على المطاعني يكتب: الجودة تبدأ بالترخيص
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
الجهود المبذولة لتنظيم القطاع السياحي كبيرة ومتشعبة حيث ترمي هذهالجهود إلى تعزيز الجودة بالقطاع وعلى الأخص المنشآت الفندقية باعتبارها الملاذالذي يستريح فيه الزائر والمكان الذي يبحث عنه السائح قبل الشروع في بدء رحلتٌه والذي بناء عليه يتحدد قراره بشان الوجهة التي يختارها، كما أنها الانطباع الأهم الذييخرج به السياح عند زيارة أية دولة.
بل إن الضيافة وجودتها بشمولية عناصر هذه الجودة هي المعبر الحقيقيعن ثقافة أي بلد وانعكاس لرقي سكانها ومحافظتهم على القيم المتأصلة، لذا فإنالجودة. في المنشآت الإيوائية مسألة غاية في الأهمية و يجب أن تتكامل كل الجهودللارتقاء بها. وتأتي الحملة التثقيفية التي دشنتها وزارة التراث والسياحة تحت عنوان (الجودة تبدأ بالترخيص) والتي تسعى إلى توجيه النزلاء إلى اختيار الفنادق المرخصة بالإضافة إلى حث المستثمرين وملاك المنشآت الفندقية على استخراج التراخيص لتعمل على تنظيم القطاع خاصة وأن عددالمنشآت الفندقية غير المرخصة بلغ 1700 منشأة في ولايات سلطنة عمان.
من هذاالمنطلق تحمل هذه الحملة أهمية كبيرة لما تهدف إليه من ارتقاء بجودة الفنادق علىاختلافها لتصب في تقديم تجارب سياحية رائعة للسياح، وإيجاد انطباعات إيجابية، الأمر الذي يتطلب من أصحاب المنشآت الفندقية وكافة المستثمرين إيلاء هذا الموضوعكل الاهتمام لضمان حقهم في تنافس يوازي الجودة المطلوبة.
فلا شك أن جودة المنتجات الفندقية عاملا مهما في القطاع السياحي فياية دولة و منطقا قويا لتسويقها من خلال تجارب السياح التي ينقلونها لاقاربهم والأصدقاء.
ولذا فعلى أصحاب المنشآت الفندقية إدراك ذلك خاصة وأن المستهلك اليومأكثر ذكاء والخيارات لديه واسعة من خلال ضغطة زر على شبكة المعلومات العالمية لاختيار مكان الاقامة ووجهة الزيارة، ويجب أن تعكس الصورة التي توضع على مواقع الحجوزات مستويات المنشآت الفندقية لكي تتكامل الجهود التسويقية مع التجارب السياحية في تسويق المنشآت أولا ومواكبة تطور القطاع السياحي ثانيا، وإعطاء انطباعات إيجابية عن البلاد ثالثا.
فالاستثمار في السمعة من خلال الجودة هو الفيصل اليوم في كل شيء مهما بلغت التكلفة وبعد المسافات، وهو ما يجب أن يعيه كلالمستثمرين على اختلاف استثماراتهم في المنشآت الإيوائية على اختلاف تصنيفاتها وتعددأنواعها و الإيمان الأقوى بأن المنتج يسوق نفسٌه بنفسه في نهاية المطاف وكما يقاليبيع نفسه. أما.
المنشآت السياحية غير المرخصة البالغ عددها وفق إحصائيات الوزارة 1700 منشأة فندقية فهذه غير أنها مخالفة بحكم القانون بممارسة أعمال وأنشطة غير مرخصة وتعلن على مواقع الحجوزات والحسابات الإلكترونية فهي أيضا ترتكب جريمة في حق نفسها لأي طارئ أو مكروه قد يحصل فيها من قبل الزوار لا يحمد عقباه، وتنال من العقوبات أكثر من مخالفات الترخيص، وهو ما يجب أن ينتبه له المستثمرون فيالأنشطة الإيوائية، فضلا عن أن الترخيص السياحي يعطي قوة للمنشأة الفندقية وعندما يضعالفندق أو النزل هذا الترخيص في مكان بارز وعند التسويق على المواقع الإلكترونية فإن ذلك بمثابة شهادة معتمدة وتعد بحد ذاتها تسويقا يمنح الزوار الثقة في الحجز فيهذه المنشأة أو تلك ويفتح آفاقا أوسع لتطوير الاستثمار في هذا القطاع.
فالقيمة المضافة لترخيص المنشآت الفندقية لها من المكاسب ما تدفع كل المستثمرين إلى عدمالتراخي عن ترخيص المنشآت الخاصة بهم، قبل أن يضعوا أنفسهم حتى طائلة القانون و مايمثله من انتكاسة لهم.
فالاستفادة من المزايا والتسهيلات التي تقدمها وزارة التراث والسياحة و الجٌهات الأخرى يجب استثمارها في تطوير المنشآت وعدم ارتكاب المخالفات.
وهذه الحملة " الجودة تبدا بالترخيص " جاءت لكي تقرعالجرس بأن الحكومة ممثلة في وزارة التراث والسياحة لن تتغاضى عن التجاوزات في هذاالشأن الذي لا يقبل القسمة على اثنين. بالطبع هناك استثمارات في النزل والمنشآت الفندقية في كل ولايات سلطنة عمان وخاصة السياحية ومنها ما يثلج الصدر للمستويات الرائعة التي شاهدتها والمرافقالتي فيها والخدمة الجيدة والتي يستحق القائمين عليها كل الشكر والتقدير على مايبذلونه، ولكن في الجانب الآخر هناك من يتلاعب و ينظر للأمور بمنظار الربح السريعوخداع الناس والتهرب من التراخيص، للابتعاد عن اشتراطات الجودة والتصنيف وإلى غيرذلك من متطلبات الصحة والسلامة والأمان.
نأمل أن تعي المنشآت الفندقية و أصحابها بأن في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح، كما أن الوزارة تتابع ما يجري ومن لا يأتي طوعا لترخيص منشآتها الفندقية فإن قوة القانون هي من سوف تلزمه، ولن يسمح بالتلاعب بالجودة والتهرب منالتراخيص ومتطلباتها، في المقابل فإن المستهلك كما أسلفنا سواء كان زائرا أو مشتريافهو ذكي جدا في انتقاء الأفضل والبحث عن المنشأة التي تحقق له رغباته وتكون بمستوىما يدفعه. و هو ما يجب أن نعيه و نعمل عليه فلا مجال اليوم إلا الجودة.
المصدر: الشبيبة
إقرأ أيضاً:
حارات عُمان في سباق التميُّز السياحي
سهام بنت أحمد الحارثي
harthisa@icloud.com
تشهد سلطنة عُمان اهتمامًا متزايدًا بالسياحة التراثية كأحد المحاور الرئيسة لتعزيز الهوية الثقافية وتنويع الاقتصاد الوطني. باتت الحارات القديمة في مختلف المحافظات تجذب الأنظار لما تحمله من قيمة تاريخية واجتماعية، وتحولت إلى مشاريع مجتمعية تهدف إلى استعادة هذا الإرث وإحيائه، ومن بين هذه النماذج، تبرز جهود المجتمعات المحلية في حارة العقر بنزوى، حارة غرفة الشيخ في وادي المعاول، وقرى تراثية أخرى مثل الحويرة بولاية وادي بني خالد، حارة السيباني بولاية إزكي، وحارة الغرش بولاية الحمراء.
في ولاية نزوى، تأتي حارة العقر كنموذج متكامل للتراث العُماني، الحارة التي تعود إلى مئات السنين خضعت لعمليات ترميم دقيقة للحفاظ على طابعها التقليدي وساهمت هذه الجهود في تعزيز الحركة السياحية، حيث استقطبت نزوى في عام 2023 أكثر من 400 ألف زائر، وكانت حارة العقر من بين الوجهات الأبرز التي جذبت السياح، مما ساهم في دعم الاقتصاد المحلي وإبراز الحرف التقليدية العُمانية.
أما في ولاية وادي المعاول، فقد نجحت حارة "غرفة الشيخ" في جذب الاهتمام بفضل موقعها المميز وسط الجبال وطبيعتها الساحرة، شهدت الحارة زيادة بنسبة 25% في أعداد الزوار خلال عام 2024، نتيجة لمبادرات المجتمع المحلي في ترميم المباني القديمة وتنظيم فعاليات ثقافية. وتبرز الحارة اليوم كوجهة سياحية تجمع بين الأصالة والتراث الطبيعي، مما يجعلها مثالًا حيًا لتوظيف الموارد المحلية في تطوير السياحة.
وفي ولاية وادي بني خالد، نجد قرية الحويرة التي تحولت إلى محطة سياحية بارزة بفضل جهود سكانها في استعادة المباني القديمة وإبراز تراث المنطقة. تتميز القرية بموقعها القريب من الأودية الطبيعية، مما يجعلها مزيجًا فريدًا من الجمال الطبيعي والتراث الثقافي، حيث تشهد إقبالًا متزايدًا من السياح.
ولاية إزكي أيضًا تركت بصمتها في هذا المجال من خلال حارة السيباني، التي عُرفت بعمارتها التقليدية وموقعها المميز في واحدة من أقدم الولايات العُمانية، شهدت الحارة عمليات ترميم واسعة واحتضنت فعاليات ثقافية وحرفية أسهمت في إعادة إحياء دورها كمركز جذب سياحي.
أما ولاية الحمراء، فقد كانت حارة الغرش مثالًا آخر على التميز في توظيف التراث، بفضل جهود المجتمع المحلي، تم ترميم الحارة وإبراز تاريخها عبر تنظيم جولات سياحية وأنشطة تراثية تربط الزوار بالماضي العريق.
الفعاليات السياحية والثقافية تعد عنصرًا أساسيًا في تعزيز تجربة الزوار ودعم الاقتصاد المحلي. على سبيل المثال، فعالية "رنين في مطرح"، التي أقيمت في الحي التجاري القديم بمطرح، شهدت إقبالًا كبيرًا، حيث حضرها أكثر من 10000 زائر في عام 2023. الفعالية ركزت على إحياء التراث الموسيقي العُماني وتنظيم عروض حية في أزقة مطرح القديمة، مما ساهم في تعزيز جاذبية المكان وجذب السياح من مختلف الجنسيات، هذه التجربة تؤكد أهمية تنظيم فعاليات مبتكرة تسلط الضوء على تراث المناطق وتخلق تجارب فريدة للزوار.
على نطاق أوسع، يمكن لفعاليات كبرى مثل البينالي الدولي أن تلعب دورًا محوريًا في الترويج لعُمان كوجهة ثقافية عالمية، من خلال استضافة فعاليات تجمع بين الفنون والتاريخ، يمكن للسلطنة أن تستقطب جمهورًا دوليًا واسعًا وتعزز من مكانتها على الساحة الثقافية العالمية، مما ينعكس إيجابًا على السياحة والاقتصاد.
رغم هذه النجاحات، يبقى دور الحكومة حاسمًا لضمان استدامة هذه المشاريع، هناك حاجة ماسة لتخصيص موارد مالية لدعم ترميم الحارات القديمة، وتطوير البنية التحتية التي تخدم المواقع السياحية. كما أن تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في تطوير الحارات أو تنظيم الفعاليات الثقافية يمكن أن يعزز هذه الجهود.
وفقًا لإحصائيات وزارة التراث والسياحة، حققت السياحة التراثية في السلطنة عائدات بلغت 160 مليون ريال عُماني في عام 2023، مع توقعات بزيادة تصل إلى 20% بحلول عام 2025 إذا استمرت الجهود الحالية. هذه الأرقام تؤكد الإمكانات الكبيرة لهذا القطاع في دعم الاقتصاد الوطني.
وأخيرًا.. إنَّ تجارب الحارات التراثية في نزوى، وادي المعاول، وادي بني خالد، إزكي، الحمراء، وغيرها، تعكسُ الإمكانات الهائلة التي تمتلكها عُمان في مجال السياحة التراثية، ومع تنظيم فعاليات مبتكرة ودعم مستدام من الحكومة والقطاع الخاص، يمكن لهذه المشاريع أن تسهم في تحقيق رؤية "عُمان 2040" وتعزيز مكانة السلطنة كوجهة سياحية وثقافية فريدة.