إسرائيل قلقة.. خلافات الرياض وأبوظبي تخدم إيران وتضر بالتطبيع
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
تخشى إسرائيل من تداعيات تدهور العلاقات بين السعودية والإمارات، إذ إن من شأن الخلافات بينهما أن تخدم مصالح إيران وتضر بتل أبيب المهتمة بالعلاقات مع الرياض وأبوظبي، والتي لا ينبغي أن تبدو منحازة إلى الإماراتيين أو السعوديين.
تلك القراءة للأحداث قدمها يوئيل جوزانسكي، هو باحث أول في "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، معتبرا أن السعودية والإمارات "تتبعان مقاربة براجماتية تجاه إسرائيل، علنا أو خلف الكواليس، وتكمن وراء خلافاتهما اعتبارات الهيبة والمكانة في الساحتين الإقليمية والدولية".
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وبينما وقَّعت أبوظبي وتل أبيب في 2020 اتفاقية لتطبيع العلاقات، لا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وتشترط انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقيبة، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
جوزانسكي قال إن العلاقات تدهورت بين السعودية والإمارات جراء خلافات حيال عدة ملفات منها الحرب في السودان واليمن والعلاقات مع قطر وإيران وإسرائيل، بالإضافة إلى التنافس الاقتصادي.
ويسعى القائمون على أكبر اقتصادين بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهما السعودية والإمارات، إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي كمصدرين رئيسيين للغيرادات، مما أطلق تنافسا بينهما على الفرص الاقتصادية.
وأردف أن السعودية تريد "إعادة تأسيس ما تعتبره مكانتها المفضلة على الإمارات، التي تمتعت في السنوات الأخيرة بمكانة إقليمية ودولية محسنة، وفي حين أن الخلافات بينهما ليست جديدة، إلا أنها أصبحت أكثر حدة"، ما يضر بسعي تل أبيب إلى تشكيل جبهة إقليمية موحدة ضد إيران وقد يؤثر على التحركات نحو التطبيع مع إسرائيل.
اقرأ أيضاً
مع تراجع النمو والإيرادات.. هل يحتدم تنافس السعودية والإمارات؟
تنافس بعد تعاون
و"على مدى العقد الماضي، ساد التعاون بين السعودية والإمارات في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط وكان القوة الدافعة وراء التطورات المهمة، لكن العلاقات بينهما في أزمة حاليا"، بحسب جوزانسكي.
وأضاف أنه "يبدو أن الاتجاه نحو الانفراج في المنطقة تجاوز هذين الجارين، وتفيد التقارير بأن علاقاتهما تدهورت وتطورت من نواحٍ عديدة إلى منافسة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على سوق الطاقة العالمي والاستقرار الإقليمي والمصالح الإسرائيلية".
وتابع أنه "على مدى العقد الماضي، تقاربت مصالح كل منهما، وعمل البلدان معا في مختلف المجالات ما عزز أهدافهما في الشرق الأوسط، إذ قادت الإمارات السعودية لفرض حصار على جارتها قطر في 2017 (حتى 2021)".
كما "لعبت الإدارات دورا مركزيا كحليف للسعودية في حرب اليمن (منذ 2014 ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران)، وتعاون البلدان بطريقة أو بأخرى في المراحل الأولى من الحروب الأهلية في سوريا وليبيا، وكلاهما كان ركيزة دعم لنظام (الرئيس عبد الفتاح) السيسي في مصر، ومعارضة نظام (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان، وكذلك تعاونا ضد التهديد الأكبر لكليهما، وهي إيران"، كما أضاف جوزانسكي.
واستدرك: "واليوم، هاتان الجارتان هما الدولتان العربيتان الرائدتان لأسباب مختلف، وعادة ما تسبق الإمارات السعودية في مناوراتها السياسية، فهي مَن اقترحت في 2018 تطبيع العلاقات مع (رئيس النظام السوري بشار) الأسد، وفي 2019 سعت إلى انفراج مع إيران، والعام التالي طبعت العلاقات مع إسرائيل، مع تأخر السعودية".
وبشدة، ترغب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تطبيع العلاقات مع السعودية، نظرا لمكانتها البارزة في العالم الإسلامي ولقدراتها الاقتصادية الضخمة، وعلى أما أن تفتح أمام تل أبيب أبواب العامين العربي والإسلامي.
اقرأ أيضاً
صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين
تداعيات إقليمية
والتوترات بين السعودية والإمارات، وفقا لجوازانسكي، " ليست جديدة على المشهد الخليجي، وعلى مر السنين كان لها تأثير سلبي على القدرة على تحقيق الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يضر التنافس بينهما، من بين أمور أخرى، بالقدرة على التقدم نحو إنجاز الاتحاد النقدي، بما في ذلك العملة المشتركة والبنك المركزي (الذي كان من المفترض أن يتم إنشاؤه في أبو ظبي)".
وأردف أن تلك التوترات "مترسخة بعمق في النزاعات القبلية والإقليمية، التي تتمحور أساسا حول المناطق الغنية بالنفط ورغبة الإمارات في الهروب من قبضة السعودية، وفي الماضي كانت آثار المنافسة بين الاثنين مقتصرة إلى حد كبير على بيئتهما المباشرة، ولكن الآن، بسبب قوتهما الاقتصادية والسياسية، يمكن أن يكون لهذه الخلافات عواقب تصل إلى ما هو أبعد من حدود شبه الجزيرة العربية".
جوزانسكي وزاد بوجود "علاقة بين ارتفاع مكانة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للسعودية وبين البرودة والمنافسة التي تميز العلاقة مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، فلم يعد ولي العهد السعودي منعزللا دوليا ولم يعد يخفي طموحاته لقيادة العالم العربي، ليس جنبا إلى جنب مع الشخص الذي كان يُعتبر سابقا معلمه، وهو بن زايد، بل متقدما عليه".
وأضاف أنه "في يوليو/ تموز 2023، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الخلاف حاد بين الدولتين وقادتهما، وأن بن سلمان أدلى بتصريحات مريرة للغاية ضد بن زايد، ونُقل عنه قوله: "طعنونا (الإماراتيون) في ظهرنا.. سيرون ما يمكنني فعله، وسيكون أسوأ مما فعلته مع قطر".
وتلتزم السعودية والإمارات تلتزمان الصمت حيال تقارير إعلامية عديدة عن وجود خلافات بينهما.
وبسبب تلك التوترات، لم يحضر بن زايد القمتين العربية والخليجية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ بالسعودية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي ولا قمة قادة جامعة الدول العربية بالمملكة في 19 مايو/ أيار الماضي، كما أردف جوزانسكي.
اقرأ أيضاً
صراع الخليج يتفاقم.. أمريكا تحشد عسكريا وإيران تستعرض صاروخيا
المصدر | يوئيل جوزانسكي/ معهد دراسات الأمن القومي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل الإمارات السعودية خلافات تطبيع إيران بین السعودیة والإمارات العلاقات مع بن زاید
إقرأ أيضاً:
هل تؤثر السعودية على إدارة ترامب بشأن إسرائيل؟
تظل سعودية تظل عاملا مؤثرا في الانتخابات الأمريكية المقبلة، خصوصا مع التطورات المتعلقة بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، العلاقات بين الرياض وواشنطن تأثرت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة بسبب الملفات الإقليمية.
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، أشارت فيه إلى أن دول شرق أوسطية تتطلع لتخفيف دعم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإسرائيل من خلال علاقاته مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دولا عربية تعول على السعودية وعلاقاتها مع دونالد ترامب وثقلها السياسي في المنطقة لكي تخفف من سياسات الرئيس المنتخب وسط مخاوف من سعيه لتنفيذ سياسة مؤيدة لإسرائيل.
وبعد التوليفة المؤيدة لإسرائيل التي أعلن عنها ترامب لإدارته القادمة، يخشى المسؤولون العرب من دعم ترامب سياسات إسرائيل لضم الضفة الغربية واحتلال غزة وشن حرب ضد إيران.
لكنهم يأملون في أن تتمكن الرياض من تعديل سياسات الإدارة القادمة في المنطقة من خلال الاستفادة من علاقة بن سلمان مع ترامب، وشهية الرئيس المنتخب للصفقات المالية ورغبته المتوقعة في التوصل إلى "صفقة كبرى" من شأنها أن تقود إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي قوله: "اللاعب الرئيسي في المنطقة هي السعودية، بسبب علاقاتها معه، ولهذا ستكون المحور الرئيسي لأي تحركات تريد الولايات المتحدة القيام بها". وقال مسؤول عربي آخر إن الأمير محمد بن سلمان سيكون "مفتاحا" رئيسيا للتأثير على سياسات ترامب لوقف الحرب الإسرائيلية في غزة، وبشكل عام الموضوعات المتعلقة بفلسطين، حيث سيستخدم التطبيع المحتمل مع إسرائيل كورقة نفوذ. وقال المسؤول: " قد تؤثر السعودية وبقوة على كيفية تعامل ترامب مع غزة وفلسطين"، مضيفا أن "الكثير من دول المنطقة قلقة مما سيأتي بعد". وفي ولاية ترامب الأولى، تبنت السعودية الأسلوب المعاملاتي لترامب وسياسة "أقصى ضغط" من إيران.
كما ووقف ترامب مع ولي العهد في قضية مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018. وتفاخر ترامب بأنه سيحقق "الصفقة الكبرى" لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، لكن الجهود التي أشرف عليها صهره جاريد كوشنر فشلت لأن الفلسطينيين والدول العربية رأوها متحيزة بالكامل لإسرائيل.
وعاقب ترامب الفلسطينيين وأغلقت بعثتهم في واشنطن، كما ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وقام بالإشراف على اتفاقيات تطبيع مع دول عربية، عرفت باتفاقيات إبراهيم، حيث أقامت دول مثل الإمارات العربية المتحدة والسودان والبحرين والمغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وفي مقابلة اجرتها معه قناة "العربية" السعودية الشهر الماضي قال ترامب إن العلاقات الأمريكية السعودية هي "عظيمة" وبحروف كبيرة. وقال "احترام كبير للملك واحترام كبير لمحمد الذي عمل أمورا عظيمة فلديه رؤية".
وبعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، حافظت السعودية على علاقات مع ترامب من خلال هيئة الإستثمار العامة التي يترأسها ولي العهد، الأمير محمد، واستثمرت ملياري دولار في شركة لكوشنر. وكان ياسر الرميان، مدير الهيئة حاضرا في الصف الأول مع ترامب لمشاهدة مبارة يو أف سي بنيويورك نهاية الأسبوع، كما واستقبلت ملاعب غولف التابعة لترامب مناسبات عقدتها ليف غولف، التي تعتبر واحدة من أهم استثمارات هيئة الإستثمار السعودية في الرياضة.
لكن السعودية أعادت تعديل سياساتها الإقليمية ومنذ تولي بايدن السلطة. فقد استأنفت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في 2023. وهي محاولة للتقارب مستمرة منذ هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ومع أن النزاع عطل خطة إدارة بايدن لدفع السعودية التطبيع مع إسرائيل، وتشمل على معاهدة دفاعية إلا أن واشنطن لا تزال تتعامل مع السعودية، كحليف مهم وفي الجهود الإقليمية لتسوية الأزمة. وقد شددت الرياض من انتقاداتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة. وفي تشرين الأول/أكتوبر قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إن التطبيع مع إسرائيل "غير مطروح على الطاولة حتى يتم التوصل إلى حل لإقامة دولة فلسطينية".
وانتهز ولي العهد فرصة عقد قمة عربية- إسلامية في الرياض واتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، كما وشجب حربها في لبنان وضرباتها على إيران. وفسر الدبلوماسيون والمحللون تصريحات ولي العهد بأنها رسالة لإسرائيل حول وحدة العالم الإسلامي في شجبه للهجمات الإسرائيلية ودعمه للدولة الفلسطينية.
وشجبت الرياض ما وصفته "التصريحات الإسرائيلية المتطرفة لفرض السيادة على الضفة الغربية". ووعد ترامب أثناء حملته الانتخابية بتحقيق السلام في الشرق الأوسط ووقف الحرب. لكن الكثير من المرشحين الذين اختارهم لتولي مناصب مهمة في إدارته يعتبرون من المؤيدين المتحمسين لإسرائيل، مثل مايك هاكبي، المرشح لتولي السفير في إسرائيل وستيفن ويتكوف، مبعوثه الخاص للشرق الأوسط.
لكن ترامب قال إنه يريد توسيع اتفاقيات إبراهيم، وقال لقناة العربية إن "الإطار موجود، وكل ما عليهم فعله هو إعادة إدراجه وهذا سيحدث بسرعة كبيرة". وأضاف: "إذا فزت، فستكون أولوية مطلقة، فقط إحلال السلام في الشرق الأوسط للجميع. هذا سيحدث".
وبالتأكيد ستكون السعودية مهمة في محاولات إعادة اتفاقيات إبراهيم، إلا أن ترامب لن ينجح بإقناعها بدون الضغط على نتنياهو تقديم تنازلات للفلسطينيين بشأن الدولة الفلسطينية، وهو أمر يرفضه نتنياهو بالمطلق.
وقال دبلوماسي عربي ثاني أن هذا يعني أن "ترامب ليس في حاجة إلى أي لاعب آخر في الشرق الأوسط الآن أكثر من السعودية"، مضيفا "ترامب هو شخص يحب أن تقدم له صفقات جاهزة ينسبها لنفسه"، ولو قدم له محمد بن سلمان "صفقة، فهناك احتمال، وربما كان الاحتمال الوحيد".
كما ويأمل المسؤولون العرب أن يكون من الصعب على ترامب تهميش الفلسطينيين في ظل مستوى الغضب الناجم عن الدمار في غزة الذي أعاد قضيتهم إلى قمة الأجندة الإقليمية. ويشعر القادة بالقلق إزاء الصراع الذي قد يؤدي إلى تطرف شرائح من سكانهم، وبخاصة بين الشباب ومنهم الشباب السعودي.
وقال الدبلوماسي العربي: "يحتاج ترامب لوقف الحرب في غزة، ولكي يحدث هذا، فهو بحاجة لمعالجة اليوم التالي" للحرب. و "هو بحاجة للتركيز على مسار فلسطيني وإلا فلن ينجح العنصر الإقليمي. وكانت السعودية واضحة أنه بدون دولة فلسطينية فالتطبيع ليس خيارا".
وتقول الصحيفة إن هذا يمنح ولي العهد السعودي فرصة لتقديم نفسه وبلاده كقيادة للمنطقة، لكن هذا الدور يأتي بمخاطر في ظل عدم القدرة على التكهن بتصرفات ترامب ورفض نتنياهو الدولة الفلسطينية.
ويقول إميل الحكيم من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: "لقد نجح السعوديون في المناورة بشكل جيد من خلال تقديم أنفسهم ليس باعتبارهم الزعيم، بل باعتبارهم مهندسي الإجماع العربي والإسلامي، وبذلك ينشرون المسؤولية. والسؤال هو: هل يستطيعون تحمل الضغوط والتعامل مع الكشف؟ هل يستطيعون التعامل مع الفشل المحتمل؟".
وقال الدبلوماسي العربي الثاني إن الأمير محمد وجد "كلمة السر" لدور القيادة في الشرق الأوسط، فـ "القضية الوحيدة التي توحد العالم العربي هي القضية الفلسطينية. والسؤال هو إلى أي مدى تستطيع السعودية الاستثمار في هذا الأمر... وإلى أي مدى سيتمكن نتنياهو من نسفه".