لو قاتلت المليشيا بشرف ربما كان يمكن أن يقبل الناس السلام معها، مثل أي حرب تنتهي باتفاق سلام. ولكنها لم تفعل، واعتبرت الشعب السوداني وممتلكاته وأعراضة ساحة للمعركة. وهي أرادت إذلال وكسر وإخضاع الناس، وهي لا تراهن على سلام يقوم على تكافؤ وندية ولكنها تريد أن يستسلم لها الناس، أن يقولوا تعبنا من الحرب، و أن يتمنوا وقفها بأي ثمن.

فالميشيا ليس في حساباتها اتفاق سلام يقوم على مبادئ الحق والعدالة والمحاسبة ورد الحقوق، لا تريد سلاما على أسس موضوعية وأخلاقية، ولكنها تريد سلام يفرض بقوة السلاح، أن يخضع لها الشعب السوداني ويتنازل عن كل حقوقه ويسكت عن كل جرائم القتل والاغتصاب والنهب والتخريب والانتهاكات: ممنوع أن تتكلم عن الحق أو عن العدالة أو المحاسبة؛ أنت على حافة المجاعة والموت، يحق لك أن تكون موضوعا للمزايدة وللابتزاز لوقف الحرب؛ هذا هو حقك، كمواطن مثير للشفقة ولكن لا تسأل عمن تسبب في مأساتك، من شردك من بيتك وشرد أطفالك ومن قتل أقربائك وجيرانك وأصدقاءك. لك أن تطالب فقط بوقف الحرب وعلى الجيش أن يذهب ليتفاوض ويوقف الحرب ولكن لا تسأل كيف.

المليشيا ومن يدعمونها يريدون وقف الحرب بهذا المعنى. وكأنها حرب بين طرفين متعادلين متكافئين وليس بين شعب ومجموعات إجرامية، أسهل شيء عندها أن تقصف مدينة بشكل عشوائي، وما دخلت مدينة أو قرية إلا وقتلت وشردت الناس. هذه هي الحقيقة، المليشيا عبارة عن مجموعات من الأوباش والمرتزقة بلا أي مشروع وبلا أي أخلاق، تعتمد كليا على الإرهاب.

ولذلك ستحقق المليشيا أهدافها في حالة واحدة هي حالة نجاحها في هزيمة الشعب السوداني وكسر إرادته وإرغامه على التخلي عن كل ما آمن به قيم وأعراف والتخلي حتى عن الحس السليم العادي. لكي تقبل بالمليشيا يلزمك أن تتخلى عن عقلك وعن معتقداتك وقيمك، تنسى أشياء اسمها منطق، كرامة، عدالة، حق وما شابه من مفاهيم وتؤمن فقط ببندقية المليشيا.

ولهذا السبب أيضا فإن السلام مع المليشيا مستحيل. عمليا لن تستطيع المليشيا هزيمة الشعب وإخضاعه وتجريده من كرامته البشرية، هذا لن يحدث. وهو ما يعني استحالة السلام مع هؤلاء الأوباش حتى لو استمرت الحرب لقرن كامل. ولذلك، فإن أقصر طريق للسلام هو استسلام المليشيا لا الشعب السوداني.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الشعب السودانی

إقرأ أيضاً:

السعودية والاتحاد الأوروبي يبحثان مستجدات البحر الأحمر

أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى اليمن المشرف على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، محمد آل جابر، حرص الرياض على تعزيز التعاون والشراكة مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

 

وقال ال جابر في بيان نشره على حسابه بمنصة (إكس) إنه أجرى لقاء وصفه بـ"المثمر والبناء" مع رئيس بعثة الاتحاد الأوربي لدى اليمن، وسفراء الدول الأوربية لدى المملكة واليمن في مقر البعثة في الرياض، ناقش سبل استمرار الدعم المشترك لدعم الحكومة اليمنية والتخفيف من معاناة الشعب اليمني وتحقيق السلام والاستقرار في اليمن.

 

 

كما أكد مواصلة تقديم الدعم اللازم لمؤسسات الدولة اليمنية للإسهام في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية وضبط الحوكمة، ودعم بناء القدرات المؤسسية.

 

وحسب السفير السعودي فإنه اللقاء بحث مستجدات أحداث البحر الأحمر، والتحديات الإنسانية والإغاثية في اليمن، وسبل استمرار الدعم المشترك لدعم الحكومة اليمنية و التخفيف من معاناة الشعب اليمني الشقيق و تحقيق السلام والاستقرار في اليمن.

 


مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني لرويترز: السودان كشف تورُّط الإمارات الإجرامي وضلوعها في قتل السودانيين بدعمها ورعاية المليشيا.. والآن تحاول ذر الرماد في العيون وتختلق التهم الباطلة
  • هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟
  • معاوية البرير: هذه فرص تعافي الاقتصاد السوداني في حال توقفت الحرب
  • لابيد: كل الرهائن سيموتون إذا استمرت حرب غزة
  • ابن خلدون تكلم في أن الحرب تفسد أخلاق الناس
  • الإمارات: التزام راسخ بتخفيف معاناة الشعب السوداني
  • السعودية والاتحاد الأوروبي يبحثان مستجدات البحر الأحمر
  • الخارجية: الحرب التي تخوضها ميليشيا الجنجويد بالوكالة عن راعيتها الإقليمية موجهة ضد الشعب السوداني ودولته الوطنية
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تريد إلحاق أكبر قدر من الدمار بقطاع غزة
  • استمرار جهود الوسطاء لوقف الحرب والعدو يتوعد بتوسيع عملياته :الاحتلال يصعد جرائمه على مراكز النزوح وانهيار كامل للمنظومة الصحية في غزة