#نقطة_نظام
د. #هاشم _غرايبه
كان ثمة شخص يقوم بالشواء، يقترب دبور جذبته رائحة اللحم، وكلما هشه يبتعد قليلا ثم يعود، مكررا المحاولة عشرات المرات، ولا شك أن دأبه هذا مرده الى أنه يأمل بأن ينجح ذات مرة في الوصول الى مبتغاه، ويراهن على غفلة الرجل لحظة.
ذكرني إصرار الدبور هذا رغم استحالة نجاحه ليقظة الرجل، بمحاولات التطبيع مع العدو الصهيوني، التي يمارسها المطبعون المرة تلو المرة، ولا يوقفهم صد الناس لهم، ولا يخجلهم الخزي الذي يصيبهم نتيجة مساعيهم الذميمة.
في آخر محاولة لتمتين جدار الرفض الشعبي الأردني الصارم للتطبيع، كانت محاولة فردية من إحدى الصحافيات، ومحاولة منها للمساهمة في دعم المحاصرين في القطاع الصامد، قامت بإعداد تقرير استقصائي شجاع، كشفت فيه عن أسماء متنفذين يديرون عمليات الاتجار مع العدو، وكان الهدف من فضحهم ليس التشهير بل كشفهم للناس، خاصة ومع نجاح الحملة الشعبية الواسعة لمقاطعة الشركات الداعمة والمتعاونة مع العدو.
بالطبع اعتقلت و حكم عليها بعقوبة قاسية، لكن ذلك لم يفت في عضدها، لأنها نالت تقديرا شعبيا عارما، واعتبر وسام تقدير جزاء فعلها الوطني.
السؤال لمن انغمس في مستنقع التطبيع الآسن، كيف يحترم نفسه قبل أن يطلبه من الآخرين اتجاهه، وهل يطمع بتقدير العدو لهذا الفعل، وبالتالي تحقيق منافع تجارية؟.
أم يأمل أن تسجل له هذه المبادرة في صحائفه لدى الأجهزة الأمنية، فينال الأعطيات، وتشمله المكرمات، كونه من القلة الضئيلة من بين الأردنيين الذين يؤيدون الموقف الرسمي في التطبيع؟.
على الأغلب أن الأمرين معا هما الدافع لارتكاب هذا الفعل الشائن، ولا يمكن أن تكون دوافعه قناعات عقلية..فلا عاقل ينخدع بأن العدو يمكن أن يكون صديقا نافعا.
لكن خطأه – وهوالذي وقع به جميع المطبعين قبله، وكل من خان وطنه – هو اعتقاده أن فعله ذلك سوف يرى من قبل المسؤولين فقط، فينال عليه المكاسب، وأنه سيبقى سرا خافياعلى الناس، فلا يطاله ذم ولا يحيق به الإحتقار.
لقد أثبتت الوقفة الصلبة لكل أبناء الشعب، الإرادة العارمة بإفشال المحاولات اليائسة التي يقوم بعض الذين باعوا ضميرهم الوطني والتزامهم الشرعي تجاه أمتهم بثمن بخس، وأحست الجهات الغامضة داخل الدولة التي تقف وراءهم وتؤملهم بالمكرمات بالفشل والخسران، لذلك رأينا تركيز أمريكا أخذ ينصب في الآونة الأخيرة على التوجه الى دول الخليج، فبين الطبقة المترفة المرتبطة بالسيد الأمريكي المطاع يمكن الإختراق الإقتصادي – التجاري، ومن خلال ذلك تتسرب البضائع الصهيونية، وتدخل هذه الماركات في أذهان المستهلكين الخليجيين، بدعم ترويجي ورعاية من أصحاب السمو.
ويبدو بعد فشل خمسة وأربعين عاما من محاولات التطبيع، بفرض معاهدات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، أن العدو يئس بسبب فشل الأنظمة العربية بفرض تقبلها على شعوبها والتعامل مع الكيان اللقيط كأمر واقع، لذلك رأينا المسؤولين في الكيان اللقيط عن هذا الملف، يستشيطون غيظاً، ويعلن أحدهم: “لسنا بحاجة الى إقامة علاقات مع الشعوب العربية، يكفينا زعماؤهم”.
المريب في الأمر أننا نرى أغلب الأنظمة العربية يهرولون للوقوع في المستنقع الذي وقعت به أنظمة دول الطوق ذاته، التي بررت استسلامها لهذا الكيان آنذاك بكونها دول مجابهة، والحروب تعيقها عن إعمار أوطانها، فاستسلمت، لكنها ما عمرتها ولا حافظت على ما كان عامرا، بل زادت أوطانها خرابا.
فما مبرر الدولة العربية البعيدة عن المواجهة، ولم تحارب العدو يوما ولا تعرضت لعدوانه، ولديها فائض يغنيها عن الحاجة لعون من غيرها!؟.
لو كانت الدوافع مصلحية حقا لكان الفشل الذريع الذي أصاب تلك الأنظمة التي سبقت للتطبيع درسا لمن بعدهم.
التاريخ كتاب مفتوح لمن شاء أن يقرأ، فلم ينل يوما من تعاون مع عدو وطنه غير المذمة والاحتقار، وهذه سنة ثابتة في كل أقطار الدنيا قديما وحديثاً، فعندما كانت الممالك الأوروبية تتساقط أمام جيوش نابليون بونابرت، أراد حاكم إحدى المقاطعات أن يسجل موقفا لدى نابليون ينفعه، فأقنع أهل مدينته بالترحيب بالغازي وليس قتاله، ووقف على رأس نفر من كبار المدينة ليقدموا له مفتاحها، وتقدم منه لمصافحته، لكن نابليون رفض مد يده، ورمى إليه بكيس من الذهب، قائلا: هذا أجرك أنت ورهطك، لكني لا ألوث يدي بمصافحة من خان وطنه. مقالات ذات صلة نحن في عين العاصفة 2024/07/30
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هاشم
إقرأ أيضاً:
كوشنر: 10 دول ستنضم إلى اتفاقيات التطبيع بعد السعودية
شارك جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في مقابلة عبر بودكاست "Invest Like The Best" حيث كشف عن رؤيته حول التوسع المرتقب لدائرة السلام في الشرق الأوسط عند عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
ويرى كوشنر أن الاتفاق مع السعودية سيكون حاسمًا لضم عشر دول أخرى، بما في ذلك باكستان وإندونيسيا، التي أبدت رغبتها في الانضمام إلى اتفاقات السلام.
كما انتقد كوشنر إدارة الرئيس جو بايدن، مشيرًا إلى أنه كان يمكن تحقيق اتفاق مع السعودية في فترة زمنية قصيرة، لكن إدارة بايدن أهدرت وقتًا ثمينًا في انتقاد الرياض قبل أن تبدأ في تبني سياسة ترامب بشكل علني.
فيما يتعلق بإيران، اتهم كوشنر إدارة بايدن بعدم فرض العقوبات بشكل فعال، مما مكن إيران من بيع النفط وزيادة مواردها المالية. كما أشار إلى أن إيران أصبحت أضعف اليوم بسبب العمليات الإسرائيلية التي دمرت أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية وقدرتها على إنتاج الصواريخ طويلة المدى.
وبالحديث عن رؤية ترامب المستقبلية للمنطقة، أعرب كوشنر عن اعتقاده بأن هناك فرصة لتغيير جذري من خلال بناء كتلة اقتصادية تربط دول المنطقة من إسرائيل إلى عمان، مما يعزز التجارة والتكنولوجيا والاستثمار بين هذه الدول. كما يرى أن الشباب في دول الخليج يأخذون زمام المبادرة في تغييرات كبيرة، بما في ذلك الاستثمار في التكنولوجيا.
وتوقع كوشنر أيضًا أن الاتفاق بين إسرائيل والسعودية سيحدث قريبًا، وهو ما سيسهم في نشر الابتكار الإسرائيلي في المنطقة. أما بشأن إيران، فيعتبر أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاقات عقلانية إذا تغيرت أولوياتها نحو الاستثمار في شعبها.
المصدر : وكالة سوا