إنه غوانتانامو.. واشنطن بوست تتناول الانتهاكات الفظيعة ضد الفلسطينيين بسجون إسرائيل
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
توفي أحد السجناء الفلسطينيين بتمزق في الطحال وكسر في الأضلاع بعد أن ضربه حراس السجن الإسرائيليون، ولقي آخر حتفه لأن حالته المزمنة لم تعالج، وصرخ ثالث طلبا للمساعدة حتى الموت.
انطلقت صحيفة واشنطن بوست من هذه الحالات الثلاث في تقرير-بقلم لوفداي موريس وسفيان طه- روى فيه شهود عيان تفاصيل وفاة السجناء الثلاثة، وأكدها أطباء من "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل" حضروا عمليات التشريح التي تمت مشاركة نتائجها مع العائلات، وحصلت عليها الصحيفة.
وحسب المنظمة الحقوقية، فإن المتوفين من بين 13 فلسطينيا من الضفة الغربية وإسرائيل لقوا حتفهم في السجون الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، علما أنه توفي عدد غير معروف من السجناء من قطاع غزة.
ويرى المدافعون عن حقوق الإنسان أن هناك أزمة عميقة في النظام الجزائي الإسرائيلي، حيث "العنف منتشر في كل مكان" كما تقول جيسيكا مونتيل، المديرة التنفيذية لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "هموكيد".
وتعزو تال شتاينر، المديرة التنفيذية للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، الانتهاكات جزئيا إلى جو الانتقام السائد في إسرائيل عقب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتقول "إنه مزيج من المشاعر الفردية السلبية والعنيفة، ودعم صناع السياسات والافتقار إلى المساءلة".
واندلعت الفوضى في سدي تيمان احتجاجا على اعتقال جنود أساؤوا معاملة سجناء فلسطينيين، وذلك -كما تقول الصحيفة- في وقت تدرس فيه المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بسبب سلوك إسرائيل في غزة.
وكان رئيس المخابرات الإسرائيلية رونين بار قد حذر من أن الظروف في سجون البلاد قد تؤدي إلى المزيد من الإجراءات القانونية الدولية، وكتب في رسالة أن "إسرائيل تجد صعوبة في صد الادعاءات ضدها، ويبدو أن بعضها مبرر".
وخلص بار إلى أن "أزمة السجون تخلق تهديدات للأمن القومي الإسرائيلي وتحقيق أهداف الحرب التي حددتها لنفسها"، ولكن إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي اليميني المتطرف الذي يشرف على نظام السجون في إسرائيل، لم يعتذر عن "حربه" على المعتقلين الفلسطينيين ورد على منشور بار متفاخرا بأنه "قلل بشكل كبير" من وقت الاستحمام وقدم "قائمة طعام مبسطة"، وقال إن الحل الواضح للاكتظاظ في السجون هو الإعدام.
تورا بوراقالت عائلة عبد الرحمن بهاش (23 عاما) -الذي أصبح حكم سجنه بمثابة حكم بالإعدام- إن ابنها كان عضوا في كتائب شهداء الأقصى واعتقل أثناء اشتباكات مسلحة مع القوات الإسرائيلية في مدينة نابلس بالضفة الغربية.
ومن جهتها لم تقدم مصلحة السجون الإسرائيلية أية تفاصيل عن التهم الموجهة إلى بهاش ولا لغيره من السجناء المذكورين، علما أن اثنين من زملائه في سجن مجيدو -حيث توفي 3 سجناء على الأقل منذ أكتوبر/تشرين الأول- قالوا إنه قتل جراء ضرب الحراس "الشرس" له في جناحهم في ديسمبر/كانون الأول، والذي تكرر مرتين في الأسبوع.
وقال سجين كان محتجزا في نفس القسم إن باهاش وآخرين من زنزانته نقلوا بعد الضرب إلى غرفة من غرف العزل أطلق عليها اسم "تورا بورا"، نسبة إلى شبكة كهوف القاعدة الأفغانية، و"كان ضجيج الصراخ يملأ القسم"، وعاد باهاش مصابا بكدمات عميقة، ويشكو من كسر محتمل في ضلوعه.
وحسب تقرير دانييل سولومون، وهو طبيب يعمل مع "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل"، أظهر تشريح الجثة "رضوضا يمين الصدر ويسار البطن، مما تسبب في كسور متعددة في الأضلاع وإصابة في الطحال، نتيجة لاعتداء محتمل"، وكان سولومون قد حصل على إذن من سلطات السجن بحضور تشريح الجثة.
وتوفي عبد الرحمن المعري (33 عاما) في سجن مجيدو كذلك، وكان نجارا وأبا لـ4 أطفال، اعتقل عند نقطة تفتيش مؤقتة واتهم بالانتماء إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحيازة سلاح ناري وأدخل السجن في فبراير/شباط 2023، وفقا لشقيقه إبراهيم.
وقال خيري حمد (32 عاما)، وهو سجين في نفس القسم، إن المعري ركل من أعلى درج معدني وهو مكبل اليدين عقوبة له على جداله مع حراس كانوا يفتشون غرفة السجناء بعد أن جردوهم من ثيابهم.
وأضاف حمد أنه رأى المعري وهو ينزف من رأسه أسفل الدرج قبل أن ينقله الحراس إلى الحبس الانفرادي، وسمع المحامي سري خورية بعدها صراخه من الألم من الزنزانة المجاورة وهو يقول "أحتاج إلى طبيب".
وانقطع صوت المعري بحلول الرابعة صباحا، وسمع خورية بعد ساعات ضجيج الحراس عندما اكتشفوا جثته واستدعوا الطبيب، وحاول الطبيب إنعاش الأسير بجهاز مزيل الرجفان بلا طائل، ثم رأى المحامي الحراس يحملون المعري في كيس جثث.
اكتظاظ وإهمال وتجويعووصفت الكثير من التقارير بالاستناد إلى شهادات أسرى محررين حرمان السجناء من المساعدة الطبية، وكان من الممكن تجنب وفاة محمد الصبار (21 عاما) لو تم التعامل مع حالته المرضية بشكل صحيح، وفقا لداني روسين من المنظمة الحقوقية.
وقالت عائلة الصبار إنه كان يعاني منذ الطفولة من مرض هيرشسبرونغ، وهو مرض مزمن يؤدي إلى انسداد الأمعاء، ويحتاج المصابون به إلى نظام غذائي خاص وأدوية.
كما أن الاكتظاظ مشكلة أخرى يعاني منها السجناء، وأعلنت مصلحة السجون ووزارة الأمن القومي في إسرائيل مطلع أبريل/نيسان الماضي، أن طاقة الاحتجاز الخاصة بالمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية هي 14 ألفا و500 معتقل، في حين أن العدد الفعلي للمعتقلين يتجاوز 21 ألفا.
واشتكى العديد من الأسرى المحررين سوء المعاملة والإهانة والضرب، وتعرض سجين فلسطيني -حسب محاميه وسجلات المحكمة- للضرب أمام القاضي أثناء جلسة استماع عبر الفيديو، وجاء في سجلات المحكمة "يمكننا الآن سماع صرخات أناس يتعرضون للضرب في الخلفية"، لكنها توقفت عندما تدخل القاضي.
وصاحب العنف والإهمال الطبي سياسة تجويع، وفق روايات أسرى محررين، وقال كل منهم إنه فقد الكثير من الوزن في السجن، نحو 30 – 50 رطلا.
وقال الصحفي معاذ العمارنة (37 عاما) الذي سُجن لمدة 6 أشهر في مجيدو، إن زنزانته التي تتسع لـ6 أشخاص كانت تضم 15 شخصا أثناء إقامته، وتحدث عن شح الطعام وقلته، وقالت المحامية آية الحاج عودة واصفة طعام السجناء بأنه "لا يكاد يكفي للبقاء على قيد الحياة".
وبالفعل تقدمت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل بعريضة إلى المحكمة العليا في أبريل/نيسان بشأن ما سمته "سياسة التجويع"، ورد بن غفيرعلى الجمعية قائلا إنه يعمل عامدا على "جعل ظروف السجناء أسوأ".
كما ظهرت آثار التجويع والتعذيب على معزز عبيدات (37 عاما)، والذي لم يكن قادرا على المشي عند مغادرته سجن كتسيعوت جنوب إسرائيل، بعد أن قبض عليه أعقاب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكانت عظام وجنتيه بارزة وعيناه غائرتين.
وقال عبيدات إنه خسر أكثر من 100 رطل في 9 أشهر بعد أن كان لاعب كمال أجسام، وتحدث همسا أثناء وصفه لاعتداء الحارس عليه جنسيا باستخدام مكنسة، وقال أطباؤه إنه يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة وسوء التغذية وختم عبيدات وصف ما حصل له بالسجن قائلا: "إنه غوانتانامو".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات أکتوبر تشرین الأول حقوق الإنسان فی إسرائیل بعد أن
إقرأ أيضاً:
مقال في واشنطن بوست يهاجم زيلينسكي: إما الاعتذار لترامب أو الاستقالة
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي مارك ثيسن قال فيه إن الرئيس دونالد ترامب تعهد علنا، يوم الخميس، بمساعدة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على استعادة الأراضي المحتلة من قبل روسيا على طاولة السلام.
وقال ترامب خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: "تم الاستيلاء على الكثير من ساحل البحر، وسنتحدث عن ذلك. وسنرى ما إذا كان بإمكاننا استعادته أو استعادة الكثير منه لأوكرانيا".
بعد يوم واحد، انخرط زيلينسكي في حرب كلامية غير مسبوقة مع ترامب في المكتب البيضاوي، وبعد ذلك تم تأجيل التوقيع المخطط له على صفقة معادن تاريخية بين البلدين.
كان الانفجار خطأ زيلينسكي. لفهم السبب، يحتاج المرء إلى مشاهدة الاجتماع الذي دام50 دقيقة بالكامل. لقد استقبل ترامب زيلينسكي بلطف، وأشاد بشجاعة الشعب الأوكراني وقدرته على الصمود، ورفض الخلاف السابق بينهما باعتباره "شجارا تفاوضيا صغيرا".
حتى بعد أن رفض زيلينسكي طلب البيت الأبيض بارتداء بدلة، أشاد ترامب بملابسه، قائلا: "أعتقد أنه يرتدي ملابس جميلة". وأشاد ترامب بصفقة المعادن التي توصلوا إليها وقال: "نتطلع إلى الدخول والحفر والحفر والحفر". وتعهد علنا بمواصلة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بل إنه طرح إمكانية "أنه من الممكن" أن يلتزم بقوات أمريكية إلى جانب القوات البريطانية والفرنسية لتوفير الأمن بعد التوصل إلى اتفاق سلام.
كان ينبغي أن يكون هذا مُرضيا لزيلينسكي. كان ينبغي له أن يتقبل الفوز. ولكن بدلا من ذلك، بعد حوالي 24 دقيقة - قبل وقت طويل من تبادله المقتضب مع نائب الرئيس جيه دي فانس - بدأ زيلينسكي في انتقاد ترامب أمام المراسلين المجتمعين.
فقد رفض زيلينسكي فكرة ترامب بشأن وقف إطلاق النار الفوري، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لترامب، الذي تعهد بوقف القتل، لأنه قال إن بوتين كان قد انتهك وقف إطلاق النار 25 مرة.
قال ترامب: "لم يكسر [وعده] لي أبدا". ناقضه زيلينسكي: "لا، لا، كنتَ الرئيس". كرر ترامب: "لم يكسر لي أبدا". وبدلا من ترك الأمر يمر، ناقضه زيلينسكي مرة أخرى: "في عام 2016، كنت الرئيس، يا سيدي الرئيس"، وأضاف: "لهذا السبب لن نقبل أبدا وقف إطلاق النار فقط. لن ينجح الأمر بدون ضمانات أمنية".
لماذا اختار زيلينسكي التحقق من صحة تصريحات ترامب أمام العالم أجمع بدلا من مناقشة حكمة وقف إطلاق النار خلف الأبواب المغلقة؟
بعد لحظات قليلة، بعد أن اشتكى ترامب من تدمير المدن الأوكرانية، قاطعه زيلينسكي مرة أخرى. "لا، لا، لا، عليك أن تأتي، يا سيدي الرئيس، عليك أن تأتي وتنظر. لا، لا، لا، لدينا مدن جيدة جدا". ثم اقترح أن ترامب وقع في فخ الدعاية التي يروج لها بوتين، معلنا: "بوتين هو الذي يشارك هذه المعلومات بأنه دمرنا". لكن ترامب كان محقا: لقد تم تدمير العديد من المدن الأوكرانية.
وكانت مداخلة زيلينسكي متهورة وغير ضرورية. لقد كان في واشنطن لعلاج صدع بدأ باقتراحه العلني بأن ترامب كان يعيش في "مساحة التضليل" الروسية، وهو الاقتراح الذي دفع ترامب إلى مهاجمة زيلينسكي ووصفه بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات". لماذا يفعل ذلك مرة أخرى؟ يمكنك أن ترى سلوك ترامب يتصلب مع كل تناقض علني من زيلينسكي.
ثم سأل صحفي بولندي ترامب عما إذا كان قد انحاز إلى بوتين أكثر من اللازم. فرد عليه "تريد مني أن أقول أشياء فظيعة حقا عن بوتين ثم أقول، 'مرحبا فلاديمير، كيف حالنا مع الصفقة؟' هذا لا يعمل بهذه الطريقة".
كان هذا عندما تدخل فانس وقال: "لمدة أربع سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية، كان لدينا رئيس وقف في المؤتمرات الصحفية وتحدث بشدة عن فلاديمير بوتين ثم غزا بوتين أوكرانيا ودمر جزءا كبيرا من البلاد. ربما يكون الطريق إلى السلام والطريق إلى الرخاء هو الانخراط في الدبلوماسية".
لم يكن هناك سبب لزيلينسكي للتعليق على تدخل فانس المهدئ حول فضائل الدبلوماسية. لكنه أدخل نفسه في المناقشة ووبخ فانس، مشيرا إلى أنه "خلال الفترة من 2014 إلى 2022 ... كان الناس يموتون على خط التماس. لم يوقفه أحد" متهما ترامب فعليا بالوقوف متفرجا بينما كان الأوكرانيون يقتلون. ثم أكد أن بوتين انتهك وقف إطلاق النار الذي وقعه في عام 2019 أثناء وجود ترامب في منصبه. قال زيلينسكي، مناديا نائب الرئيس باسمه الأول: "أي نوع من الدبلوماسية تتحدث عنه، جيه دي؟"
كان هذا كل ما يحتاجه فانس، الناقد لأوكرانيا. "أنا أتحدث عن نوع الدبلوماسية التي ستنهي تدمير بلدك"، رد فانس بإيجاز، مضيفا، "السيد الرئيس، بكل احترام، أعتقد أنه من غير المحترم أن تأتي إلى المكتب البيضاوي وتحاول التقاضي في هذا الأمر أمام وسائل الإعلام الأمريكية".
بعد ذلك، اندلعت الجحيم.
لم يكن ينبغي لزيلينسكي أن يناقش أي خلافات مع ترامب أمام وسائل الإعلام. وكما أشار الجنرال المتقاعد جاك كين على قناة "فوكس نيوز"، "كان ينبغي له أن يفهم عند دخوله المكتب البيضاوي اليوم أنه عندما تكون الكاميرات قيد التشغيل ... فإن الإجابة الوحيدة على الأسئلة يجب أن تكون، من وجهة نظر زيلينسكي، 'شكرا لك، السيد الرئيس. شكرا لك، أمريكا. سأعمل معك لتحقيق نهاية سلمية لهذه الحرب وانتهى'".
كين محق. كان ينبغي أن يكون هذا اجتماعا مليئا بالترحاب والبهجة للاحتفال بصفقة المعادن. ولكن في واقع الأمر، لم يكن زيلينسكي راضيا عن هذا. بل اختطف الاجتماع، وتدخل عندما لم يُطرح عليه سؤال، باحثا عن فرص للمقاطعة وإثبات وجهة نظره. ولو كان صامتا، لتم توقيع صفقة المعادن، ولكانت الولايات المتحدة استثمرت ماليا في استقلال أوكرانيا، ولكان قد بدأ في وضع استراتيجيات مع ترامب حول كيفية استعادة أراضيه أثناء المفاوضات. ولكن بدلا من ذلك، نفر زيلينسكي الرجل الذي يعتمد عليه مصير بلاده، وهو الرجل الذي كان يتحدث قبل لحظات فقط عن إمكانية إرسال قوات حفظ سلام أمريكية إلى أوكرانيا.
والأسوأ من ذلك هو رفض زيلينسكي العنيد للاعتذار وإصلاح الخلل. وخلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" في ذلك المساء (والتي كان ترامب يشاهدها على الأرجح)، أعطى بريت باير زيلينسكي فرصا متكررة للقيام بذلك. وبدلا من ذلك، ضاعف الرئيس الأوكراني جهوده. فأجاب زيلينسكي عندما سئل عما إذا كان مدينا لترامب باعتذار: "لا". وأضاف: "أعتقد أنه يتعين علينا أن نكون منفتحين للغاية وصادقين للغاية، ولست متأكدا من أننا فعلنا شيئا سيئا". كان الأمر أشبه بمشاهدة رجل يغرق ويستمر في تلقي طوق النجاة لكنه يرفض الإمساك بها.
كان ينبغي لزيلينسكي أن يبقى في واشنطن حتى يتم إصلاح الخلاف. لقد منحه ترامب مخرجا. في منشور على موقع "تروث سوشيال"، قال إن زيلينسكي "يمكنه العودة عندما يكون مستعدا للسلام". كان ينبغي لزيلينسكي أن ينتهز هذه الفرصة ويرسل إلى ترامب مذكرة مكتوبة بخط اليد يعبر فيها عن حزنه لأن الاجتماع قد خرج عن مساره، ويأسف على الدور الذي لعبه في تخريبه، ويعلن عن نيته العمل مع ترامب من أجل السلام. ولكن بدلا من ذلك، رفض الطريق الذي عرضه عليه ترامب، وركب طائرته وغادر.
كان عناده ميزة في شباط/ فبراير 2022، عندما رفض الفرار من كييف في مواجهة القوات الروسية المتقدمة. لكن اليوم، أصبح عبئا. انتزع زيلينسكي الهزيمة من بين فكي النصر. لم يكن هناك "كمين". لقد تم إعداده للنجاح. كل ما كان عليه فعله هو الابتسام، وشكر ترامب والشعب الأمريكي والتوقيع على صفقة المعادن. ولكن على الرغم من ذلك، فقد منح بوتين النصر، وعزز من قوة الجمهوريين المناهضين لأوكرانيا، وأضعف يد أولئك الذين يريدون مساعدة أوكرانيا في تحقيق سلام عادل ودائم.
إن التفسير الأكثر سخاء لسلوك زيلينسكي هو أنه منهك. فقد كان يقود أمة تتعرض لهجوم وحشي ببطولة لمدة ثلاث سنوات. وهو يزور الخطوط الأمامية بانتظام، حيث يرى المذبحة التي أطلقها بوتين بنفسه. إن مشاعره متوترة، وصبره قليل.
ولكن زيلينسكي لا يتمتع برفاهية الانفعال على المسرح العالمي. فأوروبا لا تمتلك القدرات العسكرية التي تحتاجها أوكرانيا للبقاء. ولا يمكن لأوكرانيا أن يكون لها رئيس لا يتحدث مع رئيس الولايات المتحدة.
في الوقت الحالي، يبدو زيلينسكي غير قادر على إدارة علاقات بلاده مع ترامب. يمكن لترامب أن يكون كريما وقد أوضح الطريق إلى المصالحة: إذا اعتذر زيلينسكي، فسوف يدعوه ترامب للعودة إلى البيت الأبيض للتوقيع على اتفاقية المعادن وسيتم التسامح مع كل شيء. في الوقت الحالي، يرفض زيلينسكي، ويصر على أنه لم يرتكب أي خطأ. إن هذا الوضع غير قابل للاستمرار. فإما أن يعتذر زيلينسكي ويصلح الخلل، أو يتعين عليه التنحي والسماح لشخص آخر بالقيام بذلك.