صنعاء.. لا مقايضة للحقوق بالتخلي عن الواجبات
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
يمانيون – متابعات
ثبّتت صنعاء موقفها ومبدأها وحقوق شعبها، وواصلت الإسناد العسكري للقضية الفلسطينية ومقاومتها وشعبها. بالمقابل فشلت الحيلة الأميركية للدفع بالرياض لاستخدام مرتزقتها للتضييق الاقتصادي على صنعاء، لصالح العدوّ “الإسرائيلي”، وألغيت كلّ القرارات العدائية ضدّ البنوك والمصارف والخطوط الجوية اليمنية ومطار صنعاء.
لقد كان من المستغرب أن تبدو السعودية وكأنها تُقايض واجبات اليمن تجاه القضية الفلسطينية وإسناد مقاومتها، والذود عن نسائها وأطفالها، بالحقوق الاصلية والمكتسبة لأبناء الشعب اليمني، والتي يستولي عليها تحالف العدوان، وتم البت فيها مع المشاورات المباشرة بين صنعاء والرياض.
في المرحلة الأخيرة من الإسناد اليمني للمقاومة في غزّة، بحثت واشنطن عن طرق لإعاقة الموقف اليمني، ومن اللحظات الأولى أوقفت خارطة الطريق المتفق عليها، وعرقلت المضي في خطواتها الإنسانية، وقالت علنًا إن أي مضيّ في الخارطة يجب أن يتزامن مع وقف الإسناد اليمني لغزّة.
لم تدخر واشنطن وسيلة للضغط على صنعاء، فبينما كانت تحث الرياض على المماطلة، كانت تنسج خيوط التحالفات العسكرية، لتتمخض عنها ما سمته “تحالف الازدهار”. إلا أن الموقف اليمني لم يتراجع، رغم العدوان والغارات الأميركية البريطانية، بما يقارب 600 غارة، بل بالعكس فها هو آخذ في التصاعد، وفي الأيام الأخيرة، وصل إلى المرحلة الخامسة، مع قصف الطائرة المسيّرة “يافا” لعمق الكيان الاقتصادي والأمني والإداري “الإسرائيلي”.
أدركت القيادة أن الفشل الأميركي هو وراء تلك الخطوات العدائية، فرفعت السقف، وبعثت الرسائل سرًّا وتلميحًا، إلى الرياض، عبر الوسطاء. ولما كانت سحابة المكر والخداع هي المسيطرة، اضطرّ السيد عبد الملك الحوثي لإرسال التحذيرات العلنية والصريحة. وبعد أربعة تحذيرات للسعودية، ووساطة ناشطة من سلطنة عُمان، بدأت الأمور تعود إلى مجاريها، بعد الإعلان عن وقف القرارات التصعيدية بين صنعاء والرياض، وألغيت قرارات بنك عدن المحتلة، وعاودت الخطوط الجوية العمل من مطار صنعاء.
تدرك الرياض جيّدًا مدى مصداقية السيد الحوثي وتحذيراته، عندما لمّح إلى أن البنوك بالبنوك، والموانئ بالموانئ، والمطارات بالمطارات، وزادت ثقتها بواقعية تلك التحذيرات، عندما شاهدت “يافا” وانفجارها الكبير في واحد من أهم أحياء “تل أبيب” المحتلة.
الرسالة اليمنية المهمّة، هي أنه لا يمكن مقايضة الواجب اليمني لإسناد غزّة، بالحقوق اليمنية المتفق عليها، والتي لا تزال في إطار الحقوق الإنسانية، وإن لم تقبل الرياض بذلك، فلتكن ألف ألف مشكلة، وإن لم تكن إلا الأسنّة مركبًا، فما حيلة المضطر إلا ركوبها.
وصلت الرسالة واضحة، ليس للرياض فقط، وإنما لواشنطن أيضًا، فالتصعيد لن يقابل إلا بتصعيد، والإسناد اليمني الواجب لغزّة، لا يمكن مقايضته بالحقوق الأساسية لشعبنا، ومن يرِد الدخول في تلك المعادلات، فعليه أن يتحمل النتائج.
وبعد العملية التاريخية للطائرة “يافا”، تراجعت واشنطن عن مواقفها وقبلت بالحقوق اليمنية، كأنها أخيرًا أصغت لصوت المنطق، وأذعنت أمام تلك التحذيرات، فأطلقت الضوء الأخضر للرياض، كي تتراجع عن قرارات التصعيد، وتعود إلى خطوات الخارطة المتفق عليها، فلا تزال الاستحقاقات الإنسانية وفي مقدمتها صرف رواتب الموظفين وتقديم الخدمات للشعب، على رأس أولويات المرحلة.
دويّ الانفجار الذي هز “تل أبيب”، تردّدت أصداؤه في الأفق، وجاء القرار من الرياض كأنه صفعة للزمن الأميركي وتقلباته، حيث تتلاقى السياسات وتتشابك المصائر في مشهد يعيد تشكيل خارطة العلاقات والأحداث، لصالح الشعب اليمني والمقاومة الفلسطينية، لتقول للعالم إن الثبات على الموقف الحق هو قوة لا تتزعزع، كالصخرة التي تتحدى أمواج الزمن، يُظهر الإنسان من خلالها شجاعته وإيمانه بقيمه ومبادئه، مضيئًا درب العدالة.
– العهد الأخباري – علي الدرواني
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
المقامات اليمنية في تلاوة القرآن بين الغياب ومحاولات الإحياء من جديد
يمن مونيتور/ عربي21
لا تزال المقامات اليمنية في تلاوة القرآن مغمورة ومغيبة على الرغم من جمال نغمها و وأسلوبها، مع شهرة طرق ومقامات التلاوة في بلدان عربية أخرى.
وقبل سنوات بدأت مساعي جريئة من عدد القراء اليمنيين في الخارج في نفض غبار النسيان والغياب للطريقة اليمنية في تلاوة القرآن، والدفع به إلى الواجهة، حيث تكللت هذه الجهود في إخراج المصحف اليمني بالمقام أو الطريقة الصنعانية، في خطوة نالت قبول واستحسان واسعين محليا وخارجيا.
الغياب الطويل للطريقة اليمنية في تلاوة القرآن، يثير أسئلة عدة عن أسبابه بعدما صار لكل بلد إسلامي لون ونمط معين في ترتيل القرآن الكريم.
“مغمورة وتكاد تندثر”
وفي السياق، قال القارئ اليمني الشهير، فارس عباد إن الطريقة اليمنية في تلاوة القرآن تضم ألوانا وأنماط وأساليب أو مقامات محلية عدة كالصنعاني والحضرمي وكذلك المقام التعزي.
وأضاف عباد في حديث خاص لـ”عربي21 لايت” أن الطريقة اليمنية في ترتيل القرآن تستطيع من خلالها قراءة كل المقامات، كما الحال بالنسبة لمصر والحجاز ونجد.
وأشار القارئ اليمني إلى أن الطريقة اليمنية في التلاوة طريقة مميزة من حيث النغم الجميل الذي يأخذ المستمع ويجذبه في أي مكان في العالم، لافتا إلى أن هناك بعض التلاوات لقراء يمنيين اشتهروا بسبب هذا النغم الجميل.
وبحسب عباد فإن الطريقة اليمنية في الترتيل تأتي من دون تكلف، إلا أنها مغمورة بسبب الظروف التي تمر بها البلاد.
وأكد فارس عباد الذي يشغل نائب رئيس رابطة قراء اليمن أن ظروف اليمن المتوالية جعلت الطريقة اليمنية والأسلوب في الترتيل منكفئة على نفسها، ولم تأخذ حقها في الشهرة على المستوى الإسلامي، متابعا بالقول : “فهذه الأوضاع لم تساعد في إظهار النغم اليمني في التلاوة بعيدا عن المستوى المحلي”.
كما أن غياب الاهتمام الإعلامي بالطريقة اليمنية لتلاوة القرآن، واحد من العوامل المهمة في شيوعها عالميا.
لكن المقرئ اليمني فارس عباد، أوضح أنه مؤخرا، تم كسر هذا الحاجز، حيث بدأت بعض الطرق اليمنية في القراءة تظهر للعلن، من خلال مبادرة تبنتها رابطة قراء اليمن، بهدف إظهار جزء من هذا الموروث الذي يكاد أن يندثر.
وقال إن هناك مقاطع تخرج وأصوات تصدح بالطريقة اليمنية في التلاوة، وحاليا تم إخراج المصحف المرتل بالطريقة ذاتها، وقد حظي بقبول واسع، مضيفا أن لديهم تطلعات في إخراج مصحف يمني أخر بالمقام الحضرمي أو المقام التعزي.
وعبر نائب رئيس رابطة قراء اليمن عن أسفه من الأوضاع التي تعيشها اليمن، والتي قال إنها أبعدت الناس عن الاهتمام بهذا الموروث، واعاقت تفجير طاقاتهم وإبداعاتهم في انتشاله من طي النسيان والاندثار.
“أنماط وطرق متنوعة”
من جانبه، قال القارئ اليمني الشهير أيضا، وديع اليمني، إن هناك أهمية للاهتمام بكل مقام أو نمط أو طريقة تراثية لبلدنا، الذي تتنوع فيه الأنماط والطرق للتلاوات من منطقة إلى أخرى.
وأضاف اليمني الذي يرأس رابطة قراء اليمن في حديثه لـ”عربي21 لايت” أنه لو تم التمكن من إظهار جميع الأنماط وطرق التلاوة في اليمن، فلاشك أنه سيكون هناك إقبالا على سماعها وتداولها.
وتابع أن القارئ اليمني له إبداعات وتميز بارزين عن بقية القراء، إلا أنه بحاجة إلى دعم وتأهيل في مجال المقامات والطرق والأنماط اليمنية.
وأوضح أن رابطة قراء اليمن لها اهتمام بمثل هذه الأمور وتسعى لها، رغم حاجتها للدعم لتنفيذ مثل هذه المشاريع باستمرار.
وأشار اليمني إلى أن المشاريع كثيرة في هذا المجال “لإظهار المبدعين من أهل القرآن من أهل اليمن”، معبرا عن أمنياته أن تنتهي الحروب في بلدنا و يبدأ الاستقرار فيها فهي بداية تحول لكثير من المشاريع التي تظهر إبداع القارئ اليمني وغيرها.
وقال رئيس رابطة قراء اليمن إن مشروع المصحف اليمني المرتل الذي تم إخراجها قبل سنوات انتشر بشكل كبير، وكان له طلب كبير جدا لأغلب الإذاعات القرآنية في العالم الإسلامي فضلا عن القنوات الرسمية وغيرها، لافتا إلى أن هذا الأمر، دلالة كبيرة على “أهمية ظهور مثل هذه المشاريع التي تظهر أشياء جديدة ومميزة”.
“500 قارئ يمني”
من جهته، قال عبدالله فارس جياش، أمين عام رابطة قراء اليمن إن المقامات اليمنية تعتبر “من المقامات الجميلة التي تحمل إحساس جميل وفيه تنوع ما بين معظم مناطق اليمن”.
وتابع جياش حديثه لـ”عربي21 لايت”: “وقد كانت مثل هذه التلاوات بالأنماط أو بالمقامات منتشرة في الفترات الماضية بين الآباء في المساجد ودور القرآن في تلاوتهم”.
وأضاف أنه من الملاحظ، أن “بعض كبار السن في كثير من مناطق اليمن لا يزال يتلوا بمثل هذه التلاوات الجميلة التي تنقل جزء من نمط بلدنا في تلاوة القرآن”.
وأشار أمين عام رابطة قراء اليمن أن الرابطة من أهدافها “الاضطلاع بدور كبير في احتواء قراء اليمن ضمن مشروع واحد مع وضع لهم مشاريع تربطهم بالماضي والحاضر.
ولذلك جاءت فكرة “إنشاء المصحف اليمني بعد جهود قام بها الأخوة في المجلس التأسيسي في الرابطة التي تأسست في شهر مارس/آذار 2016″، على حسب قوله
وقال جياش إن بعد هذه الجهود من قبل الرابطة جاءت موافقة كريمة من الإخوة في وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية عبر برنامج تواصل علماء اليمن برعاية “إصدار مصحف قرآني بالنمط اليمني”.
وبحسب المتحدث ذاته فإن الرابطة تضم ما يزيد عن 500 عضو.. إلا أنها تفتقر للدعم الكافي في إخراج مثل هذه المشاريع الخاصة بالطرق والانماط اليمنية في تلاوة القرآن.
وأردف قائلا: طموحاتنا كبيرة والمواهب في هذا المجال كثيرة، إلا غياب أي جهات مانحة لتنفيذ مشاريع وأهداف الرابطة من ” تدرب وتأهيل المواهب والنخب المميزة في تلاوة القرآن” تعد عقبة كبيرة تعوق هذه الطموحات.
وتأسست رابطة قراء اليمن عام 2016، وتضم عدد كبير من القراء اليمنيين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم خاصة في دول الخليج.
وأطلقت الرابطة عدة مشاريع لتعزيز التراث القرآني اليمني، من أبرزها “مصحف قراء اليمن” الذي يُعَدّ الأول من نوعه في تاريخ اليمن، حيث تم تسجيله بالأداء اليمني الصنعاني المميز، وشارك في هذا المشروع أربعة من القراء اليمنيين ، وهم “الشيخ وديع اليمني، والشيخ صادق النهاري، والشيخ فارس عباد، والشيخ أبوبكر الظبي”.
وتسعى رابطة قراء اليمن من خلال هذه الجهود إلى تعزيز الهوية اليمنية في تلاوة القرآن الكريم، ونشر التراث اليمني الأصيل في هذا المجال على المستويين المحلي والدولي