البلاد ــ الرياض

أعلن المركز السعودي للاعتماد عن منح شهادتي اعتماد لجهتين متخصصتين في منح شهادات الحلال في كل من جمهورية البرازيل الاتحادية ودولة أستراليا، وفق المواصفة القياسية الخليجية GSO 2055-2، التي تشكل معيارًا أساسيًا لضمان الجودة والامتثال في قطاع الحلال، وذلك في خطوة تجسد التزام المركز بالمعايير العالمية وتوسيع نطاقه الدولي.

جاءت هذه الاعتمادات بعد إجراء زيارتين ميدانيتين شملتا كل من البرازيل وأستراليا، حيث زار فريق من المركز الجهتين، وقام بالتحقق من الكفاءة الفنية والإدارية للجهات المانحة لشهادات الحلال، وضمان توافقها مع المعايير الشرعية المعتمدة، وقد شملت الزيارات تقييم نشاط الجهات في مجالات الحلال المتنوعة، بما في ذلك عمليات الذبح وتصنيع المواد الغذائية، طويلة وقصيرة الأجل، وذلك لضمان تحقيق أعلى مستويات الجودة والامتثال.

وتعزز هذه الخطوة الشفافية والموثوقية في قطاع الحلال العالمي، وتسهيل دخول الشركات والجهات المعنية إلى السوق السعودي. ويأتي منح هذه الشهادات كجزء من جهود المركز المستمرة لتنظيم وتطوير قطاع الحلال، وتوسيع أفق التعاون مع الجهات المحلية والدولية لتحقيق الأهداف المشتركة.

كما تمثل هذه الخطوة إضافة إستراتيجية مهمة إلى التنسيق المشترك بين المركز وجميع الأجهزة ذات العلاقة في منظومة الحلال الوطنية بالمملكة، مما يسهم في تعزيز مكانة المملكة في قطاع صناعة الحلال العالمية.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: صحافة الشيخ أحمد الصباحي

هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم فى أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودى بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتى.

أروي هذه الشهادات، بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تُنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.

1- صحيفة السيدة زينب

بعد تقدمى بإجازة مفتوحة من العمل بمجلة المصور بسبب الخلاف المهنى مع الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس التحرير، بدأت أبحث عن البديل، جلست فى مكتبى لبعض الوقت وتذكرت نصيحة الشيخ أحمد الصباحى رئيس حزب الأمة.

كان أحمد الصباحى رئيس حزب الأمة يتردد دومًا على الأستاذ صبرى أبو المجد، فى مجلة المصور، وقد تعرفت عليه فى إحدى زياراته للمجلة، وأبدى إعجابه بما أكتب، وكان دومًا يطلب منى قبول تولى رئاسة تحرير إحدى الصحف التى يود الحزب إصدارها.

توجهت إليه مباشرة فى أعقاب المشادة التى حدثت بينى وبين الأستاذ مكرم، وعندما التقانى فى مقر الحزب قال لى: رخصة صحيفة السيدة زينب جاهزة.

قلت له: هذه صحيفة دينية، أنا أريد أن أصدر صحيفة سياسية.

قال لى: خلاص نغير اسمها من المجلس الأعلى للصحافة اقترحت عليه فى هذا الوقت أن نسميها صحيفة (مصر اليوم).

وبالفعل أخطرنا المجلس الأعلى للصحافة بالاسم الجديد وتمت الموافقة، وبدأنا على الفور الاستعداد لإصدار الصحيفة.

كانت شروطى ألا يتدخل الحزب أو رئيسه فى الجريدة وخطها السياسى، ووافق الصباحى مقابل نشر خبر عن الحزب أو تصريح له بالصفحة الأولى.

كان الشيخ أحمد الصباحى، من الذين يجيدون قراءة الكف، وعندما دخلت إلى مكتبه بعد تركى لمجلة المصور، أصر على قراءة كفى، للتعرف على حقيقة نواياى، لم أتردد فى ذلك، وبعد أن تفحص خطوط الكف لدقائق معدودة، نظر إلى وقال: طيب ومن أصل طيب، بس دماغك ناشفة ومبتسمعش الكلام.

قلت: كل شىء بالإقناع.

قال: عموما على بركة الله.

حدثنى الشيخ أحمد عن لعبة (الكرة الصاروخية) التى اخترعها وكان دومًا يشكو من المحيطين بالرئيس مبارك ويقول: دول عايزين أشوف لهم الكف ومحدش عاوز يزود معاشى!!

أحمد الصباحي رئيس حزب الأمة

كان الصباحى، يشكو من أنه يبذل الغالى والنفيس عندما يتم استدعاؤه لمقابلة الرئيس مبارك، ضمن لقاءاته مع رؤساء الأحزاب السياسية، وكان يقول لى: عندما يتم إخطارى باللقاء، أكوى البدلة والطربوش بخمسة جنيه، وأدفع التاكسى 3 جنيه، و2 جنيه مصاريف فى الروحة والجاية، قولى أنا استفدت ايه، ولا حاجة!!

كان يقول لى دومًا: الحزب ده زى حتة الدهب، مفروض يكسبك مش يخسرك.

كانت تشكيلة الحزب قاصرة على الأقرباء والأًصدقاء، ولم يكن أحد يستطيع الدخول إلى مقر الحزب إلا بإتفاق مسبق، وعندما سألته ولماذا ذلك.. قال: أنت تعرف الانقلابات التى تتم فى الأحزاب، وأنا لست مستعدًا لأى مشاكل، الحزب كده كويس، ومفيش حد يدخل المقر إلا بالكارنيه أو بإخطار مسبق علشان محدش يحتل الحزب ويعزلنى ويعلن نفسه رئيسًا.

2- العدد التجريبى لجريدة مصر اليوم

بدأنا العمل على الفور بجد واجتهاد، وفى العدد التجريبى من صحيفة مصر اليوم، الذى صدر يوم 27 أغسطس 1989، أوضحنا فى الصفحة الأولى مضمون الاتفاق بيننا وبين الشيخ أحمد الصباحى، الذى يتمحور حول الحفاظ على استقلالية الصحيفة، وأن يكون على رأس أهدافها حماية الأمن القومى لمصر وللأمة العربية، وأن أكون أنا المسئول الوحيد عن سياسة الصحيفة التحريرية دون تدخل من أحد.

وبعد الاتفاق مع الصباحى، دعوت لاجتماع للزملاء الذين شكلت منهم مجلس التحرير وعدد من كبار الكتاب الذين قبلوا الكتابة معنا مجانا، وتوقعنا خلال هذا اللقاء الأول ألا يصبر الصباحى كثيرًا، وقد يطيح بنا فى أى وقت..

كان هذا الكلام محل إجماع من الحاضرين، ومع ذلك قررنا المضى فى التجربة، لأنه لم يكن أمامنا خيار آخر، فإصدار الصحف كان قاصرًا فى هذا الوقت على الدولة والأحزاب السياسية، ولم يكن قد صدر بعد قانون الشركات المساهمة لإصدار الصحف.

كان حلم العمر بالنسبة لنا كمجموعة من شباب الصحفيين، أن يكون لدينا صحيفة مستقلة نحررها بأيدينا، ولا يتدخل أحد لقصف أقلام محرريها وكتابها، ولذا كانت فرحتنا عارمة يوم صدور العدد التجريبى من الصحيفة.

بدأنا الاستعداد لإصدار العدد الأول رغم الأوضاع المالية الصعبة، كان المبلغ الذى تم تجميعه لا يتجاوز عشرين ألف جنيه مقابل إعلانات ستنشر مع صدور أعداد الصحيفة، وضعناها فى خزينة الصحيفة وتعاقدنا مع مطابع مؤسسة الأهرام واستأجرنا مقرًا فى 33 شارع قصر النيل - لقد انخرط فى الكتابة معنا منذ البداية عددًا من كبار الكتاب الذين طلبت منهم المشاركة واستجابوا ومنهم الأساتذة جمال الغيطانى، وعادل حمودة، ويوسف الشريف، وجمال سليم، وحامد زيدان، وحمدى الكنيسى، وكمال سعد، وشفيق أحمد على، وفتحى شريف، ومحمد مصطفى، ومحمد هيكل، وياسمين الخيام، وعائشة صالح، وغينم عبده، وصلاح عزام، ومحمود بكرى، ورسام الكاريكاتير الشهير جمعه وعدد كبير من شباب الصحفيين.

مصطفى بكرى مع مجموعة من الأصدقاء

لقد ولدت صحيفة (مصر اليوم) عملاقة منذ بداية انطلاقها، أثارت العواصف داخل بحيرة الصحافة، وحركت حالة السكون التي كانت منتشرة فى هذا الوقت، لم تأبه لكونها لا تزال تحبو فى المهد، بل كانت منذ العدد الأول لصدورها صحيفة جريئة، مقاتلة، مهنية، حيث لفتت الأنظار إليها داخل مصر وخارجها، وسجلت العديد من الإنفرادات الصحفية، التى تتناقلها وكالات الأنباء ونقلت العديد من “خبطاتها” الصحفية صحف عربية مثل السياسة الكويتية والشرق، والراية القطرية، والمدينة السعودية وغيرها.

مصطفى بكرى مع ضياء الدين داود فى الحزب الناصرى

قادت صحيفة (مصر اليوم) حملات ناجحة وقوية، حيث تصدت للمحاولات التى قادها د.لويس عوض واستهدفت الفكرة القومية ودعوته للإنكفاء على الذات، واعتبرت أن من شأن تلك الدعاوى الانعزالية إفقادنا دورنا وريادتنا وإنتمائنا القومى العروبى.

ووقفت الصحيفة إلى جانب الفنانة سهير البابلى، حين تعرضت لحملة ضروس من الكاتب الكبير موسى صبرى، عندما وصفها بـ «الشتامة والشردوحة وسليطة اللسان» وطالب بمنعها من التليفزيون ومحاسبتها بزعم أنها خرجت على النص فى مسرحية (نص أنا، نص إنت) التى انتقدت بعض الأوضاع فى البلاد.

وخاضت الصحيفة حربًا عنيفة ضد الكاتب الكبير أنيس منصور، ودعوته للتطبيع مع العدو الإسرائيلى وهجومه المتواصل على الأمة العربية، وشن عادل حمودة، هجومًا عنيفًا على الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد لوصف الصحفيين بأنهم (عمال تراحيل).

وفى العدد السادس تصدت (مصر اليوم) لإنحراف بعض أصحاب شركات توظيف الأموال، ووصفتهم بأنهم أصحاب إمبراطوريات للاقتصاد الأسود وفى مقدمتهم (أ. أ ).

وواجهت الصحيفة السفير الإسرائيلى (شمعون شامير) الذى وصفته بالجاسوس، وقالت: إنه أحد العناصر النشطة فى جهاز الموساد، واتهمته بإقامة علاقات وروابط قوية مع عدد من الشخصيات المصرية ومنهم أنيس منصور وعبد العظيم رمضان، ود.محمد شعلان وغيرهم.

وتصدت الصحيفة للحملة الشعواء التى تعرضت لها د.نعمات أحمد فؤاد، بسبب دفاعها عن الآثار المصرية ومحاولة العبث بها.

وتصدت للكاتب سمير رجب، حين شن حملة صحفية ضد الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، وقام عدد من كتاب الصحيفة بإجراء حوار مع الأستاذ بهاء أشاد فيه ب(مصر اليوم) ودورها الوطنى وأدائها المهنى العالى.

وكانت الصحيفة قد تلقت فى هذا الوقت إشادات بأدائها من الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، والكاتب الكبير مصطفى أمين، والأساتذة والكتاب الكبار رجاء النقاش، ومحمد الحيوان، ومصطفى نبيل، وصالح مرسى، وعصام رفعت رئيس تحرير الأهرام الاقتصادى وغيرهم.

وواجهت الصحيفة بكل قوة الكاتب والمؤرخ د.عبد العظيم رمضان، عندما شن حملته المسمومة ضد حرب الاستنزاف التى خاضها الجيش المصرى بجدارة، حيث وصفته الصحيفة بأنه مزيف للتاريخ، وقام الكاتب والأديب الكبير جمال الغيطانى، بتنفيذ إدعاءاته التى وصف فيها هذه الحرب بأنها جلبت الخراب على مصر.

فى هذا الوقت كنا قد أصدرنا عشرة أعداد من الصحيفة فى الفترة من سبتمبر وحتى 25 نوفمبر 1989، جاءت كلها كلهيب وحرب على الفساد والفاسدين.

وبقدر ما حازت الصحيفة على إعجاب القارئ، بقدر ما أثارت خنق وحقد المعادين لها فكريًا ومصلحيًا الذين راحوا يدبرون مؤامراتهم ضدها فى الخفاء بعد أن فشلوا فى إغرائنا بسلاح المال والإعلانات، وقبيل أيام قليلة من صدور العدد الحادى عشر والذى كان مقررًا صدوره فى الثانى من ديسمبر من العام نفسه سربت إلينا معلومات فى منتهى الخطورة حيث علمنا أن (م.أ) الذى يعمل مستشارًا مع "أ. أ ) قد دبر مؤامرة لإبعادى من رئاسة تحرير الصحيفة مقابل العديد من الوعود المالية، واستبدالى برئيس تحرير صحيفة الأمة محمد حامد عمارة، وتم إعداد خطاب بذلك لإرساله إلى المجلس الأعلى للصحافة.

كانت الخطة المدبرة لنا تقضى بأن يفاجئنا أحمد الصباحى، بقراره فور صدور العدد، فيقطع بذلك الطريق أمامنا عن كشف المؤامرة ويكون قد حقق ما أراد وما اتفق عليه مع أشرف السعد، ولكن الله أراد كشف المؤامرة بتفاصيلها الدقيقة.

وبعد صدور العدد العاشر فوجئت بمدير الإعلانات (أ. غ) يتصل بى، ويطلب لقائى على عجل، جاء إلى مكتبى وقال: غدًا سوف يستدعيك الشيخ أحمد الصباحى، فى حضور مجموعة محدودة من قيادات الحزب من بينهم ابنه محمود وبعض الأقارب الآخرين، وسيطلب منك وقف الحملة الصحفية ضد امبراطور توظيف الأموال والتى حملت عنوان (إمبراطور الاقتصاد الأسود) وسيطلب منك الاعتذار للفاسى وأنيس منصور وعبد العظيم رمضان وغيرهم.

قالت له: ولماذا كل ذلك؟.

قال: لقد دخل فى صفقة مع ( أ. أ )، سوف يدفع مليون جنيه قيمة إعلانات لصحيفة الأمة التى يصدرها الحزب، كما أنه سيحصل على أربعين ألف جنيه قال إنها شرط جزائى لك.

قلت: ولكن العقد ليس فيه شرط جزائى!!.

قال: هذا هو ما حدث.

قلت: وما هى مصلحتك فى ذلك؟.

قال: بصراحة أنا أرفض مثل هذه الأساليب كما أنه قرر احتكار عمولة الإعلانات لنفسه..

قلت له: خلينا نشوف (وشكرته وانتهى الأمر وانصرف).

بسرعة البرق عقدت لقاءً لمجموعة من الصحفيين وكبار الكتاب، أبلغتهم بالمؤامرة وأبعادها، تناقشنا سويًا فى الأمر واتفقنا على رفض أية شروط يفرضها الصباحى، ولكن لا يجب أن تذهب التجربة هباءً.

3- مؤامرة أحمد الصباحى مع امبراطور الاقتصاد الأسود

فى عصر ذلك اليوم أخطرنى الشيخ أحمد الصباحى، بعقد اجتماع هام مساء يوم الأربعاء، أى قبل موعد الصدور الأسبوعى بيومين، فقد كانت الصحيفة تصدر صباح كل سبت.

وبالفعل ذهبت فى الموعد المحدد، وبدأ يحدثنى عن المتاعب التى سببتها له، وراح يكيل المديح لمن هاجمتهم الصحيفة.

وقال: الناس دى فى سن أبوك، ولازم تعتذر لها.

كنت قد اتفقت مع الزملاء على أننى لن أعترض على مطالب الصباحى، وسأمضى معه إلى النهاية.

تحدث نجله محمود وقال كلامًا لم أفهم منه شيئًا، ثم تحدثت سيدة أخرى من أقاربه وأثنت على الصحيفة، ودورها، فإذا بالصباحى ينظر لها بغضب، فبادرت وقالت: ولكن عليكم أن تسمعوا كلام رئيس الحزب..

أمسكت بأعصابى، وحافظت على هدوئى، فقد كنت واعٍ بأبعاد المخطط، قلت له: اترك لى الأمر وسأعالجه بطريقتى، فقال لى: اذا اعتذرت وتوقفت سيدخل لك وللحزب خير كثير.

قلت له: أنا أفهم ماذا تريد جيدًا، فلا تقلق!!

انتهى الاجتماع فى نحو التاسعة مساء، مضيت إلى مقر الجريدة، التقيت أخى محمود، وبعض الزملاء الذين كانوا ينتظرون وصولى لمعرفة آخر التطورات، وعندما أبلغتهم بما حدث قال الكاتب شفيق أحمد على: على نفسها جنت (براقش) إذن فليتحمل النتيجة.

وكان الأستاذ عادل حموده، غاضبًا ورافضًا تمرير المؤامرة والاستسلام لها، وكان هذا هو حال بقية الأساتذة والزملاء.

عقدنا أكثر من اجتماع، اتفقنا فيه على الخطة، أصبحنا فى سباق مع الزمن، كان موعد إصدار الصحيفة هو يوم السبت، كنت قد علمت أن الشيخ أحمد الصباحى، قرر أن يرسل خطابًا للمجلس الأعلى للصحافة صباح السبت واستبدالى بالزميل محمد حامد عمارة، رئيس تحرير صحيفة "الأمة" الناطقة بإسم الحزب.

تواعدنا مساء الخميس على اللقاء مجددًا فى الواحدة من بعد صلاة الجمعة لإصدار الصحيفة مساء ذات اليوم بدلًا من السبت، موعد عزلى من رئاسة التحرير، التقينا فى مكتب إعداد الصحيفة بمبنى مؤسسة الأهرام- إدارة الطباعة- وضعنا ترتيبات إصدار العدد فى سرية تامة، وبعد أن انتهينا من إعداد العدد الأخير من الصحيفة دفعنا به إلى المطبعة..

4- العدد الأخير من جريدة مصر اليوم حمل عنوان المؤامرة

صدر العدد الحادى عشر فى الثامن من ديسمبر1989، وهو يحمل عنوان المؤامرة..

قلت فى افتتاحية الجريدة: المؤامرة من حولنا كبيرة، والأطراف التى تصارعنا تملك كل الامكانيات، المال والقوة والنفوذ..

وقلت: لقد نجحنا فى أن نبنى أسره صغيره يملؤها الحب والغيرة على العمل.. كتيبة من الشرفاء وترفض الفساد وتقاومه، ولا تخضع لضغوطه ومغرياته.. ، ولم يكن غريبًا فى هذا أن تصدر الصحيفة علاقة نفيها من الأسماء من هم من أعلام فى الصحافة المصرية.

ورحت أكشف تفاصيل المؤامرة التي تجرى ضدنا فقلت: فوجئت بالشيخ أحمد الصباحى، يدعونى إلى اجتماع لمجلس إدارة صحيفة "مصر اليوم" لسبب مهم، وفوجئت بأن مجلس الإدارة قد جرى تغير بعض أعضائه، وأننى أمام حشد من هؤلاء الذين يوافقون الرجل فى كل كبيرة وصغيرة، قال الصباحى، أننا خرجنا عن خط الحزب، وبدأنا ننتقد فى الجريدة مواقف بعض الرموز، ومن بينها موسى صبرى، وأنيس منصور والفاسى إلخ، وطلب عدم إنتقاد أحد إلا بموافقته شخصيًا، وأن يوقع بنفسه على كل ما ينشر فى الصحيفة.

الأستاذ عادل حمودة

وفى نفس العدد كتب الكاتب الكبير عادل حمودة قائلًا: سر نجاح هذه الصحيفة أنها أشعلت شمعة ورفضت أن تلعن الظلام.. والظلام الذى يلعنه أصحاب الرأى فى مصر هو ظلام الفرص المستحيلة، لإصدار جريدة تخدم القارئ، ولا تكون قومية أو حزبية، فكان أن سعت بأظافرها وأسنانها إلى وضع قانون يناسبها، ويناسب حماس الشباب الذى يصدرها، ويجعلها فى الوقت نفسه، مستقلة، جريئة.. لاهم لها سوى الاستمرار مرفوعة الرأس.

ومضى عادل حمودة يقول: رغم أن المصدر الأكبر لتمويل الصحيفة كان "الإعلان"، فإنها لم تجعل الإعلان سلاحًا على رقبتها، أو على لسان كتابها ومحرريها، فضربت بعرض الحائط إعلانات من شركات توظيف الأموال، ومن مشاهير فى الصرف من أمراء السوء والفساد، وراحت تضرب فى كل الاتجاهات عملًا بالمثل القائل: تغلق الصحيفة ولا تأكل بثدييها.

وهكذا سار كتاب الصحيفة يعبرون عن رفضهم للمؤامرات ودحضهم لها، وهذا هو ما عبر عنه الرسام جمعة، فى رسمه الكاريكاتورى الذى تصدر الصحيفة الأولى.

وما أن أطلع أحمد الصباحى، على عدد الصحيفة حتى ثار وغضب وراح يهذى بالكلمات ويتوعد، وعلى الفور أرسل قرار إقالتى من رئاسة التحرير وتعيين محمد حامد عمارة، بدلًا منى، ونقل طباعة الصحيفة من مؤسسة الأهرام إلى دار التحرير التى يترأسها سمير رجب فى هذا الوقت.

وفى صباح السبت9 من ديسمبر صدرت صحيفة "المصرى اليوم" فى عدد جديد- هو الأخير- ولم تصدر مرة أخرى حتى اليوم، حيث تولى الزميل محمد عمارة، رئيس تحرير هذا العدد الوحيد الذى خصصه الصباحى لسبى والرد على ولم يقوم فى رده جديدًا، فهو لم ينكر أيا من الاتهامات، وقال قولته المشهور فى مقاله الذى نشر فى الصفحة الأولى.. لو كان عبد الناصر موجودًا لذبح مصطفى بكرى على رؤوس الأشهاد.

ومنذ هذا الوقت أغلقت الصحيفة بالضبة والمفتاح.. مضت الأيام، لم يصبنى اليأس أو الأحباط، بل كنت مصرًا على الاستمرار فى نهجى، وقلت: لن استسلم مهما كان الثمن فى المقابل.

كنت دائمًا على يقينى أن المحنه ستتلوها محنه، هكذا هو تاريخي مع هذه الأحداث، وكنت على ثقة أن القادم أفضل.

كان أخى محمود (رحمة الله عليه): يقول لى دومًا لا أعرف من أين ستمتد كل هذه القوة بينما الحصار يحيط بك من كل اتجاه، وكنت أقول له دومًا: إنه رضا الوالدين وحسن النوايا والمضى فى طريق الحق.

مضى ما يقارب العام، وأنا أنتظر بفارغ الصبر البدء فى مشروع إدار صحيفة جديدة، كنت فى هذه الفترة أكتب المقالات فى صحيفة الشعب، حيث كان شقيقى محمود مديرًا للتحرير بها، كنت أتابع الأحداث عن كثب، أتواصل مع كافة الأطراف الفاعله على الساحة السياسية والصحفية، علاقاتى بالأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، لم تتوقف، وكذلك الحال الأستاذ والكاتب أحمد بهاء الدين، وغيرهم من أساتذة الصحف كنت أحضر الندوات الجماهيرية والفكرية، لكن الحلم ظل يراودنى حتى اليوم الأخير.

جاء ذلك، في الحلقات التي ينشرها «الجمهور» يوم الجمعة، من كل أسبوع ويروي خلالها الكاتب والبرلماني مصطفى بكري، شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها خلال فترات حكم السادات ومبارك والمشير طنطاوي ومرسي والسيسي.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الدكتور الزنداني تسلم أوراق اعتماد سفير جديد لدى اليمن
  • شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: صحافة الشيخ أحمد الصباحي
  • توسعة مكتبة جامعة خورفكان: طاقة استيعابية مضاعفة وتجهيزات حديثة لخدمة الطلاب
  • الجزيرة نت تروي شهادات صادمة لغزيين نجوا من الموت
  • شهادات في محبة عبدالله السعداوي بمهرجان المسرح التجريبي
  • «المؤتمر»: الوصول بعدد العاملين بالصناعة إلى 7 ملايين يعزز الاقتصاد الوطني
  • الجامعة البريطانية تحصل على اعتماد هيئة ضمان الجودة QAA للتميز الأكاديمي
  • وزير التعليم العالي يهنئ الجامعة البريطانية بمصر لحصولها على اعتماد هيئة ضمان الجودة
  • الجامعة البريطانية تحصل على اعتماد هيئة ضمان الجودة البريطاني QAA
  • محافظ مطروح: توسعة مدرسة الجراولة لتصل إلى 5 أفدنة