الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
آخر تحديث: 31 يوليوز 2024 - 11:25 صبقلم:رشيد الخيّون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا ترى حتَّى تعليمهنَّ. برزت في العراق بدايةً (9/4/2003) الدَّعواتُ إلى الحِجاب، بقهر طالبات الجامعة، واغتيلت واختطفت كثيرات، وبعد مئة عام عادت معارك «السُّفوريين والحِجابيين»، التي جرت في عشرينيات القرن الماضي عبر المقالات والقصائد، وانطلق سهم الزّمن إلى الأمام، فالمرأة حرّةٌ في رأسها وعقلها، تغطيه أم تكشفه، لكن بعد 100 عام توحش الخطاب.
قدمت القوى الدّينيّة، المعارضة سابقاً، نفسَها ناشدةً الحرية، لكنَّ أول ما ترأس أعضاؤها مجلسَ الحكم (2003)، أفصحت عن إلغاء قانون الأحوال الشَّخصيَّة (188/1959)، وما أن جاء الدّور للمدنيين حتى ألغوا الإلغاء، فظلت القوى الدينية تتحين الثَّأر مِن قانون شَرع حقوقاً متقدمة بإنصاف المرأة. جاء ثأرهم في المادة(41) مِن الدُّستور(2005): العراقيون يحتكمون، في أحوالهم الشَّخصيَّة، لدى الفقيه؛ بينما فقهاء يعتقدون: أنّ الرَّسائل الفقهية لا تصلح لمواكبة الزَّمن؛ ناهيك عن حياد الدَّولة، في حماية مواطناتها، مِن أبٍ شرع مذهبه تزويج ابنته طفلةً، والخطوبة تصح للرضيعة، وجواز الاستمتاع بها، والتخلي عن حماية المرأة من زوج وجد إلغاء الحضانة للأم، حتى العاشرة، نصراً. عندما قُدم «القانون الجعفري»، وهو ما يحاولون تطبيقه الآن، كتبتُ في «الاتحاد»: «الأحوال الشخصية العراقي.. نكوص الزَّمن» (30 أكتوبر 2013)، و«العراق.. رسالة الفقيه لا تصلح قانوناً» (11/3/2014)، وفي كتاب «بعد إذن الفقيه»: «عرائس الموت» (زواج الصَّغيرات) المرتبط بإلغاء القانون الملكي الجمهوريّ، الذي شرع سن تزويج البنت 18 عاماً. لا تملُّ القوى الدينية من استغلال ما تعتبره «ديمقراطية الأكثريّة»، مِن أجل فرض تشريعاتها على المجتمع، وآخر ذلك لائحة قدمتها (24/7/2024) لإلغاء المادة (57) مِن قانون الأحوال الشخصية، الخاصة بالحضانة، بجعل المحاكم المدنية مجرد مكاتبَ للتنفيذ، والأمر والنَّهي للوقفين الشّيعي والسّني، فصارا ليسا لإدارة أمور العبادة، مساجد وحسينيات وعتبات، وإنما أخذَا مكان الدَّولة. كانت النية مبيتة عند كتابة الدُّستور (2005)، والاستنفار للتصويت، استغفالاً لخروج العراقيين من وطأة الحصارٍ والحملة الإيمانيّة، والقادمون من الخارج دخلوا حاملين فؤوس الهدم، ومنها هدم مَدنية الأحوال الشّخصيّة، فرئيس لجنة الدّستور معممٌ مِن أصحاب الثأر. عندما جاء في القانون الأساسي للدولة العراقية (1924)، الأحوال الشَّخصيَّة عبر المذاهب، كان لضرورة البداية، فظل العهد الملكي ساعياً لقانون مدني، نفسه، مع إضافة، أذيع (1959)، يومها أعلن مرجع زمانه معارضته، مخاطباً سلطة انقلاب 1963 لإلغائه، وقال: «إن حكومة العهد الملكي، سبق أنْ شرعت قانوناً للأحوال الشخصية، خالفت فيه الشرع الإسلامي، وعرضته على مجلس النُّواب، فأرسلتُ أحد أولادي للاتصال بالنُّواب، وإبلاغهم استنكاري لهذا القانون» (بحر العلوم، أضواء على قانون الأحوال الشّخصية)، والنَواب المذكورون مِن مقلديه. صحيح، تعود مودة الأزياء إلى الوراء، مع لمسات حداثيَّة، لكنَّ القوانين غير، والمبدأ مطروح: «الأحكام تتغير بتغير الأزمان» (مجلة الأحكام الشَّرعيَّة العثمانيَّة). إنها مئة عام (1924-2024)، والرسائل الفقهية تصطدم بالزَّمن. أقول: مَن لم يتأثر بالزّمن، يعش خارجه، فإرجاع النَّاس إلى مذاهبهم، تفكيك اجتماعي وطني، بعذر عدم التعارض مع الإسلام. هل أراد الإسلام غير مصالح العباد؟ وهل تزويج الصَّغيرات، وقضم حضانة الأم، من المصالح؟ وهل مادة قتل النّساء غسلاً للعار (409)، التي بحت الحناجر لإلغائها، هي نصرةٌ للإسلام؟ وهل تفتيت المجتمع بالقانون مِن الإسلام؟ ومع ذلك يعدون هذا إصلاحاً. لمعروف الرُّصافيّ (ت: 1945) في الإصلاح المقلوب: «مَن مُبلغ القومَ أنَّ المصلحين لهم/أمسوا كمن لبس الجلبابَ مقلوبا» (الدِّيوان، ما هكذا). إنها جرعات أسلمة، بوصفة طائفيَّة: تشريع «الغدير» عيداً وطنيَّاً، وإفشاء المذهبيّة رسميَّاً، لهذا قُتل ثماني مئة شيعي وشيعية بيد حماة الأسلمة، بسبب شعارهم: «نُريد وطناً» (2019).
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: القوى الد
إقرأ أيضاً:
مشروع قانون اميركي جديد ضد حزب الله
كتبت" الاخبار": قدّم أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيون: بن كاردان وجين شاهين وجاك ريد، مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ بعنوان «منع تقويض سيادة لبنان واقتصاده»، يوصف بأنه تشريع «لدعم الشعب اللبناني». وقد رأى كاردان، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن «الولايات المتحدة يجب أن تقف مع الشعب اللبناني في هذه اللحظة الحاسمة - التي لا تستحق أقلّ من ذلك». ووفقاً للقانون، فإن «وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً بين إسرائيل ولبنان، الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني، يوفر طريقاً للاستقرار والازدهار للشعب اللبناني»، ويحدّد أهداف القانون بـ«تعزيز الجيش اللبناني، وتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين (اللاجئين السوريين والنازحين خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله)، ودعم سيادة القانون في لبنان، فضلاً عن التعليم والصحافة الاستقصائية. ويشرح نصّ القانون، المقسّم إلى 12 نقطة، رؤيته ونيّته، معتبراً أنه «يجب أن يشارك تعزيز الدولة اللبنانية في إضعاف حزب الله»، حزب الله الذي يجب ألّا يتلقّى أيّ مساعدة، حتى من الوزارات أو البلديات التي يسيطر عليها، كما هو محدّد في النقطتين 7 و8.
ويقول القانون إنه يجب أن يتمّ التعامل مع حزب الله باعتباره «يعمل بالوكالة عن إيران»، ويشارك في «تقويض الديموقراطية اللبنانية»، ويموّل نفسه من عمليات «إنتاج الكبتاغون وتهريبه في لبنان». وينصّ القانون على أن «سياسة الولايات المتحدة هي دعم تطلّعات الشعب اللبناني في العيش في سلام وأمن وازدهار في بلد خالٍ من نفوذ إيران والجماعات الإرهابية، مثل حزب الله، التي سعت منذ عقود إلى حكم الديناميكيات الأمنية والسياسية في لبنان».
ويؤكد نص القانون على ضرورة تعزيز هياكل الدولة، وتنفيذ القرارات الدولية بما في ذلك القرار 1559 (2004)، الذي يتضمن نزع سلاح الميليشيات في لبنان، ودعم الجيش اللبناني بشكل كبير، ويذكر النص المساعدات المالية المحتملة، بالإضافة إلى المساعدات السنوية البالغة عشرات الملايين من الدولارات لهذا الغرض. وتتماشى هذه العناصر مع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، الذي ينصّ في ديباجته، كما أشار كبير مستشاري الرئيس المنتخب دونالد ترامب الجديد للشؤون العربية والشرق أوسطية، مسعد بولس، على «نزع السلاح الكامل للجماعات المسلحة (التي تفلت) من سيطرة الدولة». ويؤكد المشروع أن «إنفاق هذه المبالغ لن يفيد حزب الله بشكل مباشر، أي الوزارات الحكومية اللبنانية أو المجالس البلدية في لبنان التي يسيطر عليها حزب الله، وعلى رأسها أعضاء في حزب الله، أو توظّف عدداً كبيراً من أعضاء حزب الله».