظاً في عدد الأندية واللاعبين، إلى جانب تحقيق الإنجازات على المستويين القاري والدولي.
اتفاقية تعاون بين اتحاد الرجبي ونظيره القطري لتعزيز التعاون المشترك - موقع 24وقع اتحاد الإمارات للرجبي اتفاقية تعاون مشترك مع نظيره القطري، الأحد، بهدف تعزيز الشراكة بين الاتحادين في مجالات الإدارة، التدريب، التحكيم، وتبادل الخبرات.
ونجح منتخب الإمارات للرجبي في الوصول إلى منصات التتويج في البطولات الآسيوية المختلفة في أكثر من مناسبة، كما استضافت الإمارات بطولات عالمية مثل سلسلة سباعيات دبي للرجبي، التي أصبحت من أهم الفعاليات الرياضية السنوية في الإمارات، وجذبت نخبة المنتخبات العالمية، ما أسهم في ترسيخ مكانة الإمارات كوجهة دولية لهذه الرياضة.
وعمل اتحاد الإمارات للرجبي على تطوير بنية اللعبة من خلال برامج لاكتشاف المواهب وتوسيع قاعدة الممارسين، مع التركيز على فئات الناشئين والسيدات، كما أطلق مبادرات لنشر اللعبة في المدارس، بهدف بناء أجيال جديدة قادرة على المنافسة في البطولات الإقليمية والدولية.
ويسعى الاتحاد إلى توسيع مشاركاته الخارجية وتعزيز علاقاته مع الاتحادات الدولية، والإسهام في تطوير اللعبة عربياً عبر دعم البطولات الإقليمية.
واستضافت الإمارات مقر الاتحاد الآسيوي للرجبي في دبي عام 2021، كما تستضيف مقر الاتحاد العربي للرجبي منذ عام 2015، ما عزز دورها في الإشراف على تطوير الرياضة على المستويين العربي والإقليمي.
واهتم اتحاد الإمارات للرجبي بتطوير منظومة التحكيم والتدريب من خلال إطلاق دورات تدريبية متقدمة للحكام والمدربين، بالإضافة إلى برامج إعداد بدني عالية المستوى، بهدف تأهيل الكوادر الفنية وفقًا لأعلى المعايير الدولية.
وشهدت اللعبة نمواً ملحوظاً من حيث عدد الأندية واللاعبين، إذ وصل عدد الأندية المسجلة إلى 16 نادياً، بينما تجاوز عدد اللاعبين المسجلين 3500 لاعب ولاعبة في الفئات المختلفة.
ويضع اتحاد الإمارات للرجبي خططًا طموحة لتحقيق إنجازات جديدة على المستويين القاري والدولي مثل التأهل إلى كأس العالم للرجبي 2027 في أستراليا، وتحقيق ميدالية في دورة الألعاب الآسيوية 2026، والتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية 2032 في بريزبن.
وأكد رئيس اتحاد الإمارات للرجبي الشيخ محمد بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، أن الدعم الكبير من القيادة الرشيدة يعد عاملًا رئيسياً في تحقيق الإنجازات، مشيراً إلى أن رؤية الاتحاد تستهدف تعزيز مكانة الإمارات كقوة صاعدة في الرجبي على المستويين الآسيوي والدولي.
بدوره، أشاد رئيس الاتحادين الآسيوي والعربي، نائب رئيس اتحاد الإمارات للرجبي قيس الظالعي، بالدور الريادي للإمارات في تطوير اللعبة، مؤكدًا أن اتحاد الإمارات يسير قدما على صعيد الإنجازات الرياضية والنجاح الإداري.
وأشار إلى أن الشراكات الإستراتيجية التي أبرمها الاتحاد، مثل التعاون مع مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي لإدراج الرجبي في المناهج الدراسية، تهدف إلى توسيع قاعدة اللعبة.
وأكد الظالعي أن الإنجازات الأخيرة التي حققها منتخب الإمارات، ومنها الفوز بلقب البطولة العربية لسباعيات الرجبي 2025، والميدالية البرونزية لمنتخب السيدات في البطولة نفسها، إلى جانب برونزية سلسلة آسيا لسباعيات الرجبي مرتين متتاليتين، وفضية آسيا في منافسات الرجبي (15 لاعباً) تعكس كلها مدى التطور للعبة، مشيراً إلى أن منتخب تحت 18 عاماً واصل تألقه أيضاً بتتويجه بلقب بطولة آسيا للمرة الثالثة على التوالي، بينما حصل منتخب السيدات على الميدالية الفضية في دوري السيدات B في سلسلة السيفنز 2024-2025.
من جانبه، اعتبر أمين عام اتحاد الإمارات للرجبي محمد سلطان الزعابي، أن النجاحات الأخيرة جاءت بفضل استراتيجيات مدروسة تستهدف توسيع قاعدة الممارسين، مع التركيز على المدارس لاكتشاف المواهب في سن مبكرة.
وكشف عن خطة طويلة المدى لإعداد منتخب قوي للتأهل لأولمبياد 2031، والسيطرة على البطولات الآسيوية بحلول عام 2029.
وأشار إلى أن الاتحاد يعمل حالياً على تجديد الدماء في صفوف المنتخبات الوطنية، خصوصاً على صعيد السيدات، مع الاستعداد لخوض تصفيات بطولة آسيا لفئة 15 لاعباً في يونيو المقبل، وهي البطولة المؤهلة إلى كأس العالم في أستراليا.
وأكد أن الهدف الأبعد يتمثل في السيطرة على البطولات الآسيوية بجميع فئاتها بحلول عام 2029.