محمد العارضي يكتب : قطاعات الخدمات اللوجستية في الخليج يمكنها تحفيز نمو هائل
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
ساهمت التطورات التكنولوجية المتسارعة والتحول المستمر لسلاسل التوريد في دفع المؤسسات في جميع أنحاء العالم نحو إعادة هيكلة عملياتها لزيادة مرونتها ومواكبة المتغيرات. وقد كانت منطقة الخليج جزءاً من ذلك التوجه. وفي حين أننا شهدنا نمواً سريعاً وفعالاً في البنية التحتية دعماً لمتطلبات قطاعات الخدمات اللوجستية لدينا، فإن هناك مجال لفعل المزيد، خصوصاً في ظل وجود فرص لإحداث تأثير ضخم نظراً لموقع المنطقة الجغرافي وروابطها التجارية العالمية.
لقد حددت دراسة بحثية نشرتها شركة "مارمور مينا انتلجنس" في العام 2022 قطاعي الصناعة والخدمات اللوجستية كمحركين رئيسيين للتنويع الاقتصادي في منطقة الخليج، إذ أدى القطاعان دوراً محورياً في تداول السلع عبر أنحاء العالم. كما أشار التقرير إلى أن ما يفوق 60 بالمئة من إجمالي إنفاق الموانئ في منطقة الشرق الأوسط يتركز في دول مجلس التعاون الخليجي.
لا شك أن منطقة مجلس التعاون الخليجي تنعم بميزة استراتيجية على اعتبارها جسراً يربط بين أوروبا وآسيا، كما أنها تمتاز بمدن حديثة نمت لتصبح مراكز أعمال دولية، في حين تعمل الموانئ والمطارات في المنطقة على تحسين عروضها باستمرار نظراً لتزايد الطلب والاهتمام، تزامناً مع استثمار الحكومات بكثافة في البنى التحتية والتكنولوجيا لدعم التجارة الإقليمية والعالمية.
ويواصل مشروع قطار الخليج المرتقب تقدمه بقيادة الهيئة الخليجية للسكك الحديدية، والتي تأسست العام الماضي لتولي مسؤولية بدء تشغيل شبكة السكك الحديدية خلال السنوات المقبلة.
وحققت المنطقة كذلك تقدماً نوعياً في مجال الاستدامة والطاقة المتجددة، ويمكنها رعاية خدمات لوجستية صديقة للبيئة، خصوصاً عن طريق تبني الطاقة الشمسية نظراً لوفرة أشعة الشمس في دولنا.
يجب علينا استغلال الوضع الراهن بأفضل شكل ممكن عبر استخدام بنيتنا التحتية القائمة والمقبلة. بحسب شركة ستاتيستا، المنصة الرقمية المتخصصة في جمع البيانات وتصوراتها ورؤى السوق، بلغت قيمة قطاع الخدمات اللوجستية العالمي 10.41 تريليون دولار في العام 2022، وتشير التوقعات إلى بلوغه 14.08 تريليون دولار بحلول العام 2028.
يشكّل النمو المتوقع للقطاع، والمزايا الجغرافية الإستراتيجية، والجهود المستمرة لتحسين البنية التحتية وتكييف التكنولوجيا، عوامل تمهد طريق الخدمات اللوجستية في منطقة مجلس التعاون الخليجي نحو التحول إلى المحرك الأهم للنمو الاقتصادي في المستقبل.
كما يتزايد تبني الذكاء الاصطناعي في المنطقة، مما سيؤدي بالتأكيد إلى تحويل قطاع الخدمات اللوجستية عبر الجمع والتحليل المتقدمين للبيانات واستشراف الطلب، مما سيساعد على تطوير تجارب أفضل للعملاء، والإدارة الفعّالة والاستخدام الأمثل للموارد، وأتمتة المستودعات والعمليات عموماً.
إن الخدمات اللوجستية تشكّل مجالاً ديناميكياً، إذ تبرز اتجاهات وتطورات تكنولوجية عديدة يمكنها إعادة تعريف القطاع وعملياته، بما يشمل الأنظمة القائمة على الحوسبة السحابية، والمركبات المستقلة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والتتبع والتحليلات الآنية، والبلوك تشين، والتعلم الآلي، والروبوتات.
يتحرك عالمنا اليوم بسرعة كبيرة، ولضمان مجاراة واستمرارية استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يجب على منطقة مجلس التعاون الخليجي مواكبة تلك الاتجاهات وربما السوق ككل باتجاه مستقبل النقل والخدمات اللوجستية.
اليوم، توجد مجموعة من الفرص لرواد الأعمال الطموحين والراسخين عبر أنحاء المنطقة للدخول إلى قطاع الخدمات اللوجستية والتوسع فيه، والتفاعل بنشاط مع الجهات الفاعلة القائمة في القطاع واستخدام مناهج تآزرية ومبتكرة والمساعدة على تنمية قطاعات الخدمات اللوجستية لدينا إلى أقصى قدراتها.
وفي حين تشكل الخدمات اللوجستية للجهات الخارجية إحدى أكثر المجالات ربحية ضمن القطاع، إلا أن تكلفة الدخول تشكل عائقاً كبيراً أمام رواد الأعمال. وفي هذا السياق، يمكن للبنوك الإقليمية الاستفادة من الاهتمام في هذا المجال ودعم الدخول إلى قطاع خدمات الجهات الخارجية والتوسع فيه عبر طرح معدلات اقتراض محفزة.
كما أعتقد بأنه يجب على الحكومات والقادة التعاون في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا، لتشكيل اتحادات عابرة للحدود، وشراكات دولية استراتيجية، ترتقي بمكانة المنطقة كمركز عالمي للتجارة.
يمكن لمنطقتنا أيضاً الاستفادة من حملات واسعة النطاق تتفاعل مع الشباب وتثقفهم حول الدور المهم لقطاع الخدمات اللوجستية في التنمية الاقتصادية، وفرص العمل وريادة الأعمال والإرشاد فيه، مما يدعم تمهيد الطريق نحو النمو والاستقرار خلال الأعوام المقبلة.
وبينما تمتلك قطاعات الخدمات اللوجستية في مجلس التعاون الخليجي القدرة على القيام بدور مهم في تعزيز حضور المنطقة كمحور ومركز للابتكار، فإنه لا يمكننا إغفال أهمية تبني أحدث التطورات والاتجاهات والتقنيات لدعم مختلف القطاعات محلياً. وقد يشكّل قطاعا النقل والخدمات اللوجستية عاملين حاسمين في نجاح أو فشل الأعمال، مما ببرز الأهمية البالغة للتركيز عليهما في المستقبل.
تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي مجموعة من نقاط القوة والفرص والمشاريع قيد التطوير التي يمكنها بدء حقبة جديدة من النمو الاقتصادي، يؤدي فيها قطاعا النقل والخدمات اللوجستية دوراً جوهرياً في ترسيخ مكانة المنطقة كمحطة ديناميكية ومهيئة بشكل متميز للتجارة العالمية. وقد أصبح الأمر الآن في أيدي المواطنين ورواد الأعمال وقادة القطاع والحكومات، إذ يجب عليهم الحفاظ على وحدتهم في ظل تلك الرؤية لتحقيق نتائج تآزرية يمكنها الوصول بدولنا إلى مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً.
-انتهى-
المصدر: الشبيبة
كلمات دلالية: النقل والخدمات اللوجستیة مجلس التعاون الخلیجی
إقرأ أيضاً:
السيسي: أمن دول الخليج مكون أساسي لمنظومة الأمن القومي العربي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس السيسي حرص مصر على أمن دول الخليج، كونه مكوناً أساسياً لمنظومة الأمن القومي العربي.
تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، اتصالاً هاتفياً من جلالة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الاتصال تناول الأوضاع الإقليمية، حيث استعرض الرئيس الجهود المصرية بشأن الوضع في غزة، وأكد الجانبان في هذا الصدد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وتبادل اطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون شروط أو عراقيل، مشددين على أن التهدئة في الأرض الفلسطينية تعد الأساس لعودة الاستقرار الإقليمي
وأشار السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي إلى أن الزعيمين تناولا كذلك التطورات في لبنان وسوريا، مؤكدين حرصهما على ضرورة الحفاظ على استقرار البلدين ووحدة وسلامة أراضيهما، وأن الزعيمين حذرا من اتساع رقعة الصراع، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تدمير لفرص استعادة السلم والأمن بالمنطقة ومقدرات شعوبها، حيث أكد الرئيس في هذا الإطار حرص مصر على أمن دول الخليج كونه مكوناً أساسياً لمنظومة الأمن القومي العربي.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الاتصال تطرق أيضا إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات، وبالأخص المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، حيث أكد الزعيمان أهمية تكاتف دول المنطقة لمواجهة الأزمات الاقتصادية الراهنة المرتبطة بعدم الاستقرار الإقليمي، أخذاً في الاعتبار ما تطرحه تلك الأزمات المتلاحقة من تحديات وتهديدات جديدة، الأمر الذي يستلزم تكثيف التنسيق والتعاون بين دول المنطقة.