ترامب وهاريس.. ماراثون استثمار نقاط التميز لكسب تأييد الناخبين
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
شعبان بلال (القاهرة)
أخبار ذات صلةيسعى المرشحان للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب وكامالا هاريس إلى استغلال نقاط القوة لكل منهما، لجذب الناخبين، خاصة في الولايات المتأرجحة وفئات من الجانب الآخر، واستغلال نقاط ضعف المنافس لتحقيق مكاسب أمام الرأي العام الأميركي خلال حملتهما التي تشهد تصاعداً في التصريحات حول قضايا خلافية.
ويرى المحلل السياسي في واشنطن أندرو جوزيه أنه مع انسحاب بايدن من السباق، تضاءلت احتمالات دخول ترامب إلى البيت الأبيض بشكل كبير، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه حملة ترامب تم تأطيرها على أنها حملة مناهضة لبايدن أكثر من كونها حملة لترامب، مع تركيز مفرط من قبل فريق ترامب على إظهار بايدن كرئيس غير كفؤ ويعاني من التدهور المعرفي.
وقال جوزيه لـ«الاتحاد»، إن انسحاب بايدن وقيام هاريس بأخذ زمام المبادرة يعد تحولاً استراتيجياً، حيث سيضطر أنصار ترامب إلى تعريف أنفسهم بطرق أخرى غير كونهم معارضين لبايدن، وكذلك فإن شبابها وهويتها المتقاطعة كامرأة سوداء وابنة لمهاجرين سيفيدانها بقوة بين ناخبي الأقليات، إذ إن العديد من الأفراد السود صوتوا لصالح أوباما بسبب هويته.
وأشار إلى أن تصريحات نائب ترامب، جيه دي فانس، حول النساء ستكون عبئاً، وكذلك تسامحه مع مسألة الإجهاض، ما قد يؤدي إلى نفور كل من «الجمهوريين» المعتدلين -وخاصة نساء الضواحي- و«المحافظين» المتدينين الذين يرون أن تخلي ترامب عن حظر الإجهاض خيانة، لافتاً إلى أنه من دون المحافظين الدينيين، فإن الحزب «الجمهوري» سيكون في ورطة.
وأضاف المحلل السياسي إلى أنه ينبغي لحملة ترامب أن تدرك أن هاريس ليست بايدن، وتتمتع بالحيوية ويُنظر إليها على أنها تقدمية عكس بايدن، الذي يُنظر إليه على أنه من رموز الحزب «الديمقراطي» القديم.
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي والاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة أن ترامب يملك فرصة استهداف هاريس كونها جزءاً من إدارة بايدن الحالية ومسؤولة عن أي أخطاء أو سياسيات ينتقدها الشعب الأميركي، خاصة في ظل تطور الكثير من الملفات التي لم تحسمها الولايات المتحدة.
وأضاف السبايلة لـ«الاتحاد»، أن نقطة قوة هاريس أنها المرشح الوحيد للديمقراطيين والخيار الاضطراري لهم، وهناك دعم واتفاق عليها.
وأوضحت الباحثة في الشؤون الدولية إيرينا تسوكرمان أن ترامب سيستغل سجله السابق كرئيس ويقارنه بإخفاقات السياسة الداخلية والخارجية لإدارة بايدن التي تضم هاريس، حتى لو لعبت دوراً محدداً وثانوياً في صنع القرار، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الاقتصاد، لا سيما الصناعات التي تأثرت سلباً بالتضخم.
وقالت تسوكرمان لـ«الاتحاد»، إن ترامب سيشير أيضاً إلى النجاحات الدبلوماسية الكبرى مثل الاتفاقات الإبراهيمية، والتي سينظر إليها الكثير من الجمهور على أنها نصر كبير، بخلاف استغلال ملفات التعريفات الجمركية ضد الصين كمثال على السياسة القوية، واحتواء الصراع المجمد في أوكرانيا خلال فترة رئاسته، وتحول الولايات المتحدة إلى منتج رائد للنفط والغاز في العالم في عهده.
وأضافت أن ترامب سيشير إلى السجل السيئ للديمقراطيين في إطلاق التحقيقات والقضايا السياسية والقانونية ضده، ويسعى إلى تصوير نفسه على أنه ضحية، بالإضافة إلى استغلال دوره في مجال أمن الحدود مقارنة ببايدن، وسيشير إلى موقفه الصارم بشأن الهجرة غير الشرعية وجهوده لبناء جدار، حتى لو لم تنجح أي من سياساته حقًا وكان الكثير من مواقفه مبنية على الخطابة أو الجدل.
وأشارت تسوكرمان إلى أن هاريس ستشير إلى سجلها السياسي والقانوني الطويل كمدعية عامة وعضو في مجلس الشيوخ ونائبة للرئيس، مما يجعلها أكثر خبرة سياسية بشكل عام، بالإضافة إلى الترويج للنجاحات التي حققتها إدارة بايدن، مثل مشروع قانون البنية التحتية، وموقفها المؤيد للإجهاض والحد من بيع الأسلحة، وهو ما يجذب العديد من النساء حتى بين «الجمهوريين». كما أنها ستستغل أيضاً تصريحات فانس حول قضايا المرأة، والترويج لاستمرار موقف بايدن المعارض للحرب الروسية في أوكرانيا، لافتة إلى تمكن هاريس من توحيد الحزب «الديمقراطي» حول ترشيحها، على عكس ترامب الذي يُنظر إليه على أنه مثير للانقسام.
وبحسب المحللة السياسية فإن هاريس تتمتع أيضاً بميزة كونها أصغر سناً من ترامب، وتضع نفسها كأول امرأة محتملة للرئاسة، وتستفيد من تركيز حملة ترامب طوال الفترة الماضية على مهاجمة قدرة بايدن العقلية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة سباق الرئاسة الأميركية الانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن أميركا كامالا هاريس دونالد ترامب انتخابات الرئاسة الأميركية الانتخابات الأميركية على أنه إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحدي ترامب في "قمَّة القاهرة"
د. عبدالله الأشعل **
الصراع الحالي في فلسطين يختلف عن جميع المراحل السابقة؛ حيث أدركت المقاومة أنه لا سند للشعب الفلسطيني إلّا المقاومة، وأنه لا جدوى من المفاوضات مع إسرائيل، وكأنها اكتشفت جذور المشروع الصهيوني؛ فالمقاومة هذه المرة تُعلن أن فلسطين كلها إمَّا لإسرائيل وإما للفلسطينيين، لأنها صراع وجود.
ولج المثقفون العرب في متاهات حول طبيعة الصراع، فمن قائل إنه صراع حضاري وأن الصهاينة هم الذين أغاروا عليها، ومن قائل إنه صراع حدود تتعمد إسرائيل ألّا يكون لها حدود وأن حدودها قائمة على أساس القوة والخطط الصهيونية، ولم يقل أحد قبل ذلك إنه صراعٌ بين الحق والباطل، وأنه صراع بين وجود إسرائيل وتحرُّر فلسطين، فإمَّا أن تزول إسرائيل وإمَّا أن تتربع إسرائيل في كل فلسطين وما جاورها من الأراضي العربية.
ومهما كانت نتيجة هذا الصراع الآن، فإن كانت إسرائيل الغالبة، فإنها نتيجة مؤقتة، وسوف ينتصر الحق على الباطل بزوال إسرائيل، وتراجع القوة العظمى الأمريكية، ونشأة النظام الدولي الجديد، الذي تتصارع الدول على نشأته، وسوف تبرُز مصر كقوة عظمى إقليمية في هذا النظام، لكن بعد زوال إسرائيل؛ لأن إسرائيل ومصر لا يُمكن أن يتعايشا، فإن سيطرت إسرائيل على مصر، كان ذلك مؤقتًا، وإن سيطرت مصر على إسرائيل انتهى ذلك بزوال إسرائيل. أما مصر التي تريد إسرائيل زوالها، فإنها كالناطح في الصخرة المتجذرة في التاريخ، وترنو إلى مستقبل لا يكون فيه إسرائيل.
ولا شك أن انتصار المقاومة على إسرائيل، رغم كل شيء، واضح في عجزها عن تحقيق الأهداف التي وضعتها من حرب الإبادة، لكن نُحذِّر من أن بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب متفقان على إزالة المقاومة وهي أكبر مُهدِّد لوجود إسرائيل، وليست الجيوش العربية؛ لأن إسرائيل وأمريكا تستطيعان التعامل مع الجيوش العربية، كما حدث في السابق.
صورة إسرائيل لدى العالم أنها دولة مَفيَاوِيَّة وأن ديمقراطيتها هي ديمقراطية العصابة، وأنها نجحت تمامًا في ترسيخ صورتها الصهيونية وأصبحت أكثر بُعدًا عن اليهودية في نظر العالم؛ بل إن الولايات المتحدة بدأت تُدرك أن الآلة الإسرائيلية لا تقوى على الصمود أمام إصرار صاحب البيت، وأن جميع الشعوب العربية بدأت تدرك ذلك، وأنها تُكِن الكراهية لأمريكا وإسرائيل، وأن العالم أجمع أدرك أن إفراط الولايات المتحدة في الانحياز لإسرائيل أفقدها كل شيء، وأنها شريك كامل في جرائم إسرائيل؛ فتلطخت صورة إسرائيل وأمريكا خلال ملحمة غزة، وأدرك العالم كله حقيقة الصراع في فلسطين، بين اللص وصاحب الأرض.
أما صورة المقاومة، فقد ارتفعت، ولا يُجدي معها الأوصاف الصهيونية والأمريكية بأنها مُنظمات إرهابية، ولا أبالغ بالقول إن هذه المقاومة التي انتصرت على أكبر قوة في الشرق الأوسط تُساندها أكبر قوة على وجه الأرض، انتصرت أولًا بفضل الله، وأن كلمة الله هي الحق، عندما قال عز وجل "كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" (البقرة: 249). أما صبر المقاومة وصمودها فهو ناجم من الثلاثي: الإيمان بالله وبنصره، والإيمان بالقضية وأنه صاحب الحق، والثالث أن العالم كله الرسمي يقف ضدها، وأنه أدرك الحقائق لأول مرة. وهذا الثلاثي أفقد الجندي الإسرائيلي الثقة في نفسه وفي قوته وفي السلاح الذي يحمله، وظهر ذلك في المعارك بين المُقاوِم الفلسطيني واللص الإسرائيلي مباشرة من "المسافة صفر". يُضاف إلى ذلك أن صورة المقاومة وهي تُسلِّم الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر في قلب غزة وفي ميدان فلسطين وسط احتفالية لا تُخفى آثارها على أحد، أرعبت إسرائيل، وبثت الرعب في قلوب جنودها.
والمقارنة بين حال الأسرى الإسرائيليين الذين احتفظت بهم المقاومة رغم المخاطر ورغم حملة التجويع وانعدام مقومات الحياة، أضافت إلى صورة المقاومة الإيجابية لدى العالم، ولا أُبالغ إذا قُلت إن المقاومة كانت خير دعاية للسلوك الإسلامي القويم؛ ولذلك نتوقع أن يدخل الناس في أوروبا وغيرها في الإسلام بسبب المقاومة، خصوصًا وأنها لا تَخفِي أنها مقاومة إسلامية، وتلتزم بقواعد الإسلام، مقابل آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يتعرضون لكل أنواع التنكيل في سجون الاحتلال، حتى إن المنظمات الحقوقية العالمية انتقدت سلوك إسرائيل تجاه الأسرى الفلسطينيين، خاصة وأن نصف الشعب الفلسطيني على الأقل ذاقوا ويلات الأسر الإسرائيلي. وهذا هو الفارق بين سجون العصابة التي لا تلتزم بقانون ولا دين ولا أخلاق، وبين سلوك المقاومة الملتزمة بالسلوك الإسلامي القويم. كما أن ظهور مختلف أنواع السيارات كانت دليلًا على كذب إسرائيل، في أنها أَنْهَتْ المقاومة وقضت على قدراتها، رغمًا عن أن فريق المقاومة المصاحب للأسرى كان بكامل ملابسه وعدته وتسلح بالسلاح الإسرائيلي الذي تُسلِّح به إسرائيل النخبة من جنودها، والذي حصلت عليه المقاومة خلال المواجهات العسكرية بين الجنود الإسرائيليين والمقاومة. ومعلوم أن الرعب في قلوب الاعداء جُند من جنود الله لقوله تعالى "سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ" (آل عمران: 151)، وقوله تعالى: "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ" (المدثر: 31).
الخلاصة أنه في هذه الموجه كسبت القضية الفلسطينية الآتي:
أولًا: إن العالم أدرك حقيقة إسرائيل وأسباب طمسها لحقائق القضية الفلسطينية.
ثانيًا: كذب الرواية الإسرائيلية منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، وسقوط المبررات التي ساقها الغرب لتجميل صورة إسرائيل ورسالتها في المنطقة.
ثالثًا: أظهرت الولايات المتحدة أنها لا ترقى للمستوى الأخلاقي للدولة العظمى، وأنها تشيع الفوضى في العلاقات الدولية وتهدر هيبة القانون الدولي.
رابعًا: إن المقاومة أثبتت بسلوكها وصمودها أنها صاحبة الحق، وهذا أول مصادر شرعية المقاومة، وأنها كذبت دعاوى إسرائيل بأنها منظمة إرهابية؛ فقد ظهر أن كل من يحارب الباطل يُعد إرهابيًا في نظر أمريكا وإسرائيل.
خامسًا: إن القضية الفلسطينية بحقائقها أصبحت في كل بيت في العالم وأصبح المنضمون لنصرتها بالملايين وأنها كسرت حاجز الطمس الذي أرادته أمريكا وإسرائيل لها؛ فأصبحت كالشمس التي لا يمكن للنفخ أن يطمسها مصداقًا لقوله تعالى "يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (التوبة: 32).
سادسًا: إن المقاومة بسلوكها الأخلاقي النبيل أسهمت استراتيجيًا في زوال إسرائيل، فلم تعد إسرائيل ضحية التواجد في بحر من البربرية العربية كما تزعم، ولم يعد الفلسطينيون وحوشًا كما كانت تصفهم إسرائيل، وسقطت جميع الأساطير المحيطة بإسرائيل والتي تنال من المقاومة.
السؤال الختامي والفاصل هو: هل سلوك نتنياهو المهزوم وإسرائيل الآفلة يؤدي إلى رقصة الموت والعودة عن صفقة وقف الإبادة؟ وما مصير إسرائيل والمقاومة في هذه الحالة؟
نعتقدُ أن الإجابة تتكون من عاملين؛ الأول: يأس إسرائيل وهي مُندهشة من سلوك المقاومة وإقبال الفلسطينيين على خرائب غزة، والعنصر الثاني يتمثل في التمسك بالصفقة مع تعديل التنفيذ، بحيث تبدو إسرائيل في نظر الرأي العام الإسرائيلي مُنتصرة أو أنها تخطط لتحقيق أهداف الإبادة.
والواقع أن المقاومة عمومًا فقدت الكثير من أوراقها؛ فتتصور إسرائيل أنها حاصرت مصادر دعم المقاومة في لبنان وفي فلسطين، لذا المطلوب من العرب أن يُفوِّتوا الفرصة على إسرائيل وأن يتحدوا في مواجهة مخططات ترامب؛ ذلك النيرون الجديد، وأن يُحسِّنوا علاقاتهم مع إيران، ويتفاهمون على دعم المقاومة؛ لأن المقاومة أداة ناجعة لحفظ كرامة العرب، بصرف النظر عن كُره أو قبول المقاومة.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر