اغتيال فؤاد شكر.. إسرائيل تؤكد وحزب الله يلتزم الصمت
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نجح في اغتيال القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في الغارة التي شنها على ضاحية بيروت الجنوبية مساء الثلاثاء وأسفرت عن 3 قتلى مدنيين و74 جريحا، في وقت لم يصدر عن حزب الله بيان بشأن الأمر.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الجيش الإسرائيلي قضى على من وصفه برئيس الأركان في حزب الله فؤاد شكر في ما وصفها بالعملية القاتلة والدقيقة في ضاحية بيروت الجنوبية.
وأضاف غالانت في منشور على منصة إكس أنه باغتيال شكر "أكدنا اليوم أن بمقدرتنا الوصول لكل مكان من أجل تدفيع ثمن من يمس بإسرائيل"، وفق تعبيره.
كما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أن الغارة الإسرائيلية نفذت بناء على معلومات الاستخبارات العسكرية، وقال هاغاري إن فؤاد شكر كان مسؤولا عن القتال في مواجهة إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حسب قوله.
وأوضح المتحدث، في بيان: "من خلال عملية تصفية دقيقة قام بها الجيش الإسرائيلي، أغارت طائرات حربية على بيروت، وقضت على فؤاد شكر، وكنيته سيد محسن".
وأضاف هاغاري أن شكر هو "القيادي العسكري الأبرز في حزب الله ومسؤول الشؤون الإستراتيجية فيه"، كما "كان يُعتبر كذلك اليد اليمنى لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، ومستشاره لشؤون التخطيط وإدارة الحرب"، وفق تعبيره.
كما ادعى أن فؤاد شكر كان ضالعا بشكل مباشر في اختطاف جثامين 3 جنود عام 2000.
شهداء وجرحى
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن 3 أشخاص بينهم طفلان استشهدوا وأصيب 74 آخرون في الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وكانت مُسيّرة إسرائيلية شنت غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهدفت بعدد من الصواريخ مبنى سكنيا في منطقة حارة حريك، التي كانت تضم ما يعرف بالمربع الأمني لحزب الله، حيث مكاتب الأمانة العامة ومجلس الشورى وغيرها.
وذكرت شبكة سي إن إن الأميركية أن الولايات المتحدة قدمت مكافأة 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن القائد بحزب الله الذي استهدفته إسرائيل.
في المقابل، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه هاجم بشكل دقيق في بيروت القائد المسؤول عن قتل الأطفال في مجدل شمس.
وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يلتقي مع كبار قادة الجيش الإسرائيلي في مكتبه، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى تحسبا لرد حزب الله.
وأكدت الصحيفة أنه لم يتم إبلاغ الوزراء في المجلس السياسي الأمني (الكابينت) بالهدف قبل تنفيذ العملية خوفا من التسريبات.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن "الضربة في بيروت تمثل رد إسرائيل على حادث مجدل شمس، وبالنسبة لإسرائيل انتهى الهجوم والأمر يعتمد على رد فعل حزب الله".
وأضافت الهيئة أن القرار بشأن هدف هجوم الضاحية الجنوبية اتخذ يوم الأحد الماضي مع عودة نتنياهو من واشنطن، مؤكدة أن إسرائيل أبلغت الإدارة الأميركية قبل تنفيذ محاولة الاغتيال في بيروت.
وأكد مراسل الجزيرة أن البلدات الحدودية الإسرائيلية طالبت سكانها بتوخي الحذر والاستماع لتعليمات الجبهة الداخلية.
وأضاف المراسل أن فرق الإسعاف والإنقاذ في شمال إسرائيل تلقت تعليمات بالبقاء على أهبة الاستعداد القصوى.
تنديد لبناني
في الأثناء، ندد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بـ"العدوان السافر" على الضاحية الجنوبية لبيروت واعتبره حلقة في سلسلة العمليات العدوانية.
وأضاف ميقاتي "نضع العدوان الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته وإلزام إسرائيل بوقف عدوانها، كما سنحتفظ بحقنا الكامل في اتخاذ كل الإجراءات التي تساهم في ردع العدوان الإسرائيلي".
من جهته، أكد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب أن لبنان يعتزم تقديم شكوى في الأمم المتحدة ضد إسرائيل.
كما قالت الجماعة الإسلامية في لبنان إنها "تستنكر العدوان الإسرائيلي الجبان والغادر على بيروت، وتؤكد على حق قوى المقاومة والجيش اللبناني في الدفاع عن أهلنا ومدننا".
بدوره، قال الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط "نحن في حالة حرب وعلينا توقع كل شيء من إسرائيل".
دعم أميركيوعلى الفور، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن "دعم الولايات المتحدة لأمن إسرائيل قوي ولا يتزعزع ضد التهديدات المدعومة من إيران بما في ذلك تهديد حزب الله".
وأضافت الخارجية الأميركية أنها تعتقد أنه يمكن تجنب التصعيد ومواصلة العمل نحو التوصل إلى حل دبلوماسي.
بدوره، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الولايات المتحدة ستدافع عن إسرائيل إذا تعرضت لهجوم من حزب الله.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن التقديرات في إسرائيل بأن الهجوم على بيروت سيؤدي لإطلاق نار كبير من جانب حزب الله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی الضاحیة الجنوبیة حزب الله فؤاد شکر
إقرأ أيضاً:
انتصارات رمضان.. خطة الدهاء المصرى تكتب النصر لمصر.. واعترافات جنرالات الجيش الإسرائيلى تؤكد: الواقع يحطم الأسطورة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحديات كبيرة واجهها الجيش المصري ونجح في تخطيها ليحقق انتصار أكتوبر في العاشر من رمضان، حيث يعد الانتصار واحدًا من أبرز انتصارات العصر الحديث، فحرب يوم السادس من أكتوبر لعام ١٩٧٣، الموافق يوم العاشر من رمضان لعام ١٣٩٣ للعام الهجري، وخلافا لأي تصورات تفيد بأن العرب والمسلمين قد يميلون إلى الخمول والكسل في شهر رمضان المبارك، فإن التاريخ يثبت بوضوح شديد كيف غامر المسلمون أمام جيوش ضخمة، وأعداء يملكون من القوة والبأس الكثير، منهم الفرس والروم والإسبان قديما، وأما حديثا فقد نجحت قوات الجيش المصري من عبور المانع المائي الصعب، قناة السويس، وتحطيم خط بارليف في مفاجأة أذهلت العالم وحطمت غرور وطموحات دولة الاحتلال في المنطقة.
وتسلح المصريون بالعزيمة والإصرار والإيمان، وتحمسوا لخوض معركة منتظرة، لرد الكرامة والأرض من العدو الغاصب، فلم يفكر أحد في شيء سوى النصر التام. وبحسب الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، فإن انتصار أكتوبر كان بمثابة نقلة عظيمة في تاريخ المنطقة بأثرها وليس في تاريخ مصر فقط، لأن هذا الانتصار محى أثار هزيمة ١٩٦٧ وغير مفاهيم الحرب والسلام حول العالم.
نجح الجيش المصري في استكمال خطة الخداع التي لعبها قبل اندلاع حرب السادس من أكتوبر للعام ١٩٧٣، حيث تمكن من مفاجأة العدو الإسرائيلي وإحراز الانتصارات منذ اللحظات الأولى للحرب.
في كتابه «حرب يوم الغفران.. الواقع يحطم الأسطورة»، سرد إيلي زعيرا رئيس المخابرات العسكرية آنذاك، عددًا من الخطوات التي اتخذها الجانب المصري لإيهام إسرائيل، إلى جانب اعتماد المصريين على خطط بسيطة في الحرب ليست معقدة.
قال «زعيرا» إن الجانب المصري قرر أن تقوم جميع الوحدات المتمركزة منذ أشهر أو سنوات على طول القناة، بعبور القناة من قطاع تمركزها، وليس هناك داع لتحريك وحدات من قطاع إلى قطاع، والتعرف من جديد على المنطقة، أي أن تعمل جميع الوحدات من أماكنها ومهمتها هي عبور المانع المائي الذي يتمركزون على طول شاطئه ثم التمركز على الضفة المقابلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع المناورات منذ بداية عام ١٩٧١ كان هدفها إعداد الجيش المصري لتنفيذ هذه الخطة البسيطة.
ويعتقد «زعيرا» أن مصر استفادت فكرة تطوير المناورة إلى حرب من الجانب الروسي، قائلا: إن تطوير المناورة إلى حرب هي نظرية روسية، وقد تم تنفيذ هذه النظرية بالفعل عندما غزا الجيش السوفييتي تشيكوسلوفايكا عام ١٩٦٨.
وعن الإيهام والخداع أشار إلى أنه من أجل التأكيد على إيهام الجيش الإسرائيلي بأن مصر تقوم بمناورة، اتخذ المصريون عدة إجراءات كانت ضرورية من وجهة نظرهم، لإبلاغ المخابرات الإسرائيلية بما يريدون ولقد كانوا على حق. وتابع: من خلال أجهزة جمع المعلومات المتطورة في جيش الدفاع الإسرائيلي علم أن الجيش المصري ينوي إجراء مناورة على غرار مناورات الخريف السنوية، وسوف تبدأ يوم ١أكتوبر وتنتهي يوم ٧ أكتوبر، وأن الضباط المصريين الذين ينوون القيام بمناسك الحج سيتاح لهم ذلك بعد انتهاء المناورة، كما سيبدأ تسجيل أسماء الضباط الراغبين في الحج بدءا من يوم ٩ أكتوبر، ووحدات الاحتياط المشتركة في المناورة سيتم إنهاء الاستدعاء بداية من ٤ أكتوبر، وسيتم إشراك الدارسين في كلية القادة والأركان في هذه المناورة حتى يوم ٩ على أن تستأنف الدراسة في الثامنة والنصف صباح يوم ٩ أكتوبر.
وأضاف: وفي يوم ٢٧ سبتمبر تم تعبئة حوالي ١٢٠ ألف فرد للاشتراك في المناورة "تحرير٤١" ثم تم إنهاء استدعاء ٢٠ ألف فرد منهم وعادوا إلى منازلهم يوم ٤ أكتوبر، ولقد أنهى استدعاء هؤلاء الأفراد لتأكيد المعلومات التي نقلت بالطرق المختلفة، والتي أفادت بإنهاء استدعاء وحدات الاحتياط المشتركة في المناورة، بداية من يوم ٤ أكتوبر، وهذه المعلومات كانت جزءا من عملية الخداع، وهي معلومات حقيقية من أجل خلق انطباع معين لدى العدو-إسرائيل.
ووصل «زعيرا» إلى نتيجة منطقية ترسخت لدى المخابرات، قائلا: وبناء على ذلك فقد كانت شعبة المخابرات على علم مسبق بما سوف يحدث من إنهاء استدعاء الاحتياط يوم ٤ أكتوبر، وعندما حان الموعد تأكد صدق المعلومات على الواقع. وهذا الأمر أكد لضباط المخابرات المختص بتقدير الموقف بأن الأمر ليس أكثر من مناورة.
عقب الانتصار العظيم الذي أحرزته مصر في حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٣، أعاد القادة العسكريون في إسرائيل تفسير التحركات المصرية الملغزة قبل اندلاع الحرب، وخلال ذلك اتهموا بعضهم بتحمل مسئولية الهزيمة الساحقة، كان من بين هؤلاء حاييم بارليف رئيس الأركان في الفترة ١٩٦٩-١٩٧٢ الذى قال في شهادة له إن مسئولية الخداع من الجانب المصري تقع على عاتق القائد الأعلى للجيش، فهو المسئول عن نجاح عنصر المفاجأة للجيشين المصري والسوري في اللحظات الأولى للحرب.
وفي كتابه «حرب يوم الغفران» يورد إيلي زعيرا، شهادة بارليف الذي عُرفت باسمه التحصينات القوية المقامة على خط القناة «خط بارليف»، حيث قال: أيا كان تقدير رئيس المخابرات العسكرية، فإن المسئولية وما يستتبعها تقع على القائد الأعلى، فحتى لو قدر رئيس المخابرات العسكرية مثلا أن التحركات التي يقوم بها جيش العدو على الساحة تعني القيام بمناورة، فإن مسئولية القائد الأعلى تلزمه بأن يتخذ إجراءات حذر، مهما كلفه الأمر، لأن الوضع هنا يتعلق بخط الجبهة. ومن أجل الحيلولة دون وقوع مفاجأة فالأمر لا يحتاج إلى جهود فكرية خاصة، بل يجب أن نكون منتبهين للإجراءات التي يقوم بها العدو على الساحة، بدون أي ارتباط بالنوايا الكامنة وراء هذه التحركات والخطوات.
وأضاف «بارليف» في شهادته: وهذا لا يعني رفض تقدير رئيس المخابرات بل إن هذا من واجب مسئولية القائد الأعلى.. يحتمل إذن أن من الأفضل ألا يطلب القائد الأعلى من رئيس المخابرات أن يكون مستشارا أو أن يعبر عن رأيه الشخصي حول مسألة التصرف المحتمل للعدو، وليس فقط تحديد الخطوات التي يقتضيها هذا التقدير.
قبل أن تبدأ الملحمة الوطنية المصرية الكبيرة، التي استرد فيها العرب كرامتهم وأرضهم المسلوبة، كانت هناك حالة من الارتباك تسبب فيها خطة الخداع الاستراتيجي التي نفذتها كل من مصر وسوريا بنجاح كبير شهد له العالم كله، وأثبت نجاحه في إحراز النصر منذ اللحظات الأولى للحرب.
يذكر الجنرال الإسرائيلي إيلي زاعيرا في مذكراته التفاصيل الكاملة لما حدث في يوم الجمعة الخامس من أكتوبر لعام ١٩٧٣، ويصف هذا اليوم بأنه «أحد الأيام القليلة في حياتي المحفورة في ذاكرتي والتي لا يمكن نسيانها»، كما أنه يصف هذا اليوم بـ«الطويل جدًا».
يقول «زاعيرا» متحدثا عن تلك المدة القليلة التي سبقت الحرب: «في هذا الأسبوع لم أذهب منذ بعض الأيام إلى مكتبي بسبب مرضي، ومع مساء يوم الخميس بدأت تصل إلى منزلي معلومات غريبة وليس لها تفسير عن ترحيل سريع لعائلات الخبراء الروس من سوريا، ولقد تم إبلاغي أن عائلات الخبراء الروس سترحل على الفور من سوريا جوًا بواسطة طائرات نقل ستصل من الاتحاد السوفيتي، وبحرًا بواسطة سفن سوفيتية ترسو في ميناء اللاذقية.. وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل اتصلت تليفونيا برئيس الموساد "تسفى زامير» وأبلغته عما يحدث في سوريا، وأتذكر أن هذه الأيام هي المرة الأولى التي أتصل فيها برئيس الموساد تليفونيا بعد منتصف الليل منذ أن عُينت رئيسًا لشعبة المخابرات وقد أبلغني «زاميرا» أنه حصل على معلومات من مصدر موثوق تفيد بأن شيئًا ما سوف يحدث، ولذلك فهو سوف يسافر إلى خارج البلاد لإجراء لقاء وجهًا لوجه مع مصدر هذا الخبر، ولكي يحصل منه على مزيد من المعلومات وقلت له: إذا كانت هناك أخبار تحذيرية يجب أن تتصل بي تليفونيا على الفور وإبلاغي بالأخبار دون انتظار.
يقول «زاعيرا»: «هنا لابد أن أؤكد أن هذه هي المرة الأولى والوحيدة منذ أن توليت منصب رئيس شعبة الاستخبارات أن قلت لوزير الدفاع ليس لدي تفسير لظاهرة معينة.. هذه هي الحقيقة، في هذه المباحثات في مكتب وزير الدفاع يوم ٥ أكتوبر سمع وزير الدفاع جملة واضحة (ليس لدي تفسير لذلك)، وأضاف، إن الحالة العقلية التي سيطرت على تقديرات قادة جهاز الدفاع يمكن وصفها بالثقة الكاملة في قدرة القادة النظامية والسلاح الجوي على صد أي هجوم مصري سوري وقدرة القادة على تجميع قوات الاحتياط بسرعة والتحول على الفور إلى الهجوم المضاد ولم يكن لأحد أي مجال للشك في قدرة جيش الدفاع الإسرائيلي. وشرح أن الفجوة بين التوقعات فيما يتعلق بالقدرات القتالية لجيش الدفاع الإسرائيلي وبين الواقع الذي اتضح خلال الـ٤٨ ساعة الأولى من القتال أدت إلى احتلال مصر لخط بارليف، وفشل السلاح الجوي في تقديم المعونة للقوات البرية، وفشل الهجوم المضاد على منطقة القناة، مشيرا إلى أنه "كان وقتا عصيبا ومن أقسى الأوقات في تاريخ دولة إسرائيل».
صباح يوم الحربصباح يوم الحرب، عقد قادة إسرائيل اجتماعا مطولا، طرحوا فيه العديد من الأفكار لتفسير التحركات على الجبهتين المصرية والسورية، إلا أنهم لم يتمكنوا من اتخاذ القرار الصحيح، الذي يحميهم من هبة الجيش المصري الذي دك حصونهم القوية.
عن هذا الاجتماع يسرد «زاعيرا»، قائلا: في التاسعة صباحا أجرى وزير الدفاع مشاورات في مكتبه وقد استدعى إلى هذه المشاورات مساعد وزير الدفاع الفريق «تسفى تسور» ورئيس الأركان العامة الفريق «ألعازر» ونائب رئيس الأركان العامة اللواء «يسرائيل طل» ومدير عام وزارة الدفاع «عيروني» ورئيس شعبة المخابرات اللواء «إيلى زاعيرا» والسكرتير العسكري لوزير الدفاع ورئيس منكتب رئيس الأركان ومعاون وزير الدفاع.
دار نقاش بين القيادات واتخذوا عدة قرارات مثل: إلغاء الإجازات على الجبهتين المصرية والسورية، وإلغاء إجازات في السلاح الجوي، ويظل الطيارون في قواعدهم في حالة استعداد كاملة.
تمت مناقشة التحركات المصرية السورية على نحو الخوف من هجوم مفاجئ لإسرائيل على الأراضي المصرية وكانت تلك المخاوف جزء من خطة الخداع المصرية السورية.
وتساءل زاعيرا من جديد عن قيام السوفيت بترحيل النساء والأولاد مع ترحيل الخبراء وأعطى مجموعة من الاحتمالات، الأول: هو أن الروس يعلمون بنوايا مصر وسوريا الهجومية وهم يدركون أن الهجوم الإسرائيلي المضاد سوف ينجح وسيصل إلى العمق وإلى عائلاتهم، أو أنهم يبلغون مصر وسوريا عدم رضاهم عن النوايا الهجومية لذلك يقومون بترحيل عائلاتهم.
الثاني: الروس يخشون من هجوم إسرائيل وأنا أرى أنه إذا كان الروس يعتقدون ذلك لكانوا طلبوا من أمريكا التدخل لوقف ذلك الهجوم، والأمريكان لم يخبرونا بشيء. الثالث: ما يجري أمور متعلقة بالشئون الداخلية في العلاقات بين روسيا وسوريا ولا أعرف إذا كانت هناك احتكاكات لا نعرفها وما يزعجني حدوث ذلك في مصر أيضا. ولكن يمكن أن أقول إنه ربما يحدث في مصر شيء لا نعرفه، أو ربما يرى الروس أنه إذا كانت مهمتهم قد انتهت في سوريا فعليهم أن ينهوا مهمتهم أيضا في مصر لأن المصريين بالتأكيد سوف يحذون حذو سوريا. من الممكن تفسير الاستعدادات المتزايدة في مصر وسوريا بأنها بسبب الخوف من هجوم إسرائيلي ولكنه يشك في ذلك.
وافق وزير الدفاع موشيه ديان على إعلان حالة الطوارئ فيما يتعلق بالاستعدادات العسكرية دون أن يصدر أوامره بتعبئة قوات الاحتياط، لأن مخاوف موشيه ديان لم تكن عسكرية كان يدور في رأسه اعتباران وكلاهما سياسيان: الاعتبار الأول متعلق بالسياسية الخارجية: ما هو رد الفعل العالمي وبصفة خاصة رد فعل أمريكا إذا ما قامت إسرائيل بتعبئة قوات احتياط علانية؟ والاعتبار الثاني داخلي: الخوف من إحداث ذعر داخل إسرائيل.
ولم يبد أحد الحاضرين مخاوف من النتائج العسكرية للهجوم المفاجئ ولم يطرح أحد اقتراحا بتعزيز الجبهات فورا بقوات الاحتياط فالشعور العام السائد هو أن القوات النظامية والسلاح الجوي يمكنهما صد الهجوم. وأوضح ديان أن هناك أمر لا مناص من عمله وهو أن يسأل الأمريكان الجانب الروسي عن سبب ترحيل عائلاتهم، فالأمر لم يعد سرا والجميع يعرفون ذلك.
خوفا من أي تحركات تحسب على الجانب الإسرائيلي، قرر ديان أن تلجأ أمريكا لسؤال الروس عما يحدث في مصر وسوريا، كما أراد أن يوجه إنذارا يفيد بأن إسرائيل لا تنوي القيام بأي هجوم، وأنهم على علم بما يحدث في مصر وسوريا فعنصر المفاجأة غير وارد.
والحقيقة أن هذه اللحظات كان مربكة لقادة إسرائيل، وقد عجزوا عن فك شفرة التحركات المصرية السورية، وجرى خداعهم بشكل فضح قوتهم أمام العالم، وذلك في العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، فما هي إلا ساعات بعد الاجتماع الصباحي الإسرائيلي حتى جاء التفسير الصحيح للتحركات المصرية.