بقلم عادل سيد احمد
في بلدنا، قرية المقل، الوادعة وذات الطبيعة المسالمة: تنتاب الناس روح قتاليّة عالية وتتفجر شلالات من شرٍ معاكس للصورة التي يتغنّى بها الشُعراءُ عــن (طيبة القرية) إذا ما كان الأمـــر متعلقا بمنازعات الأراضي...
وعلى الرغم من عدم اتساع تلك الأراضي (فهي شريط ضيِّق من الجروف التي تُحاذِي النيل) إلا أنه: تُراق دُونها الدماءُ، وتتخاصم فيها الأُسر لأجيالٍ وأجيال، حتى وأن كانت (قراريط) من تلك الأرض الخصبة، والمحصورة بين الجبال والنيل.
وذات مرّة، تدخّل النيلُ: وكان تدخُّله سافراً! وخلط الملكيات ورجّها، إذ جرف النيل أطيان الضفّة الشرقيّة التي تطل عليها قريتنا (المقل)، وقذف بها إلى شاطئه الغربي، حيثُ تقع (جزيرة مُسّاوي) الشهيرة، وترتّب على ذلك نزاعاً مريـــراً بين أهل (المقل) وأهالي (جزيرة مُسّاوي)، ولم ينجح الطرفان في إيجاد حل سلمي لتلك المعضلة التي أزبدها النيــــــل!
وكان لكلٍ منهما حجّته: فأهل (مُسّاوي) يرون أنَّ الطين قد جادت لهم به (الإرادة الإلهيّة)، وهو فتحٌ رباني. في حين رأى أهل (المقل) إنّ الطين طينهم، والجروف (هِيلُمْ).، فهي لهم، اذن، أينما قذف بها النيل وتيّاره الجارِف، وانهم لن يفرِطوا فيه ابدا... ابدا!
وبعد فشل كل المحاولات وخيبة الوساطات، رأى أهل المقل أن يستردُّوا طينهم (بالقوّة)، وحدّدوا ساعة الصفرِ، وجهّزوا المراكِب التي سيعبرون بها البحر.
وجاء جدِّي (صالح ود حِمّيْدة)، وكان كبيراً بين قومه - في الموعد المضرُوب وهو خال اليدين من هراوة أو نبّوت أو عصا أو أيٍ شيء من هذا القبيل، بخلاف الآخرين الذين أحسنوا تجهيزهم للمعركة مع أبناء (جزيـرة مّساوي)، فاستغربوا ولما سألوه:
- وين عصاتك مع الرُجال!؟
رد عليهم فقال، مُشيراً بأصبعه إلى رهط أهل (مُساوي)، عابراً النيل بنظراته:
- عَصاتِي، يْاها ديكا، هِنوك عِـنْد عُمدة مُسّاوي!...
amsidahmed@outlook.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: م س اوی
إقرأ أيضاً:
تصاعد حدة معارك السودان.. قتلى بهجمات «الدعم السريع» على نهر النيل
قال حاكم ولاية نهر النيل السودانية في بيان “إن 11 شخصاً على الأقل قتلوا في غارة شنتها قوات “الدعم السريع” باستخدام طائرة مسيرة على مخيم للنازحين في الولاية، كما أسفر الهجوم أيضاً عن تعطيل محطة الكهرباء الإقليمية للمرة الرابعة، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن ملايين المواطنين لفترة طويلة”.
وتعد هذه الغارة جزءاً من “سلسلة من الهجمات التي استهدفت محطات توليد الطاقة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش في السودان، حيث كانت الضربات السابقة لا تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى، وأشارت مصادر محلية إلى “أن الهجوم، الذي وقع صباح الجمعة، استخدم صواريخ متعددة وأسفر عن اشتعال النيران في بعض الخيام، ما أدى إلى إصابة 23 شخصاً آخرين، بينهم تسعة أطفال”.
وفي شهادات مروعة، قالت مشاعر حميدان، وهي إحدى النازحات، “إنها سمعت انفجاراً ضخماً صباحاً وعثرت على عائلتين محترقتين بالكامل داخل خيامهما أثناء نومهما”. وأضافت بحزن: “غادرنا الخرطوم هرباً من الحرب، لكن الحرب لحقت بنا هنا”.
وتجدر الإشارة إلى أن “المخيم الذي تعرض للهجوم يضم نحو 179 عائلة نازحة من مناطق القتال في العاصمة، وكان يعيش في ظروف صعبة دون تلقي المساعدات الإنسانية الكافية، وقد شوهدت أعمال إزالة للمخيم بعد الحريق، حيث تم نقل السكان إلى مكان غير معلوم”.
يأتي هذا التصعيد في وقت حرج، حيث تتصاعد حدة القتال في إقليم دارفور، حيث تواصل قوات “الدعم السريع” محاولاتها للسيطرة على المناطق التي يسيطر عليها الجيش، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من المواطنين.