تعرف شجرة العرعر المتعالية أو كما يطلق عليها "سيدة الأشجار" وتاج غابات المملكة وقمم جبالها الراسيات، بدورها الفعال والرئيس في الحفاظ على توازن النظم البيئية في سطح الأرض؛ لتؤمنُ هذه الشجرة الملاذ الآمن للحياة البرية والحيوانية.

وتعد أشجار العرعر، والطبيعة مكاناً خصبًا يعبق بالتاريخ منذ أمد بعيد، إذ يحملان سويًا قيادة موطن الحياة البرية، باتجاهات متساوية وليست متضادة، منذ مئات السنين، ليشعرك امتزاجهما البري في بعد آخر لم تختبره من قبل، حيث تتخذ من أعالي سلسلة جبال السروات في الطائف والباحة وعسير وغيرها من المناطق موطناً أصيلاً لها، بسجل حافل في أروقة الزمن القديم للأشجار المعمرة أو الأكثر عمرًا، حيث تحف هذه الأشجار أيدي الكوادر الوطنية للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر ممثلةً في إدارة الرقابة والحماية بمنطقة مكة المكرمة، وما يقدمونه من دور بارز وملموس في الحفاظ على المخزون الإستراتيجي الهائل بالثروات الطبيعية ومن بينها أشجار العرعر، وضمان رعاية مستقبلها البري إلى عقود قادمة، حيث تحظى سيدة الأشجار وظلالها المعطاءة، بنعيم العيش والأمان الدائمين، والاهتمام الشامل في موطنها, وعلى مدار الساعة منذ انسدال قرص الشمس على الأرض أو أثناء غيابها في عتمة الليل، في غمد الغابات والجبال والسهول وضفاف الأودية، تراقب وتحافظ على ثروات الوطن دون تهاون، لمنع الممارسات السلبية، وتعزيز دور الإرشاد الدائم والتوعية المستمرين، خصوصًا مع اتخاذ السياح من مركزي الهدا والشفا قبلة للسياحة في منطقة مكة المكرمة، ومكانًا للجلوس في ظلال أشجارها.


وللوقوف على أهمية هذه الشجرة المعمرة, أوضح في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، مدير عام البحث والابتكار بالمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر الدكتور أحمد الغامدي أن بيئة العرعر في غابات المرتفعات الجنوبية الغربية من المملكة تعرضت خلال العقود الماضية للتدهور الكبير بسبب الأنشطة البشرية مثل التوسع العمراني والسياحي وفتح الطرق والاحتطاب والصيد الجائرين بالإضافة لعوامل مناخية مثل فترات الجفاف وتناقص فترات بقاء الضباب الذي يوفر الرطوبة المناسبة لأشجار العرعر، مما تسبب في موت العرعر في مواقع كثيرة وعبر ظاهرة تسمى بالموت القمي أو التراجعي الذي يبدأ من القمم النامية في أغصان العرعر حتى يصل لأسفلها، وأصبح كثير من أجزاء غابات المرتفعات الجنوبية الغربية تعاني من وجود بؤر تدهور عبارة عن مجاميع ميتة من أشجار العرعر.

وأشار الدكتور الغامدي إلى أن المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر ورغم حداثة إنشائه إلا أنه عمل على العديد من مشاريع إعادة التأهيل والتعويض في مواقع أشجار الغابات المتدهورة، وعمل على ضبط الممارسات والأنشطة البشرية الضارة، واستقطب الخبراء والباحثين المحليين والدوليين الذين يعملون حالياً على دراسة وتحليل النظام البيئي لغابات العرعر وتقييم أسباب التدهور وتحديد أساليب التدخل المناسبة للحد منه، وزيادة رقعة الغابات الجبلية بأعداد مليونية من أشجار العرعر والأشجار المصاحبة لها لتحقيق مستهدف مبادرة السعودية الخضراء في زراعة 10 مليارات شجرة في المملكة خلال السنوات والعقود القادمة بتوفيق الله.

كما أوضح لـ "واس" المهتم في علم النباتات الدكتور صالح الشعيل؛ أن شجرة العرعر تحمل تنوعًا بيولوجيًا، لما تقدمه من خدمات ومنتجات لمحيطها الذي تسكنه، ودورًا فعالاً في ظاهرة التغير المناخي، لما تحمله هذه الظاهرة من بعد جديد وتأثير ربما ينعكس على الغطاء النباتي بمجمله، مشيرًا إلى أن أشجار العرعر تعد إحدى الرموز التي تتفرد بها الحياة الطبيعية في جبال السروات، وهي دائمة الخضرة من الفصيلة السروية، وأفرادها عبارة عن أشجار كبيرة الحجم، إذ تفضل الشجرة الأجواء المناخية الباردة، وتعد من الأشجار البطيئة نسبيا في النمو، ولكنها تعتبر من الفئة المعمرة، التي تعيش لمئات السنين، لتتلاءم مع عوامل التضاريس والتربة الخصبة والمناخ، ليكون المناخ عنصرًا في بقائها وانتشارها بشكل كبير.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: أخبار السعودية آخر أخبار السعودية الغطاء النباتی

إقرأ أيضاً:

«باجيرا كيبلينجي».. العنكبوت «النباتي» الوحيد بين آكلي اللحوم

من بين حوالي 45000 نوع من العناكب المعروفة، يُعتبر عنكبوت «باجيرا كيبلينجي» (Bagheera kiplingi) فريدًا من نوعه؛ كونه العنكبوت النباتي الوحيد في العالم؛ إذ جميعها من الحيوانات آكلة اللحوم، باستثناء هذا النوع الوحيد، ويعرف هذا العنكبوت القافز تحديدًا بتغذيته شبه الحصرية على المواد النباتية.

عناكب «باجيرا كيبلينجي» النباتية

تعيش عناكب «باجيرا كيبلينجي» في غابات أمريكا الوسطى والمكسيك، وهي صغيرة الحجم، يبلغ طولها ما بين 5 و6 ملم فقط، وتقضي معظم وقتها على الأوراق القديمة لأشجار الأكاسيا منتظرة الفرصة لاقتناص وجبتها المفضلة، وهي أجسام «Beltian» التي تنمو على أطراف الأوراق الصغيرة لأشجار الأكاسيا.

وحسبما ورد على موقع «odditycentral»، فإن الحصول على هذه الوجبة لا يخلو من التحديات؛ فيجب على هذه العناكب القافزة الصغيرة - لكي تشبع من وجبتها المفضلة - أن تجتاز مجموعة من النمل العدواني الذي يتغذى هو الآخر على أجسام «Beltian»، وتقوم العناكب بقطع هذه الأجسام بسرعة بأنيابها، ثم تهرب إلى مكان آمن لتناولها.

وتتميز أجسام «Beltian» بكونها غنية بالدهون والبروتينات؛ ما يجعلها مغذية جدًا للحشرات بشكل عام، ومع ذلك يُعتبر هذا النوع من الغذاء غير معتاد بالنسبة لأنواع العناكب الأخرى التي تعتبر من الحيوانات آكلة اللحوم.

المنافسة في المناطق الاستوائية

ويقول البروفيسور روبرت كاري، من جامعة فيلانوفا في ولاية بنسلفانيا، خلال حديثه لـ«BBC news»: «المنافسة في المناطق الاستوائية شرسة للغاية، لذلك هناك دائمًا مزايا للقيام بما لا يفعله الآخرون، وهذه العناكب هي عناكب قافزة، لذلك فهي لا تبني شبكات لالتقاط الطعام، بل تصطاد فريستها من خلال المطاردة، كما أن أجسام Beltian لا تتحرك، فهي ثابتة، ما يجعلها مصدرًا غذائيًا يمكن التنبؤ به للغاية».

كما أوضح «روبرت» أنه تم اكتشاف النظام الغذائي العشبي لعناكب «باجيرا كيبلينجي» لأول مرة في كوستاريكا عام 2001 بواسطة إريك أولسن من جامعة برانديز، وتم تأكيده في عام 2007 بواسطة كريستوفر ميهان، وهو طالب جامعي في جامعة فيلانوفا، وكان هذا الاكتشاف غير عادي؛ إذ كان الخبراء يعرفون أن بعض أنواع العناكب تكمل نظامها الغذائي آكل اللحوم ببعض حبوب اللقاح أو الرحيق، لكن هذا العنكبوت القافز الصغير اتجه مباشرة إلى الغذاء النباتي، ويقتات أحيانًا على بعض يرقات النمل.

مقالات مشابهة

  • وزيرة البيئة: مشروع ملاذ آمن للحياة البرية يصون التنوع البيولوجي
  • وزيرة البيئة ومحافظ الفيوم يبحثان مستجدات مشروع الملاذ الآمن للحياة البرية وإعادة التوازن البيئي لبحيرة قارون
  • برعاية المحافظ بيئة تنومة تنفذ برنامج “جمع بذور العرعر”
  • وزيرة البيئة: «ملاذ آمن للحياة البرية» بالفيوم يحمي الحيوانات المعرضة للخطر
  • وزيرة البيئة تتابع محافظ الفيوم الموقف التنفيذي لمشروعي الملاذ الآمن للحياة البرية
  • وزيرة البيئة تتابع تنفيذ مشروعي "الملاذ الآمن للحياة البرية" بوادي الريان وإعادة التوازن البيئي لبحيرة قارون
  • فؤاد تعقد اجتماعًا موسعًا مع محافظ الفيوم لمتابعة مشروع الملاذ الآمن للحياة البرية
  • مثقفو سوريا: بلادنا قارة مبدعين مستقبلها مرهون بالغنى والتنوع
  • الغطاء النباتي” يناقش حلول التخفيف من آثار الجفاف
  • «باجيرا كيبلينجي».. العنكبوت «النباتي» الوحيد بين آكلي اللحوم